بقلم علي الحسيني
في ظل الإندفاعة الداخلية لانتخاب رئيس للجمهورية التي ظهرت خلال اليومين الماضيين على الرغم من وصفها من قبل البعض بأنها حركة بلا بركة، ومع كلام رئيس المجلس النيابي نبيه بري أنه لن يقف مكتوف الأيدي إزداء الجمود الحاصل في الملف الرئاسي، أطلّ الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله منتصف الأسبوع الماضي ليُحدّد موقفه من هويّة الرئيس المُقبل، الأمر الذي اعتبره البعض على أنه نسفاً لكل المحاولات الساعية للوصول إلى صيغة مُشتركة بين جميع القوى السياسية، للثبات على موقف موحّد تجاه اسم واحد.
دعم خارجي لمساعي بري
يُخيّم اللون الرمادي على الإستحقاقين الحكومي والرئاسي في لبنان، في وقت يتنازع فيه الجميع حول المكتسبات التي سيُحققونها داخل الحكومة أو بما يتعلّق بالتسويات التي يُمكن ان تُعقد مع الشخصيّة الأبرز القادرة على إعتلاء الكُرسي الرئاسي. عند هذا الحدّ، تكشف مصادر سياسية بارزة عن دعم دولي اجنبي وعربيّ، تلقّاه الرئيس بري منذ أسبوع لإطلاق مبادرة سياسية لانتخاب رئيس للجمهورية، وقد تلقّى بري بحسب المصادر، وعداً حارجيّاً بالعمل على تذليل أي عقبات تواجهها مُبادرته المُرتقبة مع النوّاب المحسوبين سياسياً على الأميركيين والفرنسيين والسعوديين على وجه التحديد، وصولاً لاعتماد مجموعة أسماء من داخل الوسط السياسي وخارجه للوصول إلى إجماع حول أسم مرشّح.
وأشارت المصادر إلى أن برّي أجرى منذ أيّام قليلة، مجموعة إتصالات أبرزها مع البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي ورئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط وامين عام " حزب الله" السيد حسن نصرالله ورئيس حزب "القوّات اللبنانية" سمير جعجع للأخذ برأيهم حول نيّته بإطلاق مُباردة جديدة وكانت الردود إيجابية، وقد عُلم أن بري سيبدأ نهاية الشهر الحالي مشاورات سريّة مع أصحاب الشأن السياسي في لبنان قبل أن يُطلق مٌبادرته بداية العام الجديد مع تأكيد منه أن أزمة الفراغ الرئاسي ستطول أكثر من المتوقّع.
قطر على خطّ الأزمة الرئاسية!
وفي السياق الرئاسي أيضاً، أوضحت مصادر معنية بالملف الرئاسي في لبنان، وجود مساعي قطرية جديّة تهدف إلى إيجاد حلّ سريع لمسألة الفراغ الرئاسي حتّى لا تطول الأمور على غرار الشغور الذي حصل بعد انتهاء عهد الرئيس السابق إميل لحود. ولفتت المصادر نفسها إلى أن شخصيّة قطرية رفيعة المستوى، كانت تواصلت منذ أيّام مع قيادة "حزب الله" حيث نقلت لها وجود نوايا أميركية جديدة وجديّة لفتح حوار غير مُباشر مع "الحزب" من أجل البحث في مسألة الحكومة ورئاسة الجمهورية في لبنان، وقد أبلغت الشخصيّة القطرية الحزب إستحالة موافقة الطرف الأميركي على أسم النائب جبران باسيل وبأن باب النقاش سيكون مفتوحاً فقط حول شخصين: قائد الجيش جوزف عون والوزير السابق سليمان فرنجية.
وبحسب المصادر فإن الرسالة القطرية تضمنت تسوية سياسية تشمل أيضاً موقع رئاسة الحكومة وسط تشديد أميركي بعدم إعادة إختيار الرئيس نجيب ميقاتي لرئاسة أي حكومة مُقبلة، وأشارت المصادر إلى أن "حزب الله" تلقّى الرسالة بأهمية كبيرة وسيُباشر إنطلاقاً من نهاية الأسبوع الحالي بدراستها وبالتالي إبلاغ الجهة القطرية بأبرز مواقفه الحكومية والرئاسية والضمانات التي يُريدها لنفسه ولحلفائه وتحديداً المسيحيين.
هل أعاد نصرالله خلط الأوراق؟
من جهته، وضع السيد حسن نصرالله في إطلالته الاخيرة بمناسبة "يوم الشهيد"، حداً للتكهنات حول مواصفات الرئيس المرغوب عند حارة حريك، إذ حصر المرشحين بشبيه الرئيس إميل لحود أو الرئيس ميشال عون، داعياً إلى أن يكون الرئيس العتيد مطمئناً للمقاومة، لا يخاف من الأميركيين ويقدم المصلحة الوطنية على خوفه، ولا يباع ولا يشترى، مشدداً على أننا لا نريد رئيساً يغطي المقاومة أو يحميها لأنها لا تحتاج إلى ذلك، إنما رئيس لا يطعنها في الظهر.
وحول انتخابات رئاسة الجمهورية، لفت نصرالله إلى أن هذا ملف مهم جدًا ننظر إليه بأهمية بالغة، والفراغ في الرئاسة ليس هدف أحد، ونريد رئيساً بأسرع وقت ممكن وهذا ملف يعني اللبنانيين جميعا، لأن الفراغ في سدة الرئاسة ينعكس على كل الوضع اللبناني.. وهذا لا يعني أنه لأجل سد الفراغ يجب أن نسده بأيّ كان، عندما نتحدث عن أهمية موقع الرئاسة ومصير بلد لست سنوات، رئاسة الجمهورية موقع حساس ومصيري للبنان
فرنجية يتقدّم على باسيل!
أمّا في ما يتعلّق بـ"الصراع" السياسي القائم بين فرنجية وباسيل على موقع رئاسة الجمهوية، فتُشير مصادر وزارية إلى أن حظوظ فرنجية باتت أقرب إلى الرئاسة مما هي عند باسيل وذلك في ظل التأييد الإيراني والسوري لشخصية فرنجية التي يصفها "حزب الله" باللون الأبيض وليس رمادية كما هو الحال عند باسيل الساعي إلى إرضاء الجميع من اجل نزع العقوبات الأميركية عنه واستعداده لعقد تسويات وصفقات في سبيل الوصول إلى رئاسة الجمهورية. كما لا يجب أن ننسى الموقف الروسي الأقرب إلى فرنجية. كل هذه أمور تجعل فرنجية شخصية مقبولة دولياً وعربياً وحتّى من قبل خصومه السياسيين في لبنان.
وكشفت المصادر أن الاتصالات الثنائية بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" تتكثف هذه الفترة لتقريب وجهات النظر حيال مسألة تبني فرنجية، وفي هذا السياق على الرغم من محاولات باسيل لإغلاق الباب في وجه هذه المحاولات، لكنه في نهاية الأمر سيرضخ لمطالب حلفائه في الداخل والخارج، وستكون كلمة الفصل لمصلحة التحالف الواسع الذي يضم" حزب الله "وفرنجية وباسيل والرئيس بري، المُمتد من لبنان إلى سوريا، وصولاً إلى إيران.