تفاصيل الخبر

مخاوف من ان تؤدي العقوبات الاميركية على حزب الله الى تصلب موقف الحزب رئاسيا....

07/12/2022
مخاوف من ان تؤدي العقوبات الاميركية على حزب الله الى تصلب موقف الحزب رئاسيا....

السفيرة" ان  غرييو "مع النائب  محمد رعد

                                                         

اعربت مصادر سياسية واخرى رسمية عن اعتقادها ان عودة الولايات المتحدة الاميركية الى تفعيل العقوبات ضد حزب الله بعدما كان تراجع هذا المسارمع بداية عهد الرئيس" جو بايدن"، من شأنه ان تكون له انعكاسات على الاستحقاق الرئاسي اللبناني نتيجة تدهور العلاقات الاميركية- الايرانية مجددا واستعمال كل فريق من الفريقين ما يملك من اوراق للتضييق على الفريق الاخر، ومنها  بصورة غير مباشرة، ورقة  الاستحقاق الرئاسي اللبناني انطلاقا من التأثير القوي- اذا لم يكن الاقوى- لحزب الله في اتجاه هذا المسار . فقد سبق العقوبات التي أعلنت عنها وزارة الخزانة الأميركية وطالت شخصين وشركتين مقرهما لبنان بسبب تقديم خدمات مالية لحزب الله، إلى جانب شخص آخر شارك في تسهيل شراء أسلحة للحزب، عقوبات أخرى فرضت الشهر الماضي، على شبكة دولية لتهريب النفط قالت واشنطن إنها تدعم حزب الله و"فيلق القدس" الإيراني، واستهدفت عشرات الأشخاص والشركات والناقلات. كذلك أعلن «مكتب مراقبة الأصول الأجنبية" (OFAC)"ن التابع لوزارة الخزانة الأميركية، عن عقوبات طالت أفراداً وعدة شركات لدعمها حزب الله.
وفيما وضعت وسائل إعلام مقربة من الحزب العقوبات التي فرضت، في إطار "خطة تفترض واشنطن من خلالها أنها قادرة على أن تحاصر حزب الله وتضغط عليه ليتنازل في ملفَّي الصراع مع إسرائيل وملف الانتخابات الرئاسية"،  ربطت  المصادر متابعة للشؤون بين هذه العقوبات والتشنج الحاصل في العلاقة بين طهران وواشنطن انطلاقاً من جمود الملف النووي مروراً بأحداث أوكرانيا ومد إيران روسيا بمسيّرات درون وصولاً إلى ما يحصل من أحداث داخل إيران، وهو ما دفع أوروبا أيضاً للعودة لمنطق العقوبات . واشارت إلى أنه وبعكس ما يعتقد البعض، تبقى العقوبات مفيدة من وجهة نظر أميركية، باعتبارها هي التي أتت بإيران إلى طاولة المفاوضات في المرة الأولى، لكنها لا شك ليست عصا سحرية، إنما جزء من عدة الشغل الأميركية التي باتت أيضاً عدة شغل أوروبية، وهي أداة ضغط فعالة.

في المقابل  يرى مطلعون  على اجواء حزب الله أن العقوبات "مستمرة منذ فترة، ولكنها لا تؤثر على الحزب الذي لديه استراتيجية خاصة لحماية مؤسساته وقياداته" ،  مؤكدين ى أنها "لم تؤثر عليه منذ أن بدأت، والدليل استمرار دور الحزب وتعاظمه خلال السنوات العشر الأخيرة". وعما إذا كانت تؤثر على بيئته، ينفي المطلعون ذلك، والدليل هو استمرار دعم هذه البيئة للحزب. فهناك أشخاص قياديون من الحزب فرضت عليهم عقوبات، لكنها لم تؤثر عليهم لأنه ليست لديهم أموال في البنوك ولا يتحركون بشكل علني، وهناك تجار ومؤسسات فرضت عليها عقوبات بحجة دعم الحزب، لكن ليست لها علاقة بالحزب. كما أن هناك شركات كانت تتبع الحزب ومؤسساته فرضت عليها عقوبات، لكنها تكيفت معها .

 

ويلتقي هؤلاء المطلعين على القول بان واشنطن من خلال تضييقها الخناق ماليا على حزب الله تعيد حالة التوتر مع الحزب على النحو الذي كانت فيه ابان عهد الادارة الاميركية السابقة، والتي ادت الى تعثر الوصول الى اتفاق في الموضوع النووي وغيرها من النقاط التي  ظلت عالقة . وتخشى مصادر متابعة ان يؤدي عودة التوتر الى العلاقات الاميركية- الايرانية الى العودة الى سياسة " شد الحبال" بين الجانبين مباشرة، وبين وحلفائهما بصورة غير مباشرة، ولاسيما حزب الله صاحب النفوذ الاكبير على الساحة اللبنانية. وبديهي ان يكون مؤشر  اي تشنج مستجد بين واشنطن وطهران، تعثر اي جهد اميركي في ما خص الخروج من الازمة الرئاسية الراهنة، بمعنى الا يسهل حزب الله اي اتفاق يمكن ان يتوصل اليه الاميركيون بالتعاون مع الفرنسيين والسعوديين باعتبار ان مثل هكذا اتفاق لا بد ان تشارك فيه ايران بشكل او بآخر لان " سيبة " الحل الخارجي للازمة الرئاسية الراهنة باتت رباعية : اميركية – فرنسية- سعودية- ايرانية.  لذلك ثمة مخاوف من ان يؤدي عودة التصعيد بين واشنطن وطهران الى امتدادات على الساحة اللبنانية وبالتالي على الملف الرئاسي المطروح راهنا والمعرقل لاكثر من سبب، ابرزها عدم التوصل الى اتفاق بين القيادات اللبنانية على هوية الرئيس العتيد ما جعل الجلسات الانتخابية الرئاسية تتأجل جلسة في اثر جلسة.

 

انزعاج فرنسي من توقيت العقوبات الاميركية

وتعتبر المصادر المتابعة ان التشدد الاميركي حيال حزب الله يزعج الفرنسيين لانه يعرقل المساعي التي يقومون بها من اجل تسهيل الاتفاق مع الحزب في ما خص الملف الرئاسي انطلاقا من العلاقة " المريحة" القائمة بين باريس وحارة حريك والتي تميزت خلال الاعوام الماضية بــ " دفشها" على حد وصف جهات فاعلة في الحزب تقر في المقابل ان هذا التوصيف بين الطرفين، يلغي وجود تباعيات في وجهات النظر في عدد من الملفات ومنها الملف الرئاسي الذي لم يصل بعد الى حد الاتفاق على اسم الرئيس العتيد، ذلك ان لباريس مرشحها التي تحاول تسويقه وهو قائد الجيش العماد جوزف عون، فيما لدى حزب الله مرشح آخر غير معلن بعد لكنه معروف وهو زعيم تيار " المردة" سليمان فرنجية،الا ان هذا التباين لا يريد الحزب ان يجعله يقضي على تحقق بين الطرفين لا بل سيعمل على المحافظة عليه، لاسيما وان الموقف الفرنسي  حيال حزب الله، يتباين عن غيره من مواقف الدول الاوروبية التي تضع الحزب على لوائحها السوداء، فيما بادرت باريس الى فتح ابواب الكلام معه منذ ان التقى الرئيس الفرنسيط ايمانويل ماكرون "مع رئيس " كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد واللافت أن باريس مضت قدماً في هذه العلاقة منذ ذلك التاريخ حتى اليوم وهي تصر في هذا السياق على تقديم شواهد توحي بأن "حرارة" هذه العلاقة لم تفتر بعد. وآخر هذه الشواهد الزيارة المفاجئة التي قامت بها السفيرة الفرنسية" آن غرييو" في بيروت للضاحية الجنوبية حيث حلت ضيفة في أحد مقارّ الحزب والتقت رعد مع آخرين. يمكن للحزب أن "يباهي" بهذه العلاقة ويستثمر فيها سياسياً، أمام الذين يناصبونه العداء ويسعون دوماً لمحاصرته والذين يعايرونه بأنه موضوع على لوائح الإرهاب ورعاته وأنه استطراداً في وضع المعزول بل هو مصدر خطر على "الكيان" بقطع النظر عن عوائد هذه العلاقة على الحزب نفسه.لا شك في أن باريس قد سلّفت الثنائي الشيعي وجمهوره "سلفة كبرى" وذلك عندما طرح ماكرون نفسه في أولى زيارتيه لبيروت وتجلى ذلك في حديثه الصريح عن ضرورة البحث عن "عقد سياسي جديد" أو طائف متطوّر ليكون أساس الحكم والإدارة في مقبل الأيام. والمفارقة أن هذا الكرم الفرنسي ورد في سياق ما تراه فرنسا إحدى طرق التحصين للوضع اللبناني والحيلولة دون "زوال الكيان". وسواء كانت السبل الموضوعية ممهّدة أمام هذا الطرح أو ثمة عقبات تحول دونه فالثابت أنه دغدغ طموحات الشيعية السياسية بركنيها، التي تجاري بالشكوى من طبيعة العقد السياسي الذي أقصاها ضمناً عن القرار الوطني. الا ان الحديث توقف  عن  " العقد السياسي المتشدد بطلب سعودي واضح المعالم.

 

في اي حال يسود الاعتقاد في باريس بان العقوبات الاميركية على مسؤولين او مناصرين في حزب الله جاء في توقيت خاطىء او ربما مقصود لتزامنها مع المحادثات التي اجراها الرئيس "ماكرون "مع نظيره الأميركي"جو بايدن"، لكن ذلك لن يخفف من حماسة الفرنسيين في الاستمرار على الانفتاح على حزب الله لان باريس ومن خلال هذا الانفتاح، صار بامكانها ان تدير حوارا بالواسطة بين الحزب من جهة وواشنطن والرياض من جهة ثانية، وهو حوار بالغ الاهمية لكونه يتناول مرحلة ما بعد الترسيم البحري وما يواكبها من ملفات اخرى وفي مقدمها ملف الانتخابات الرئاسية واعادة تأليف حكومة، فضلا عن مواكبة عملية الاصلاح الاقتصادي والمالي وهيئة القطاع المصرفي، والاهم من كل ذلك دور الشركات الفرنسية لاسيما " توتال" في استخراج النفط والغاز من المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة.