تفاصيل الخبر

لهذه الأسباب يتمسك عون بإضافة 6 وزراء دولة فيما يرفض ميقاتي... بدعم من بري

17/09/2022
لهذه الأسباب يتمسك عون بإضافة 6 وزراء دولة  فيما يرفض ميقاتي... بدعم من بري

الرئيسان ميشال عون ونجيب ميقاتي في آخر لقاء بينهما.

 

التراجع الذي سجل في ما خص تشكيل الحكومة العتيدة، لم يكن مصادفة ولا هو حلّ على الساحة السياسية اللبنانية من دون سابق انذار، ذلك ان كل المعطيات كانت تشير الى ان فرص الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة ليست متوافرة، وتكرست هذه القناعة في الزيارة التي قام بها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى قصر بعبدا واجتماعه برئيس الجمهورية العماد ميشال عون نحو نصف ساعة خرج بعدها من دون ان يدلي باي موقف، وهو كان مازح الصحافيين في اثناء دخوله بالقول ان "لا مراسيم اليوم لان الرئيس بري في صور" حيث كان يقام الاحتفال بذكرى تغييب الامام السيد موسى الصدر. واستطرادا، لم يعد سرا ان النقاش توقف عند "عقدة" الوزراء الستة السياسيين الذين طالب الرئيس عون بادخالهم الى حكومة التكنوقراط التي كان اقترحها الرئيس ميقاتي على الرئيس عون، في حين لم يقبل الرئيس المكلف بها متمسكا بحكومة من 24 وزيرا، الامر الذي جعل الحديث عن الحكومة العتيدة معلقا حتى اشعار آخر. وتقول مصادر متابعة ان عون لم يتقبل رفض ميقاتي لتوزير ستة وزراء دولة اضافة الى الوزراء الحاليين، واعتبره من مؤشرات تعطيل تشكيل الحكومة من ضمن "المخطط" الموضوع لبقاء ما تبقى من العهد من دون حكومة بحيث تتولى الحكومة الحالية ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة في حال تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، اما اذا انتخب الرئيس، فانها تستمر في تصريف الاعمال الى حين تشكيل حكومة جديدة وصدور مراسيم قبول الاستقالة  والتكليف والتشكيل في وقت واحد.

وبدا ان الرئيس ميقاتي ليس وحده في رفض اضافة ستة وزراء على التشكيلة الحكومية الراهنة، ذلك ان الرئيس نبيه بري اعلن صراحة خلال الاحتفال بذكرى تغييب الامام الصدر ان لا موجب لحكومة ثلاثينية (بعد اضافة 6 وزراء على 24 وزيرا)، الامر الذي اكد المعلومات التي ترددت في الاسبوع ما قبل الماضي، بان ميقاتي "تراجع" عن القبول بوزراء الدولة الستة بناء على موقف الرئيس بري، لكن هذه المعلومات ظلت موضع تشكيك الى ان اتى خطاب صور ليؤكد المؤكد خصوصا ما قيل ان بري لم يكن مرتاحا لتوزير المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم كوزير شيعي  بين الوزراء الستة، علما ان الاسباب التي اوردها بري في كلمته لتبرير رفضه لم تأت لا من قريب ولا من بعيد على ذكر اللواء ابراهيم. وما قاله بري علانية، تولى نواب في حركة "امل" الاضاءة عليه ما جعل الانطباع يسود بان لا حكومة ثلاثينية الا اذا وافق بري على تشكيلها وهذا يتطلب تدخلا من حزب الله، الضلع الثاني في "الثنائية الشيعية"، علما ان الحزب لم يعارض توزير وزراء دولة  بل حصر همه بضرورة تشكيل حكومة جديدة تواجه المرحلة المقبلة، واكد على ذلك الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وغيره من نواب الكتلة على اساس ان ولادة حكومة جديدة من خلال "تعويم" الحالية يشكل حلا وسطا ومخرجا معقولا للأزمة الحكومية الراهنة.

الرئيس عون والرئيس نبيه بري.  

لهذه الأسباب يريد عون اضافة 6 وزراء

وفيما تعددت الروايات حول الاسباب التي دعت الرئيس عون الى اقتراح تعيين 6 وزراء دولة، قالت مصادر بعبدا ان هذا الاقتراح لم يكن الهدف منه، كما يروّج البعض، ضمان فريق رئيس الجمهورية الثلث الضامن في الحكومة، وليس ايضا تعطيل عملية التشكيل، بل ان الهدف متعدد الوجوه، اولها قناعة الرئيس عون بضرورة تأمين حصانة سياسية لحكومة الوزراء التكنوقراط تمكنها من مواجهة الاستحقاقات المرتقبة في الاتي من الايام وابرزها استحقاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية واقرار الاصلاحات في خطة التعافي الاقتصادية وغيرها. اما السبب الثاني فهو ان تجربة الحكومة الحالية وقبلها حكومة الرئيس حسان دياب اللتين ضمتا وزراء تكنوقراط، لم تكن مشجعة اذ افتقدت الحكومتان دعم الكتل السياسية الممثلة فيهما ما ادى الى تراجع في الغطاء السياسي الواجب توافره في هذه الحال. حتى ان الكتل السياسية وجهت الكثير من الانتقادات الى عدم قدرة الوزراء التكنوقراط على مقاربة الشق السياسي من العمل الحكومي. وتشير المصادر، ثالثا، الى ان غياب هذا الغطاء السياسي كان يؤدي، في كل مرة تطرح فيها على مجلس الوزراء قضايا اساسيا، الى تعليق البحث، وبالتالي اتخاذ القرار، حتى يعود الوزراء التكنوقراط الى مرجعياتهم السياسية لسؤالها عن موقفها من القصايا المطروحة. اما في حال تمثلت هذه القيادات من خلال الوزراء الستة يمكن اذذاك اختصار الوقت واتخاذ القرارات فورا من دون اي تأخير للتشاور خارج مجلس الوزراء. ولم يخف الرئيس عون  انزعاجه من خروج الوزراء في كل مرة للاتصال بمرجعياتهم  واشارت المصادر الى ان هذه الاسباب كافية ليكون المطلب بتوزير ستة وزراء دولة يمثلون الاطراف السياسيين الموجودين في حكومة ميقاتي، مطلبا محقا ووطنيا بامتياز خصوصا ان هذه الحكومة هي الاولى بعد الانتخابات النيابية التي جرت في ايار الماضي، وافرزت واقعاً سياسياً جديدا لا بد من اخذه في الاعتبار لدى مقاربة ملف تكوين السلطة التنفيذية. وفي تقدير المصادر نفسها ان اي تفسيرات تُعطى لموقف الرئيس عون من المطالبة بستة وزراء دولة سياسيين، من اي جهة او مرجعية صدرت، لا تأتلف مع الواقع الذي يفرض مقاربة وطنية مسؤولة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البلاد بعيدا عن الحسابات الشخصية والاعتبارات التي برزت في الاونة الاخيرة، لان الدعم السياسي للحكومة العتيدة هو حاجة ضرورية الان لان البلاد تمر بفترة دقيقة ومصيرية لا يجوز فيها التساهل او اللامبالاة، خصوصا ان التحديات كثيرة من غير المقبول، بالنسبة الى الرئيس عون، ان يتولى وزراء تكنوقراط  ادارة السلطة التنفيذية من جهة، وصلاحيات رئيس الجمهورية من جهة ثانية فكيف وهم في واقع تصريف الاعمال، علما ان الرئيس عون كان اعطى اكثر من ملاحظة  الى اكثر من وزير خلال جلسات مجلس الوزراء التي انعقدت في بعبدا، الى ضرورة اتخاذ مواقف واضحة وحاسمة وليس الخروج من القاعة لاجراء اتصالات هاتفية واحيانا عدم العودة، او العودة من دون قرار.

حكومة الرئيس ميقاتي مجتمعة.

بين عون وبري 6 سنوات من الخلاف

في اي حال الملف الحكومي مقفل حاليا والخلاف لم يعد فقط بين الرئيس عون والرئيس ميقاتي، بل اصبح، بعد خطبة ذكرى الامام الصدر، بين عون وبري الذي يخشى ان يتفاعل على اكثر من صعيد خصوصا ان الرئيس عون لم يخف انزعاجه من مواقف رئيس مجلس النواب التي ادت، حسب رأيه، الى تعطيل الحكم على مدى ست سنوات كاملة، وهو- اي بري- لم يقترع لا هو ولا نوابه لصالح عون في جلسة الانتخاب الشهيرة في 31 تشرين الاول العام 2016. ويتحدث المحيطون بالرئيس عون عن لائحة من مواقف التعطيل التي اتخذها الرئيس بري خلال ولاية الرئيس عون تحت توصيف "التكدير" والتنغيص ومنها اجهاض خطة الكهرباء، تارة بسواعد المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان التي أقفلت قرابة سنة كاملة لتعطيل مشروع تركيب العدادات الذكية من بين تعطيلات أخرى، وطورا بأيدي مريديه في وزارة المال وسائر إدارات الدولة وحيث ما ملكت يداه. هذا من دون إغفال ارتباط ملف الكهرباء بمافيا الفيول والمازوت وسائر أنواع المحروقات، وملحقات تلك المافيا ومكمّلاتها في المولدات الخاصة، بعائد سنوي يناهز الملياريّ دولار. كذلك تعليق ملف التدقيق الجنائي سنتين بين الحكومة والمجلس ومصرف لبنان، تحسّبا للمحاسبة ومنعا لأي إصلاح مالي واقتصادي فعلي، و "تطيير" الدائرة 16 من قانون الانتخاب رغبة في جعل ناخبي الاغتراب جزءاً من مشروع ضرب "التيار" انتخابيا وشعبيا. كذلك  افرغ الرئيس بري قانون سرية المصارف من مضمونه الإصلاحي ومن أي بنود زجرية تطيح الرؤوس المرتكبة، مما دفع صندوق النقد الدولي قبل ايام الى المجاهرة بالرفض والطلب من مجلس النواب تصحيح الخطيئة التي ارتكبها. وينطوي موقف الصندوق على فضيحة تستحق أن يحاسب عليها المجلس النيابي، إدارة وبشخص كل نائب ارتضى تغطية قرار المنظومة تفخيخ قانون سرية المصارف. يضاف الى كل ما تقدم تأخير اقرار قانون الكابيتال كونترول 3 سنوات كاملة لتغطية جريمة تهريب المحظيين أموالهم الى الخارج، وهي لا تزال قائمة حتى اللحظة. كذلك اعاق قانون هيكلة المصارف رغبة في الحفاظ على ملكية المصارف على حالها وعلى رؤوس المنظومة المالية المتحالفة والمتآلفة مع المنظومة السياسية، واستطرادا منع إدخال دماء جديدة الى القطاع المصرفي المفلس، وأهمل قانون الموازنة، ولا يزال يواجه بالتأخير والمماطلة، فيما الدولار بأسعار متشعبة ومتعددة خدمة لإطفاء مصرف لبنان وأصحاب المصارف خسائرهم ولمراكمة مافيا التجار أموالهم. وليس مصادفة أن تكون القوانين الأربعة الأخيرة المعطلة أو المفخخة بين إدارتيّ مجلس النواب والحكومة، مطلبا رئيسيا للمجتمع الدولي ولصندوق النقد وبابا رئيسيا للولوج الى اتفاق البرنامج مع الصندوق، والدواء الخلاصي الوحيد أمام اللبنانيين، رغم مراراته وقساوة جرعاته وجراحاته الهيكلية. هذا البرنامح الذي لا تزال حاكمية مصرف لبنان ترفضه بذريعة أنها قادرة على التصحيح المالي والاقتصادي بلا جميلة الخارج!