تفاصيل الخبر

نصر الله يطلق بعد لقاء بكركي مشاورات مباشرة وغير مباشرة قبل تحديد الموقف " النهائي" للحزب من الرئيس العتيد

18/01/2023
نصر الله يطلق بعد لقاء بكركي مشاورات مباشرة وغير مباشرة قبل تحديد الموقف " النهائي" للحزب من الرئيس العتيد

وفد حزب الله  برئاسة السيد إبراهيم السيد في بكركي

 

تؤكد مصادر قريبة من حزب الله، ان الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله ينوي ترجمة اعلانه قبل ايام  عن  عقد لقاءات ثنائية وثلاثية مع الحلفاء والاصدقاء والقوى السياسية والنيابية، من خلال خطوات عملية، بعضها سيقوم بها هو، والبعض الاخر فريق من معاونيه، بهدف التشاور في الملف الرئاسي لسبر غور امكانية الاتفاق على مرشح تنطبق عليه المواصفات التي حددها السيد نصر الله في اكثر من مناسبة ويلقى تأييدا قد لا يصل الى مستوى الاجتماع، لكنه يوفر الكمية اللازمة من الاصوات النيابية التي تمكنه من الوصول الى قصر بعبدا، ولو من الدورة الانتخابية الثانية اذا تعذر توافر ذلك في دورة اولى تتطلب 86 صوتا، لكن المصادر نفسها ترفض الخوض في مسألة خيار الحزب بالاسم، وان كانت التوجهات تشير الى رئيس تيار " المردة" سليمان فرنجية، الا ان ذلك لن يعلن رسميا في المرحلة الاولى بل سيتم تقييم نتائج الاتصالات التي ينوي الحزب القيام بها قبل الوصول الى القرار النهائي ذلك ان الحزب يدرك، مثل غيره من الاطراف، بان ترشيح فرنجية يحتاج الى غطاء مسيحي غير متوافر بعد نتيجة الموقف المعلن لرئيس " التيار- الوطني الحر"  النائب جبران باسيل من جهة، ومعارضة حزب " القوات اللبنانية" وصول فرنجية الى قصر بعبدا والاستمرار في الاعلان عن تأييد ابن زغرتا النائب ميشال معوض للموقع الرئاسي الاول. وفي هذا الاطار، تقول المصادر نفسها ان الحزب لن يكون في وارد طرح اسم بديل لفرنجية في الوقت الحاضر في انتظار تقييم حصيلة الاتصالات التي يتم حاليا تظهير اسس المبادرة الحوارية التي ينوي الحزب اطلاقها والشخصيات التي سوف تشملها، والجهات التي ستتولى اجراء الاتصالات المباشرة وغير المباشرة، لاسيما وان قيام السيد نصر الله بمثل هذه الاتصالات واللقاءات مسألة متعذرة نتيجة الظروف الامنية التي تحيط بتحرك " السيد" الذي سيكتفي بلقاء من يمكنهم الانتقال الى مقر اقامته وليس العكس.

 

اجواء زيارة وفد حزب الله الى بكركي

وتقول المصادر القريبة من الحزب، ان زيارة الوفد الحزبي الى بكركي قبل ايام برئاسة رئيس المجلس السياسي السيد ابراهيم امين السيد يمكن اعتبارها مقدمة لهذا التحرك الذي ينوي الحزب القيام به لاسيما وانها تجاوزت حدود المعايدة لمناسبة الميلاد ورأس السنة، وان الواجب الاجتماعي كان المدخل لتنشيط علاقة الحزب مع بكركي، واستكمال مناقشة الملفات العالقة وفي مقدمها الاستحقاق الرئاسي الذي يستحوذ على اهتمام البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في هذه المرحلة والتي يعبر فيها عن قلقه الكبير حيال تعذر انتخاب الرئيس ويغمز في عظاته من قناة " المعطلين" الذين يسقطون النصاب القانوني للجلسة بعد انتهاء الدورة الاولى، ومن بينهم طبعا نواب "  الثنائي الشيعي"، اي حركة " امل" وحزب الله. وفي هذا السياق، يؤكد المطلعون على لقاء بكركي انه تم استبعاد موضوعين دقيقين من النقاش خلال اللقاء، هما الحياد والتدويل وتركز البحث حول الاستحقاق الرئاسي الذي شكل المدخل لاعادة تفعيل الانفتاح والتواصل بين الجانبين واعاد الحرارة الى خطوط التواصل التي تحرص بكركي على القول دائما بانها " لم تنقطع اصلا" الا لفترة محدودة بفعل الوقاية من جائحة " كورونا". ويكشف المطلعون ان احد اشكال التفاعل على خط بكركي- الضاحية الجنوبية، كان من خلال اجتماع المسؤول الاعلامي في بكركي وليد فياض مع بعض قياديي الحزب اخيرا للتداول في الملف الرئاسي خصوصا من زاوية المواصفات التي يجب ان يتحلى بها الرئيس العتيد. وفي هذا السياق تقول مصادر بكركي ان البطريركية المارونية تعرف بطبيعة الحال من هو مرشح الحزب، والبطريرك ليس لديه مرشحون ولا يفضّل أحدا على الآخر، بل ما يهمه مبدأ انتخاب رئيس الجمهورية بلا اي تأخير، استناداً الى قاعدة انّ الفراغ غير جائز ولا يصح أخذ "كَسرة" عليه وكأنّ وجود الرئيس او عدمه سيّان، وتشدّد مصادر بكركي على وجوب اعتماد المسار الديموقراطي في انتخاب رئيس الجمهورية وفق الأصول الدستورية بعيداً من التعليب الجاهز خارج أروقة البرلمان، وتشير الى ان "مطالبة البعض بحوار مُسبق خارج مجلس النواب للاتفاق على اسم هي مرفوضة لأنها توحي بأننا في نظام وصاية، بينما يجد البطريرك انّ هناك ضرورة لانخراط النواب في جلسات متواصلة حتى إنجاز الانتخاب، على أن يتحاوروا ويتشاوروا داخل البرلمان بين جلسة وأخرى للتوصّل الى اسم يحظى بالاكثرية المطلوبة". تؤكد المصادر انّ بكركي ترفض استضافة او رعاية "حوار رئاسي"، كونها غير مقتنعة به وبقدرته على تحقيق نتائج إيجابية، وتعتبر انّ من شأنه مصادرة دور النواب وواجبهم. وتكشف مصادر البطريركية المارونية انّ وفد الحزب بَدا خلال لقائه مع الراعي وكأنه اقترب قليلاً من فكرة ترك العملية الدستورية تتفاعَل داخل مجلس النواب الى حين انتخاب الرئيس.وتتابع المصادر: المطلوب رئيس يلتفّ حوله الجميع فيصبح بذلك توافقيا وقويا، اما اذا أتى مُثقلاً بشروط مسبقة "وكان الكل بَالّين إيدن فيه" فسيصل الى قصر بعبدا بلا حَيل وركاب، اي باختصار يجب أن يمون هو على الآخرين لا ان يمونوا هم عليه.وتشير الى انه كلما أخفق السياسيون تعاظَم دور بكركي تلقائياً، «وللمناسبة هذا الأمر لا يسرّها لأنها تنادي بفصل الدين عن الدولة، وتعتبر انّ دورها وطني اكثر منه سياسي وهي لا تحبّذ الدخول في التفاصيل والزواريب، الّا انّ عجز اصحاب القرار يدفعها اضطراراً الى توسيع دائرة حركتها".

 

ردود متفاوتة للاحزاب المسيحية

وفيما تركت زيارة وفد حزب الله الى بكركي ارتياحا داخل قيادة الحزب والحلفاء المباشرين، تفاوتت ردود فعل الاحزاب المسيحية الثلاثة : اي " التيار الوطني الحر" و" القوات اللبنانية" والكتائب تبعا لمواقف هذه الاحزاب من الحزب وممارساته ومواقف المسؤولين فيه. وفي هذا السياق، يقيّم مصدر في " التيار الوطني الحر" ايجابا اللقاء المباشر بين الطرفين لكن الحزب استمع خلاله من البطريرك مباشرة وليس عبر الاعلام، فالحزب طرف اساسي في البلاد، وبكركي مرجعية وطنية ولها دور سياسي وان كانت لا تحل مكان الاحزاب او الكتل المسيحية. وفي تقدير المصدر نفسه ان الحل الاساسي لا يمكن الا ان يمر عبر المؤسسات والسلطات الدستورية في البلاد، وبكركي مدركة لهذا الامر، لا بل هي تدعو اليه دوما لانهاء الاستحقاق. ويصر المصدر نفسه على القول بان  "البطريرك أب لجميع المرشحين ولا يحاول احد ان يستدرجه كي يكون طرفا بين المرشحين"، وفي رأيه ان الزيارة "كسرت الجليد لان القطيعة، أي قطيعة هي مضرة، ولا سبيل الا الحوار المباشر، انما لا يمكن تحميل الموضوع اكثر". في المقابل لا يحمّل مصدر مطلع في القوات اللبنانية الزيارة ابعادا كثيرة، ويقول  ان الحزب مارس القطيعة لبكركي منذ اعوام طويلة، وهذه الزيارات بروتوكولية لا اكثر ولا اقل، اذ هناك خلافات جوهرية بين الطرفين ذلك ان لبكركي ثلاثة عناوين أساسية: أولها، الدولة السيدة التي تحتكر وحدها السلاح وتطبق دستورها وقوانينها، فيما حزب الله لديه سلاح فوق الدولة ويمنع الانتظام المؤسساتي. ثانيها، بكركي تطرح حياد لبنان، وهو جزء لا يتجزأ من الميثاق التاريخي الذي انطلق في العام 1943، لاسيما ان البلاد لم تنهض الا بفعل الحياد، فالدولة اللبنانية انطلقت مع الحياد. ثالثها، طرح مؤتمر دولي يحدد الازمة اللبنانية في جوهرها وعمقها من خلال تطبيق القرارات الدولية، لانه، وفق بكركي، لا إرادة محلية لتطبيق الدستور اللبناني والتزامه. من هنا، فان الخيارات خلافية بالعمق، ولا امل على هذا المستوى، وستبقى الامور على ما هي".

 

اما حزب الكتائب فيرى احد نوابه ان الامل ليس كبيرا في مثل هذه اللقاءات ويضيف: " نتمنى ان يكون حزب الله قد سمع كل ما يثيره البطريرك الراعي في عظاته، ان كان عن السلاح او التعطيل في عملية انتخاب رئيس لان المعطلين ثلاثة: حركة امل، حزب الله والتيار الوطني".
اما اذا كانت الزيارة قد تمهد لفتح كوة ما، فلا يرى ان ثمة "آذانا صاغية حتى الان لكلام بكركي، ان في مسألة الحياد، او في موضوع التدويل او رفض الشغور الرئاسي. وهذا الامر يخيفنا صراحة، لان صرخة بكركي لطالما كانت تُسمع وتترجم بحكم الوقع الكبير لها، ويؤكد ان "الكتائب لا ترفض أي دعوة للحوار بالمطلق، الا انها في الوقت نفسه ترفض الانتقائية في مواضيع الحوار. اليوم، الملف الطارئ هو انتخاب رئيس يشكل مفتاح الحل الذي يضع لبنان على السكة الصحيحة. ومن بعده، على الرئيس الجديد ان يفتح الورشة الحقيقية لأسس الدولة السيدة الحرة المستقلة ومعالجة كل الملفات الخلافية الجوهرية بدءا من موضوع السلاح وغيره".