يحرص وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي على القول بان وزارته جاهزة لاجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها في شهر ايار( مايو) المقبل، ويتحدث عن
" جهوزية" وزارته في هذا الاتجاه، وصولا الى حد استعداده الطلب من المجتمع الدولي مساعدة لبنان لاجراء الانتخابات وتأمين مستلزماتها. في المقابل تعكس مصادر نيابية واخرى سياسية عدم قناعتها بوعود الوزير لان البلاد في ظروف دقيقة وصعبة وبلا رئيس للجمهورية ومجلس مشلول وحكومة مطعون بدستوريتها وقانونية جلساتها، وقضاء منقسم على ذاته وغيرها من الاسباب التي لا يمكن تجاهلها عند البحث في اجراء استحقاق مثل الانتخابات البلدية والاختيارية. لكن ما يطرح هذا الموضوع بالحاح هو بدء شهر آذار (مارس) وضرورة البدء بالترتيبات اللازمة لان موعد الانتخابات يجب ان يسبق نهاية شهر ايار (مايو) المقبل لان ولاية المجالس البلدية تنتهي في 31 ايار(مايو) مع انتهاء مفعول قانون التمديد الذي اقره مجلس النواب السنة الماضية على اثر اعلان الحكومة عدم قدرتها على اجراء استحقاقين في العام نفسه وتفضيل اجراء الانتخابات النيابية على اجراء الانتخابات البلدية، علما ان التأجيل حصل في شهر آذار (مارس) 2022 . وعلى رغم ان المهلة الزمنية للاستحقاق البلدي والاختياري بدأت تقترب حيث يفترض ان يبدأ العد العكسي في شهر آذار (مارس) الجاري، الا ان لا بوادر في القرى والبلدات اللبنانية توحي ان الانتخابات البلدية ستجري في موعدها، ذلك ان الماكينات الانتخابية للاحزاب لا تزال مجمدة، واحياء البلدات لا تشهد اجتماعات او حملات اعلانية ولا صور للمرشحين المحتملين، فضلا عن لا مؤشرات بعد عن " حياكة" تحالفات بين العائلات، ويغيب الموضوع البلدي عن مداولات السفراء الذين يتجولون من مقر حزبي الى آخر...
مع ذلك، وزير الداخلية يؤكد ان العمل جار كما لو ان الانتخابات حاصلة في وقتها اي في ايار( مايو) 2023 والتحضيرات " جارية على قدم وساق"، لكنه في المقابل لا يتحدث عن تمويل العملية الانتخابية لان الصورة ليست واضحة لديه بعد، وعندما يسأل الوزير مولوي عن التمديد للمجالس البلدية والاختيارية يشير الى ان هذا الامر ليس خيار الحكومة، وهو قرار مرهون بارادة مجلس النواب لان قانون التمديد الذي اقر في العام الماضي تنتهي مفاعيله في نهاية شهر ايار (مايو) 2023 وبالتالي مجلس النواب يقرر لان القانون لا يلغيه الا قانون واذا لم يجتمع المجلس ويقر التمديد سوف تصبح كل البلديات في لبنان بحكم المنحلة عمليا، بمعنى انها ليست قائمة شرعيا وتمثيليا. وفي هذه الحالة تنتقل السلطات الى القائمقام او الى المحافظ استنادا الى قرارات تصدر عن وزير الداخلية. الا ان المصادر المعنية تستبعد ان تصل البلاد الى هذا المأزق الذي لن يكون من السهل الخروج منه، الامر الذي يعني انه لا بد من خطوة عملية في اتجاه معالجة هذه الازمة التي تطل برأسها من جديد لتضاف الى سلسلة الازمات التي تعاني منها البلاد. ويرى متابعون ان انتقال صلاحيات البلدية الى القائمقام ليس بالامر الغريب على المجالس البلدية في لبنان والتي يبلغ عددها حاليا 1055 بلدية تضم 12474 عضوا منها 944 مجلسا بلديا قائما والكثير منها يعاني الشلل والتعطيل، و84 مجلسا بلديا منحلا يدير اعماله القائمقام او المحافظ او امين سر المحافظة، 27 مجلسا بلديا مستحدثا بعد الانتخابات البلدية في العام 2016 ولم يسبق ان شهدت انتخابات.
هل يعطلها امتناع القضاة واضراب الموظفين؟
وفي الوقت الذي يتحدث فيه وزير الداخلية عن "جهوزية" وزارته لاتمام الاستحقاق البلدي، لاحت في الافق معطيات عن عدم مشاركة القضاة في العملية الانتخابية الامر الذي يعني عمليا تعذر حصولها لان الانتخابات تحتاج الى تأليف لجان قيد عليا من رئيس غرفة استئناف في المحافظة رئيسا ومن قاض عامل ومفتش عن التفتيش المركزي عضوين، ومن رئيس دائرة او قسم النفوس او موظف في الاحوال الشخصية مقررا، ولجان قيد لكل دائرة انتخابية من قاض عامل رئيسا ومن احد رؤساء المجالس الدائرة او احد اعضاء هذه المجالس، ومن موظف في الاحوال الشخصية مقررا، علما ان رؤساء لجان القيد ورؤساء لجان القيد العليا واعضاءهما يعينون بمراسيم تصدر بناء على اقتراح وزيري العدل والداخلية. وان عدم مشاركة القضاة يتخوف مسؤولون ان يؤدي استمرار اضراب موظفي الادارة العامة الى عدم مشاركة هؤلاء في العملية الانتخابية، علما انهم يشكلون مع اساتذة التعليم الرسمي الجهاز الاداري المشرف في اقلام الاقتراع. والى ان يتضح مسار اضراب الموظفين، فان مشاركة القضاة في العملية الانتخابية ليست مضمونة وهي تتأرجح بين توجه لدى مجلس القضاء الاعلى بضرورة المشاركة انطلاقا من ان الاستحقاق البلدي والاختياري يخلف اجواء جديدة في البلاد ويحرك الجمود الحاصل، وبين قناعة لدى معظم القضاة بعدم المشاركة في ظل التجاذبات السياسية الراهنة التي لا تزال تعطل انتخاب رئيس للجمهورية، اضافة الى ضياع السلطة القضائية بعد التشرد الذي اصابها. ويقول مصدر في مجلس القضاء الاعلى ان المشهد القضائي سوف ينتظم في الاتي من الايام مع عودة الهيئة العامة لمحكمة التمييز الى الاجتماع. كذلك عقد اجتماع لمجلس القضاء الأعلى الذي لم يجتمع منذ عدم اكتمال النصاب القانوني قبل أيام في شأن مناقشة التطورات في ملف المرفأ.
وتقول إن مجلس القضاء لن يكون عائقاً أمام اقتراح تعيين لجان القيد للإشراف على الانتخابات البلدية لدى وصول الطلب إليه من وزارة العدل، والأمر نفسه ينطبق على الأخيرة.
إذن استعدادات وزارة الداخلية جارية بتصميم وإرادة بمنأى عن الاشتباكات السياسية ولهيب الأزمة الاقتصادية وسط استمرار إضراب موظفي القطاع العام احتجاجاً على الوضع المعيشي وذوبان الرواتب. وانضم إليه المساعدون القضائيون المعنيون بدورهم بهذا التكليف في الانتخابات البلدية، كما الانتخابات النيابية، والذين بدأوه الأسبوع الماضي مستثنين القضايا المتعلقة بالموقوفين. فهل سيستوي الرهان على إجراء هذه الانتخابات في موعدها في آخر أيار في بلد الأزمات المتجدّدة أم تُرجأ أشهراً وسط تصاعد الكلام عن طبخ تسوية رئاسية قد تتمخض في حزيران )يونيو) المقبل بعد عاصفة؟