تفاصيل الخبر

تداعيات  كبيرة للفراغ الرئاسي على الوضع الاقتصادي المترافق مع تدني قيمة الليرة

09/11/2022
تداعيات  كبيرة للفراغ الرئاسي على الوضع الاقتصادي المترافق مع تدني قيمة الليرة

الفراغ في كرسي الرئاسة... التكلفة  ستكون كبيرة جداً

بقلم طوني بشارة 

 

الفراغ الرئاسي  اصبح واقعاً  ، والحديث عن تعطيل سلبي لعمل حكومة تصريف الاعمال يتداول بشدة في مجالس أصحاب الشأن السياسي. والخبراء الاقتصاديون كما المواطن باتوا يتخوفون من تداعيات الفراغ على الصعيد الاقتصادي. فهل الوضع الحالي  للبنان ، من أزمات اقتصادية ومالية قادر على تحمل تداعيات الفراغ؟ وهل ان ما جرى عامي 2014-2016 من الممكن تكهن حصوله عام 2022؟ أي بمعنى اخر هل سيتحمل الشعب في ظل التضخم الحاصل والمترافق بتدني قيمة العملة من جهة، والتجاذبات السياسية من جهة ثانية تداعيات هذا الفراغ ؟

 الدكتور زمكحل والفراغ!

تساؤلات عديدة للإجابة عليها التقت" الأفكار "رئيس الإتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين MIDEL وعميد كلية إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف USJ، الدكتور فؤاد زمكحل وجاءت بالتحقيق الاتي:

*- كيف تفسر ما يحصل الان من فراغ رئاسي؟ وهل اثره الاقتصادي حاليا شبيه بتداعيات فراغ عام 2014؟

ما حذّرنا منه سابقاً وكان كابوساً، أصبح الحقيقة المُرّة التي نعيشها اليوم، وهو الفراغ الرئاسي الجديد. كان واضحاً ومرتقباً أن الكل كان متفقاً على عدم الإتفاق، وكل الأفرقاء كانوا هيأوا محرّكاتهم وعدّتهم وخطّتهم وإستراتيجياتهم، للفراغ الرئاسي "موديل 2022" المتوقع، والذي يختلف عن الفراغ الرئاسي السابق "موديل 2014 – 2016"، وما لم ينتبه إليه السياسيون بدقّة وواقعية وموضوعية، هو حتى لو لم يتغيّروا، ولن تتبدّل أساليبهم، وإستراتيجياتهم، وطريقة الضغوط على بعضهم البعض القديمة، وشدّ البلاد والشعب نحو المجهول، لكن العالم قد تغيّر وأيضاً الإقتصادات، وطريقة الإدارة والأولويات والقرارات والإتفاقات والتحالفات.

 

*- اشرت الى ان الفراغ اليوم يختلف عن الفراغ عام 2014 ، فما سبب الاختلاف؟

 

علينا أن نُدرك أن عالم اليوم سنة 2022، ليس هو ذاته ما بين عامي 2014 و2016. وقد تغيّر أكثر من 180% وتحولّ نهائياً، بعد جائحة "كوفيد – 19"، والتي فاجأت العالم، حيث لم ينتظرها أحد، وأوقفت عقارب الساعة وكل إقتصادات العالم. فتغيّرت طريقة التواصل، وكل سلاسل التوريد، وطريقة إدارة البلاد، وسائر الخطط والإستراتيجيات الدولية.

وتابع دكتور زمكحل قائلا:

أما في لبنان، يُضاف إلى هذا التغيّر الهائل والجامح، أنه يُواجه أكبر أزمة إقتصادية وإجتماعية في تاريخ العالم، وفيما لم يُبلسم جروحاته، وُجّهت إليه ضربة ثالث أكبر إنفجار في تاريخ العالم، في مرفأ بيروت في 4 آب(أغسطس )2020، وكل التدمير الناتج بالطريقة المباشرة وغير المباشرة. فلبنان واللبنانيون أصابهم التغيير. أمّا حكامه، فلا يزالون متشبّثين بإستراتيجياتهم المهترئة والمنتهية صلاحياتها، ويطمرون روؤسهم بالتراب كالنعامة في هذا العالم الجديد.

 الدكتور فؤاد زمكحل:  اللبنانيون اليوم  خسروا أكثر من 85% من مدّخراتهم  وأموالهم ومداخيلهم

 

الأرقام والدلائل!

*- ايمكن تفسير هذا الاختلاف بلغة الأرقام؟

في موازاة ما بين أعوام 2014 و2022، نرى بوضوح أن كل العناصر والعوامل الإقتصادية والأرقام، قد تغيّرت نهائياً، فالنمو الذي كان في حينه، يتخطى الـ 3%، أصبح اليوم 0% أو حتى سلبي. أما الناتج المحلي الذي كان يبلغ نحو 51 مليار دولار، أصبح اليوم لا يتعدّى الـ 22 مليار دولار. كما نُذكّر أيضاً أن ما بين سنوات 2014 و2016، كان اللبنانيون يملكون القدرة الشرائية، وكانت الودائع تبلغ نحو 180 مليار دولار، بين يديهم، يتصرّفون بها للإستثمار وأيضاً للعيش الكريم وللصمود في وجه كل الأزمات المتتالية.

 

وتابع دكتور زمكحل قائلا:

أما اليوم، فالقدرة الشرائية إنعدمت، والودائع قد تبخّرت، وكل أسلحة الصمود قد دُمّرت. بمعنى آخر، إن اللبنانيين اليوم غير اللبنانيين في سنوات 2014 – 2016، حيث خسروا أكثر من 85% من مدّخراتهم، وأموالهم  ومداخيلهم. أما كلفة عيشهم فقد إزدادت نحو 20 ضعفاً، في ظل التضخم المستشري.

واستطرد د-زمكحل قائلا:

التضخم هذا الذي كان يبلغ ما بين 4% و5%، في الأعوام المذكورة أصبح اليوم يتخطى الـ 300%. أما البطالة فلا تُعدّ بالأرقام، فيما الذين يعملون نستطيع إحصاءهم بنسب متدنية. أما نسبة الفقر فقد تجاوزت اليوم في ظل هذا الفراغ الجديد، الـ 80% من الشعب المنهوب والمُذَل.

 

*-وماذا عن اثر التجاذب السياسي المتوقع حدوثه على الواقع الاقتصادي؟

 

في هذا الجو السوداوي، وهذه الأرقام المتدنية والمخيفة، التجاذب السياسي، وخطة الفراغ التي إستُخدمت في أعوام 2014 – 2016، لا يُمكن إستعمالها في العام 2022، وإذا إستُخدمت لا تُنجب أكثر من الدمار الشامل، والحزن والدموع. أما الشعب فلم يعد يستطيع التحمُّل، حيث حُجبت عنه كل أسلحته الإقتصادية والإجتماعية، وأصبح رهيناً وسجيناً في حبس هذه السياسات المدمّرة.

وختم د- زمكحل قائلا:

في الخلاصة، إن الفراغ الرئاسي "موديل 2022" لن يُشبه أبداً الفراغ الرئاسي "موديل 2014 – 2016"، في كل هذه التغيّرات المحلية، الإقليمية والدولية، ولن يدفع ثمنها إلاّ الشعب والإقتصاد والكرامة. ما نعيشُه اليوم هو جريمة جديدة تُكتب في هذا التاريخ الأسود، والخطيئة التي لن تُغتفر.