تفاصيل الخبر

عون عبّد الطريق... وامام الرئيس المقبل اطلاق مفاوضات مع سوريا وقبرص لاستكمال الترسيم البحري

19/10/2022
عون عبّد الطريق... وامام الرئيس المقبل اطلاق مفاوضات مع سوريا وقبرص لاستكمال الترسيم البحري

الرئيس ميشال عون مع الرئيس بشار الأسد في لقاء سابق

              

كانت لافتة اشارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الكلمة التي القاها لاعلان موافقة لبنان على الصيغة النهائية  التي قدمها الوسيط الأميركي" آموس  هوكشتاين" حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، الا ان الخطوة التالية  للترسيم " يجب ان تكون الى عقد محادثات مع سوريا لحل المنطقة المتنازع  عليها معها وهي تزيد عن 900 كيلومتر مربع وذلك عن طريق التباحث الاخوي، كذلك  تنبغي مراجعة الحدود المرسومة مع قبرص وتقرير ما يتوجب القيام به  مستقبلا. صحيح ان سنوات عدة  مضت لم يتواصل لبنان مع سوريا من اجل البحث في ملف الترسيم للحدود البحرية اللبنانية- السورية شمالا، لكن الصحيح ايضا ان لبنان لم يكن قادرا على خوض هذا الامر قبل ان يتم ترسيم الحدود البحرية مع المياه التي تحتلها اسرائيل، وهي اصلا مياه فلسطينية وليست اسرائيلية، كذلك كان الحال مع قبرص على رغم حصول اتصالات لبنانية- قبرصية قبل سنوات لم تستكمل وبالتالي بقيت الاوضاع على حالها مع كل من سوريا وقبرص.  اما وقد بات " حلم " الترسيم جنوبا حقيقة، فان اشارة الرئيس عون الى كل من سوريا وقبرص تقع في موضعها الصحيح لاستكمال  " فرحة اللبنانيين " بممارسة سيادتهم على كامل  اراضيهم في البر والبحر. لكن السؤال هل ان ذلك ممكن وسط الظروف التي تعيشها  سوريا منذ ان اندلعت الحرب فيها 11 عاما ولا تزال تتناسل من منطقة  الى اخرى؟

 

مصادر رسمية اكدت ان اشارة الرئيس عون الى ضرورة مفاتحة  دمشق بمسألة الترسيم البحري لم تأت من فراغ، بل هي كانت موضع تشاور بينه وبين الرئيس السوري بشار الاسد اكثر من مرة،  سواء مباشرة او من خلال موفديه الى سوريا اللذين لم يتوقفوا يوما عن عبور الحدود البرية الى العاصمة السورية، وكانت دائما ردة الفعل  السورية " مشجعة" وان كان الرأي متفقا، في حينه على انتظار ترسيم الحدود البحرية الجنوبية لاعتبارات عدة ابرزها  ضرورة التنقيب عن النفط والغاز في الحقول اللبنانية التي تم تحديدها  منذ العام 2012  من خلال المسح  الجيوفيزيائي الذي تولته شركة نروجية  متخصصة. وتضيف المصادر ان الترسيم مع سوريا سيكون اسهل على لبنان من الترسيم مع قبرص في الوقت الحاضر لان  الجانب القبرصي سيتمسك  بالترسيم الذي تم في العام 2011  ليطلب تأخير هذا الاجراء الى حين  تتضح اكثر  معالم الترسيم مع اسرائيل وسوريا، خصوصا ان ثمة تداخلا في المياه  الاقليمية بين سوريا وقبرص ايضا. وبحسب المعلومات فان الجانب السوري كان على علمٍ بمختلف تفاصيل الإتفاق، مركّزًا على ما يعنيه منه. في السياسة تعتبر دمشق أن الإتفاق سيسهّل بما لا يقبل الشك مسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وسوريا، وبالتالي سيسهّل مسألة استخراج الغاز السوري من البحر، وتحديدًا في البلوكات المتنازَع  او غير المتفق عليها مع لبنان،  علما ان تحوّل لبنان بلدا نفطيا، يحمل في طيّاته بشائر ايجابية تجاه سوريا التي ترتبط به عضويًا وطبيعيًا. ما يعني الجانب السوري أكثر، أن أحد أواخر ملفات الحرب السورية التي لم تُغلق بعد وهي أزمة النازحين ستجد طريقها إلى الحل نتيجة الاتفاق. وهنا يشير مصدر سياسي سوري الى أن لبنان ما كان ليذهب نحو حلول في ملف الغاز من دون تحصيل حلول على أكثر من صعيد، ومنها أزمة النازحين السوريين. إنّ تلبية طلب لبنان بإعادة النازحين إلى بلادهم، بحسب ما تشير الأجواء السورية، تعني أيضًا تلبية لمتطلبات سورية لاحقة قد يكون السماح لشركات اجنبية بالتنقيب والاستخراج في مياهها هو أحد أوجهها. وفي هذا الاطار تشير المعلومات الى أن تلزيم لبنان شركة قطرية نسبة الـ20 % التي كان تم تلزيمها لشركة روسية تراجعت بعد العقوبات على روسيا، هو أمر لا يزعج الجانب السوري، وقد يكون هذا التلزيم فاتحة لتعاون اقتصادي يمتد نحو التنسيق السياسي مع قطر فيما بعد، كخطوة ولو متأخرة من خطوات اعادة تطبيع العلاقات السورية ـ العربية. طبعًا يأتي هذا الموقف هنا من حيث المبدأ من دون الغوص في تفاصيل الوجود الروسي ومصلحته في هذا الإطار.

 

سوريا تنتظر... باطمئنان

ويقول مطلعون على الموقف السوري بعد اعلان لبنان موافقته على الترسيم ان الأجواء السورية لا تُبدي اي انزعاج أو ريبة من أن يكون اتفاق الغاز مقدمة لتطبيع يقترب من حدودها. هذا الإطمئنان السوري تُبديه أكثر من جهة انطلاقًا من أن مَن رضِي هذا الإتفاق واشرف عليه هي جهات حليفة متمثلة بالرئيس عون وفريقه السياسي، وبغطاء واستثمار لقوة «حزب الله» الذي لن يسمح بجر البلاد نحو مشاريع لا تشبهها. وتضيف هذه المصادر ان التباعد الرسمي السوري- اللبناني جعل الجانب السوري ممتعضًا من لبنان الدولة، ولذلك قد يتطلّب انجاز أي ترسيم مقبل، أو أي شراكة مُحدثة في أي من الملفات،  ان يتواصل لبنان رسميًا بشخص رئيس الحكومة اللبنانية مع الحكومة السورية، وهو ما لم يحصل طوال السنوات السابقة. علما ان دمشق  لا تمانع ترسيم الحدود مع لبنان، ولكن بالطبع لن يكون سهلًا إقناعه بتلازم مسارات الترسيم البرية والبحرية، لا سيما أن توجّساً ما تولّد طوال سنوات بعد محاولات فرض الترسيم البري بشروط غربية، من دون مراعاة خصوصية المناطق الحدودية وتداخلها الإجتماعي والإقتصادي. لذلك امام الدولة اللبنانية في عهد الرئيس المقبل، مهما كان توجّهه ومهما كان برنامجه، أن يعيد تصحيح العلاقات الطبيعية بين الدولتين انطلاقًا من مبدأ صَون مصلحة لبنان، على أن يكون اختتام عهد الرئيس  عون قد تُوّج ببدء العودة الجدية للنازحين. فالعهد المقبل مُطالَب برعاية مصالح لبنان والتي لا تتم سوى بتسوية الملفات العالقة، التي تبدأ بالترسيم وضبط الحدود ولا تنتهي بالإفراج عن الودائع السورية في المصارف اللبنانية.

من هنا، فان المصادر المتابعة  تعتقد بان اقتراب عهد الرئيس عون من الانتهاء قد يجعل  من الصعب  على الرئيس الذي اعلن موافقته على صيغة الترسيم البحري  للحدود البحرية ان يبدأ اتصالات مع المسؤولين السوريين للبحث في هذا الملف، ذلك ان عامل الوقت ضاغط، ما يعني ان الرئيس عون الذي انهى  عهده بترسيم الحدود  البحرية الجنوبية، فان على الرئيس العتيد-  اذ انتخب في وقت معقول- ان يتولى هذه المهمة بالتزامن مع بدء مفاوضات مع قبرص ليكون الترسيم مزدوجا، مع سوريا ومع  قبرص في وقت واحد تفاديا لاي اشكالات قد تطرأ.

الحدود  البحرية الشمالية مع سوريا