تفاصيل الخبر

٢٠٢٣ عام النتائج والحسم والتسويات

30/12/2022
٢٠٢٣ عام النتائج والحسم والتسويات

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وطموحات ٢٠٣٠

بقلم خلد عوض

 

قراءة الأحداث هواية. فهي تصنع منجمين وعرافين وحتى محللين اقتصاديين وسياسيين. وعادة ما تأتي نهاية السنة الميلادية لتطلق العنان لكل هؤلاء ليقرأوا في أحداث العام المقبل. من الصعب مع نهاية عام وبدء سنة جديدة مقاومة الإنضمام إلى جوقة "المتبصرين"، ولكن بعيدا عن قراءة الماورائيات، من المفيد سرد بعض المؤشرات الإقتصادية التي ترسم مساراً مستقبلياً واضحاً إنطلاقاً من الأحداث والأرقام.

الرئيس التركي "رجب طيب اردوغان" وإمتحان الإنتخابات 

                             النمو الإقتصادي في لبنان لا يكفي 

البداية من لبنان. يؤكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن الإقتصاد اللبناني حقق نمواً فاق ٢ بالمئة عام ٢٠٢٢ ومن المتوقع أن يلامس ٤ بالمئة في العام المقبل. الرئيس ميقاتي لا يبالغ،  فهناك عدة مؤشرات تؤكد أن الإقتصاد اللبناني عاد إلى النمو. ولكن النمو يحتسب بالنسبة إلى الناتج المحلي في الأعوام الماضية. والناتج المحلي اللبناني تراجع من حوالي ٥١ مليار دولار عام ٢٠١٧ إلى أقل من ١٨ مليار دولار عام ٢٠٢١ أي خسر أكثر من ٦٠ بالمئة من حجمه. وحتى يعود الناتج إلى مستوى ٥٠ مليار دولار خلال خمس سنوات، أي عام ٢٠٢٧، على الإقتصاد أن ينمو بمعدل وسطي يناهز ٢٣ بالمئة سنوياً أي حوالي عشر أضعاف ما تحقق عام ٢٠٢٢. أما إذا بقي النمو الإقتصادي بمستوى ٣ أو ٤ أو حتى ٥ بالمئة فلن يعود البلد إلى إقتصاد ٢٠١٧ قبل سنة ٢٠٤٠ على الأقل أي بعد ١٧ سنة من الآن. لبنان بحاجة إلى إعادة تكوين إقتصادي تبدأ من طبقة حاكمة تعيد الثقة بموارد البلد وطاقاته وقدرتها على إدارة دولة ناجحة. صحيح أن البلد يستفيد من تحويلات ابنائه التي تفوق ٧ مليار دولار كل عام وهي في نمو مستمر كما أنه سيستفيد ولو بشكل غير مباشر من نهضة المملكة العربية السعودية إلا أن إستعادة الثقة تتطلب أكثر بكثير مما تقوم به السلطة الموجودة حالياً. حتى "ختم" صندوق النقد الدولي لن يعيد الثقة المفقودة بل سيزيد التعقيدات الداخلية والضغوطات الإجتماعية. لا شك أن عام ٢٠٢٣ سيشهد المزيد من الإنطلاقة للقطاع الخاص اللبناني الذي يمكن أن يشكل مع تحويلات المغتربين قاطرة الحل الإقتصادي ولكن سيبقى الإقتصاد اللبناني في حالة إنتظار حتى تتبلور ثلاثة أمور: حجم الغاز الدفين في مياهه، وإتجاه سوريا إلى حل سياسي مستدام يزيل عن لبنان تداعيات النزوح والتهريب، ونهاية إيجابية للإتفاق النووي الإيراني تنطوي على تسويات تشمل الحالة السياسية المستعصية في لبنان.

الرئيس الإيراني "إبراهيم رئيسي" وإعادة البوصلة إلى الداخل الإيراني

                     2023    : سنة حسم وجه الإقليم

إقليميا هناك أربعة محاور ستساهم في حسم شكل وجه المنطقة بطريقة أو بأخرى  عام ٢٠٢٣. الأول هو الوضع الداخلي في إيران. الإحتجاجات هناك تراجعت مؤخراً ولكنها لم تنطفئ،  والنظام لا زال في حالة مراجعة شاملة لكيفية التعامل مع الجيل الجديد وطموحاته الإجتماعية والحياتية، وهذا يتطلب نوعاً مختلفاً من الإنفاق الداخلي بعيداً عن الصواريخ البالستية والمسيرات . إذا عادت الإحتجاجات عام ٢٠٢٣ بنفس الزخم ستضطر إيران إلى التراجع إقليميا والقبول بتسويات مع جيرانها ومع الغرب تغير تماماً من استراتيجيتها في المنطقة.

المحور الثاني والمرتبط بإيران هو مستقبل الوضع في إسرائيل. حكومة "بنيامين نتنياهو" الجديدة هي الحكومة الأكثر تطرفاً منذ إنشاء الكيان الصهيوني. برنامجها الإستيطاني لا يمكن لأي إنسان أن يهضمه ولن يمر على خير. وإذا حاول "نتنياهو" لجم شركائه المتطرفين في الحكومة ستنفجر حكومته من الداخل وتزيد تعقيد الحالة السياسية داخل إسرائيل فيصبح خيار الحرب هو أحد الحلول الوحيدة لإعادة اللحمة إلى المجتمع الإسرائيلي المنقسم عامودياً منذ سنوات. 

المحور الثالث هو الإنتخابات الرئاسية التركية في ١٨ حزيران (يونيو) المقبل وقدرة الرئيس الحالي "رجب طيب اردوغان" على البقاء في السلطة خمس سنوات جديدة. التجديد لأردوغان بأكثرية مريحة سيعطيه زخماً إقليمياً ودولياً ويعزز دور تركيا ونفوذها في المنطقة وفي مدى التسويات المقبلة.

المحور الرابع هو المملكة العربية السعودية. حجم الإنفاق المرصود لرؤية المملكة ٢٠٣٠ يفوق بأضعاف كل ما انفقته السعودية في النهضات السابقة. وإذا كانت سنة ٢٠٢٢ هي سنة إطلاق المشاريع والإعلان عنها فإن عام ٢٠٢٣ هو الإمتحان الحقيقي لقابلية هذه المشاريع العملاقة للتنفيذ والتحقق. وفي حالة تمكن القيادة السعودية من نقل هذه المشاريع بنجاح من اللوحات والخرائط إلى الواقع ولو بوتيرة أبطأ ستدخل المنطقة كلها في عصر "رؤية المملكة ٢٠٣٠" وليس فقط السعودية.

رئيس حكومة إسرائيل "بنيامين نتنياهو" والجنوح إلى التطرف وربما الحرب

ثلاثة محاور عالمية 

أما عالمياً فستحمل سنة ٢٠٢٣ ثلاثة مشاهد جد مؤثرة مالياً وإقتصادياً. الأول هو مسار الحرب المالية التي يقودها الإحتياطي الفدرالي الأميركي ضد التضخم عن طريق سياسة رفع الفوائد على الدولار والتي تتبعها معظم البنوك المركزية الغربية. فاحتمال أن يؤدي هذا الرفع إلى تراجع إقتصادي مؤلم أصبح شبه مؤكد. وإذا ظلت نسبة التضخم مرتفعة رغم كل إجراءات الإحتياطي الفدرالي الأميركي سيصبح الإقتصاد العالمي كله بين سندان الكساد ومطرقة التضخم.

المشهد الثاني هو تطور الحرب في أوكرانيا والسباق المحموم بين حصار الطاقة الذي تفرضه روسيا على أوروبا والتقدم الأوكراني العسكري على الأرض. من المؤكد أن نتيجة هذا السباق ستتضح عام ٢٠٢٣

المشهد الثالث  هو تطور المنافسة الإقتصادية والسياسية بين الصين والولايات المتحدة وتداعياتها السياسية في عدة مناطق من العالم. هل تبقى هذه المنافسة محض إقتصادية أو تأخذ أشكالاً أكثر إحتداماً؟ وهل تتحول هذه المنافسة إلى تعاون في اقتسام النفوذ الإقتصادي في العالم أم تبقى مشحونة وخالية من أي تنازلات؟

رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي "جيروم باول": من يربح هو أو التضخم؟



 

الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين": هل يغرق تماماً في المستنقع الأوكراني ويغرق معه كل أوروبا؟