تفاصيل الخبر

يخسر "بوتين" ولا تنهزم روسيا

15/07/2023
يخسر "بوتين" ولا تنهزم روسيا

بقلم خالد عوض

 

صرح الرئيس الأميركي "جو بايدن" خلال زيارته منذ أيام إلى فنلندا العضو الجديد في حلف شمال الأطلسي "الناتو" أن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" خسر الحرب في أوكرانيا. ورغم تعدد الزلات في خطابات "بايدن"، إلا أن هذا الكلام فيه الكثير من الدقة، ليس فقط لأن الجيش الروسي متعثر عسكرياً في الأراضي الأوكرانية ويخسر ولو ببطء ما احتله منذ حوالي ٥٠٠ يوم عندما بدأ "العملية العسكرية الخاصة"، بل لأن الرئيس الروسي فقد هيبته الدولية وحتى الداخلية لأنه كان يريد من خلال حرب أوكرانيا أن يتكرس بعبعاً لأوروبا وقائدا لأحد أقوى الجيوش في العالم، وإذا به يكتشف زواريب الفساد في كل زاوية من مؤسساته ويفاوض "بالتي هي أحسن" قائد مرتزقة "فاغنر"، "يفغيني بريغوجين" ، الذي هدده بالانقلاب. الأهم من كل ذلك أن "بوتين" أصبح في خشية دائمة من تمرد ضده يأتي من داخل المؤسسة العسكرية. 

 

إنتخابات الحرب الأوكرانية

ستحمل سنة ٢٠٢٤ ثلاث انتخابات رئاسية نتائجها متعلقة بمسار الحرب في أوكرانيا. الأولى في ١٧ آذار (مارس) في روسيا حيث سيواجه الرئيس الحالي "فلاديمير بوتين" نفسه. بعدها بأسبوعين سيتوجه الأوكرانيون إلى صناديق الإقتراع إما لمبايعة رئيسهم الحالي "فولوديمير زيلينسكي" أو لاختيار رئيس جديد يكون أحد ابطال الحرب مثل قائد الجيش الفريق "فاليري زالوجني" أو رئيس المخابرات الجنرال " كيريلو بودانوف". وفي ٥ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢٤ سيحاول الرئيس الأميركي "جو بايدن" أن يجدد لأربع سنوات وهو في سن الثانية والثمانين ليصبح أكبر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة.

في روسيا وأوكرانيا يحاول الرئيسان الحاليان خلق الأجواء الملائمة لتأجيل الانتخابات بحجة ظروف الحرب. ولكن في حال شعر الرئيس الأوكراني أن التأجيل لن يكون في صالحه سيمضي في الانتخابات. وفي هذه الحالة سيكون الرئيس الروسي محرجاً جداً إن هو حاول التأجيل لأن روسيا لا تتعرض في الداخل لما تتعرض له أوكرانيا، وليس هناك عائق مقنع أمام اجراء الانتخابات في روسيا. أما في الولايات المتحدة، صحيح أن الأقتصاد هو الناخب الأول على الدوام إلا أن الحرب في أوكرانيا ستكون الناخب الثاني من دون منازع. مسار الحرب في أوكرانيا في الشهور المقبلة سيكون له تبعات سياسية كبيرة تمتد من "موسكو" إلى "واشنطن" وستؤثر على مستقبل "زيلينسكي" و"بوتين" وحتى على حظوظ "جو بايدن". فروسيا من دون "فلاديمير" ستكون ورقة انتخابية ثمينة تناهز كل انجازات "بايدن" الاقتصادية. 

الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين": هل بدأ يخسر حربه؟

 

الثنائي الخطير  

ماذا يحصل في الحديقة الخلفية لـ"فلاديمير بوتين"؟ منذ أيام أقيل الجنرال "إيفان بوبوف" بعد اتهامه وزارة الدفاع بخيانة القوات الروسية في الجبهة مع أن "بوبوف" مشهود له بالكفاءة. ومنذ اسبوعين اختفى الجنرال "سيرغي سوريفيكين" اثر الانقلاب الذي قاده " بريغوجين" لأنه متهم بأنه كان على علم بخطة "فاغنر" ولم يخطر وزارة الدفاع بالمعلومات التي توفرت له. وعندما سئل عن مصير "سوريفيكين" أجاب أحد أفراد مجلس الدوما الروسي بأنه "يرتاح". أصبح من الواضح أن الرئيس الروسي لا يجرؤ على اتخاذ أي اجراء ضد وزير الدفاع "سيرغي شويغو" ونائبه رئيس الأركان "فاليري جراسيموف" خوفاً من تمردهما عليه. الثنائي أصبح هو الحاكم الفعلي في روسيا وأي شخص ينتقدهما يقال أو يختفي. رغم كل اخفاقات الجيش الروسي وكل التغييرات التي قام بها الرئيس الروسي إلا أنه لم يتخذ أي خطوة ضد الثنائي "شويغو"- "جراسيموف"، من جهة لأنهما ممسكان بالجبهة في أوكرانيا ومن جهة أخرى لأنهما الوحيدان القادران على الاطاحة به. ما حصل مع "فاغنر" وما يحصل داخل الجيش الروسي ينبئ بمزيد من التململ وبأن زعزعة عرش القيصر لن تحصل إلا من قبل جيشه. 

 

الخوف ليس من الجيش الأوكراني 

أحد أسباب بطء الحرب في أوكرانيا هو شح الذخيرة عند الجهتين. لا الجيش الأوكراني عنده القوة المدفعية الكافية لاختراق الدفاعات الروسية ولا الجيش الروسي قادر على صد الهجوم الأوكراني بالرد المدفعي. كل مصانع الذخيرة في العالم تعمل بأقصى طاقتها ورغم ذلك فالذخيرة الموجودة عند الطرفين أصبحت محدودة. الحرب الحالية "ستاتيكو" مع تقدم طفيف للقوات الأوكرانية على بعض الجبهات،ولكن في حالة حصول أي خضة في صفوف الجيش الروسي يمكن للواقع الحالي أن يتغير بسرعة. لذلك يسعى الرئيس الروسي هذه الأيام الى تحصين القيادة العسكرية من أي تمرد وينفذ لها ما تشاء، حتى لو كان ذلك يشمل إقصاء جنرالات معروفين بالولاء الكامل له.        

 

لم يقل الرئيس الأميركي أن روسيا خسرت الحرب بل قال حاسماً أن "بوتين" هو الذي خسر. هذا الفصل ليس تفصيلاً بل رسالة لمن يهمه الأمر في القيادة العسكرية الروسية أن روسيا لا زال بإمكانها الخروج غير خاسرة من الحرب، ولكن من دون "فلاديمير بوتين".

 

وزير الدفاع الروسي "سرغي شويغو": الرجل الثاني في القيادة الروسية والخطر الذي يخشاه "بوتين".