تفاصيل الخبر

هل يورط "نتنياهو" الشرق الأوسط في حرب "أوكرانيا"

03/02/2023
هل يورط "نتنياهو" الشرق الأوسط في حرب "أوكرانيا"

 

بقلم خالد عوض

 

من المهم الإلتفات الى كلام رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو" إلى "السي.أن.أن." منذ أيام ومتابعة حركة وزرائه الآتين إلى السلطة بأجندة متطرفة مخيفة. "نتنياهو" قال أن نظرته إلى السلام مع الفلسطينيين تنطوي على "محاصرتهم" بسلام مع مجموعة من الدول العربية كما شرعت إسرائيل من خلال الاتفاقيات "الإبراهيمية". عند إكتمال هذه الإتفاقيات مع دول عربية متعددة يعتبر رئيس حكومة إسرائيل أن الفلسطينيين سيرضخون إلى الأمر الواقع ويقبلون بحق وجود إسرائيل وبإطار السلام المعروض عليهم. في الحديث نفسه أعلن "نتنياهو" أن إسرائيل ستدعم أوكرانيا بأكثر من المساعدات الإنسانية ويمكن أن تمدها ببعض المساعدات العسكرية. ولم يستبعد أن يلعب هو نفسه دور الوسيط لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية. الرجل الذي نسف كل المعاهدات مع الفلسطينيين يطرح نفسه كوسيط موثوق به!

مدير "السي. آي. أي" وليام بيرنز: توكيل إسرائيل بدور رادع في الحرب الروسية الأوكرانية

 

من "باخموت" إلى "أصفهان"

 

أصبح هناك قناعة راسخة لدى الغرب أن الطائرات المسيرة "شاهد" و"مهاجر" التي سلمتها إيران إلى روسيا في آب (أغسطس) ٢٠٢٢ أثرت في مسار الحرب في أوكرانيا. فحتى هذا التاريخ كانت القوات العسكرية الأوكرانية تحقق الإنجازات العسكرية المتوالية على الأرض، مستفيدة من المعلومات الإستخباراتية الغربية ومن الأسلحة النوعية التي تدفقت عليها من دول "الناتو". ولم تكن روسيا قبلها قادرة على تنفيذ ضربات نوعية ضد الجيش الأوكراني، أولاً لأن مدفعيتها ليست بدقة المدافع التي وفرتها فرنسا والولايات المتحدة للجيش الأوكراني وثانياً بسبب الإلتحام الذي حصل بين الجيشين وتطور القدرة الأوكرانية المضادة للطائرات مما حد قدرة الطيران الروسي على التدخل، وثالثاً بسبب حرص الجيش الروسي على عدم تكبد خسائر، إضافية في طائرات الهليكوبتر، ولكن مع وصول الطائرات الإيرانية من دون طيار وإتاحة استخدامها في عمليات انتحارية تغيرت تكتيكات الجيش الروسي وأصبح بإمكانه زيادة الضغط على العاصمة "كييف" وعلى البنية التحتية وحتى على المواقع الأمامية للجيش الأوكراني التي كانت عصية حتى على طائرات "السوخوي". التأثير الإيراني العسكري في الحرب الطاحنة في أوكرانيا لم يهضمه الغرب نهائياً.

مع نهاية العام الماضي شجع وصول "نتنياهو" إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية الولايات التحدة والدول الغربية على توكيله مهمة ردع إيران وتخفيف قدرتها على مساعدة روسيا. وفي ظل المعارك الطاحنة الدائرة في مدينة "باخموت" في منطقة الدونباس الأوكرانية والمتوقع أن تسقط في أي لحظة بيد الجيش الروسي، ارسلت إسرائيل مسيرات انتحارية لإستهداف منشأت عسكرية في مدينة "أصفهان" الإيرانية. حصلت العملية اثر زيارة مدير وكالة الإستخبارات المركزية "السي. آي. أي" "وليام بيرنز" إلى إسرائيل وتزامناً مع وصول وزير الخارجية الأميركي "انطوني بلينكن". ولأول مرة لم تنف اسرائيل العملية بل تبناها "نتنياهو" بشكل غير مباشر عندما صرح أن إسرائيل تخفف من قدرة إيران على دعم روسيا عسكرياً،

الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين": هل إتخذ قرار توسعة الحرب؟  

 

الدبابات الألمانية والحنين إلى الستالينية

احتفلت روسيا منذ أيام بمعركة "ستالينغراد"، المسماة اليوم "فولغوغراد"، التي كانت مفصلية في إنتصار الإتحاد السوفياتي على جيش هتلر عام ١٩٤٣ وخسر فيها جيش "ستالين" أكثر من مليون جندي. وإستغل الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" المناسبة لتمجيد بطولات الجيش السوفياتي ويشبهها بحرب روسيا في أوكرانيا مؤكداً أن من يرسل الدبابات الألمانية بإشارات الصليب التي عليها (للتذكير بشعار النازية) إلى روسيا يتناسى أن الحرب الحديثة لا تخاض بالدبابات. في الوقت نفسه كان الجيش الروسي يستعرض الصواريخ العابرة للقارات والتي تحمل الرؤوس النووية. التهديد المبطن لـ"بوتين" بالأسلحة غير التقليدية واكبه كلام وزير خارجيته "سيرغي لافروف" أن "مولدوفا" يمكن أن تكون هدفا ثانياً لروسيا بعد أوكرانيا، ومعه تهديد "ماريا زاخاروفا" المتحدثة بإسم الخارجية الروسية ، إسرائيل من مغبة مساعدة أوكرانيا عسكرياً. كل هذا يؤكد أن الحرب الروسية الأوكرانية يمكن أن تأخذ خلال الأسابيع المقبلة منعطفاً خطيراً لأن التجييش الحاصل حالياً من رأس الهرم "بوتين" وصولاً إلى الدعائيين في الشاشات الصغيرة في روسيا يطبلون لشيء كبير آت.

الرئيس الأذري "إلهام عالييف": تقاطع مصالح مع إسرائيل في إيران  

للصبر حدود؟

منذ ثلاث سنوات لم تتردد إسرائيل في القيام بعمليات عسكرية داخل إيران، ولكنها كانت محصورة بشكلين: إما الإغتيال أو الحرائق أو الإنفجارات التي تتسبب بها الهجمات السبرانية، من دون أي إعتراف إسرائيلي بأي عملية. ورغم بعض الردود العسكرية في بحر الخليج وعبر هجمات سيبرانية إلكترونية إلا أن إيران حافظت بشكل ملفت على ضبط النفس. مع دخول "أذربيجان" مؤخراً في عمليات تخريبية داخل إيران ومع إرسال إسرائيل لأول مرة طائرات من دون طيار ،أي أنها رفعت نوعية هجماتها داخل الأراضي الإيرانية، أصبح من الصعب على إيران التي لا زالت قواتها الموجودة في سوريا تتلقى هي أيضاً الغارات الجوية الإسرائيلية بتطنيش روسي، أن تتأخر في الرد إلى ما لا نهاية. 

عندما أشار "نتنياهو" إلى إستعداد إسرائيل لمساعدة أوكرانيا عسكرياً وإلى دور لها في ردع قدرة إيران على مساعدة روسيا عسكرياً أدخل الشرق الأوسط بتعقيداته الكثيرة في الحرب الروسية الأوكرانية. ومع الكلام الروسي أن الحرب لن تبقى على الحدود الروسية لم يعد الكلام عن ربيع ساخن مجرد إحتمال.