بقلم عبير أنطون
ليست الاحداث المليئة بالغموض والتشويق بجديدة على الساحة الفنية العربية، وليس عنصر الرعب بطارئ على هذه الاعمال على الرغم من انه قليل التناول من قبل الكتّاب، خاصة في الاعمال التلفزيونية، الا انه بات مؤخرا يشكل "ترند" سيركب موجته اكثر من عمل مقبل، هذا بغير العديد من المسلسلات التي تدخل في الماورائيات وفي سبراعمال الغيب والتي يترقّب المشاهد ما سيعرض منها على القنوات والمنصات موقعة باللغة العربية. وفي هذا السياق، يُذكر انه كان لنا في لبنان مسلسلات ناجحة في هذا النوع كمثل مسلسل "عشرة عبيد زغار" الذي اعيد انتاجه مؤخرا وكان له متابعوه، هوالمأخوذ عن رواية المؤلفة الشهيرة أغاتا كريستي "عشرة عبيد زغار" التي كتبتها عام 1938 والتي تغير اسمها مرتين: اولى تحت عنوان "وفجأة، لم يتبقَّ منهم أحد" في النسخة الأميركية (1940)، بعدما وجدت الكاتبة ان العنوان السابق يسيئ الى الجمهور الاميركي وهو العنوان الذي اعتمدته الترجمتان الإيطالية والألمانية، وثانية مؤخرا بعد موجة الحركة المناهضة للعنصرية وعنف رجال الشرطة ورفع شعار "حياة السود تهمّ" اثر وفاة الأميركي من أصول أفريقية" جورج فلويد"، بحيث طلب حفيدُ الكاتبة تغيير عنوان الترجمة الفرنسية التي أبقت على العنوان في صيغته البريطانية الأولى، وعمرها ثمانون عاماً، والاستعاضة عنه بالعنوان الجديد: "كانوا عشرة"، مع حذف كلمة عبد وعبيد التي ترد نحو أربع وسبعين مرة في الرواية، واستبدالها بكلمتي جندي وجنود.
اليوم ، وفي سياق الرعب والتشويق، وبعيدا عن جزيرة "اغاتا كريستي"، تعرض "شاهد" مسلسل الغرفة رقم 207، في قصة يكتنفها غموض وسر كبير في غرفة فندق تغيّر مسار كل من ينزل فيها.
فما سر تلك الغرفة التي تودي بحياة من يسكنها ويتلاشى فيها الحاجز بين الحقيقة والوهم، وبين الماضي والمستقبل.؟ كيف تغيّر مسار نزلائها؟ اين تقع ومن سيعمل على كشف حقيقة ما يجري فيها؟
"الافكار" تدخل كواليس الغرفة 207 التي احتفلت ال"ام بي سي" باطلاقها وتعرض لما جاء على لسان ابطالها من نجوم وممثلين...
قد تكون افضل توطئة لدخول اجواء مسلسل "الغرفة رقم 207"المقتبسة عن رواية الاديب احمد خالد توفيق ما نقله كاتب الرواية نفسه عن" ستيفن كنج "لما كتب يوما :" بالإضافة إلي قصص دفن الأحياء، على كل كاتب رعب أن يقدم قصة واحدة علي الأقل عن غرف الفنادق المسكونة، لأن غرف الفنادق أماكن مخيفة بطبعها. تخيل كم من الناس نام في الفراش قبلك؟ كم منهم كان مريضاً؟ كم منهم كان يفقد عقله؟ كم منهم كان يفكر في قراءة بضع آيات أخيرة من الكتاب المقدس الموضوع في درج الكومود بجوار الفراش قبل أن يشنق نفسه في خزانة الملابس بجوار التليفزيون؟. بالفعل غرف الفنادق أماكن مرعبة. وأكثرها إرعاباً هي الغرفة 207.. في هذه الغرفة تحتشد أشنع مخاوفك التي داريتها حتى عن نفسك منذ كنت طفلاً .. في هذه الغرفة يتلاشى الحاجز بين الحقيقة والوهم .. بين المخاوف المشروعة والكابوس .. في هذه الغرفة يتلاشى الحاجز بين الماضي والمستقبل .. وبين ذاتك والآخرين .. لا تتلصص ولا تختلس النظر عبر ثقب المفتاح .. فقط فلتدر مقبض الباب في هدوء وحذر .. ولتدخل الغرفة رقم 207
احداث مريبة!
تدوراحداث القصة التي صاغها تلفزيونيا تامر ابراهيم في العام 1968 وتتمحور حول الغرفة رقم ٢.٧ في فندق لونا المطل على البحر بمدينة مرسى مطروح، حيث تقع الأحداث داخل هذا الفندق الذي أصر مالكه على بقاء الغرفة 207 رغم الأهوال التي تدور فيها من رعب وإثارة، وهي تودى بحياة كل من يقطنها الا استثناءَ، فقد دخل كثيرون اليها لكن قليلين فقط استطاعوا النجاة منها.اما من بقوا احياء فخرجوا من "الغرفة 207"، وهم يحملون ذكريات ما حدث لهم فيها، ذكريات لا يجرؤون حتى على إخبارها لأحد، بدءا من فوزي، (بيومي فؤاد)، الذي يعالج من تأثيرها النفسي عليه. ولاحقاً تبدأ أحداث مريبة بالظهور في حياة نزلاء الغرفة.
اما بطل الرواية جمال الصواف (محمد فراج)، الذي بدأ عمله الجديد كموظف استقبال في الفندق فإنه يجد نفسه منخرطاً في كشف حقيقة ما يجري وسط تحذيرات كل من مينا وعامل الفندق مصطفى (يوسف عثمان).الا ان جمال لا يستمع للتحذيرات ولا يأبه بما تخبئه له الغرفة فلا يلتزم بمكانه خلف طاولة الاستقبال، ونجده يدخل إلى الغرفة لتنقلب حياته كلها رأس على عقب، ويبدأ في اكتشاف أسرارالغرفة ثم أسرار حياته وماضيه وفى كل مرة يكون عليه دفع ثمن كل حقيقة يكتشفها، وما حدث لجمال الصواف في الغرفة 207 حدث مع غيره.
والصراف هذا في المسلسل كان حصل على وظيفته في الفندق اثر مشهد يحمل غموضاً بانتحار موظف الاستقبال بعدما أطلق الرصاص على رأسه. فهو وبحسب ما تظهره الحلقة الاولى، أُتي به موظفا جديدا بدلا من المُنتحر، والحلقة الاولى هذه تفتتح مشاهدها على استعراض الفندق بطرازه الكلاسيكي وردهاته الواسعة وأثاثه الأرستقراطي، ونوافذه المطلة على البحر، مع موسيقى أغنية "أنت عمري"، واستغراق الكاميرا في نقل أجواء المكان، مسرح الأحداث، لتتوقف عند الغرفة 207 بنوافذها المفتوحة بفعل الهواء...
سر الغرفة!
عن دوره بشخصية جمال الصواف يبدي محمد فراج فخره بتقديم دور الشخصية الرئيسية في قصة كتبها الروائي الراحل أحمد خالد توفيق ، مشيراً إلى ان رواياته تجد صدى كبيراً لدى القراء ولا تزال تتربع على قوائم الأكثر قراءة، متمنياً أن يحظى العمل بقبول الجمهور. وحول طبيعة الدور الذي يلعبه يقول: "أقدم شخصية جمال الصواف، وهي شخصية ثابتة في كل حلقات المسلسل، وذلك بحكم عمله الإداري في فندق "لونا" خلال الفترة التي تدور ضمنها الأحداث في ستينات القرن الماضي." ويستطرد: "هناك طاقم ثابت للفندق وهم شخصيات متواجدة في كل حلقة، إضافة إلى عدد من ضيوف شرف الحلقات وهم النزلاء المتغيّرون الذي يقيمون في الغرفة 207، ولكل منهم قصة تتطوّر معالمها نتيجةً للسر الذي تحمله تلك الغرفة، والذي يؤثر على سير الأحداث برمّتها ويمنحها الإثارة والرعب والأكشن والتشويق".
من جانبها توضح النجمة المصرية ريهام عبد الغفور أنها تقدم شخصيةً جديدةً لم يسبق وأن قدمتها سابقاً لناحية ظهورها في عالم مليء بالماورائيات، وهو أحد ما يميز روايات الراحل القدير أحمد خالد توفيق، على حدّ وصفها، وتضيف ريهام: "ألعب دور شيرين التي تظهر بشخصيتين مختلفتين في العمل، الأولى تبدو شخصيةً حقيقية وواقعية، أما الثانية فهي مختلفة عن ذلك كلياً، وأترك الحكم على ذلك للجمهور." وتستطرد ريهام: "شيرين هي السبب الرئيسي وراء وجود سرّ في الغرفة ٢.٧، وهي المصدر الأساسي للرعب والتشويق في العمل." وتختم لافتةً إلى أهمية عنصر الديكور في المسلسل الذي أنتجته استوديوهات" ام بي سي".
ايطالي فقط!
ميكائيل( مراد مكرم)، هو صاحب الفندق الذي تدور فيه أحداث المسلسل، وهو من أصل إيطالي يعيش في الإسكندرية ولا يجيد التحدث باللغة العربية. اما مدير الحسابات في فندقه فيلعبه الممثل كامل الباشا الذي يشرح بأن "العمل يتضمّن مزيجاً من الغموض والتشويق والمغامرات التي تدور في عوالم غريبة، حيث تتعرض الشخصيات إلى الخوف والرعب اللذيْن يكشفان عن مكنونات كلٍّ منها". ويضيف: "كل قصة تختلف عن الأخرى، لكن ثمة خط درامي يربط القصص ببعضها من خلال المكان. وبالتالي هناك مساران للعمل، الأول يبدأ وينتهي في الحلقة نفسها، والثاني يستمر ويمتد حيث يدور بين الشخصيات الرئيسية وأبرزها جمال وسارة ومينا".
اما ناردين فرج التي يستقبلها الجمهورعلى شاشته هذه المرة كممثلة لا كمقدمة برامج فإنها تقدم شخصيتها بالقول: "أقدم في العمل دور ساره التي تعمل إلى جانب جمال (محمد فراج) في الفندق، ويتعرضان معاً إلى العديد من الأحداث المختلفة في كل يوم، ويحاولان معاً فهم حقيقة ما يجري وكشف الستار عن اللغز والغموض اللذيْن يكتنفان الغرفة 207.
السيناريو البطل!
المخرج محمد بكير وصف سيناريو العمل بأنه "النجم الأول والأخير" في المسلسل، موضحاً أن كاتب السيناريو تامر إبراهيم كان الأقرب للمؤلف د. أحمد توفيق بصفته تلميذه النجيب، وقد حافظ على رؤية المؤلف، وهو "ما التزمت به مخرجاً مع فريق العمل"، وكشف بكير أن المسلسل اعتمد على ديكورات كاملة بما فيها الفندق والشوارع والمحال التي نفذها مهندس الديكور محمد أمين.
ويشير بكير الى ان مسلسل "الغرفة 207" كان تنفيذه صعبا للغاية بسبب أحداثه التي تدور في حقبة الستينات بمنطقة مرسى مطروح، فضلا عن صعوبات على المستوى البصري والمشاهد االمتعبة جسديا ونفسيا، اما إقناع الجمهور بكل تلك الأحداث فكان الأصعب.
وقصص اخرى!
نذكر نهاية ان الكاتب احمد خالد توفيق الذي يطلق عليه جمهوره لقب "العراب"، كان قد أعلن قبل سنوات من وفاته عن رغبته الحارة في العمل للسينما أو التلفزيون، سواء بنصوص مباشرة أو بتحويل رواياته أو سلاسله إلى أعمال فنية درامية أو اقتباسها، وكتب مرارا عن المحاولات التي باءت كلها بالفشل، حتى وافته المنية عام 2018. لكنه اليوم وبعد رحيله نراه يحقق حلمه الدفين مع تحويل رواياته مسلسلاته درامية بينها "ما وراء الطبيعة" الذي عرف نسبة مشاهدة عالية جدا ومسلسل "زودياغ" قبله على منصة "فيو".
هذا وبحسب موقع الجزيرة فإن " للكاتب الراحل سلسلتين لهما شعبية جارفة بين القراء الشباب مع المؤسسة العربية الحديثة، وهما "سافاري" و"فانتازيا"، فالأولى تدور أحداثها في أفريقيا، حيث نتعرف على الطبيب المصري "علاء عبد العظيم"، الذي يترك بلده ليعمل مع هيئة طبية في القارة السمراء، وتدور العديد من المغامرات التي تشبه إلى حد كبير ما شاهدناه في مسلسل "هاوس" لكن بنكهة عربية مصرية مميزة."
أما سلسلة "فانتازيا"، فهي كنز بالفعل، حيث تسمح لأي منصة بتقديم ما يشبه عشرات المسلسلات القصيرة في إطار واحد كبير، حيث بطلتها "عبير عبد الرحمن" لديها جهاز اخترعه زوجها يجعلها قادرة على اختراق عالم الكتب، وأن تصبح بطلة قصصها المفضلة، هذا يعني أن بطلة المسلسل ستكون قادرة على أن تصبح الشخصية الرئيسية في قصص تشارلز ديكنز وأدب دوستويفسكي أو حتى أعمال أكثر حداثية لم يصل إليها خيال الكاتب الأصلي، فالبيئة هنا خصبة تماما..
ومن أهم أعمال احمد خالد توفيق التي تصلح لفيلم سينمائي متوسط الميزانية بحسب الموقع، روايته الأولى "يوتوبيا"، وهي نقد سياسي واجتماعي في ثوب الديستوبيا (أدب المدينة الفاسدة)، حيث في المستقبل القريب تتحول مصر إلى عالم منقسم على ذاته، الطبقة الثرية تعيش في مدينة خاصة بها محاطة بالأسوار، التي تحمي سكانها من الفقراء الذين يوصفون بـ"الرعاع"، ويسكنون ما يشبه المستعمرات، لكن لا يمكن أن يستمر هذا الوضع طويلا، ولذلك ينفجر الصراع في النهاية، وقد كانت هذه الرواية من الأعلى مبيعا عند نشرها، وطبع منها الكثير من الطبعات لتلبية طلبات القراء.
وكذلك من أواخر أعماله التي حظيت بنجاح كبير "في ممر الفئران"، التي مزج فيها بين الخيال العلمي والنقد الاجتماعي، فنتعرف على مجتمع يسوده الظلام الدامس، ويظن سكانه أنهم مصابون بالعمى؛ ولكن تنكشف الحقيقة عندما يعرف بعضهم أن هذا ظلام متعمد من سادة يسيطرون على شعبهم لإضعافهم بشكل منتظم".