تفاصيل الخبر

بري " المنزعج" من موقف جنبلاط المعارض لفرنجية لا يزال يراهن على تبدله

19/04/2023
بري " المنزعج" من موقف جنبلاط المعارض لفرنجية  لا يزال يراهن على تبدله

الرئيس  نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط

 

منذ عودته من باريس حيث التقى مسؤولين فرنسيين في مقدمهم مستشار الرئيس الفرنسي "ايمانويل ماكرون" للشؤون السياسية والممسك بالملف اللبناني حاليا السفير" باتريك دوريل"، يلتزم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط " التقنين" في اطلاق المواقف المتصلة بالاستحقاق الرئاسي، ويكتفي من حين الى آخر بارسال اشارات تعكس بشكل او بآخر رأيه في ما يحصل من تطورات في هذا الملف الذي لا يزال يراوح مكانه في غياب اي مؤشر الى نهاية قريبة للشغور الرئاسي الذي يدخل في الاول من ايار ( مايو) المقبل شهره السابع، لاسيما وان شهر نيسان ( ابريل)- وهو الشهر السادس- يكاد ينقضي بلا اي تطور ايجابي بفعل كثرة العطل الرسمية فيه والتي تجاوز عدد ايامها الـــ 12 يوما. والذين راهنوا ان يحمل عيد الفصح المجيد اي جديد في هذا الملف وجدوا ان رهانهم لم يتحقق، وكذلك الامر بالنسبة الى المراهنين على ما يمكن ان يحصل في عطلة عيد الفطر المبارك،لكن صمت جنبلاط او قلة كلامه عن الاستحقاق الرئاسي، لا تعني انه في وارد تغيير رأيه، حتى الان على الاقل، ما يجعل من موقفه احدى الثغرات الاساسية التي صادفت صديقه الرئيس نبيه بري في تحركه لتعبيد الطريق امام رئيس تيار " المردة" سليمان فرنجية للوصول الى قصر بعبدا، وبدا من مسار الحراك الرئاسي ان جنبلاط ثابت في موقفه رغم محاولات الرئيس بري لاقناعه بدعم فرنجية الذي في حوزته – حسب بوانتاج رئيس المجلس- 54 صوتا، واذا اضيفت اليها اصوات نواب" اللقاء الديمقراطي" يرتفع العدد الى 62 ، وسيكون من السهل على " الثنائي الشيعي" تأمين خمسة اصوات لينتخب فرنجية في الدورة الثانية، هذا اذا تأمن حضور 86 نائبا لتحقيق النصاب الضرورة في كل الدورات لانتخاب الرئيس.

المتابعون للعلاقة بين بري وجنبلاط لا يؤكدون ما اذا كان رئيس المجلس اطلع صديقه جنبلاط على نيته دعم ترشيح فرنجية والمسارعة الى اعلان ذلك حتى قبل ان يعلن فرنجية رسميا رغبته في الترشيح، لان المعروف حتى الان ان بري بادر الى اعلان دعم فرنجية، ثم اطلع اصدقائه – ومنهم جنبلاط- عن هذا التوجه معتقدا ان زعيم المختارة الذي كان على تحالف دائم معه " في السراء والضراء" كما كان يقول " ابو تيمور"، سيجاريه في هذا الخيار، لينقل العمل بعد ذلك لاقناع بقية الكتل وفي افضل الحالات تأمين نوابها النصاب اذا لم يتحقق الدعم الكامل لفرنجية. كان في ذهن الرئيس بري- كما يقول المتابعون- ان جنبلاط يعرف كيف يقرأ التطورات، الاقليمية منها قبل الداخلية، ويدرك بالتالي ان وصول فرنجية الى قصر بعبدا سيفتح ابواب دمشق المقفلة في وجه بري، كما سيتمكن فرنجية من الحصول على دعم سوري كامل لعدد من المواضيع المرتبطة بالعلاقات اللبنانية- السورية وابرزها مسألة عودة النازحين السوريين الى بلادهم، فضلا عن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يدعم هو الاخر ترشيح فرنجية للاسباب المعروفة لاسيما وان زعيم " المردة" كان على تماس مع الحزب في الكثير من المسائل الاستراتيجية وفي ما يعرف بــ " خط الممانعة" لم يعتقد بري للحظة ان صديقه جنبلاط سيتجاوز كل تفاصيل العلاقة القديمة معه والكثير من المصالح المشتركة التي تراكمت خلال السنوات الماضية ويرفض له طلب وان كان جنبلاط برر موقفه بانه بناء على رغبة نجله النائب تيمور جنبلاط رئيس الكتلة النيابية لـــ " اللقاء الديموقراطي" الذي يرفض بشدة دعم فرنجية معتبرا انه من التركيبة السياسية التي لم تعد مقبولة لدى الجيل الجديد وانه رمز من رموز المرحلة الماضية التي يرى جنبلاط الابن ضرورة انهاء دورها والخروج الى الناس بوجود جديدة لا ماض لها في السلطة او مع فريقها او ما يعرف بــ " المنظومة". لكن تحجج جنبلاط برغبة نجله لم " يهضمه" بري المصمم على استمرار سعيه لدى جنبلاط لتبديل موقفه للوصول الى 65 صوتا، والتفرغ بعد ذلك لتأمين النصاب.

 

بري لجنبلاط: فرنجية مرشح عابر للطوائف

 من الاسباب التي ابلغها بري لجنبلاط في معرض اقناعه بفرنجية، ان دعمه لزعيم " المردة" سوف يعزز مقولة ان فرنجية " مرشح وطني عابر للطوائف"، كما كان يتحدث بري عندما يعرض مواصفات الرئيس العتيد، اضافة الى ان قدرة فرنجية على القيام بدور فاعل وهو في قصر بعبدا، فضلا عن الموارنة يقبلون بـــ" رئيس زعيم" يستطيع من خلال زعامته وشخصيته ان يعوض على المسيحيين عموما، والموارنة خصوصا، مع يعتبرون انه سلب منهم في اتفاق الطائف من صلاحيات كانت للرئيس الماروني قبل الطائف، علما ان الكثير من القيادات المارونية، الروحية والسياسية، تعتبر ان الرئيس امين الجميل كان آخر رئيس للجمهورية تمتع بصلاحيات " سلبها" اتفاق الطائف، وبالتالي، فان الرئيس الماروني بعد الطائف يختلف عما كان عليه قبله. من هنا كانت رغبة بري في ان تكون زعامة فرنجية وشخصيته، مصدر اطمئنان للمسيحيين بان الرئيس العتيد لن يكون رئيسا ضعيفا في مواجهة رئيسي المجلس والحكومة القويين في طائفتيهما بل سيكون على مسافة واحدة من حيث الزعامة والقدرة على التعاطي مع " شريكيه" على رأس السلطتين التشريعية والتنفيذية. واذا كان بري لم يقطع الامل من حصول تبدل في موقف جنبلاط، فانه يرى ان محركات زعيم المختارة لا تزال متوقفة، لا بل حركها في باريس خلافا لما يريده بري علما ان المعلومات التي وصلت من العاصمة الفرنسية عن لقاءات جنبلاط " ازعجت" بري لان جنبلاط بدا كما يضع العصي في دواليب خيار فرنجية، وبدا ان تموضعه ترك تاثيرا في المزاج السياسي والاعلامي في الداخل لانه لو سار في خيار فرنجية لكان اعطاه زخما معنويا كبيرا، فيما رفضه لهذا الترشيح يعمم حالة التشكيك ويدفع نوابا من خارج الكتلة الجنبلاطية الى ضبط حماستهم في تأييدهم لفرنجية. ويلفت المتابعون الى ان جنبلاط يمكن ان يبدل موقفه، مستذكرين انه في بداية الكلام عن الاستحقاق الرئاسي ربط جنبلاط موقفه من ترشيح فرنجية بضرورة مراعاة توجه المكون المسيحي الممثل بــ " التيار الوطني الحر" و" القوات اللبنانية" وحزب الكتائب، على اساس ان الرئيس الماروني لا يمكن ان ينتخب في الوقت الحاضر خلافا لارادة المكون المسيحي الممثل بالاحزاب الاقوى، لكنه عدل موقفه في مرحلة لاحقة وربطه بموقف ابنه النائب تيمور الذي يريد " تجديد" الطبقة السياسية، علما ان هذه " الحجة" هي التي ازعجت بري ايضا، لم تقنعه خصوصا ان تيمور  لم يقدم اي مبررات مقبولة لموقفه.

 

ويشبه المتابعون الموقف الراهن لجنبلاط بمواقفه من الرئيس سعد الحريري الذي كان " حليفا صامدا"  له، لكن سرعان ما ابتعد عنه  على اثر خلاف الحريري مع السعودية، متأثرا بذلك في حينه بالقرار السعودي، ما يعني ان هذا التأثر يتكرر اليوم بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي لانه كما هو معلوم، فان السعودية لا تزال تعارض انتخاب فرنجية للمركز الرئاسي الاول في الدولة، واستطرادا فان جنبلاط لا يرغب في الابتعاد عن الرياض هذه المرة لاسباب عدة، سياسية وغير سياسية... وبذلك اختار جنبلاط السعودية تاركا صديقه الرئيس بري وحيدا في معركة دعم فرنجية، كما سبق ان اختار المملكة اثر خلافها مع الرئيس سعد الحريري.

في اي حال، الرئيس بري معروف بـــ " نفسه الطويل" وهو يردد دائما في ما خص الاستحقاق الرئاسي المقولة الشهيرة " ان غدا لناظره قريب"!.