تفاصيل الخبر

عون ينهي عهده بتكريس ترسيم الحدود رسميا وباصدار مراسيم حكومة.... ملء الشغور الرئاسي

20/10/2022
عون ينهي عهده بتكريس ترسيم الحدود رسميا وباصدار مراسيم حكومة.... ملء الشغور الرئاسي

الرئيسان ميشال عون ونجيب  ميقاتي في اخر لقاء بينهما

 

الاسبوع المقبل لن يكون فقط الاسبوع الاخير من ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي تنتهي في 31 تشرين الاول ( اكتوبر) المقبل، بل سيشهد حدثين يميزان نهاية العهد ومغادرة سيده قصر بعبدا الى دارته في الرابية بعد ست سنوات عجاف من الحكم، الحدث الاول سيكون تشكيل حكومة تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية خلال فترة الشغور الرئاسي اذ سيتعذر على النواب انتخاب رئيس جديد للجمهورية حتى اشعار آخر. والحدث الثاني اعلان المراسم الرسمية لترسيم الحدود البحرية الجنوبية تتويجا لنجاح المفاوضات غير المباشرة تولاها الوسيط الأميركي" آموس هوكشتاين" مع الجانبين اللبناني والاسرائيلي. والقاسم المشترك بين هذين الحدثين هو رغبة خارجية في طي هذين الملفين قبل نهاية عهد الرئيس عون قبل حلول الشغور وتعثر غياب المرجعية التي تنهي الملفين. ذلك ان رئيس الجمهورية هو الذي يتولى توقيع مراسيم قبول استقالة الحكومة وتكليف رئيس لتشكيل حكومة جديدة ثم يصدر مرسوم تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الحكومة والرئيس نفسه هو الذي سيعطي اشارة الانجاز الرسمي لعملية الترسيم، بعدما كان اعلن هو بعد التشاور مع رئيسي المجلس النيابي والحكومة في 13 تشرين الاول ( اكتوبر) الجاري، " موافقة لبنان على اعتماد الصيغة النهائية التي اعدها الوسيط" هوكشتاين" لترسيم الحدود البحرية الجنوبية بانتظار توقيع النصوص اللازمة من الجانب الاميركي والجانب الاسرائيلي وفقا للالية المعتمدة في الاتفاق. وكما كان ترسيم الحدود البحرية نتيجة ولادة قيصرية  بعد مخاض طويل امتد الى سنوات، كذلك فان ولادة الحكومة سوف تتم بعد مفاوضات طويلة وصعبة وغير مباشرة  تكثفت خلال الايام الماضية بين الرئيس نجيب ميقاتي ورئيس " تكتل لبنان القوي" النائب جبران باسيل، تولاها " الوسيط اللبناني"- هذه المرة – المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي استعان برافعة حزب الله بعد ضوء اخضر من امينه العام السيد حسن نصر الله الذي حرص طوال اطلالاته الاعلامية على مدى اسابيع على القول بان حكومة جديدة سوف تشكل تحسبا لاي شغور رئاسي يمكن ان يحصل، علما ان " السيد" كان يعرف ان هذا الشغور  سيحصل لان لا امكانية راهنا للكتل النيابية  على الاتفاق على رئيس جديد للبلاد نتيجة، انقساماتها وعدم الوصول الى مرشح توافقي يحلّ   سيدا في قصر بعبدا ، وستبقى بالتالي الجلسات التي يدعو اليها الرئيس  بري لانتخاب  الرئيس – كما حصل امس الخميس- من دون نتيجة سواء كانت الورقة البيضاء " صاحبة الفخامة " او سواء قاطع نواب واسقطوا النصاب....

 

ولادة الحكومة في الربع الساعة الاخير

بالنسبة الى تشكيل الحكومة الذي يفترض ان يتم في الايام  الخمسة الاخيرة من ولاية الرئيس عون، فان الوصول الى التشكيل المرتقب  سبقه  " شد حبال" بين الرئيس ميقاتي والنائب باسيل ظهر الى العلن، علما ان الدستور ينص على ان تشكيل الحكومات يتم بالتشاور بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، ولا طرف ثالثا بينهما،  لكن الواضح ان باسيل كان المفاوض " الغامض" على رغم اعلانه اكثر من مرة انه لا يريد  مقاربة هذا الملف وانه يترك الامر لرئيس الجمهورية! وهذا الواقع الذي يتكرر منذ بداية العهد من خلال الدور المباشر حينا وغير المباشر احيانا الذي يلعبه النائب باسيل، ارتضى به الرئيس ميقاتي لكنه آثر الا يكون  مباشرة واستعان لهذه الغاية  بــ "  الوسيط النزيه" اللواء ابراهيم الذي زرع الطريق ذهابا  وايابا بين بعبدا والسراي ومركز " التيار الوطني الحر" في سن الفيل، وحيدا حينا، وبصحبة المسؤول في حزب الله الحاج وفيق صفا  بهدف  الوصول الى نتيجة عملية. والذين تابعوا  تحرك اللواء ابراهيم تحدثوا عن " شروط" وضعها باسيل  بادىء الامر بان  يتم تغييب 6 وزراء من فريق رئيس الجمهورية، في مقابل ثلاثة من الفريق الاخر واظهرت الوقائع ان ضغطا قويا ومباشرا مارسه السيد  نصر الله جعل عدد الوزراء المطلوب تبديلهم يتراجع الى 3 من المسيحيين و3 من المسلمين عملا بقاعدة 6و6 مكرر، وبعدما وافق الرئيس ميقاتي على ذلك وطلب تحديد الـــوزراء الذين سيخرجون من التركيبــــة الحكومية الحــــــالية واسماء البدلاء فوجىء بموقف " باسيلي" يقول بانه لن يسلم الاسماء القديمة المطلوب تغييرهم واسماء البدلاء عنهم الا لحظة توقيع مرسوم التشكيل، الامر  الذي رفضه ميقاتي معتبرا ان هذه الخطوة  تنتقص من  صلاحيات الرئيس المكلف، فكادت المفاوضات ان تتوقف امام " السقف العالي" لمطالب باسيل،  لكن دخول حزب الله على الخط، اعاد الحرارة الى الاتصالات فدارت محركات التأليف من جديد ورست عند تفاهم على ان يتغير من الوزراء المسلمين كل من الوزير السني  امين سلام، والوزير الشيعي يوسف الخليل والوزير الدرزي عصام شرف الدين. اما في الجانب المسيحي فبدا المشهد مثل لعبة " اليويو" اذ ان الاسماء راحت تتبدل يوما بعد يوم الى ان رست بصورة مبدئية على وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب ووزيرة التنمية الادارية نجلا رياشي ووزير الطاقة والمياه وليد فياض. ثم قيل ان الوزير فياض باق وان الوزير المستبدل هو وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار. اما الاسماء البديلة في الجانبين المسيحي والاسلامي فقيل ظلت تتأرجح وتتبدل مع تطور المفاوضات، وستبقى كذل   الى حين يحسم باسيل امره ويحدد هوية الوزراء البدلاء، الا انه وفيما بدا ان " حلحلة " ما تمت من شأنها الوصول بالملف الى خواتيم سعيدة، برزت عقدة جديدة خلاصتها ان النائب باسيل ابلغ " الوسيط" بان نواب " التيار الوطني الحر" لن يمنحوا الثقة للحكومة العتيدة لدى مثولها امام مجلس النواب، الامر الذي رفضه ميقاتي جملة وتفصيلا معتبرا انه من غير المقبول ان يسمي باسيل ثلاثة وزراء جدد بدلا من الذين رست عليهم عملية التبديل ويحجب في الوقت نفسه الثقة عن الحكومة وبينها 3 وزراء جدد سماهم هو  اضافة الى الوزراء المسيحيين الباقين من دون تبديل، ولو تذرع باسيل بان الوزراء الجدد، كما القدامى، هم من حصة رئيس الجمهورية وليسوا من حصة " التيار" الذي اعلن رئيسه العزوف عن المشاركة في الحكومة. علما ان الاسماء التي صارت تتسرب في الاعلام معروفين بقربهم من باسيل، واحدهم من ابرز معاونيه.... عند هذا الحد، تحرك حزب الله من جديد ومارس ضغطا قويا على باسيل الذي قبل ان يعطي اسماء وزرائه الجدد الى اللواء ابراهيم لينقلها الى ميقاتي، في وقت كان وزير السياحة وليد فياض يعمل بدوره " على خط" ميقاتي- باسيل لتذليل العقبات وتعطيل الالغام التي كانت تزرع من حين الى آخر.

شروط باسيل تتناسل....

ووفق المعلومات، فان النائب باسيل اضاف الى شروطه الوزارية، شكلا ومضمونا، شروطا اخرى طلب من ميقاتي التجاوب معها، وابرزها اصدار مراسيم مجمدة في السرايا تتناول تحريك تنظيم محافظة كسروان جبيل المستحدثة من قبل سندات ولم تصدر مراسيمها التنظيمية، والافراج عن مراسيم استعادة الجنسية المجمدة في السرايا خلافا للقانون الذي اعطى الحق للبنانيين في دول الانتشار الراغبين في استعادة جنسيتهم اللبنانية، ان يحصلوا على الجنسية اللبنانية من جديد، ما يبقي اللحمة بين لبنان المقيم ولبنان المنتشر، وكذلك سعي ميقاتي لدى الرئيس بري لتسهيل توقيع وزير المال ومراسيم تتناول ترفيع الضباط من رتبة عقيد الى عميد في الاسلاك العسكرية المجمدة وايضا من دون مسوغ قانوني، وكذلك تعيين عميد كلية الطب في الجامعة اللبنانية، وتسهيل تعيين هيئة رؤساء محاكم التمييز ليصبح من الممكن النظر في دعاوى الرد المقامة ضد المحقق العدلي القاضي طارق بيطار المجمد عن العمل منذ اشهر على امل اسقاط هذه الدعاوى وتمكين القاضي بيطار من  استئناف النظر في جريمة تفجير مرفأ بيروت. واشارت المعلومات ان ميقاتي وعد بالتجاوب مع الطلبات التي تدخل ضمن صلاحياته، لكنه لم يجزم بانه قادر على اقناع الرئيس بري بالمطلوب. وتقول مراجع متابعة انه على رغم مطالب باسيل فان امكانية    الاتفاق على ولادة الحكومة الجديدة واردة في الربع الساعة الاخيرة اي قبل نهاية ولاية الرئيس عون بايام قليلة، على ان تمثل الحكومة امام مجلس النواب لنيل الثقة بعد انتهاء عهد الرئيس عون كي لا يتمكن رئيس الجمهورية من ترؤس اي جلسة لمجلس الوزراء بعد الثقة خوفا من ان يطرح في هذه الجلسة مواضيع من خارج جدول الاعمال يفضل ميقاتي الا تعرض كي لا تنفجر الحكومة من داخل! وقبل ايام من نهاية ولاية الرئيس عون ظل باسيل يردد ان الحكومة الجديدة ستولد " خلال ايام" من دون ان يكشف عن الاسباب التي تجعله متفائلا... الا اذا كان كل هذا " السيناريو" هدفه اضاعة الوقت لابقاء حكومة تصريف الاعمال  في فترة الشغور فيسهل اطلاق النار السياسي عليها لتعطيلها بحجة ان حكومة تصريف الاعمال لا يمكن ان تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية في اي ظرف، علما ان لدى الرئيس ميقاتي دراسات قانونية ودستورية تجيز ذلك.

 

"هوكشتاين" ورسالة ترسيم الحدود البحرية

وبالتزامن مع ارجحية تشكيل الحكومة، فان الحدث الثاني المهم يبقى انجاز المراسم الرسمية لترسيم الحدود البحرية الجنوبية المتوقع يوم الاربعاء المقبل مع مجيء الوسيط الأميركي" آموس هوكشتاين "ومعه الرسالة الرسمية المتضمنة النقاط التي تم التوصل اليها لترسيم الحدود حيث سيصار الى توقيعها رسميا، بالتزامن مع توقيع الجانب الاسرائيلي الرسالة نفسها لكن بنسخة منفصلة، ثم يتم تسليم الرسالتين الى الوسيط الاميركي لارسالهما الى الامم المتحدة خلال احتفال سيقام لهذه الغاية في مقر القيادة الدولية في الناقورة، ومع وصول الرسالة اللبنانية الى نيويورك تكون الحدود البحرية الجنوبية اللبنانية قد تعدلت جزئيا بعد اضافة القسم الجنوبي من حقل قانا الموجود في المياه المحتلة ضمن الخط 23 المرّسم اصلا في المرسوم 6433 الصادر العام 2011 والمسجل رسميا في الامم المتحدة على انه الحدود البحرية اللبنانية، لكن الجديد في الرسالة الاميركية هو التفاصيل المتعلقة باستثمار لبنان حقل قانا اللبناني بكامله على ان تدفع شركة " توتال" من حصتها، وليس من الحصة اللبنانية، تعويضا لاسرائيل عن الانتاج الذي سيصدر من النتوء الجنوبي من حقل قانا وحرص الوسيط "هوكشتاين"خلال اطلالاته الاعلامية المتعددة في الايام الماضية على القول بان الربح من خلال الترسيم هو نفسه بالنسبة الى لبنان واسرائيل وان كل من الدولتين نال ما طلبه منذ سنوات، الامر الذي يرفض العديد من السياسيين والخبراء القانونيين التسليم بهذا الاستنتاج مع اصرارهم على ان لبنان خرج مغبونا من هذا الترسيم، خلافا لما يعتبره فريق العمل اللبناني من ان الاتفاق تجاوب مع الطلبات اللبنانية كلها، وذلك بضمانة اميركية سوف تحقق، حسب" هوكشتاين"، امكانية ان تتمكن الولايات المتحدة الاميركية من ضمان الازدهار الاقتصادي للبنان وطمأنينة من عدم وجود صراع وتأمين الحدود الشمالية لاسرائيل.

فهل تكون نهاية عهد الرئيس عون " سعيدة " فتضيء ظلمة النفق الذي ادخل فيه لبنان قبل سنوات؟.