تفاصيل الخبر

لقاءات باسيل مع ميقاتي وجنبلاط وفرنجية حركت المياه الرئاسية الراكدة...لكنها لن تنتج رئيسا!

29/12/2022
لقاءات باسيل مع ميقاتي وجنبلاط وفرنجية حركت المياه الرئاسية الراكدة...لكنها لن تنتج رئيسا!

لقاء بين النائب جبران  باسيل والنائب السابق وليد  جنبلاط

 

في العطلة بين عيدي الميلاد ورأس السنة، غابت التحركات السياسية وتراجعت حماسة الكتل النيابية خصوصا بعد غياب دعوات الرئيس نبيه بري لمجلس النواب لعقد جلسة انتخابية معروفة سلفا نتائجها. ومع هذا الجمود على جبهة الاستحقاق الرئاسي بدا وكأن الملف الرئاسي رحل الى السنة الجديدة من دون أي مؤشرات جدية بأن الحل للازمة الرئاسية بات جاهزا. وحده رئيس "تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل خرق هذا الجمود حيث كانت له سلسلة لقاءات اكتسبت اهمية خاصة كونها شملت "خصوم" باسيل في السياسة، وفي مقدمهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي كان لايام خلت هدفا مباشرا في رمايات باسيل ونوابه ووسائل اعلامه، والمرشح الرئاسي غير المعلن زعيم تيار "المردة" سليمان فرنجية، و"بيضة القبان" رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فضلا عن لقاءات اخرى يفضل باسيل ان تبقى طي الكتمان، علما ان اللقاءات مع ميقاتي وجنبلاط وفرنجية كانت بلا اعلام، لكن تم تسربيها على نحو لا يعرف مصدرها... لكن متتبعي الحركة الرئاسية استطاعو تحديد المصدر والتعامل معه لاسيما مع الحديث عن تكرار مثل هذه اللقاءات.

قد يكون اللقاء بين ميقاتي وباسيل، الذي تم بدعوة من رجل الاعمال علاء خواجة، وفي دارته، مهما ودقيقا خصوصا انه تم قبل يوم واحد من الاجتماع التشاوري الذي عقده ميقاتي مع الوزراء في السراي  لايجاد صيغة تفعل عمل الحكومة وتتيح عقد جلسات لمجلس الوزراء عند الضرورة. والمعلومات القليلة التي رشحت عن هذا اللقاء اشارت الى ان البحث كان عاما وتناول شؤونا اجتماعية واقتصادية ولم يركز على الاستحقاق الرئاسي، وامكن تذليل بعض العقد التي تحيط باداء باسيل من جهة ومواقف ميقاتي من جهة اخرى. اما الاستحقاق الرئاسي فان المعلومات اشارت الى انه تم التطرق اليه، لماما لاسيما وان عدد الحاضرين لم يكن ليسمح بنقاش مستفيض يتتاول موضوع حساس كالاستحقاق الرئاسي. واستطرادا لا اسماء مرشحين جالت بين الرجلين ولا حتى مواصفات بل حديث ظل في العموميات. ولعل ما يدل على ان ميقاتي وباسيل لم يدخلا في المواضيع الشائكة او بالاحرى لم "يحسما" موقفهما من هذه المواضيع، هو ان اجواء اللقاء التشاوري الذي عقد بين رئيس الحكومة ووزراءه في اليوم التالي لم تكن "صحية" لا بل كانت "عاصفة" مع اصرار وزير العدل على موقف مماثل لموقف باسيل من ان جلسات مجلس الوزراء غير دستورية وغير قانونية، وضرورة توقيع الوزراء ال٢٤ على المراسيم لاصدارها وجعلها نافذة. لعل النتيجة العملية التي يمكن ملاحظتها من اللقاء عند خواجة، هي حصول نوع من الهدنة الاعلامية غير المعلنة رسميا بين الطرفين التي خرقت مرارا من وسائل الاعلام التابعة ل التيار الوطني الحر من دون ان تستدرج ردود فعل سريعة وسلبية من الرئيس ميقاتي ومكتبه الاعلامي، بل تعاطى ميقاتي مع مثل هذه الخروق "بحكمة وحنكة" تفاديا لمزيد من التصعيد في زمن الاعياد. وفيما تحدثت مصادر اعلامية عن لقاء آخر سوف يعقد بين الرجلين بعد عطلة رأس السنة، لم تؤكد مصادر ميقاتي وباسيل هذه المعلومات كما لم تجزم بامكانية عقد مثل هذا اللقاء.

 

لقاء باسيل مع جنبلاط واللواء العرم ثالثهم

 

اما بالنسبة الى لقاء باسيل مع جنبلاط  والذي تم في  دارة والد زوج ابنته  داليا الشيخ بيار الضاهر رئيس "المؤسسة اللبنانية  للارسال" LBCI ، فانه فاجأ  الاوساط  السياسية  بصرف النظر عما  دار فيه من احاديث خصوصا ان جنبلاط  يقف على تماس  مع  باسيل  منذ اعوام من المقاطعة عززتها حادثة قبر شمون، ولم تخرق  هذه المقاطعة  الا مرة واحدة في شهر ايار (مايو) من العام الماضي عندما زار باسيل قصر بعبدا بدعوة من الرئيس العماد ميشال عون الذي دعى يومها الى اللقاء باسيل في محاولة لاعادة وصل ما انقطع بين الرجلين. وكان لافتا في اللقاء عند الضاهر، انه انعقد عشية انتهاء مهام رئيس الاركان في الجيش اللواء امين العرم الذي كان يطالب جنبلاط بالتمديد له لكن وزير الدفاع موريس سليم رفض الموافقة على طلب التمديد الذي قدمه قائد الجيش العماد جوزيف عون، وقيل ان باسيل يقف وراء رفض الوزير سليم.

وفيما تحدثت مصادر متطلعة عن ان موضوع اللواء العرم لم يكن هو البند الاساسي للقاء بين باسيل وجنبلاط، قالت مصادر قريبة من زعيم المختارة انه عبر عن عتبه حيال موقف وزير الدفاع من دون ان يطلب من باسيل الظغط على الوزير سليم ليوقع قرار التمديد للواء العرم. اما فيما خص موضوع الاستحقاق الرئاسي فقد تم البحث فيه من زاوية ضرورة التوافق الداخلي دون اي صدامات وخلافات لان البلد لا يحتمل اي خضات، ولكن لم يطرح بين الطرفين اي اسم لا من قريب ولا من بعيد، واتفقا على التواصل واستمراره من زاوية ان الحوار ضرورة قسوى في هذه المرحلة بين كل الافرقاء، والذي كان يحصل في مراحل الحروب بمعزل عن الخلافات والتباينات السياسية حول هذا الملف او ذاك. وتضيف المصادر ان لقاء باسيل – جنبلاط توقف عند هذه العناوين، وبمعنى اوضح، ومن خلال الدائرة الضيقة لرئيس "الحزب التقدمي " ليس بين الرجلين اي تنسيق رئاسي او تحالف بل حوار وتواصل، وقد اعرب جنبلاط عن حرصه عليهما وان كان الخلاف سيد الموقف بينهما، وبالتالي نفيا لما قيل ان النائب وائل ابو فاعور وضع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمي، جعجع في اجواء اللقاء قبيل حصوله، فذلك لم يحصل على الاطلاق، اذ لم يكن لدى اي من نواب "اللقاء الديموقراطي" وقياديي الحزب التقدمي اي معلومات حول اجتماع رئيس الحزب بالنائب باسيل سوى رئيس"اللقاء الديموقراطي" تيمور جنبلاط الذي شارك فيه. واستطرادا فان جنبلاط لا يمكنه الخروج عن حلفاءه واصدقاءه والدول الحليفة له، اي ان يذهب بعيدا في الاستحقاق الرئاسي او سواه مع "التيار الوطني الحر" الحليف الاساسي ل "حزب الله" بخلاف الحديث عن تباينات بينهما، والامر عينه للبرتقالي، ولكن من شأنه ان يكسر الجليد ويفتح آفاق التواصل ويخفف من حدة الاحتقان بين محازبي وانصار الفريقين.

تكتم حول اللقاء مع فرنجية

 

وفيما اثار لقاء باسيل – جنبلاط تساؤلات على اكثر من صعيد من دون ان يشكل مفاجأة للمتعاطين في الشأن العام الذين يرصدون دائما مواقف جنبلاط غير الثابتة في الاستحقاقات المصيرية، فان لقاء باسيل مع فرنجية هو الذي شكل المفاجأة الكبرى في ملف الاستحقاق الرئاسي راهنا خصوصا ان باسيل جاهر برفضه لترشيح فرنجية وابلغ هذا الموقف الى حليفه الاساسي اي حزب الله بشخص امينه العام السيد حسن نصر الله مع علمه بان السيد يدعم ترشيح فرنجية وان لم يعلن ذلك علنية. وقد ساوى باسيل في رفض فرنجية، برفض مماثل لترشح قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي يصفه باسيل ب "قائد الانقلاب"، لا قائد الجيش، في اشارة واضحة لتحميله مسؤولية تغاضيه عما آلت اليه البلاد وعهد الرئيس عون منذ ما بعد احداث 17 تشرين الاول ( اكتوبر) ٢٠١٩ .وقد احيط اللقاء بين فرنجية وباسيل بتكتم شديد فلا باسيل اتى على ذكره، ولا فرنجية أشار اليه بشكل او بآخر، ما جعل المعطيات عن اللقاء نادرة جدا، علما ان باسيل كان تبلغ بشكل او بآخر ان حزب الله مستمر في دعم فرنجية ولن يتراجع عن هذا الدعم الا اذا قرر فرنجية  الانكفاء والتوقف عن خوض المعركة الرئاسية، وهذا امر لا يمكن ان يحدث خلال أسابيع او اشهر، بل قد يتطلب المزيد من الوقت ما يؤكد ان الفراغ الرئاسي سيستمر الى وقت طويل مع تراجع العناية الدولية بالملف الرئاسي اللبناني مع بقاء الاهتمام الدولي بالنواحي الإنسانية والاجتماعية والصحية والتربوية الخ.... في أي حال لن يكون من السهل التفاؤل  بان لقاء باسيل- فرنجية حقق أي تقدم، لان كل المعطيات  تشير الى ان فرنجية على موقفه وكذلك باسيل الذي رفع البطاقة الصفراء  في وجه عون. لكن المصادر القريبة  من فرنجية متفائلة وتعتبر ان وضع فرنجية ليس معقدا وان فرصته لا تزال كبيرة جدا- حسب هذه المصادر- صاحب الأفضلية وبان انتخابه ممكن ضمن فترة لا تتجاوز حدود الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجديدة، داعية الى الاخذ في الحسبان ان الوقائع  السياسية الحالية الخارجية والمحلية، ليست ثابتة وجامدة بل هي قابلة للتبدل والتحول، والامر يحتاج الى بعض الصبر ، وان فرنجية " لم يستخدم بعد كل أسلحته في المعركة الرئاسية"!.

حيال  هذا الواقع، تطرح الأوساط السياسية أسئلة حول اهداف تحرك باسل ولقاءاته مع " خصومه" السياسيين، لاسيما وان بعض المعلومات تؤكد ان باسيل يسعى الى الاتفاق على مرشح ثالث غير فرنجية والعماد عون وهو يطرح أسماء منها الوزير السابق جهاد ازعور وناجي البستاني  وبيار الضاهر، لكن مصادر باسيل تنفي نفيا قاطعا ان يكون طرح أسماء بل مواصفات وتضيف بان حراك رئيس "التيار" الذي شمل ميقاتي وجنبلاط وفرنجية، لن يتوقف سواء خارج لبنان ( فرنسا وقطر) او في داخله الذي سوف يشمل مروحة واسعة من الاتصالات مع عدد كبير من الشخصيات منها ما سرب عنها ومنها ما لم يكشف عنه. وهدف هذا الحراك، وفق مصادر باسيل، الاتفاق على برنامج الرئيس أولا ومن بعدها تأتي محاولات البحث عن اسم المؤهل لهذا البرنامج وليس العكس، على ان يرافق ذلك التفاهم على اسم رئيس الحكومة وأسماء وزرائها، أي ان تكون هناك سلة تفاهمات كاملة تحظى بموافقة كل المكونات في الداخل وتكون مدعومة من الخارج. وعندما سيختم باسيل اتصالاته سوف يكشف نتائج تحركه وما اذا كان وصل الى نتيجة ام لا. وكما كانت اللقاءات السابقة محاطة بسرية، فان اللقاءات المقبلة ستكون كذلك أيضا ولن يعلن عنها "التيار" الا اذا أراد الطرف الاخر من كل لقاء الإعلان عنه. غير ان الأساس في هذا الحراك، وفقا للمصادر نفسها، عدم الاتيان برئيس محكوم بالفشل لان " التيار" لن يقبل برئيس " كيف ما كان يكون"!