بقلم خالد عوض
من المهم الإلتفات الى كلام رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو" إلى "السي.أن.أن." منذ أيام ومتابعة حركة وزرائه الآتين إلى السلطة بأجندة متطرفة مخيفة. "نتنياهو" قال أن نظرته إلى السلام مع الفلسطينيين تنطوي على "محاصرتهم" بسلام مع مجموعة من الدول العربية كما شرعت إسرائيل من خلال الاتفاقيات "الإبراهيمية". عند إكتمال هذه الإتفاقيات مع دول عربية متعددة يعتبر رئيس حكومة إسرائيل أن الفلسطينيين سيرضخون إلى الأمر الواقع ويقبلون بحق وجود إسرائيل وبإطار السلام المعروض عليهم. في الحديث نفسه أعلن "نتنياهو" أن إسرائيل ستدعم أوكرانيا بأكثر من المساعدات الإنسانية ويمكن أن تمدها ببعض المساعدات العسكرية. ولم يستبعد أن يلعب هو نفسه دور الوسيط لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية. الرجل الذي نسف كل المعاهدات مع الفلسطينيين يطرح نفسه كوسيط موثوق به!
من "باخموت" إلى "أصفهان"
أصبح هناك قناعة راسخة لدى الغرب أن الطائرات المسيرة "شاهد" و"مهاجر" التي سلمتها إيران إلى روسيا في آب (أغسطس) ٢٠٢٢ أثرت في مسار الحرب في أوكرانيا. فحتى هذا التاريخ كانت القوات العسكرية الأوكرانية تحقق الإنجازات العسكرية المتوالية على الأرض، مستفيدة من المعلومات الإستخباراتية الغربية ومن الأسلحة النوعية التي تدفقت عليها من دول "الناتو". ولم تكن روسيا قبلها قادرة على تنفيذ ضربات نوعية ضد الجيش الأوكراني، أولاً لأن مدفعيتها ليست بدقة المدافع التي وفرتها فرنسا والولايات المتحدة للجيش الأوكراني وثانياً بسبب الإلتحام الذي حصل بين الجيشين وتطور القدرة الأوكرانية المضادة للطائرات مما حد قدرة الطيران الروسي على التدخل، وثالثاً بسبب حرص الجيش الروسي على عدم تكبد خسائر، إضافية في طائرات الهليكوبتر، ولكن مع وصول الطائرات الإيرانية من دون طيار وإتاحة استخدامها في عمليات انتحارية تغيرت تكتيكات الجيش الروسي وأصبح بإمكانه زيادة الضغط على العاصمة "كييف" وعلى البنية التحتية وحتى على المواقع الأمامية للجيش الأوكراني التي كانت عصية حتى على طائرات "السوخوي". التأثير الإيراني العسكري في الحرب الطاحنة في أوكرانيا لم يهضمه الغرب نهائياً.
مع نهاية العام الماضي شجع وصول "نتنياهو" إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية الولايات التحدة والدول الغربية على توكيله مهمة ردع إيران وتخفيف قدرتها على مساعدة روسيا. وفي ظل المعارك الطاحنة الدائرة في مدينة "باخموت" في منطقة الدونباس الأوكرانية والمتوقع أن تسقط في أي لحظة بيد الجيش الروسي، ارسلت إسرائيل مسيرات انتحارية لإستهداف منشأت عسكرية في مدينة "أصفهان" الإيرانية. حصلت العملية اثر زيارة مدير وكالة الإستخبارات المركزية "السي. آي. أي" "وليام بيرنز" إلى إسرائيل وتزامناً مع وصول وزير الخارجية الأميركي "انطوني بلينكن". ولأول مرة لم تنف اسرائيل العملية بل تبناها "نتنياهو" بشكل غير مباشر عندما صرح أن إسرائيل تخفف من قدرة إيران على دعم روسيا عسكرياً،