طرحت مشاركة وزير الصناعة جورج بوشيكيان في الجلسة التي دعا اليها الرئيس نجيب ميقاتي لحكومة تصريف الاعمال، اشكالات عدة كون الوزير الارمني الذي سماه حزب " الطاشناق" ليكون وزيرا في الحكومة خالف قرار الحزب وامن نصاب الثلثين ما جعل امكانية عقد الجلسة واردة، علما ان بوشيكيان كان وقع على بيان الوزراء التسعة الذين قــــاطعوا الجلسة بطلب من رئيس " تكتل لبنــــان القوي" النائب جبــــران باسيل الذي شن " حربا" لا هوادة فيها ضد الرئيس ميقاتي طاعنا بشرعية الحكومة وبدستورية انعقاد الجلسة مهددا باتخاذ خطوات تصعيدية متنوعة. ولعل ردة الفعل السريعة التي صدرت عن حزب " الطاشناق" وقضت بفصل الوزير بوشيكيان عن كتلة نواب الارمن، علما انه ليس حزبيا بل صديقا للحزب، عكست مدى الارباك الذي سببه موقف بوشيكيان للامين العام للطاشناق النائب اغوب بقرادونيان المتحالف مع " التيار الوطني الحر" والذي يشارك غالبا في اجتماعات " تكتل لبنان القوي"، علما انه بفضل مشاركة نواب " الطاشناق" بات " تكتل لبنان القوي" اكبر تكتل سياسي في مجلس النواب اذ يضم 21 نائبا، ما يعني ان قرار بقرادونيان سوف يفقد التكتل نائبا ويتراجع عدد النواب الاعضاء في " لبنان القوي" الى 20.
وعلى رغم مضي فترة زمنية لا بأس بها على التطورات التي رافقت جلسة مجلس الوزراء، فان الوزير بوشيكيان لم يدل باي موقف يشرح فيه الاسباب التي اخرجته من لائحة الوزراء التسعة وحملته على مخالفة قرار حزبه، علما ان النائب بقرادونيان كان تحدث عن " مصالح" لدى بوشيكيان جعلته يتخذ هذا الموقف، اضافة الى وعد قطعه للرئيس ميقاتي بحضور الجلسة لاعتبارات يقول بقرادونيان انها شخصية، ويؤكد في المقابل ان مشاركة بوشيكيان لا تعكس مطلقا ارادة الحزب على الاطلاق وان لا صحة لكل ما قيل ان الحزب اعطى الحرية لوزيره بالمشاركة او بعدم المشاركة لان القرار كان واضحا بعدم حضور الجلسة التي يرى بقرادونيان انها اتت في غير وقتها الدستوري والسياسي وخرجت عن اطار الضرورة الملحة وناقضت ما تعهد به ميقاتي امام مجلس النواب بعدم عقد جلسات لمجلس الوزراء الا في حال الضرورة القصوى. اما بالنسبة الى العلاقة بين " الطاشناق" و" التيار الوطني الحر" والتي شكك البعض بامكانية استمرارها، فان النائب بقرادونيان جزم بان ما حصل لن يؤثر على تحالفات الحزب مع " التيار" ولا مع " الثنائي الشيعي" او مع المكون السني. لافتا الى ان الاكثرية الارمنية تبقى خارج الاصطفافات وهي دائما مع مشروع الدولة ونقطة تلاق وليست مع التفرقة.
وعلى رغم الصمت الذي التزمه الوزير بوشيكيان بعد كل هذه التطورات والغائه مقابلة تلفزيونية كانت مقررة قبيل جلسة مجلس الوزراء وما رافقها من ملابسات وذلك لتلافي الحديث عما حصل، فان مصادر وزير الصناعة اشارت الى ان فصله من كتلة نواب الارمن لا ينسحب على وضعه ضمن كتلة نواب زحلة- البقاع لانه ماض في حضور اجتماعاتها الدورية لمتابعة حاجات المنطقة واهلها. ولا تنفي المصادر القريبة من بوشيكيان ان فصله من كتلة نواب الارمن سوف يضعفه سياسيا نظرا لخصوصية الاحزاب الارمنية ونفوذها الشعبي، وهذا يعني استطرادا ان الحزب لن يسميه وزيرا في اي حكومة مقبلة، ولن يرشحه للانتخابات المقبلة. لكن في المقابل لا يعني ما حصل " نهاية سياسية" لبوشيكيان الذي قد يكون تلقى ضمانات من جهة سياسية او حزبية اقنعته بحضور مجلس الوزراء الامر الذي دفعه الى التسلح بهذه الضمانات والمشاركة.. مع الاشارة الى ان حزب " الطاشناق" كان تاريخيا حزب الدولة ويقف دائما الى جانب رئيس الجمهورية ايا كان الرئيس . الا ان ذلك لا يلغي وجود وجهات نظر عدة داخل اللجنة المركزية لحزب " الطاشناق" لاسيما بعدما واجه خسارة لعدد من مرشحيه في الانتخابات النيابية الاخيرة وحاز على ثلاثة نواب من اصل ستة.
تمايز ارمني دائم من " التيار"
ومعلوم ان الاحزاب الارمنية عموما، والطاشناق " خصوصا" تحافظ على خصوصية في الحياة السياسية اللبنانية تعبر عن واقع الارمن في لبنان الذين تعاطوا مع الواقع اللبناني بذكاء لانهم ادركوا دقته وحساسيته في آن حتى قيل انهم يتعاملون مثلما يتعامل " الجوهرجي" مع الذهب. لذلك قارب حزب " الطاشناق" مسألة الوزير بوشيكيان على نحو قطع الطريق امام اي اجتهادات وتوترات، علما ان الحزب كان خالف حلفائه في اكثر من محطة بدءا بترشيح بوشيكيان الى المقعد الارمني في زحلة خلال الانتخابات النيابية الاخيرة على عكس رغبة الرئيس ميقاتي وتمنيه على وزرائه بعدم الترشح على الانتخابات فالتزم كل الوزراء بمن فيهم ميقاتي نفسه، ما عدا بوشيكيان، كذلك خالف " الطاشناق" حليفه " التيار الوطني الحر" في اكثر من مناسبة، منها تسمية الرئيس ميقاتي لرئاسة الحكومة على عكس خيار " التيار" وانفصاله ايضا في الانتخابات الاخيرة في دائرة المتن لان النائب بقرادونيان ترشح على اللائحة التي ضمت النائب ميشال الياس المر وعدد من المستقلين، وفي مجلس الوزراء غالبا ما كان يتمايز الوزير الارمني في موقفه عن وزراء " التيار" كما حصل مرارا مع الوزيرين السابقين ابراهام دديان وفريج صابونجيان حين غردا خارج سرب وزراء " التيار". ونقل مطلعين على ما دار في الايام الاخيرة قبل جلسة الاثنين وبعدها ان ما قام به بوشيكيان المنتمي الى الجمعية العمومية الخيرية الارمنية AGBU الفاعلة والمؤثرة بامتداداتها العالمية، امر طبيعي، ويندرج في سياق العلاقات المميزة والممتازة بينه وبين ميقاتي على عكس علاقته " بالتيار الوطني الحر" ورئيسه النائب جبران باسيل، ويخطىء قارئو مجريات الاحداث بتفسيرهم ان ميقاتي ضغط على بوشيكيان للاصطفاف وراءه. ويشير المطلعون الى انها " ليست المرة الاولى" التي يتمايز فيها بوشيكيان داخل الحكومة عن وزراء التيار. لذلك لا يحتاج الى من يضغط عليه، ولا يحتاج الى من يقنعه بالسير وراء رئيس الحكومة. حتى ان من يربط السبب بوجود BUSINESS قد يتأثر بين الرجلين، وينعكس وقوف بوشيكيان ضد ميقاتي سلبا على هذه المصالح، فهو مخطىء ايضا. لكن ثمة من رأى في وجود الوزير بوشيكيان في عداد الوفد الرسمي الذي رافق الرئيس ميقاتي الى القمة العربية- الصينية في السعودية ترضية لما حل به بعد موقفه من حضور جلسة مجلس الوزراء!.