تفاصيل الخبر

هل يعود فيلم "دفاتر مايا" لجوانا حاجي توما وخليل جريج بجائزة "الاوسكار" للبنان؟

19/10/2022
هل يعود فيلم "دفاتر مايا" لجوانا حاجي توما وخليل جريج بجائزة "الاوسكار" للبنان؟

منال عيسى بدور مايا

 

 بقلم عبير أنطون

 

من الولايات المتحدة الاميركية واكثربرامجها شهرة من حول العالم "اميركاز غات تالنت" حصدت فرقة "مياس" اللبنانية اللقب والجائزة، ورفعت فنيا اسم لبنان عالياً، وكانت الارزة في ختام اللوحة الاخيرة، خير دليل على تجذَر الامل وصموده في نفوس اللبنانيين مهما اشتدت الصعاب. اليوم على الطريق العالمي عينه، وفنيا ايضا، هل يسلك فيلم" دفاتر مايا" الذي رشحته وزارة الثقافة اللبنانية لجائزة الاوسكار عام 2023 في دورته الـ95،  المسار عينه، فيقطف الجائزة ويسجل مرة جديدة انجازا للبنان عبر فنانيه، وهم مبدعوه، الى جانب اسماء كبيرة اخرى على غير صعيد، تحمل وطنها الحبيب في عقلها وقلبها فتطوف به لترفعه على اكبر المحافل الدولية؟ وهل سيفعلها "دفاتر مايا" ويعود للبنان بالجائزة العالمية؟

 بانتظار فوز نتمنّاه آتيا وسط منافسة لا يستهان بها، "الافكار" تلقي الضوء على الفيلم وصنّاعه، مفصّلة  حكايته التي تعود الى الثمانينات، مع كل ما تحمله تلك الحقبة في ذاكرة اللبنانيين ووجدانهم من صور وذكريات ومذكرات ...

فيلم "دفاترمايا" للمخرجين اللبنانيين خليل جريج وجوانا حاجي توما، قفز من مهرجان الى آخر منذ الافتتاح به في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين الدورة الـ71 في ألمانيا، ونال جائزة سعد الدين وهبة في الدورة السابقة من "مهرجان القاهرة السينمائي". اليوم ترشحه وزارة الثقافة لتمثيل لبنان في حفل توزيع جوائز الأوسكار لعام 2023 فى دورته الخامسة والتسعين في 12 آذار(مارس) 2023على  مسرح دولبي بهوليوود، والذي ينقل مباشرة على أكثر من 200 محطة تلفزيونية حول العالم. وينافس"دفاتر مايا" عن فئة أفضل فيلم أجنبي غير ناطق باللغة الإنجليزية التي تنظمها أكاديمية الفنون وعلم الصور المتحركة في الولايات المتحدة الأميركية.

 فكيف تم ترشيح الفيلم من قبل وزارة الثقافة اللبنانية، ووفق أية معايير؟ 

بعد اقتراح اللجنة المكلفة في الوزارة والمؤلفة من نقاد سينمائيين وأصحاب اختصاص وهم صوفي بطرس، محمد حجازي، علي ضاهر، إميل شاهين، هادي زكاك، إيلي يزبك، أحمد غصين، فيليب عرقتنجي، شادي  زيدان وتوفيق خوري، نال فيلم" دفاتر مايا"موافقة الجميع على الترشيح باستثناء صوت واحد ذهب لصالح فيلم "بيروت هولدم"، وامتناع صوتين عن اي ترشيح، فحُصرت المنافسة ما بين "دفاتر مايا" و"بيروت هولدم" للمخرج ميشال كمون الذي يدور حول مقامر يعيش في الأربعينات من عمره، يسعى ويكافح من أجل إعادة بناء حياته بعد السنوات التي قضاها في السجن.

 وقد اوضح الناقد اميل شاهين وهو احد اعضاء اللجنة ان اختيار"دفاتر مايا" اعتمد المعايير التالية:"موضوع الفيلم، طريقة معالجته، حركة الإخراج، السيناريو، التقنيات المستخدمة، إدارة الممثلين، حركة الكاميرا، وإيقاع الفيلم".

جوانا...والرسائل

المخرجة جوانا حاجي توما وفي سياق حديثها عن العمل الذي كتبته مع زوجها المخرج خليل جريج وبمشاركة فاديت درورارد تحدّثت عن اجواء الفيلم بالقول:" إنه يتضمن ذكرياتنا عن رسائل كتبتها وأشرطة كاسيت سجلتها ما بين سنة 1982 إلى 1988  لصديقة اضطرت لمغادرة بلدها لبنان إبان الحرب الأهلية فيما بقيت انا فيه، وكنا نراسل بعضنا يومياً تقريباً في ثمانينات القرن الماضي، وعلى مدى 6 سنوات وننقل أخبارنا من خلالها، فكنت أكتب نحو 50 صفحة يوميا وبقينا نكتب الى أن فرقتنا الأيام بمشاغلها ... كنا نحتفظ بكل الأرشيف، وفجأة فكرنا في تحويل هذه القصة لفيلم سينمائي، إذ تشكلت مادة جميلة لتروي أجواء تلك المرحلة لجيل أولادنا.الفيلم يحكي عن اليوم وكيف نربط الماضي بالحاضر، و تلك الرسائل لا تعني على الإطلاق أن الماضي أفضل أو أقبح بالنسبة لي. ولقد أحببت أن تقدم الشخصية عندما تبدأ بقراءة دفاتر أمها على تصورها بطريقتها، باستخدام الأشياء الجديدة، مثل الهاتف، حتى تعيش حياة أمها ما بين الخيال والواقع، وبنينا على فكرة الذاكرة وكيف تتغير بتغير الزمن.

وأضافت جوانا: "إن الحرب في الدفاتر أو حتى فى الفيلم هي بمثابة إطار لأن الحياة اليومية هى الأهم، ومن المهم أن نرجع الآن لنحكي هذه الأشياء للجيل الجديد، لأننا مهما ناضلنا لنخفي ذلك يبقى أثر كل تلك السنين واضحا فى حياتنا وعلينا أن نتعايش معه، وفى ظل الأحداث التى تمر بها المنطقة العربية فى السنوات الأخيرة نشعر بحزن قوي يعود إلى حياتنا من جديد ويجدد أحزان الماضي وهذا كان دافعا قويا لتقديم هذا الفيلم فى الوقت الحالي... لكن الاحزان تحمل بداخلها قصصاً جميلة وتفاصيل صغيرة وذكريات حميمة قريبة من قلب كل منا، ولهذا قدم الفيلم نهاية سعيدة تجدد الأمل فى مستقبل أفضل، فنحن لا ننسى الواقع المؤلم لكن الحياة مراحل..."

 حكاية الفيلم...

تنطلق الحكاية من صبية يافعة اسمها أليكس تعيش في كندا، في كنف والدتها المغتربة مايا، وهي أم عزباء. تجد مايا نفسها أمام مكاشفة حادة مع تاريخها وتاريخ بلادها وذكريات الحرب اللعينة، في ليلة من ليالي عيد الميلاد، التي تقضيها وسط ثلوج مونتريال. إذ تتلقى الأم وابنتها شحنة غير متوقعة تنزل مثل الهمّ في ساعة غفلة: وهي عبارة عن دفاتر، وأشرطة، وصور قديمة كانت قد أرسلتها مايا إلى صديقتها المقربة من بيروت في الثمانينيات. ارتأت عائلة صديقتها تلك أن تعيد الأغراض لصاحبتها بعد أن توفيت الابنة في حادث سيارة مفاجئ! ترفض مايا فتح الصندوق بمجرّد أن تعرف بأمر رفيقتها وموتها، لكن أليكس تبدأ سراً في نبش الصندوق، وتتبّع الذكريات. تجد نفسها أمام تلخيص مكثّف لجزء من تاريخ لبنان في ثمانينيات القرن الماضي، من خلال سرد يوميات مايا لصديقتها ليزا عن حياتها وحبها الوحيد، والتقاتل اللبناني، وحالة الحرب، وليل بيروت الطويل وسط القصف، والتحايل عليه والالتفاف على بشاعته من خلال دفقات يومية تساعد في الاستمرار.

 أما والد مايا الذي مات منتحراً، فاختارت أمّها أن تطلق عليه الرصاص بيدها بعد موته، لكي يزّف على أنه بطل قومي اغتيل على خلفية مواقفه السياسية، فيما تلتقط له ابنته صوراً وتترك الفيلم في الكاميرا لحين وصول هذه الكاميرا مع بقية أغراضها إلى كندا بعد مرور 25 عاماً. لذا تعمل على تظهير هذه الصور، لتكون بمثابة استعادة لمأساتها قبل ربع قرن!  

خليل والماضي الشبح....

 خليل جريج، المخرج والكاتب وزوج مايا الذي التقى بها حين كانا في سن المراهقة، ليبدآ معا مشورا طويلا وحياتيا اثمرعن  ولدين هما عليا ورمزي، وعن العديد من المشاريع الفنية، يعيش مع زوجته ما بين بيروت وباريس، وهما يصنعان أفلاماً روائية، وثائقيات، ومشاريع فيديو وتجهيزات فوتوغرافية، ويعرض فنهما ضمن المجموعات الدائمة لمتحفي "فيرجينيا وألبرت" في لندن و"غوغنهايم" في مدينة نيويورك.

 حول "دفاتر مايا" الذي شارك في كتابته واخراجه يقول جريج:"يعكس العمل العلاقة بين الأجيال والتواصل بينها، مع اختلاف الزمن والخلفيات، والأسرار المخفية فى التاريخ وأهمية التسلسل فى السيرة ولا يمكن أن ننقطع عن الماضي فهو يظل كالشبح الذى يحيط بحاضرنا، مضيفا في حديث له:"لم نكن نتخيل عندما صورنا الفيلم أن نرى فيه أشباح المستقبل القادمة والدمار القادم أيضا، فنحن نعيش فترات ما بين الفرح والحزن وفيها إحساس البوح لكي نناضل ونستمر".

  ويؤكد جريج ان الفيلم يعيد التفكير في السيرة والصورة أيضا، حيث كان فى الماضي يلتقط الصور بكاميرا عادية بفيلم خام وكانت كل صورة صعبة ومكلفة جدا، قبل ظهور الكاميرات الحديثة والموبايلات التى يستخدمها جيل ابنته "عليا" الآن بمنتهى السهولة". وأضاف:"إن المادة الأرشيفية المستخدمة فى الفيلم تمزج بين دفاتر جوانا والمراسلات الحقيقية بينها وبين صديقتها فى الثمانينيات، وصور فوتوغرافية قام هو بالتقاطها فى الفترة الزمنية نفسها لتوثيق ما كانت عليه الحالة فى بيروت، بالإضافة إلى مزج كل هذا بصور ودفاتر جديدة تم إعدادها لشخصيات الفيلم مايا وراجا وأصدقائهما التي تُروى الأحداث من خلالهم، مشيرا إلى أنهم قاموا بتصوير أكثر من 10 آلاف صورة للممثلين لدمجهم مع الأحداث المروية فى هذه الدفاتر".

 بيت مري ومونتريال...

صُور فيلم "دفاتر مايا"عام 2019ما بين لبنان وكندا، وقد اختارت مخرجته وزوجها بلدتها الأم "بيت مري"، وشوارع من بيروت، إضافةً إلى مناطق أخرى في مونتريال لتنفيذه وانتهت مرحلة المونتاج بعدها بعام تقريبا.اي تم التصوير ما قبل الانهيار الاقتصادي في لبنان، كما وايضا قبل انفجار مرفأ بيروت الرهيب. 

 واذا ما صور الفيلم قبل الانفجار فإن شظاياه طالت شقة المخرجَين جوانا وخليل ومقر شركة الإنتاج وقسما كبيرا من أعمالهما  المخزنة بالقرب من المرفأ، ما حدا بالمخرج  جريج خلال مهرجان برلين السينمائي الذي اختير الفيلم للمشاركة في مسابقته الرسمية إن الفيلم "يعبّر بشكل لا يصدق عن الواقع الحالي ".

وقد احتار المخرجان بعد الانفجار في ما إذا كان ينبغي الإبقاء على المشهد المهم في نهاية الفيلم، حيث يلتمّ شمل الأسرة تحديدا في مرفأ بيروت المضاء.

 اما بالنسبة لفريق الممثلين في العمل فقد ضمّ باقة لبنانية عربية وأوروبية تتألف من:منال عيسى، نسرين أبي سمرا، ريم تركي، ريا الجميل، ريتا جبور، جو قديح، حسن عقيل، ربيع مروة، جاد شاربونو، بنجامان هاتشر، دينيس لاكروك، تانيا. ف.لافوا، حليم عبيد، إميل شرابية، ميشيل بادو، لوك مارتيال داجنييه، وقد انتج الفيلم كل من: جورج شقير، كارول سكوتا، لوك دري، كريستيان عيد، وصاغ الموسيقى التصويرية شربل هبر، ورضوان مومن.

ونذكر نهاية ان "دفاتر مايا"  هو واحد من ستة افلام عربية ترشحت للاوسكار 2023، والأفلام الخمسة الاخرى هي من الجزائر، فيلم "اخواننا" للمخرج رشيد بوشارب، من بطولة سمير قاسمي ورضا كاتب ولينا خوذري، من فلسطين، فيلم "حمى البحر المتوسط" من إخراج وكتابة مها الحاج، من المغرب، فيلم "القفطان الأزرق" تأليف وإخراج مريم توزاني، من تونس، فيلم"تحت شجرة التين"لأريج السحيري، ومن الاردن، فيلم “فرحة” للمخرجة دارين سلام، ومن بطولة أشرف برهوم وعلي سليمان، فيما تغيب مصر ولأول مرة  عن المشاركة في الـ"أوسكار"، وقد أثار قرار لجنة اختيار الفيلم المصري المرشح للمنافسة على الدخول في قائمة "أوسكار أفضل فيلم أجنبي"، الكثير من الجدل. وجاء قرار اللجنة بعدم ترشيح أي فيلم نتيجة غالبية أصوات رأت أن الأفلام التي كانت على مائدة الترشيح لم تكن مناسبة.