تفاصيل الخبر

هل يتجاوب ميقاتي مع اقتراح وزير السياحة لوقف الخلاف على دستورية جلسات الحكومة؟

11/01/2023
هل يتجاوب ميقاتي مع اقتراح وزير السياحة لوقف الخلاف على دستورية جلسات الحكومة؟

الرئيس نجيب ميقاتي مترئساُ الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء

 

عندما عاد الرئيس نجيب ميقاتي من اجازة الاعياد التي امضاها مع عائلته خارج لبنان، وجد قيد التداول السياسي اقتراحا للخروج من عقدة " شرعية" جلسات مجلس الوزراء وقانونيتها، طرحه وزير السياحة وليد نصار القريب من الرئيس ميشال عون والرئيس ميقاتي على حد سواء، والذي تمكن من خلال ثقة الرئيسين به من تحقيق العديد من الانجازات في وزارته اعادت الحياة الى موسم السياحة في الماضي ما حقق مداخيل بالدولار للاقتصاد اللبناني، ثم تكرر الامر خلال فترة الاعياد من خلال حملة مستمرة طوال فصل الشتاء. كما يستعد الوزير نصار لاطلاق حملة ثالثة خلال الربيع المقبل. اقتراح الوزير نصار هدف الى اجتراح مخرج حكومي تحت سقف الدستور وعدم تجاوز مندرجاته وذلك بهدف الحد من السجالات التي تزايدت خلال الفترة الاخيرة والتي طاولت شرعية جلسات مجلس الوزراء ودستوريتها، اضافة الى تحييد ملف رئاسة الجمهورية عن الخلاف الناشب بين الرئيس ميقاتي من جهة، ورئيس " تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل ووزرائه. ويقول الوزير نصار انه اراد من اقتراحه تجنيب مجلس الوزراء " انفجار الغام" جديدة تزيد من حدة التوترات التي ارتفع منسوبها مع الخلاف الناشىء بين ميقاتي وباسيل حول موضوع الكهرباء، وانه ناقش بنود الاقتراح مع وزير العدل هنري خوري فقط ولم يبحثه لا مع النائب باسيل ولا مع اي جهة اخرى، معربا عن امله في ان يلقى تأييدا يؤدي الى فك العقد التي تلف جلسات مجلس الوزراء لاسيما مع بروز رغبة لدى الرئيس ميقاتي بالدعوة لجلسة قريبة يكون موضوع الكهرباء البند " الضروري" على جدول اعمالها والذي يبرر الدعوة الى عقدها.

 

اقتراح نصار لتفادي " الالغام"

على ماذا يقوم اقتراح الوزير نصار؟

تستند مبادرة نصار عل دعوة الرئيس ميقاتي الوزراء الى جلسة للحكومة على ان يتأكد مسبقا من وجود الوزراء الـ 24 في البلد وامكان حضورهم ليعرض عليهم جدول الاعمال بحسب الدستور على غرار ما يفعله عند اطلاعه رئيس الجمهورية على الجدول. ويستند هنا الى قول ميقاتي في الجلسة التشاورية انه لطالما ردد ان اي بند غير ملحّ وليس طارئا يمكن وضعه جانبا بالتفاهم وليس بالتصويت. "ونحترم صلاحيات رئيس مجلس الوزراء. وتناقَش البنود الموضوعة ويجري العمل على اقراراها".

وماذا عن توقيع المراسيم؟ يستند نصار هنا الى المادة 62 في الدستور، وان الوكالة (صلاحيات رئيس الجمهورية) التي تنيط الصلاحيات بمجلس الوزراء "لا يمكن تجزئتها. ولو كنت مكان الرئيس ميقاتي لا أقبل بتوقيع المراسيم من الوزراء الـ 24 لأنه يمكن هنا لوزير واحد ان يعطل الحكومة. ويكون توقيع المراسيم باتفاق ميقاتي مع الوزراء، اي بمعنى كل خمسة او ستة وزراء ينوب عنهم وزير واحد وكل مجموعة تمثل هنا فريقاً سياسياً، وبطريقة غير مباشرة يكون الجميع قد شاركوا في هذا التوقيع". ويشدد نصار على "ان ضميره وحسه الوطني يجبرانه على محاولة اجتراح حلول، واتمنى على الزملاء الوزراء ان يناقشوا اقتراحي وان يكونوا خلاقين بغية التوصل الى حلول معينة".

ولا يخفي انزعاجه من الاشتباك الدائر بين ميقاتي والفريق العوني حول الكهرباء: "لا أريد ان احكم على النيات، لكنني اقول ان الرئيس ميقاتي قام بالواجبات المطلوبة منه حيال الكهرباء وطلب استثنائيا تأمين سلفة خزينة بـ 62 مليون دولار وان تعرض لاحقا في اول جلسة للحكومة، مع الاشارة الى ان شركة فيتول البحرينية لم تطلب الحصول على المبلغ مسبقا بل طلبت اعتماداً يتأمن استحقاقه بعد ستة اشهر مع التعويل على مؤسسة كهرباء لبنان لتتمكن من تحصيل المال من المواطنين وفق التعرفة الجديدة، وان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وافق على تأمين مبلغ الـ 300 مليون دولار. وعند وصول هذا الملف الى وزير المال يوسف الخليل أصر على الحصول على مرسوم، الامر الذي يتطلب عقد جلسة وزارية وضرورة ان يكون الوزير المعني وليد فياض موجودا. واذا كان هذا الامر استدراجا فهو بشع ومضر في حق لبنان وصدقيته امام الشركات وهيئة الشراء العام، خصوصا ان البواخر في المياه الاقليمية وهي تكبد البلد اموالا كل يوم، وقد يصل المبلغ المطلوب (من الغرامات) الى نصف مليون دولار. في غضون ذلك، لا يؤيد نصار مقولة ان ميقاتي يسجل "خرقا" من خلاله في صفوف الوزراء المحسوبين على باسيل. ويفصل هنا بين قراراته والعلاقة الشخصية ومصلحة البلد، مع الاشارة الى ان تسميته وزيراً جاءت من الرئيسين ميقاتي وعون. ويشدد على انه هو من يعمل على احداث هذا الخرق بغية تسيير عمل مجلس الوزراء وفقا للدستور مع احترام المادتين 62 و64 وصلاحيات كل من رئيسي الجمهورية والحكومة. وتوقع نصار ان يتأمن نصاب الجلسة على غرار السابقة وسيقدِم الفريق المعترض على الطعن امام مجلس شورى الدولة وسيبقى المناخ على هذه الموجة الى حين يتمكن مجلس النواب من انتخاب رئيس للجمهورية".

 

ميقاتي يتريث ونحاس يعتبره غير دستوري

ووفي وقت لم يصدر فيه عن الرئيس ميقاتي اي تعليق مباشر على اقتراح الوزير نصار، ربما لوجوده خارج لبنان، كان رد من مستشار رئيس الحكومة الوزير السابق نقولا نحاس الذي قال انه لم يناقش الوزير نصار بالاقتراح، لكن ردة فعله الاولى ان ما ورد في المبادرة يخالف الدستور لاسيما في ما خص اعداد جدول الاعمال لان هذه المهمة من صلاحية رئيس الحكومة وفقا للدستور، الذي يطلع رئيس الجمهورية عليه، والاطلاع، حسب مفهوم نحاس، لا يمكن ان يكون لـــ 23 وزيرا تفاديا ان يعترض اي وزير فيصبح في وضعية ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية اي ان يعطى لكل وزير حق الفيتو وهذا ما لا يرضى به الرئيس ميقاتي. وتتوقع مصادر متابعة ان يكون لاقتراح الوزير نصار متابعة مع الوزراء ورئيسهم وان كانت المعطيات تشير الى ان موضوع عقد جلسة للحكومة لا يزال موضع تشاور ونقاش لتقدير ما اذا كان توصيف " الضرورة" ينطبق على البنود التي يقترح رئيس الحكومة وضعها على جدول الاعمال وفي مقدمها مرسوم اعتمادات خطة الكهرباء الذي كان موضع جدال بين ميقاتي وباسيل مباشرة حينا وبالواسطة احيانا مع العلم ان مكتب ميقاتي كان قد نشر وثيقة، في معرض رده على وزيرة الطاقة السابقة والنائبة في " التيار"  ندى البستاني التي اعلنت رفضها مجددا عقد جلسة للحكومة، تظهر موافقة استثنائية صادرة عن رئيس الحكومة لفتح اعتماد تأمين الفيول لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، لكنها تتضمن اشارة واضحة الى وجوب صدور مرسوم بالسلفة المشار اليها، وبالتالي ضرورة انعقاد جلسة الحكومة لاصدار المرسوم.

في اي حال يستمر الانقسام في لبنان حول حدود عمل حكومة تصريف الاعمال، لاسيما في ظل الفراغ الرئاسي والخلاف الدستوري حول انتقال صلاحية رئيس الجمهورية اليها،  بحيث يرى فيه معظم الافرقاء المسيحيين تعديا على صلاحيات الرئاسة، في مقابل رأي فرقاء آخرين بضرورة عقد جلسات الحكومة لتسيير امور الناس، لاسيما في ظل الازمات المتتالية. وهذا الامر توقف عنده رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط  قائــــلا عبر حسابه على " تويتر": " القوى والمرجعيات السيادية العظمى تتذرع بحجج دستورية واهية لتعطيل اي اجتماع وزاري لتسيير امور الناس وحتى ان البعض طعن في الموازنة وصولا الى العبث المطلق، وكلهم ينتظر كلمة السر الخارجية التي لم تأت بعد، وفي هذه الاثناء ، وننتيجة تعطيل المجلس العسكري تبرز الخلافات الى العلن". ومعلوم ان الحزب الجنبلاطي مع ادراج المطالب الملحة على جدول اعمال مجلس الوزراء لتسيير امور الناس بعيدا عن الكيدية السياسية فالحكومة في نظر جنبلاط  اسمها حكومة تصريف اعمال، وبالتالي عليها القيام بواجباتها في القضايا التي تعنى بأمور الناس التربوية والصحية والاجتماعية"، مذكرا بانه اذا ل تعقد جلسة الحكومة الاخيرة قبل نحو اسبوعين، واتخذت قرارات مرتبطة بالصحة والمستشفيات والدواء لكان الوضع اسوأ بكثير مما هو اليوم".

 

يذكر ان جلسة الحكومة الاخيرة التي عقدت واتخذت قرارات مرتبطة باعتمادات المستشفيات وغيرها، حضرها الوزراء المحسوبون على ميقاتي و" حزب الله" وحركة " امل" فيما قاطعها وزراء " التيار" الذي شن رئيسه النائب جبران باسيل هجوما على ميقاتي و" حزب الله" واصفا الجلسة بغير الدستورية وغير الميثاقية.