تفاصيل الخبر

حراك بكركي في مرحلته الاولى: " جس نبض" حول خيار " المرشح الثالث" واقتراح اسماء

02/03/2023
حراك بكركي في مرحلته الاولى: " جس نبض" حول خيار " المرشح الثالث" واقتراح اسماء

المطران أنطوان  بو نجم خلال لقائه النائب جبران باسيل

 

بعد تعطيل الرئاسة الاولى نتيجة الفراغ منذ اول تشرين الثاني( نوفمبر) 2022، وتعطيل جلسات مجلس النواب، وعمل جزئي للحكومة، جاء دور اللجان النيابية التي كانت للامس القريب تعقد اجتماعاتها وتدرس مشاريع القوانين تمهيدا لعرضها على الهيئة العامة للمجلس متى زالت تحفظات الكتل النيابية التي تطالب بانتخاب رئيس الجمهورية اولا لان مجلس النواب هيئة ناخبة وليس هيئة تشريعية.... ومع تعطيل جلسات اللجان النيابية يمكن القول انه " اكتمل النقل بالزعرور"... وفق المثل الشعبي اللبناني، وتساوت المؤسسات الدستورية في التعطيل الكلي او الجزئي وكأن البلاد لم يعد يكفيها ما حل بها من مصائب وويلات. واللافت ان تعطيل عمل اللجان جاء من الكتل المسيحية لكن المبادرة كانت لكتلة " لبنان القوي" التي شارك رئيسها النائب جبران باسيل في اجتماعها الاخير على غير عادته في حضور جلسات اللجان واقتصار هذا الحضور على جلسات المجلس النيابي" الدسمة" فقط. لقد التقى نواب " القوات اللبنانية" ونواب الكتائب مع نواب " لبنان القوي على الانسحاب من جلسات اللجان ما ادى الى تعطيلها وذلك انطلاقا من رفض مشروع قانون احالته الحكومة الى المجلس لدرس وحمل تواقيع عدد من الوزراء وثلاثة تواقيع لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي ما اعتبره باسيل اعتداء على صلاحيات رئيس الجمهورية فضلا عن عدم دستوريته، حسب رئيس " التيار الوطني الحر". 

 

والواقع ان الذين تتبعوا وقائع جلسة اللجان لاحظوا " التناغم" في المواقف بين نواب" القوات اللبنانية" ونواب " لبنان القوي" في خطوة غير مسبوقة تشهدها اروقة ساحة النجمة منذ فترة بعيدة. وما زاد الاهتمام النيابي بهذا  " التناغم" التصريحات التي صدرت عن عدد من نواب الطرفين الى درجة ان البعض تحدث عن " بداية جديدة" لاصلاح  ذات البين بين الطرفين. فهل هذا ممكن والبلاد في خضم مواجهة حول معركة رئاسة الجمهورية؟

تقول مصادر متابعة ان " التقارب" الذي ظهر في مجلس النـــــواب بين نواب" القوات" و" التيار" يرتبط حصرا في النقاش حول مدى دستورية وقانونية انعقاد جلسات مجلس النواب التشريعية قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبالتالي عدم " اقتناع" الطرفين بشعار " تشريع الضرورة" الذي رفعه الرئيس نبيه بري لتبرير توجيه  الدعوات الى جلسات تشريعية.  هذا في العلن، اما في العمق فيبدو ان ابتعاد النائب باسيل عن " الثنائي الشيعي" بدأ يترجم بتمايز واضح بين " التيار" وحزب الله تحديدا لانه في الاساس لا انسجام بين باسيل والرئيس بري لاسباب متعددة نتيجتها واحدة.  فضلا عن ان باسيل لا يريد ان يستأثر حزب " القوات" بالدفاع عن حقوق المسيحيين لاسيما في ما خص صلاحيات  رئيس الجمهورية. لذلك جمعت الطرفين " مصيبة"  واحدة، فالتقيا على تعطيل جسلات اللجان النيابية بعدما حالا، مجتمعين ومنفردين، دون التئام عقد الهيئة العامة لاقرار قانون" الكابيتال كونترول" وقانون التمديد للمدير العام للامن العام اللواء عباس  ابراهيم الذي غادر الامن العام يوم الاربعاء الماضي وسط تساؤلات  عمن اطاح باستمراره في منصبه وما دور " الثنائي الشيعي" ولاسيما الرئيس بري، في ابعاده وانهاء عمله الذي سجل فيه نجاحات كبيرة تجاوزت الحدود اللبنانية حتى غدا شخصية اقليمية ودولية لها وزنها ودورها واستحق عن جدارة لقب " رجل المهمات الصعبة والناجحة في آن".

بو نجم  والدكتور سمير جعجع

هل يتقارب " التيار" من " القوات"؟

الا ان هذا اللقاء بين " القوات"، و" التيار" قد يبقى محصورا بالتنسيق في الشؤون النيابية ولن يتجاوزها الى الاستحقاق الابرز اي الانتخابات الرئاسية، ما لم يتحقق اي تقدم في الاتصالات الجارية والتي لا تزال  في بداياتها بين معراب وميرنا الشالوحي بهدف الوصول الى موقف واحد من الاستحقاق الرئاسي، او موقف متقارب اذا لم يكن واحدا سواء كان هذا الموقف سلبيا ام ايجابيا. وفي هذا السياق، تتحدث مصادر متابعة ان اي تقارب بين " القوات" و"التيار" ولو في حده الادنى، سوف ينعكس ايجابا على الحراك الذي يقوم به البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من خلال اللقاءات التي يعقدها راعي ابرشية انطلياس المارونية المطران انطوان بو نجم الذي يواصل لقاءاته مع القيادات المسيحية عموما، والمارونية خصوصا، حاملا رسالة من البطريرك الراعي هي بمثابة " جس نبض" لمعرفة مدى استحقاق القيادات المسيحية على الاتفاق على اختيار الرئيس العتيد ليتم تسويقه مع بقية الاطراف اللبنانيين الذين وضعوا هذه المهمة في عهدة البطريرك. وتفيد المعلومات ان مهمة المطران بو نجم تقوم على امرين اساسيين، الاول معرفة مدى استعداد القيادات المسيحية على الالتقاء في بكركي شرط تعهدات مسبقة منهم بتنفيذ ما سوف يتم التوافق عليه لئلا يصاب تحرك البطريرك بانتكاسة كبرى سوف تكون " آخر خرطوشة" في الاستحقاق الرئاسي. اما الامر الثاني فهو الطلب من هذه القيادات وضع لوائح باسماء شخصيات مارونية مؤهلة لتولي منصب رئاسة الجمهورية لا تشكل تحديا او استفزازا لاحد، ويمكن ان يتوافق عليها الجميع في مكونات المجتمع اللبناني. وطبيعي، حسب المصادر المتابعة، ان يكون الهدف من طلب اعداد لوائح باسماء مرشحين ايجاد مروحة واسعة من الاسماء ليصار تباعا الى " تصفيتها" بحيث لا يبقى الا الاكثر جدارة واستعدادا وامكانية لقيادة سفينة  البلاد مع الشركاء في الوطن. وتقول مصادر " التيار الوطني الحر" ان رئيس " التيار" النائب جبران باسيل "جهز" لائحته وهي تضم بين خمسة او سبعة اسماء تخضع للتعديل والغربلة من حين الى آخر. في وقت تقول مصادر " القوات اللبنانية" ان مشاركتها في وضع اسماء يجب ان تسبقها " ضمانات" من بقية الاطراف بالتزام ما سيتم الاتفاق عليه مع البطريرك الذي يفضل الا يدخل هو في لعبة تسمية مرشحين، بل ان يقتصر دوره على توحيد كلمة الاقطاب المسيحيين وان تترك لهم حرية الاتفاق على من يرونه مناسبا للرئاسة الاولى. لا يريد البطريرك الراعي ان يقع الخطأ الذي وقع فيه سلفه البطريرك الراحل مار نصر الله بطرس صفير عندما قدم للجانب الفرنسي لائحة باسماء مرشحين محتملين للرئاسة الاولى، في وقت كانت الاتصالات تجري خلف الكواليس المحلية والخارجية وادت الى انتخاب من لم يكن اسمه مدرجا في اللائحة البطريركية، وان كان البطريرك صفير قال يومها باحقية العماد ميشال عون بان يكون رئيسا للجمهورية.

البطريرك بشارة الراعي خلال استقباله الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية

نحو البحث عن " المرشح الثالث"

غير ان حراك البطريرك الراعي لن يكون منعزلا او كافيا ما لم يتم الاخذ في الحسبان الحراك الدولي الذي لا يزال يردد صدى ما تمت مناقشته في  اجتماع باريس الخماسي الذي وصلت نتائجه بالتفصيل الى سيد بكركي وفيها ان المجتمعين في باريس التقوا على القول بضرورة اعطاء البطريرك الدور الاساسي في قيادة الحوار بين القيادات المسيحية اولا، ثم بين هذه القيادات والشركاء الاخرين في الوطن، وهذا ما دفع البطريرك الى التحرك من خلال مهمة المطران بو نجم، وعنوان هذا التحرك بدء البحث في خيار " المرشح الثالث"  بعد التوافق على استبعاد كل من زعيم تيار " المردة"  سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون، لاسيما وان امكانية الاتفاق على ا حدهما غير واردة وحسابات الاصوات النواب ومواقف الكتل اظهرت استحالة  تأمين نصاب الثلثين لعقد اي جلسة،يمكن ان ينتخب فيها فرنجية او العماد عون رئيسا  من هنا تبرز  دقة حراك المطران بو نجم لاسيما بعد الوعد الذي اعطاه البطريرك لسفراء في مجموعة الدول الخمس، بان يقوم بهذه المهمة الدقيقة وغير مضمونة النتائج لئلا يقال ان بطريرك الموارنة لم يفعل اي شيء لملء المقعد الماروني الاول في الجمهورية، علما ان البطريرك كان صريحا امام عدد من سفراء الدول الخمس المجتمعين في باريس، من ان على دولهم ان تلعب دورا مساعدا مع دول لها تأثيرها الساحة اللبنانية مثل ايران  والسعودية ومصر وقطر، اضافة الى فرنسا والولايات المتحدة الاميركيرة. وفي هذا الاطار تحدثت مصادر متابعة لملف الاتصالات الجارية مع الخارج عن ان ثمة من يرى ضرورة التواصل مع طهران لدفعها الى المشاركة في ايجاد حل للازمة الرئاسية الرابضة على صدور اللبنانيين والاشقاء العرب والاصدقاء الاجانب.

وانتشرت في الايام الماضية معلومات عن ان الساحة اللبنانية سوف تشهد بداية تحرك اميركي لتسهيل انتخاب الرئيس، من دون ان يعني ذلك احتمال تفاوض واشنطن مع طهران في ظل الحرب الروسية- الاوكرانية، علما ان واشنطن تطالب ايران بالتقيد ببرنامجها النووي الذي خرج عن الاتفاق الموقع مع مجموعة الخمسة زائدا واحد وايران، وسط مخاوف من ان هذا الاتفاق لم يعد سلميا كما تصفه طهران وعليه يبقى احتمال " تفشيل" اي حراك توافقي واردا اذا ما لم تتوافر له المظلة الدولية، وهو امر تتريث دول اجتماع باريس الخماسي في تأمينه بانتظار نتائج المرحلة الاولى من الاختبار البطريركي الذي يمكن ان يحمل عاملا مشجعا للمضي في المرحلة الثانية، علما ان ثمة من روج في الايام الماضية ان اي اتفاق لا بد ان يشمل اسم رئيس الجمهورية العتيد، واسم رئيس الوزراء حتى تتأمن " المناصفة" في توزيع التسويات.