بقلم علي الحسيني
جُملة ملفّات تُطرح على بساط البحث في لبنان عنوانها بشكل عام، الخروج من كافّة الأزمات بأقل الخسائر، ولعلّ أبرز الملفّات هذه، ما يحصل على الجبهة الجنوبية من إستنفارات عسكريّة مُتبادلة بين إسرائيل و"حزب الله" وسط تصاعد التحذيرات بذهاب الأمور محو الأسوأ. وإلى جانب الملفّ الحدودي الأمني، يبرز أيضاً الملف الإقتصادي ـ المالي بحيث تنتهي أواخر الشهر الحالي ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الأمر الذي يُنذر بمخاطر إقتصادية إضافية خصوصاً في ظل تلويح النوّاب الأربعة للحاكم بالإستقالة ما لم يُعيّن حاكم جديد بعد انقضاء مدة سلامة.
من هنا تبدأ الحلول
في ظلّ الأزمات التي باتت تُحاصر البلد وأبنائه من كافّة الجهات، يبقى التعويل الأبرز على إنجاح المُفاوضات أو التسويات الخارجية والداخلية والذهاب بعدها إلى إنتخاب رئيس للجمهورية. وعلى الرغم من صعوبة هذا الامر نظراً لغياب التوافق السياسي بين جميع الأقطاب السياسية، تبقى الآمال مُعلّقة على مُعجزة تفتح الطريق نحو مُرشّح توافقي بعيداً عن إصرار فريقي الموالاة والمُعارضة على ترشيح الوزيرين السابقين سليمان فرنجية وجهاد أزعور. من هنا تكشف مصادر سياسية بارزة أن الدول الخمس المعنيّة بالملف الرئاسي اللبناني، ويُضاف إليهم إيران التي تُشكّل أهمّ المحاور للقرارات التي تُتخذ على صعيد هذه الدول، سوف يجتازون عقبة الخلافات الداخلية في لبنان، من خلال إيجاد حلول تُرضي طرفيّ النزاع الداخلي، لكن من دون ان تُعرف طبيعة هذه الحلول.
وعطفاً على المساعي الدولية للبحث عن حلول، طفت على سطح الملفّ نفسه في الأيّأم السابقة، بعض المواقف التي قد تُساعد على إنجاز الحلول أبرزها ما يتعلّق بموقف "حزب الله" الذي أعلنه نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم بقوله أنه يجب انتخاب الرئيس وبذل أقصى الجهد لتقريب وجهات النظر، ونحن نقبل بالنقاش بمواصفات الرئيس، ونقبل النقاش بالخطوط العريضة التي ستؤثر على مواقف الرئيس مستقبلاً، من أجل أن نتقاطع على نتائج سليمة وننجز الاستحقاق. أمّا الموقف الثاني فقد صدر عن المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل الذي اعتبر أننا امام تحديات كبرى وفي مقدمها وليس اقلها انتخاب رئيس للجمهورية وسط تأكيد منه على تفاهم القوى السياسية الأساسية من أجل انتخاب رئيس للجمهورية كي نستطيع ان نؤسس من خلاله عملية النهوض بالبلد ومؤسساته وفي الحكومة وخطة الاصلاح المالي والاقتصادي واعادة ثقة الناس بالدولة.
الوضع عند الحدود
المؤكد ان الوضع الأمني عند الحدود الجنوبيّة، لا يقل خطورة عن الفراغ الحاصل في الرئاسة الأولى، فما يحصل في هذه البُقعة بدأ يذهب باتجاه مجهول وسط تصاعد التحذيرات المُترافقة لاستعدادات عسكرية تتحدث عنها الجهة الإسرائيلية بالإضافة إلى "حزب الله". وكان لافتاً ما حصل من مناوشات خلال الأسبوع الماضي بعدما ألقت القوّات الإسرائيلية قُنبلة صوتية وأخرى باتجاه ثلاثة عناصر من "الحزب" ثم إستهداف مجموعة من الصحافيين بُقنبلة مُسيلة للدموع وأخرى صوتية عند تخوم مزارع شبعا، مما أدّى إلى إصابة النائب قاسم هاشم بجروح طفيفة في رجله. واللافت أن تسريبات تحدثت عن أن "الحزب" يواصل تحركاته عند الحدود سواء من خلال الإستنفارات أو المُناورات العسكرية التي يُجريها، مُقابل تخوّف إسرائيلي من حصول أمر مُفاجئ.
كما لفت الإعلام الإسرائيلي إلى أن مساعي يقوم بها "حزب الله "لتحقيق إنجاز سيادي في ظل الأزمة الاقتصادية والسياسية والمالية وما يعنيه ذلك من تثبيت لمشروعية سلاحه. ومن جهته قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي المُنتهية ولايته" أفيف كوخافي "بأن إسرائيل ستعيد لبنان خمسين عاما للوراء في حال اندلاع حرب جديدة مع "حزب الله" اللبناني. وأكد أن إسرائيل ستطلق موجات من قوة النيران على المجموعات المدعومة من إيران، وعلى البنية التحتية الوطنية اللبنانية، مُعتبراً أن يعلم أن لبنان سيتعرض لضربة غير مسبوقة، لم يشهدها من قبل في تاريخه.
بدوره شدد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله على أن انتصار تموز(يوليو) 2006أسّس لمعادلة ردع لا تزال قائمةً حتى اليوم، مقابل تآكل الردع عند العدو الإسرائيلي، مُشيراً إلى أن الإسرائيليين والأميركيين اعترفوا بفشل حربهم على لبنان عام 2006، على أكثر من صعيد، في حين أنّ المطلوب من عدوان تموز(يوليو) كان سحق المقاومة وإخضاع لبنان. ولفت إلى أنّ العدو الإسرائيلي كان يسعى بكل الوسائل لمنع تعاظم قوة المقاومة في لبنان، ولم ينجح في ذلك، رغم كل الظروف، مؤكداً أنّ السلام والأمان في الجنوب اللبناني ناتجان من ثقة الناس بفاعلية الردع القائم، مقابل حالة رعب لدى الجانب الإسرائيلي.
الإقتصاد.. بين الحل والإنفجار!
تنتهي ولاية حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، أواخر الشهر الحالي، من دون معرفة بعد إلى من سيؤول منصب الحاكمية، لا سيما بعد إصدار نواب الحاكم بيانًا لمّحوا خلاله إلى إمكانية تقديم استقالاتهم في حال لم تقدم الحكومة على تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي. وفي السياق نفسه، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، أنه لا تمديد للحاكم الحالي ولا تعيين لحاكم جديد، بل سيطلب من النائب الأول استلام مهام الحاكمية إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة نافذة.
ومن جهة اخرى، ويقول صندوق النقد الدولي إن الانهيار الاقتصادي المستمر الآن منذ نحو أربع سنوات أفقد العملة المحلية نحو 98 بالمئة من قيمتها وأدى إلى تراجع الناتج الإجمالي المحلي بنحو 40 بالمئة ودفع بالتضخم للارتفاع لمستويات غير مسبوقة واستنزف ثلثي احتياطات النقد الأجنبي لدى المصرف المركزي. وقال الصندوق إن المصالح الخاصة عرقلت برنامج الإصلاح المالي الذي كان من شأنه أن يفتح الباب أمام منح الصندوق لبنان حزمة إنقاذ مالي قيمتها ثلاثة مليارات دولار.
ولفتت مصادر إقتصادية إلى أنه في حال لم يقدم نواب الحاكم الأربعة استقالتهم سيكون الانتقال سلسًا للحاكمية، وستستمر أغلبية التعاميم التي أطلقها رياض سلامة، أما المشكل الذي من الممكن أن نتحدث عنه فهو منصة صيرفة والأفراد الذين يستفيدون من صيرفة وليس القطاع العام، فاليوم نواب الحاكم يعتبرون أن صيرفة تهدد الاحتياط ويجب أن تتوقف وباعتقادد هذه المصادر أن هذا القرار أكبر من نواب الحاكم، لأنه ليس باستطاعتهم توقيف صيرفة ولا يستطيعون تحمل تداعيات توقيف هذه المنصة ، وان الانتقال سيكون سلساً مع استمرار لكافة التعاميم ومن الممكن حصول توقيف لمنصة صيرفة في حال أخذ القرار السياسي.