تفاصيل الخبر

اداء مختلف لميقاتي بعد تفكيك " لغم التوقيتين" يواجه به " الحلفاء" قبل " الخصوم"

05/04/2023
اداء مختلف لميقاتي بعد تفكيك " لغم التوقيتين"  يواجه به " الحلفاء" قبل " الخصوم"

الرئيس نجيب ميقاتي مترئسا جلسة مجلس الوزراء التي اقرت التوقيت الصيفي

 

افضل ما فعله الرئيس نجيب ميقاتي بعد " نكسة" تغيير توقيت الساعة، انه سافر الى السعودية لاداء مناسك العمرة مع افراد  عائلته خلال شهر رمضان المبارك محافظا على تقليد انتهجه منذ زمان، لكن الفرص التي توفرها الصلاة من صفاء ومراجعة ذاتية، لم تنسي الرئيس ميقاتي تداعيات ما رافق تغيير توقيت الساعة من ملابسات وردود فعل جعلته يبدو وكأنه هو المسؤول عما حصل من ردود فعل مذهبية وطائفية هو ابعد ما يكون عنها وفق مسيرته السياسية والوطنية منذ تعيينه وزيرا للمرة الاولى في اول حكومات عهد الرئيس اميل لحود في العام 1998. لن يصعب على ميقاتي ان يعرف من هي الجهات التي دفعت به الى الموقف الذي اتخذه في مسألة توقيت الساعة لانه عايش كل فصول النقاش الذي سبق اتخاذ القرار اولا بالابقاء على التوقيت الشتوي، ثم ثانيا قرار العودة عنه واعتماد التوقيت الصيفي، لذلك فان زواره ينقلون ان مرحلة ما بعد " فخ" التوقيت ستكون مختلفة عن مرحلة ما قبله لاسيما في طريقة مقاربة التعاطي مع " الحلفاء" قبل الخصوم في المواضيع خصوصا تلك التي كان يأخذها  ميقاتي " بصدره" لئلا يحرج من كان يعتبره قريبا منه وداعما له في ادائه في السرايا الكبير. صحيح ان ميقاتي عدل عن فكرة الاعتكاف التي راودته لساعات بعد تعطيل" لغم التوقيت"، لكن الصحيح ايضا ان امور كثيرة ستتغير لان ميقاتي ليس مستعدا ان يستمر في ان يكون " كبش محرقة" يغطي اخطاء " الاخرين" وممارساتهم.

 

 من التقى رئيس حكومة تصريف الاعمال في الايام التي تلت الخروج من " قطوع" التوقيت، لاحظوا انه يعاني من جرح واحباط  لانه لم يكن يتصور ان يصبح يوما، محور انقسام واضطراب في البلاد نتيجة اجراء معين طلب منه اتخاذه اكثر من مرة وحاول ان يبعد عنه " هذه الكأس"  لكنه انتهى الى تجرعها من دون ان يعتقد ولو للحظة انه سيتلقى هذا السيل من الاتهامات وصولا الى حد تحميله مسؤولية انزلاق الاوضاع في البلاد نحو مستنقع التراشق الطائفي من خلال استحضار مفردات الحرب وتداعياتها على تركيبة المجتمع اللبناني، علما انه الاكثر حرصا على تميز لبنان بفرادات من خلال التعايش بين ابنائه، فضلا عن علاقته المميزة مع رموز ومرجعيات الجهات التي افرغت الكثير من السموم في وجهه الى درجة انه شعر نفسه وحيدا فلا من نصره او انصفه ودافع عنه، على الرغم من انه كان قادرا على ممارسة لعبة لا يهواها ولم يكن يوما من انصارها، اي لعبة التجييش والتحشيد وتنظيم الوفود لدعم مواقفه. اما المرارة التي لاحظها من التقى " ابو ماهر" فتكمن في انه لاحظ بكثير من الالم، تنصل الشركاء في المسؤولية والحكم واتخاذ القرار بانهم اما صمتوا او احتجوا ومنهم من القى لوما على ما فعله ميقاتي، فزايد على المعترضين وبالغ في اعتماد سياسة الانكار.

وضع العصي في الدواليب الحكومية ليس بجديد

في اي حال، يعرف الرئيس ميقاتي جيدا ان ما حصل معه في مسألة توقيت الساعة ليس بجديد، لان عملية وضع العصي لم تتوقف منذ ما قبل انتهاء ولاية الرئيس عون واتسع نطاقها بعد بدء مرحلة تصريف الاعمال الى حين اعادة تكليفه تشكيل الحكومة وتعثر ذلك لاسباب معروفة، ما ادى عمليا الى وقف ما كان يطمح اليه وهو الاستمرار في تدوير الزوايا ووضع الاسس اللازمة للحفاظ على ما بقي من مؤسسات الدولة المتهالكة وتأمين عملها، ووضع الاسس الضرورية لمرحلة الانفراجات الاتية خصوصا بعد التدابير التي نفذتها الحكومة في هذا الشأن، علما ان جلسة مجلس الوزراء التي الغاها ميقاتي بعد ازمة التوقيتين الصيفي والشتوي اعتراضا على ما حصل، كانت ستدرس زيادة الرواتب العاملين في القطاع العام عبر اجراءات وتدابير تكتسب معها هذه الزيادات صفة الديمومة، وكذلك معالجة مشاكل القطاع المصرفي من خلال تفاهم مع جمعية المصارف لانهاء الاضراب وتنظيم العلاقة مع الدولة والقضاء بالتعاون مع حاكمية مصرف لبنان..... كل ذلك بهدف " ترييح" السوق واحداث انفراجات على المستويين المالي والنقدي. لكن ما يجعل ميقاتي متألما هو انه هناك من لا يريد للحكومة ان تلتقط انفاسها على رغم اتجاه البلاد صوب الهاوية الحتمية فيعطل كل المعالجات القائمة للملفات لاغراق البلاد في المزيد من الشلل والتعطيل، علما ان ميقاتي- كما يستنتج زواره- كان يعرف ان مهمته لن تكون سهلة وان ثمة من يتربص به الدوائر، لكنه لم يكن يتصور ان هؤلاء " المتربصين" لا تهمهم مصلحة البلاد والعباد، وانهم مستعدون ان يحرقوا كل شيء لاشعال سيجارتهم او سيجارهم الكوبي لا فرق، عملا بنظرية " يا قاتل يا مقتول".

ليس ظلا لبري بل متعاون معه لمصلحة البلاد

ولاحظ من التقى ميقاتي قبل سفره الى السعودية لاداء مناسك العمرة مع افراد عائلته، انه " ينتفض" غضبا عندما يتهمه البعض بانه صار " ظلا" للرئيس بري وانه ينفذ " توجيهاته" ويقف على خاطره، وهم بذلك يتجاهلون عن قصد ان التنسيق مع رئيس السلطة التشريعية امر ضروري في اطار التعاون بين السلطات، فضلا عن ان بري هو مرجعية سياسية لها دورها ووزنها على الساحة السياسية وفعاليتها في ادارة الازمات، اضافة الى ان عددا من الوزراء المحسوبين على فريق معين يرفضون  التعاون وحضور جلسات مجلس الوزراء فكيف تسيّر امور الدولة في حدها الادنى اذا لم يكن هناك تواصل مع من يمثل الوزراء الذين لم يقاطعوا جلسات الحكومة وتوقيع المراسيم التي تصدر عنها وتنفيذ قراراتها؟ من هنا تتضح الاهداف التي جعلت ميقاتي يلّوح بالاعتكاف او بالانسحاب ليس للتهرب من المسؤولية كما اشاعوا، بل لاحداث صدمة علّ يهدأ اصحاب " الرؤوس الحامية" ويعودوا الى جادة التعقل والحكمة، وكذلك لوضع الجميع امام مسؤولياتهم وضمائرهم لاسيما اولئك الذين اغوتهم الشعبوية فذهبوا بعيدا في الحديث عن " مؤامرة هدفها قبض الثنائية الاسلامية" على زمام الامور وتهميش باقي مكونات المجتمع اللبناني. وبذلك يريد رئيس الحكومة التعبير عن رفضه الاستمرار في " اطلاق النار" عليه من كل اتجاه، من داخل الحكومة ومن خارجها، ضمن اطار سياسة المزايدات، والاداء الذي سيعتمده بعد صرف النظر عن الاعتكاف والانسحاب عنوانه رفضه ان يكون " صندوق بريد" تمر من خلالها القرارات و.... الرغبات ولا تكون خصوصا وفق سياسة " نرميها على رئيس الحكومة وهو يدبر حالو ونحن منطلع من الدف ومنتفرج"!.

 

في اي حال تسأل اوساط متابعة ماذا " اذا اعتكف رئيس الحكومة في ظلّ شغور رئاسي وتعطيل نيابي للجلسات ولم يوقّع أيّ قرار ؟ وهل المطلوب تقويض بنيان الدولة المتهالك فيما رئاسة الحكومة هي الحصن الأخير في هيكل الدولة؟ وهل يظنّ من يهاجِم ميقاتي أنّ الفريق الذي يُمثِّله رئيس الحكومة سيظلّ صامتاً؟ وهل الحملة على رئاسة الحكومة بريئة وفق المعادلة اللبنانية القائمة"، مشيرة إلى أنّ مواقف "ميقاتي الأخيرة قد تكون الأكثر تحفيزاً على كسر حالة المراوحة من خلال الدفع باتجاه انتخاب رئيس الجمهورية".