بقلم طوني بشارة
المواطن بات للأسف يعيش بدوامة من القلق والغموض يتعلقان بمصيره وبمستقبله، فإلى متى سنبقى نكافح ونجاهد من اجل فقط توفير الاموال اللازمة لدفع تكاليف اشتراك الموتور والانترنت وقسم يسير من المواد الاستهلاكية التي عمدنا قسرا الى التخفيف منها؟!.
واقعنا مأساوي ومصيرنا مجهول بالرغم من ادعاء البعض باننا بتنا بلدا نفطيا، فهل يعقل اننا نمر بنهاية عام 2022 ولم نسع بعد لاعداد موازنة للعام المقبل؟ فعن اي مستقبل واعد تلمحون؟وعن اي حقوق تسعون لتوفيرها؟ وعن اي امكانية لتوحيد سعر الصرف تتحدثون؟
وعن اي امل بالغد تحلمون في ظل وجود سلطة سياسية همها الوحيد العرقلة وتبادل التهم فيما بين اعضائها .؟ فهل من امل لحل قريب ام اننا سنشهد اياما اكثر اجحافاً بحق المواطن؟
حبيقة والغموض!
تساؤلات عديدة طرحتها" الافكار" على الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة وجاءت بالتحقيق الاتي:
هل تعتقد ان هناك فعلا نية الى اعتماد سياسة انتقالية لسعر الصرف، الامر الذي دفع الجهات المعنية الى طرح فكرة الرسم الجمركي؟
ليس واضحا حتى الآن ما إذا كان وزير المال(يوسف الخليل) يسعى بالتنسيق مع المصرف المركزي الى اعتماد سياسة إنتقالية لسعر الصرف او إذا كانت النيّة توحيد سعر الصرف، أو مقدمة لتوحيد أسعار الصرف المتعددة ، وارى ان الجواب الأكيد على هذه الأسئلة وغيرها، أن سوء التنظيم هو سمة تعامل السلطة السياسية مع القرار، فإن السعر الرسمي وغيرالرسمي يجب ان يصبح من الماضي مما يعني انه يفترض الإنتهاء من ذلك والولوج نحو توحيد السعر، وهنا لا بد من التشديد على ان غالبا ما يكون التوقيت هو سيد الموقف.
هل تعتقد ان سعر 15 الف ليرة للدولار هو طرح واقعي لتوحيد سعر الصرف تماشيا مع مطالب صندوق النقد؟
في كل الأحوال، ليس سعر الـ15,000 ليرة توحيدا لأسعار الصرف المتعددة وهو أقل من نصف سعر صرف الدولار الفعلي وهنا اعتقد أن توحيد الأسعار يتحقق باعتماد السعر الأقرب الى سعر السوق . أما مطلب صندوق النقد الدولي فتمثل باعتماد توحيد لسعر الصرف، وعليه أن إجراء كهذا يعتبر أمراً تصحيحياً لا بدّ منه . للأسف ان الغموض لا يزال يلف الموضوع عندما أصدرت وزارة المالية بيانا إعتبرت أن هذا الإجراء مشروط بإقرار خطة التعافي التي تعمل عليها الحكومة والتي من شأنها أن تواكب تلك الخطوة، ما يعني أن لا عودة الى سعر 1500 ليرة للدولار، وصار لبنان نموذجا من نماذج السياسة النقدية والمالية لجهة تعدد سعر الصرف في ما يعكسه من فوضى يشهدها السوق في لبنان في وقت يسجل لبنان أعلى مستويات للتضخم في أسعار السلع والمواد الغذائية.
وتابع حبيقة قائلا:
لا توجد دولة في العالم يتم فيها التداول بسعرين مختلفين أي سعر رسمي وغير رسمي. الدول الشيوعية والإشتراكية هي من ابتكرت السعر الرسمي وغير الرسمي. وبالعودة الى الماضي نرى انه في حقبة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في التسعينات تم إعتماد سعر الصرف 1500 ليرة وعلق لبنان فيه لذا لا خلاص إلا بالعودة الى السعر الحرّ.
عدم الواقعية!
*- كيف تصنف مشروع الموازنة ؟هل تراه علمي و موضوعي؟
ان موازنة العام 2022 التي أقرها مجلس النواب في جلسته الأخيرة ، على أهميتها تفتقر الى العناصر الإصلاحية ، وهي ليست موازنة عامة للدولة تتضمن برنامجا ماليا لسنة مالية مقبلة من أجل تحقيق أهداف محددة فهي بمفهومها الحالي حسابات الإدارة المالية لحجم نفقات الدولة ووارداتها عن سنة 2022 التي شارفت على النهاية.
وتابع حبيقة قائلا:
من المفترض أن تنكب وزارة المالية على وضع مشروع قانون موازنة 2023 علما أن الدستور اللبناني يلزم البرلمان بالبت في مشروع الموازنة لكل سنة حالية نهاية العقد العادي من السنة الفائتة، أي أنه مثل اليوم كان يجب درس موازنة 2023 لتكوين رؤية عن العام المقبل.
*-وماذا ارقام نفقاتها ووارداتها هل هي واقعية؟
أن موازنة العام 2022 هي عمليا موازنة الربع الأخير المتبقي من العام ما يفقدها الجدّية والشفافية في أرقامها التقديرية لناحية النفقات والواردات لأنها لا تحاكي الواقع، صحيح أن ما يحصل راهنا يشبه بما كان يحصل خلال السنوات الماضية، إنما هذا لا يعني أنه تصرف صحيح ومسؤول لكن أي خطوة للأمام وإن أحاطتها الإنتقادات أفضل من عدم إقرارها، أنا شخصيا ضد هواية السلبية.
الدولار الجمركي والايرادات!
*- بالعودة الى الدولار الجمركي ، ما هي سيئات وحسنات اعتماد هكذا قرار؟وهل فعلا هناك قطاعات انتاجية محلية ستستفيد من اعتماده؟
- لا مشكلة في مبدأ رفع قيمة الدولار الجمركي وهو عبارة عن الرسوم المفروضة على السلع والبضائع المستوردة التي تحتسب وفقا لقيمة المستوردات والعملة المعتمدة في فاتورة إستيرادها إذ لا يمكن إستمرار الوضع على ما هو عليه وفق سعر 1500 ليرة وهذه الخطوة من شأنها ان تحقق إيرادات كبيرة للدولة فضلا عن أنه يصبّ في صالح الصناعة المحلية ويزيد من قدرة السلع المحلية على المنافسة، وقد تستوعب القطاعات الإنتاجية ذلك لاحقا لا سيما المحكومة بشروط تتعلق بالمواد الأولية المشمولة بالرسوم الجمركية التي تشكل نسبتها 15% من المواد الأولية المستخدمة في الصناعات المحلية ، علما أن 63 % من مستوردات لبنان غير مشمولة بالرسوم أما بقية المستوردات فالرسوم مختلفة عليها، كذلك المواد الغذائية المستوردة لا رسم جمركيا عليها وهناك 1% منها سيفرض عليها الرسم الجمركي.
وختم حبيقة قائلا:
ان رفع الدولار الجمركي الى 15,000 ليرة بات ضروريا لتغطية النفقات الضرورية التي تزداد بشكل كبير نتيجة تدني القيمة الشرائية لليرة اللبناينة لا سيما في ضوء ما تعاني منه الخزينة من شح في الواردات ، كما أن لبنان يتجه نحو توحيد سعر الصرف تدريجيا وأتوقع أن يشهد سعر الصرف في السوق الموازية إنخفاضا عند توحيد السعر،و قد يصل الى 25,000 ليرة وهذا الأمر سيحصل بين نهاية العام الجاري وبداية السنة الجديدة، لكن في المرحلة الراهنة السوق حاليا متشنجة جراء الأمور الضبابية سياسيا وإقتصاديا.