تداولت مواقع التواصل الاجتماعي في بداية الأسبوع الجاري فيديو لأطفال يتعرضون للتعنيف والضرب المبرّح على يد معلّمة في حضانة للاطفال في الجديدة في المتن الشمالي"غارد ريف"، ما لاقى ردود فعل غاضبة ومنددة بهذا التصرف وسط دعوات لمحاسبة الفاعلين وانزال اشد العقوبات بهم . وعلى الفورتحرك القضاء والأجهزة الأمنية والوزارات المعنية لينتهي الامر بإقفال الحضانة بالشمع الأحمر وتوقيف المعلمة المُعنّفة، الا ان هذا الملف فتح على مصراعيها وتحول الى قضيىة رأي عام بعدما هزّ الفيديو الرأي العام بأكمله حتى ان ام احد الأطفال رأت طفلها عبر الفيديوهات المسربة وهو يتعرض للعنف، فلم تستطع حبس دموعها عند الحديث عما حدث، وتقول لوسائل الاعلام : لن نقبل بتخفيف الحكم أو تبرير الفعل، تجب معاقبتهم بالطريقة الوحشية نفسها التي كانوا يعاملون بها أطفالنا، ونحن الذين وضعنا بين أيديهم أغلى ما لدينا في هذه الحياة ، ويجب إعدامهم ليكونوا عبرة لغيرهم، مشيرة الى ان ابنها الذي لا يتعدى عمره السنة ونصف السنة لا يتكلم بشكل جيد، وبالتالي لا قدرة له على التعبير والقول ماذا يحدث معه، في حين أن مديرة الحضانة كانت تؤكد لها في كل مرة تسأل عنه، أن وضعه جيد جداً.
كما كشفت والدة طفلة تعرّضت للتعنيف في الحضانة عبر مداخلة تلفزيونية إنّ ابنتها تبلغُ من العمر 11 شهراً وهي تواجه حالات هستيرية أثناء نومها، وقالت: إبنتي تبكي بشكلٍ مفاجئ ولم أعي ما السبب في السابق.. نعم، إنّ طفلتي اليوم باتت بحاجة إلى علاجٍ نفسيّ بعد التعنيف الذي تعرَّضت له .
وفي هذا السياق أعلنت قوى الأمن الداخلي عبر حسابها على "تويتر" أنه في سياق التحقيق من قبل مفرزة الجديدة القضائية على أثر انتشار فيديو هزَّ الرأي العام، وأظهر استياءً حول تعرّض أطفال للضرب والتعنيف داخل إحدى دور الحضانة، أُوقف ليل 10 يوليو (تموز) كل من المدعوّتَين د.ح. (مولودة سنة 1979) و ط.م. (1985)، مشيرة إلى أن التحقيق مستمرّ بناءً لإشارة القضاء.
ومن جهته، أكد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض أن الوزارة ستقوم بكل الإجراءات اللازمة لحماية الأطفال ومنع تكرار ما حدث، وليكون العقاب عبرة لمن اعتبر، وذلك بعد اتخاذ القرار بإقفال الحضانة وسحب رخصتها.
وفي مؤتمر صحافي عقده بعد ترؤسه الاجتماع الطارئ للجنة حماية الأحداث، أعلن الابيض أنه تقرر سحب رخصة الحضانة، حيث تعرض الأطفال للعنف وجرى إقفالها نهائياً ، مشيراً إلى أن هناك شركاء دوليين بهذا الملف بالتعاون مع الوزارات المعنية والنقابات والأزمات لا تُبرر أي تعرّض للأطفال والتعامل معهم بأي طريقة مخالفة لحمايتهم .
ولفت الأبيض إلى أنه لا عودة إلى قرار السماح بوضع الكاميرات المفتوحة لتتسنى للأهالي مراقبة أولادهم عن مسافة عبر تطبيقات معينة، وهو المطلب الذي رفعه البعض في لبنان في الساعات الأخيرة بعدما كانت قد اعتمدته الحضانات في سنوات سابقة قبل أن يُتخذ قرار بمنعه، مؤكداً أن إجراءً كهذا هو تعدٍّ على خصوصية الأطفال، حيث إن مراقبة الأهل لا تقتصر على ابنهم فقطـ إنما تطول جميع الأولاد وهو ما ليس مسموحاً به.
كما صدر بيان تذكيري عن المكتب الإعلامي لوزير الإعلام في حكومة تصريف الاعمال زياد المكاري، تمنّى فيه على وسائل الإعلام اللبنانية والإعلاميين العاملين فيها، ممارسة رقابة ذاتية لناحية عدم إظهار وجوه ضحايا العنف أو القتل، وذلك حفاظاً على خصوصيتهم وحرصاً على مشاعر ذويهم .
وكان لرئيس لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبد الله تعليق على الفيديو ، واصفاً ما حدث بالفضيحة المدويّة التي تفرض إجراءات صارمة ورادعة من الجهات الإداريّة والقضائيّة المعنيّة، والتّشدّد بالمراقبة من قبل وزارة الصحة؛ كما تتطلّب متابعةً وإشرافاً دائماً من قبل الأهل، مؤكداً ان هذا الملف سيكون من ضمن أولويّاتنا كلجنة صحّة نيابيّة بالتّعاون مع وزارة الصحّة .
اما قضائياً فقد حولت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان الموقوفتين في القضية إلى قاضي التحقيق بعد أن إدعت على المعتدية جيني حلو بجناية محاولة قتل، حيث لفتت في قرار التحويل إلى قاضي التحقيق إلى أن "محاولة إطعام الطفلة بالقوة وهي نائمة والضغط على فمها كان يمكن أن يؤدي إلى اختناقها وربما وفاتها".
وإعتبرت القاضية عون في قرارها ، أن "هذا التصرف محاولة قتل، لذلك إدعت عليها بالمادة 554 المتعلقة بالضرب والعنف والأذى، كما إدعت على صاحبة الحضانة واعتبرتها مشاركة لأنها بمجرد أنها لم تقم بأي فعل لردع المعتدية وهي من قام بتوظيف المعتدية بدون أن يكون لديها المؤهلات للعمل في هذا المجال، لذلك اعتبرتها مشاركة في الجريمة".