ما اعلنه رئيس حزب " القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع انه سيعطل النصاب في اي جلسة اذا تبين ان قوى " الممانعة" ستتمكن من انتخاب رئيس تيار " المردة" سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، سبقه اليه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل خلال المؤتمر العام لحزب الكتائب حين قال انه سيتم تعطيل الانتخابات " اذا اراد الفريق الاخر الاتيان برئيس يغطي سلاح حزب الله. هذان الموقفان تركا صدى غير ايجابي على الساحة السياسية اللبنانية لاسيما بعد انضمام النائب اشرف ريفي الى ما ذهب اليه جعجع والجميل، في وقت بدا ان التصعيد في موقفي الحزبين المسيحيين لم يجد صدى لدى الحزب المسيحي الاكثر تمثيلا اي " التيار الوطني الحر". وترى مصادر سياسية معينة ان جعجع انتقل من ضفة الى اخرى، اذ سبق له ان قال ان " القوات" لن تقاطع جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، الا ان بدل رأيه مع قناعته بان " تكتل الجمهورية القوية" الذي يرأسه لا يمكنه وحده ان يعطل نصاب جلسة انتخاب الرئيس ولا حتى مع حزب الكتائب، ذلك ان هذا التعطيل يحتاج الى عدم مشاركة 43 نائبا في الجلسة، وبالتالي فان مقاطعة " تكتل لبنان القوي" وبعض النواب المستقلين يمكن ان يؤدي الى فقدان النصاب، اضافة الى غياب " الميثاقية عن الجلسة الانتخابية، واذا كان رد بعض المراقبين يربط موقف جعجع المتبدل بالموقف السعودي المعـــــارض لحزب الله، فان ثمـــــة من وجد في موقف رئيس " القوات" تطوراً لمواجهة مع فريق " 8 آذار" مع اقتراب المهلة التي قيل ان اجتماع باريس الخماسي قد حددها ضمنيا لتأمين انتخاب الرئيس، وهي قبل نهاية شهر ايار ( مايو) على ابعد تقدير، والا فان دول الاتحاد الاوروبي ستفرض عقوبات على مرجعيات سياسية تعتبر هذه الدول انها تساهم في تعطيل الاستحقاق الرئاسي.
وتوضح مصادر "القوات" أنّ موقف الحزب غير متبدّل بل متطوّر، فـ"القوات" تعتبر أنّ هناك مهلة دستورية لانتخاب الرئيس على كلّ القوى السياسية التزامها، لكن الكتل البرلمانية الممانعة أطاحت بها. وبعد مرور شهر وشهرين وثلاثة على انتهاء هذه المهلة، أكدت "القوات" أنّها تلتزم الآلية الديموقراطية الدستورية، وبالتالي في حال نجح الفريق الآخر بتكوين أكثرية لانتخاب مرشحه ستحاول تفكيك هذه الأكثرية لمرة ومرتين وثلاث، لكن في نهاية المطاف "لا حول ولا قوّة". أمّا وأنّ "حزب الله" مصرّ مع حلفائه على انتهاج التعطيل إلى ما لا نهاية، فلا يُمكن أن تقبل "القوات" بأن يكون الدستور أداةً يستخدمها هذا الفريق بالطريقة التي يراها مناسبة، بحيث عندما يجد أنّ هناك فرصة لإيصال مرشحه الرئاسي، يلجأ إلى الدستور، وعندما يرى أنّ الدستور يمنعه من إيصال مرشحه يعطّله. لذلك لن تسلّم "القوات" بهذه المعادلة وتشرّع أبوابها لهذا الفريق لكي يتمكّن من إيصال مرشحه على "ظهرنا"، لحظة يتمكّن من أن يؤمّن ظروف انتخابه. وتقول المصادر "القواتية": "أعطينا مجالاً وفرصة، أمّا وأنّ الفريق الآخر يضرب كلّ شيء بعرض الحائط فلن نسمح بهذه المسألة".وإلى هذا السبب الدستوري، تقارب "القوات" الاستحقاق الرئاسي على أنّه مسألة إنقاذية، وليس مجرّد تنازع على الكرسي...... ولا يُمكن وفق التجربة في العهد السابق، بحسب "القوات"، أن يتحقّق الإنقاذ عن طريق الفريق الآخر، فالبلد في حاجة إلى رئيس قادر على الإنقاذ، وهو الذي يحمل برنامجاً إصلاحياً وخلفية سيادية، ولا يقبل بأن تكون الدولة خاضعة للدويلة، وحريص على علاقات لبنان الخارجية وعلى الربط مع الخليجيين والمجتمع الدولي. لذلك، تعتمد "القوات" في هذا التوقيت الرئاسي مقاربة أنّ الشغور قد يخلق فرصة لوصول رئيس إنقاذي بينما وصول رئيس ممانع يعني ولاية جديدة من الانهيار.
لا تجاوب واسعا مع جعجع والجميل
غير ان توجه جعجع والجميل لمقاطعة جلسة الانتخاب اذا ما استطاع فريق " الممانعة" تأمين 65 صوتا لضمان فوز فرنجية، لم يجد صدى لدى اكثرية نواب المعارضة الذين عبروا عن آرائهم بعدم " مسايرة" جعجع في تعطيل النصاب، وهذا ما برز في مواقف لهؤلاء عاكسين بذلك مواقف كتلتهم التي لم تتفق بعد على اسم مرشح واحد تخوض به الاستحقاق الرئاسي فكيف لها ان تتفق على مواجهة حزب الله في اي محاولة يقوم بها لفرض مرشحه الذي قال المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل انه اذا جمع رئيس " المردة" 65 صوتا من دون الكتلتين المسيحيتين ( اي " القوات" و" التيار الوطني الحر") فسنمضي به". لقد بدا واضحا ان الحزب التقدمي الاشتراكي الذي خاض قبل ايام المعركة الرئاسية مع " القوات" وحزب الكتائب من خلال تبني ترشيح النائب ميشال معوض، لن يجاري جعجع والجميل في قرارهما تعطيل نصاب جلسة تؤدي الى انتخاب فرنجية، وذلك انطلاقا في موقف ثابت لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي لجهة عدم تعطيل اي نصاب اي جلسة لا سابقا ولا لاحقا مهما كانت الاسباب. اضافة الى موقفه من عدم تعطيل المؤسسات الدستورية، من الرئاسة الاولى الى الرئاستين الثانية والثالثة. كذلك رفض نواب " الاعتدال الوطني" السنة تعطيل النصاب، في حين لم يحدد نواب " التغيير" الـــ 12 موقفا موحدا لهم في هذا الخصوص لاسيما وان الانقسامات الداخلية بدأت تظهر بين " التغييريين". ولوحظ في هذا السياق، ان النائبة بولا يعقوبيان لا تمانع من المقاطعة، فيما يرفض النائبان المعتصمان في مجلس النواب ملحم خلف ونجاة صليبا هذا التوجه.
ونقل عن احد نواب " التغيير" قوله أنه لم يتم إجراء إحصاء لتحديد من منهم سيحضر جلسة مماثلة ومن سيقاطعها، مضيفاً: ”أنا ممن يرفضون مقاطعة الجلسات، فكيف نعلي الصوت ونطالب بجلسات مفتوحة لانتخاب رئيس، ويعتصم نائبان منا لانتخاب رئيس، وحين لا يناسبنا الرئيس الذي سينتخب نقاطع الجلسة! يفترض أن تكون لدينا معايير موحدة في التعامل مع الملف ".ولم يحسم نواب معارضون آخرون إذا كانوا سيعطلون جلسة تؤدي لانتخاب فرنجية أم لا. وإن كان "القواتيون" و"الكتائبيون" يعولون على مواقف نواب كتلة "تجدد" الأربعة، إضافة إلى نواب مستقلين آخرين، مثل عماد الحوت، ونبيل بدر، وبلال الحشيمي، وعبد الرحمن البزري، وعبد الكريم كبارة، وغيرهم.ولا يستبعد الراغبون بتعطيل النصاب أن ينضم عدد من نواب "التيار الوطني الحر" الـ18 إليهم، باعتبار أنهم يرفضون السير بمرشح حزب الله وحركة أمل سليمان فرنجية، إلا أن عضو تكتل "لبنان القوي" آلان عون يؤكد أن "التكتل لم يبحث هذا الموضوع بعد، ولكن توجّهنا واضح منذ بداية جلسات التصويت للمشاركة في الجلسات وعدم تعطيل الاستحقاق الرئاسي"، لافتاً إلى أن "المفارقة مع مرحلة 2014 - 2016 هي أنه في حينها كنا نخوض معركة تصحيح ميثاقي للشراكة في البلد، وكان لدينا مرشح واضح يجسّد هذه القضية، ولذلك اعتمدنا مقاطعة الجلسات، من أجل إنجاح هذه القضية الجوهرية والتصحيحية لنظامنا السياسي ولم تكن هذه الممارسة في حينها ناتجة عن إرادة مقاطعة أو تعطيل، أو ذات خلفية شخصية لمنع مرشح ما من الوصول في حال توفّرت له شروط النجاح". وينفي عون أن يكون نواب "التيار" شاركوا بتعطيل نصاب الدورات الثانية في الجلسات الـ11 الماضية التي تمت الدعوة إليها لانتخاب رئيس.
في اي حال من السابق لاوانه الجزم بتوافر تجاوب نيابي واسع مع دعوة جعجع الى المقاطعة لاسيما وان غالبية النواب تنادي بضرورة انتخاب الرئيس العتيد، ولن يتحمل احد مسؤولية تعطيل الجلسة بصرف النظر عمن سينتخب فيها.