تفاصيل الخبر

الخبيران الماليان نيكولا شيخاني وجاسم عجاقة يقاربان مصير حاكمية مصرف لبنان :التغيير في السياسة النقدية من دون إصلاحات لن يحقق الاستقرار في الأسواق

12/07/2023
الخبيران الماليان نيكولا شيخاني وجاسم عجاقة يقاربان مصير حاكمية مصرف لبنان :التغيير في السياسة النقدية من دون إصلاحات لن يحقق الاستقرار في الأسواق

 

بقلم طوني بشارة

 

سيشهد لبنان بعد فترة قصيرة وتحديدا في نهاية الشهر الجاري ازمة مصيرية تتعلق بحاكمية مصرف لبنان. فهل سيتم فعلا تعيين نائب الحاكم الأول وسيم منصوري بديلا للحاكم رياض سلامة سلامة التي ستنتهي ولايته في 31 الجاري ام انه سيجدد كالعادة له  او سيعين بديل عنه؟ وما مصير الهندسات المالية المتبعة سابقا لفترة ما بعد نهاية تموز(يوليو) الجاري وبالتالي ما مصير الودائع؟

 

 نيكولا شيخاني والمؤامرة!

بداية أكّد الخبير المالي والمصرفي الدكتور نيكولا شيخاني أن قانون النقد والتسليف يمنع على البنك المركزي إجراء الصفقات وتقاضي العمولات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، وقال: 

نترك للقضاء تحديد طبيعة هذه الصفقات المالية والمحاسبة، مشدداً على الضغط الهائل للحرب السورية على ميزان المدفوعات، مما يعني أن الانهيار كان ممنهجًا ونتيجة خطة عالمية، تزامنت مع المصالح الشخصية والسياسية والحزبية.

 الدكتور نيكولا شيخاني:  المؤامرة العالمية تستهدف لبنان وليس قطاعه المصرفي أو إقتصاده

 

*- في سياق حديثك اشرت الى مؤامرة، فمن يتبعها؟ وبالتالي ما خطر تدوير الودائع؟

- المؤامرة العالمية تستهدف لبنان وليس قطاعه المصرفي أو إقتصاده، كما ان هناك تواطئاً أوروبياً لتوطين مليوني لاجىء سوري في لبنان، مما يعني  أن وجه لبنان سيتغير بعد خمس سنوات.اما خطر تدوير الودائع فيُفقد الثقة في بناء الاقتصاد اللبناني ويهدد الاستثمارات، ويهدف إلى سرقة أصول الدولة من خلال تقييمها بأقل من قيمتها الفعلية، لذا نشدد على ضرورة التدقيق في  حسابات البنك المركزي لمحاسبته على أغلاطه والأهم لرد الثقة .

 

سلامة والسياسات المتبعة!

*-البعض يحمل تبعية ما جرى لسلامة. فما موقفك من السياسات والهندسات المتبعة على مر السنين من قبل حاكم مصرف لبنان؟

-سلامة عرِف كيف ينعش الاقتصاد ويكسب ثقة المستثمرين وتمكّن لبنان بالفعل طيلة سنوات من جذب رؤوس أموال من الخارج، مقابل منح فوائد مرتفعة للغاية للمودعين. وبات القطاع المصرفي ركيزة رئيسية في الاقتصاد اللبناني.فمنذ تعيين سلامة عام 1993 ، تم التجديد له أربع مرات، وتراكمت الجوائز والتقديرات التي حظي بها،فنال جائزة أفضل حاكم مصرف مركزي في العالم من مجلة "يورو موني" عام 2006 ثم من مجلة "بانكر" عام 2009 وحاز أوسمة شرف فرنسية.ومع اندلاع الحرب في سوريا المجاورة بدءاً من العام 2011،  بدأت تتراكم الإشارات الحمراء ،  وتأثر الاقتصاد اللبناني سلباً بينما كانت الديون الرسمية تتراكم.

*- منذ عام 2011 اعتبرت ان هناك إشارات حمراء، فما موقف الحكام والقادة آنذاك من هذه الإشارات ؟

رغم إحجام الحكومات المتعاقبة عن إعادة هيكلة الاقتصاد وإجراء إصلاحات ملحة، واصل سلامة تمويل الدولة بغطاء سياسي، متبعاً،  سياسة "الهروب الى الأمام".وبغطاء سياسي، انخرط سلامة منذ العام 2016 في هندسات مالية هدفت إلى الحفاظ على قيمة الليرة ورفع احتياطي المصرف المركزي ورسملة المصارف، لكن خبراء اقتصاديين يعتبرونها من بين الأسباب الرئيسية التي ساهمت في تعميق أزمة البلاد المالية.

 

*- الازمة تفاقمت وبقى سلامه في منصبه، فما سبب ذلك؟وهل هناك غطاء سياسي لاستمراره؟

مع بدء أزمة شحّ السيولة وفرض المصارف قيوداً مشددة على سحب الودائع خصوصاً بالدولار في خريف 2019، أصرّ  سلامة في الأشهر الأولى على أن "الليرة بخير". اليوم وبعد أكثر من ثلاث سنوات على انهيار صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، فقدت العملة المحلية أكثر من 98 في المئة من قيمتها أمام الدولار.ورغم الانتقادات التي طالت أداءه، وشبهات الاختلاس وغسل الأموال والإثراء غير المشروع التي تلاحقه في لبنان والخارج، بقي سلامة في منصبه، مستفيداً من حماية سياسية توفّرها له قوى رئيسية في البلاد.

وختم شيخاني قائلا:

كان لدى سلامة طموح للوصول الى رئاسة الجمهورية، ما يبرّر  عدم رفضه لأي طلب من الطبقة السياسية ، وكذلك  حمايته للمصارف التي يُعد السياسيون من مساهميها الرئيسيين .

 

 جاسم عجاقة وما بعد سلامة!

وللاطلاع على السياسات المتبعة ما بعد انتهاء مدة سلامة أفادنا الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة بإن ما بعد سلامة  التحدي الأساسي أمام عملية الإنتقال أو الهبوط الآمن في مصرف لبنان وتالياً في الأسواق وسعر الصرف، يتمثل وكما ، في الإبقاء على الإتجاهات المالية الحالية، ونحذر هنا  من أن  أي تعديل في الإجراءات التي يسير بها المصرف المركزي ومن دون تنفيذ إصلاحات مالية وإقتصادية، سوف يؤدي إلى مشكلة كبيرة، فأي تغيير في السياسة النقدية ومن دون أن يكون متزامناً مع إصلاحات من قبل الحكومة، لن يحقق أي استقرار في الأسواق، ونشدد على  احتمال الإنتقال من ولاية سلامة إلى ولاية نائبه الأول، بعدما أقفلت الأبواب أمام تعيين حاكمٍ جديد للمركزي، من قبل حكومة تصريف الأعمال.

 البروفسور جاسم عجاقة: نشدد على أهمية استكمال التدابير الحالية على مستوى التعاميم الصادرة عن المركزي وعدم المسّ بجوهرها

*- البعض يؤكد على ضرورة اتباع سياسات سلامة حتى ما بعد انتهاء ولايته، فما موقفك من ذلك؟

نكرر التحذير من وقف العمل بالإجراءات الحالية التي اتخذها مصرف لبنان، وإن استمرارية العمل بالتعاميم التي أصدرها سلامة على امتداد سنوات الإنهيار، يجب أن تكون مكرّسة لضمان الإستقرار الحالي في سعر صرف الدولار، ذلك أن الظروف الإستثنائية التي استدعت تدابير وإجراءات مالية إستثنائية ومن "خارج المألوف" أو out of the box منذ العام 2019، ما زالت قائمة وتحاصر الواقع المالي في البلاد.

*- ماذا عن الهواجس لدى البعض وخصوصاً لدى المودعين كما في أوساط القطاع المصرفي من مرحلة ما بعد سلامة، بالنسبة لسعر الصرف وللتعاميم والتي كان آخرها التعميم رقم 165؟

 

 -نشدد على أهمية استكمال الخطوات والتدابير الحالية على مستوى التعاميم الصادرة عن المركزي وعدم المسّ بجوهرها، وبشكلٍ خاص استمرارية منصة "صيرفة"، والتي فرضتها الأزمة، علماً أن الهدف الأساسي منها، كان لجم انهيار العملة الوطنية وإدارة السيولة المتبقية بالدولار، خصوصاً وأن هذه الإجراءات أتت نتيجة الغياب الواضح للسلطة السياسية عن مواجهة الأزمة والتأخير في تشريع القوانين الإصلاحية، حيث بدا أن مصرف لبنان، بات المؤسسة الوحيدة التي تديرهذا الفراغ في السلطة وتحمل كرة نار انهيار الليرة ومصير الودائع المجهول.