تفاصيل الخبر

مدرب اللياقة البدنية جيريمي ميلكونيان: مشاركتي بمسابقة ملك جمال لبنان تجربة مميزة منحتني الكثير ورسالتي للناس الا يفقدوا الأمل مهما اشتدت الصعاب

13/10/2022
مدرب اللياقة البدنية جيريمي ميلكونيان: مشاركتي بمسابقة ملك جمال لبنان تجربة مميزة منحتني الكثير ورسالتي للناس الا يفقدوا الأمل مهما اشتدت الصعاب

مدرب اللياقة البدنية جيريمي ميلكونيان: خسرت ساقي ولكنني لم أفقد عزيمتي وثقتي بنفسي

 

بقلم وردية بطرس

 

مسابقة ملك جمال لبنان لعام 2023  شهدت سابقة  من خلال مشترك في بساق اصطناعية... هي تجربة تحصل للمرة الأولى في مسابقة جمالية ليس فقط في لبنان بل في العالم، وقد منحه أعضاء اللجنة أعلى نسبة علامات بين المشتركين... قصة مدرب اللياقة البدنية جيريمي ميلكونيان ملهمة لكل انسان فقد الأمل بالحياة اثر تعرّضه لحادث مروّع أو مشكلة صحية وغيره بأنه يقدر أن يحقق أحلامه وطموحاته مهما كانت هناك عوائق وصعوبات لأن ارادة الحياة أقوى. لقد خسر جيريمي ميلكونيان ساقه في حادث مروّع تعرّض له في العام 2019 ولكنه لم يفقد عزيمته بل تحدى كل شيء واستطاع أن يقف على قدمه بعد شهر وأسبوعين، من ثم خضع لعملية جراحية حصل خلالها على ساق اصطناعية ليعود الى مزاولة عمله من جديد بعد مرور ستة أشهر على وقوع الحادث لأنه بالنسبة اليه عمله هو حياته ويقوم به بكل شغف... ومنذ أيام ومواقع التواصل الاجتماعي تتداول صور الشاب المتميز الذي ظهر بكل ثقة في مسابقة ملك جمال لبنان لعام 2023 بساق اصطناعية حاملاً رسالة قوية ومعبّرة للناس بألا يفقدوا الأمل لأن الحياة لا تتوقف عند مشكلة بل يجب التحلى بالارادة لمواجهة كل الصعوبات والتحديات.

 

مدرب اللياقة البدنية جيريمي ميلكونيان والتغلّب على الألم

 

وكان لـ "الأفكار" حديث مع جيريمي ميلكونيان لنتعرف أكثر على شاب حوّل الألم الى قصة نجاح وأمل وعن ذلك الحادث الأليم يقول:

تعرّضت للحادث في 27 كانون الأول (ديسمبر)عام 2019، وفي 6 كانون الثاني (يناير)  فقدت ساقي... ما حصل في ذلك اليوم أنني كنت عائداً الى البيت ولم تكن هناك انارة على الطرقات، وكان المطر ينهمر فوقعت بسيارتي داخل الحفرة وتمزّق دولاب السيارة، فخرجت من السيارة ووقفت على جهة اليمين وطبعاً شغلّت "الفلاشر" فاذا بسيارة تصطدم بي حيث كان يقودها شاب بسرعة تبيّن أنه كان قد شرب الكحول، وهكذا وقعت تلك الحادثة ،ولكن طبعاً أقول دائما الحمدلله على كل شيء. عندما تعرّضت للحادث أول ما فكرت به هو كيف سأعود الى مزاولة عملي كـ Fitness trainer" "أو مدرب اللياقة البدنية لأنه بالنسبة الي عملي أهم شيء في حياتي. وبالنسبة الي مهما كانت الحياة صعبة عندما كنت أفكر بالتدريب أتخلص من كل التعب والتوتر لأنه يمنحني الراحة والايجابية، وبفضل التدريب أستطعت أن أستعيد حياتي وعملي.

 

التدريب يمنحني الثقة بالنفس والارادة

 

الى أي مدى ساعدك كونك مدرب لياقة بدنية أن تتغلب على الألم؟

- هذا صحيح كوني مدرب لياقة بدنية تمكنت من مواجهة الأمر لأن التدريب يمنحني الثقة بالنفس والارادة. وأذكر عندما أعلمني الطبيب بأنه اما أن يقطعوا ساقي أو أن أفقد حياتي فبادرته بالسؤال عما اذا اقدر أن أعود الى

Gym" "واذا كان بامكاني مزاولة عملي كمدرب فلا مشكلة اقطع لي ساقي لأنني لا أريد أن أتوقف عن التدريب، فكان الأمر كله متعلقاً بأن أكمل عملي كمدرب لياقة بدنية، وسألته أيضاً كم أحتاج من الوقت لكي أقف على قدمي وأمشي فقال لي سنتين وطبعاً اعتبرت ذلك وقتاً طويلاً، وخضعت لعملية جراحية حصلت فيها على ساق اصطناعية بعد ستة أشهر من وقوع الحادث لأمشي من جديد وأعود الى عملي. وقد وضعت البروتيز بعد ستة أشهر من وقوع الحادث وبدأت أمشي... عندما وقع الحادث كان البلد يواجه الكثير من المشاكل حيث كانت التظاهرات وبداية أزمة الدولار ووصول وباء" الكورونا "الى لبنان، فشاءت الظروف أننا جميعنا لازمنا بيوتنا وهذا ساعدني نفسياً كوني لازمت البيت ، انما كان له جانب سلبي أيضاً لأنني لم أقدر أن أرى أصدقائي وأزاول عملي. فالتدريب يجعل الانسان قوياً ويواجه الصعاب، وبالنسبة الي قررت ألا أتوقف عن التدريب مهما حصل،  بل على العكس أردت أن يستفيد الآخرون من تجربتي وأن يقدّروا النعم التي يتنعّمون بها في حياتهم.

 

* وهل كان الطبيب يحذّرك من مزاولة التدريب كما كنت تفعل قبل الحادث؟

- في البداية طلب مني ألا أحمل وزناً كبيراً، ولكن في النهاية أعرف جسمي، وأقدر أن أتحمل سواء أشعر بألم أم لا، وهكذا تمكنت من تخطي الأمر والآن أحمل 100 كيلوغرام بساق واحد. والحمدلله أنني تمكنت من مزاولة عملي.

 

دعم الأهل لي

 

* وكم كان للأهل دور من حيث الدعم؟

- لا شك أن الأهل داعم كبير، وفي الوقت نفسه لا أقدر الا أن أسير نحو الأمام، والا هم سيفقدون الأمل ،وبالتالي علي أن أّثابر في هذه الحياة وأن أضع الأهداف أمامي وأحققها لكي أمنحهم هذا الشعور وهم بدورهم يدعمونني ويدفعونني الى الأمام.

 

تفاعل ايجابي

 

* وكيف كان تفاعل الأشخاص الذين تدربهم بعدما عدت الى عملك الذي تحبه بشغف؟

- كان التفاعل الأشخاص الذين كنت أدربّهم ايجابياً، فكان الأمر دافعاً كبيراً لهم لكي يواصلوا التدريب مهما كانت الحياة صعبة وبدون تقديم الاعذار للقدوم الى النادي والقيام بالتمارين، خصوصاً بعدما رأونني أعود الى عملي بساق اصطناعي لأنني لم أستسلم بل واجهت كل شيء لأن لدي شغف بعملي.

 

رسالتي للشباب اللبناني أن يحافظوا على سلامتهم والآخرين أثناء القيادة

 

* ما هي رسالتك كشاب لبناني فقد ساقه بحادث سير كما حصل ويحصل مع الكثير من الشباب بسبب الطرقات نتيجة الاهمال والتقصير من قبل المسؤولين؟

- طبعاً الدولة مسؤولة لأنها لا تقوم بعملها كما يجب وأيضاً بما يتعلق بحملات التوعية والتي يجب أن تدخلها الى المناهج التعليمية لتوعية الأولاد منذ صغرهم بأن هناك مخاطر خلال قيادة السيارة. فأولاً ليست هناك رقابة ولا انارة على الطرقات، وحتى أنه لا يوجد رادارات السرعة لردع الناس من القيادة بسرعة، فلو كانت هناك انارة لما وقعت سيارتي في الحفرة. وأود أن أوجه رسالة للشباب بأن يقودوا سياراتهم بمسوؤلية لأنه ليس فقط حياتهم بخطر بل حياة الآخرين، وألا يشربوا ويقودوا لأن ذلك يشكل خطراً على سلامتهم وسلامة الآخرين، وأيضاً ألا يستخدموا الهاتف أثناء القيادة حفاظاً على سلامتهم خصوصاً أن الطرقات غير آمنة.

 

 

المشاركة في مسابقة ملك جمال لبنان لعام 2023

 

* لماذا قررت أن تشارك في ملك جمال لبنان لعام 2023؟ وكيف بدأت الأمور؟ وكيف كانت ردة فعل لجنة الحكم عندما تقدّمت للمسابقة؟

- أحببت أن أوصل صوتي بطريقة ما وليس فقط صوتي بل صوت كل ضحايا حوادث السير في لبنان وذوي الاحتياجات الخاصة. ما حصل أن صديقي قال لي أنني أمشي مثل "الموديل" فمازحني لماذا لا تتقدم لمسابقة ملك جمال لبنان، فأحببت الفكرة وتقّدمت للمسابقة وتم القبول.

ويتابع:

بداية أود أن أشكر الأستاذ نضال بشراوي الذي لم يتركني أشعر بأنني مختلف عن المتبارين الآخرين، لأنه لم يقبلني لأنني فقط خسرت ساقي بل لأنه اعتبر أن لدي كل المعايير لأتقدم لهذه المسابقة ولم يفرّق بيني وبين المتبارين،  فكانت خطوة جميلة جداً من قبله وأيضاً من قبل لجنة الحكم. ويكفيني أنه للمرة الأولى يشارك شخص يعاني من اعاقة في مسابقة ملك جمال لبنان لنظهر وجه لبنان الجميل وبأن هذا البلد ليس مكاناً للحروب والأزمات بل لديه طاقات وكفاءات. ومؤخراً شعرنا جميعنا كلبنانيين بفخر كبير بعد فوز فرقة "ميّاس" ببرنامج America Got Talent "د" "، والانجاز الذي حققه فريق كرة السلة. ونحن كلبنانيين نقدر أن نحقق الكثير من الانجازات اذا تسلّحنا بالارادة والأمل.

 

* وكيف كانت مرحلة التحضير وكيف تفاعل معك المتبارون في المسابقة؟

- كانت تجربة جميلة، وأظهر لي المتبارون الدعم وأحبوا الفكرة أن أكون معهم في هذه المسابقة لأوصل رسالتي للجميع. وهم تفاجئوا أيضاً بعدما رأوا اندفاعي وحماسي حيث استغربوا كيف أن الانسان يقدر أن يشعر بهذا الاندفاع لايصال رسالة معبّرة للآخرين.

 وأضاف: كانت أول تجربة من هذا النوع لأنني لم أفكر يوماً بالمشاركة في ملك جمال لبنان، مع العلم أنه عندما تقدّمت للمسابقة كان الشباب قد بدأوا بالتمرينات فواجهت صعوبة قليلاً ،حيث كنت أحاول أن أدخل بالأجواء معهم بأسرع وقت ممكن، والوقوف على المسرح ومخاطبة الناس ليس أمراً سهلاً لا سيما أنها المرة الأولى بالنسبة الي، وطبعاً تلقيت التدريب المطلوب للمشاركة في هذا الحدث، كما أنها كانت أول مرة أقف لوقت طويل على ساق اصطناعية فهذا الأمر لم يكن سهلاً أيضاً.

 

كان الهدف من المشاركة في المسابقة ايصال صوت ذوي الاحتياجات الخاصة

 

* وماذا توقعت من هذه المسابقة الجمالية؟

- بصراحة لم أتوقع شيئاً ولم أفكر بالحصول على أي لقب من هذه المسابقة، بل كان هدفي ايصال رسالة ماذا بامكاننا أن نفعل للحد من حوادث السير الذي يدفع ثمنها الناس وخصوصاً الشباب. فمهما كانت النتيجة فسأعتبرها أمراً مهماً وأيضاً أن أتمكن من ايصال صوت ذوي الاحتياجات الخاصة. كما أعتبرت هذه المشاركة جرأة لأنه لم يسبق أن رأينا شخص تجرأ للمشاركة بمثل هذه المسابقة بساق اصطناعية.

 

* برأيك ما أهمية التصالح مع أنفسنا؟

- هذا صحيح التصالح مع أنفسنا أمر مهم جداً، لأن الجمال ليس بالجسم يعني الجسم هو تكملة لنا ويعطنيا صورة عن شخصيتنا ولكن من داخل الانسان توجود القوة والايمان والشغف بالحياة، وطبعاً ثقافة الانسان وأخلاقه وتصرفاته وكيف يواجه الحياة وبالتالي كل هذه الأمور هي معايير جمال. وعلى الانسان أن يتحلى بالثقة بالنفس وتعزيزها باللياقة البدنية لأن التدريب يمنح الانسان الثقة بالنفس الذي يحتاجه كل شخص.

ويتابع:

أود أن أقول أمر انه لا شك أن كل اللبنانيين يعانون من حوادث السير في البلد ولكن ما يحصل أن ذوي الاحتياجات الخاصة أو الأشخاص الذين يتعرضون لحادث يفقدون فيه أحد أطرافهم وما شابه أنهم لا يتحركون ويعتبرون أنه يجب أن يلازموا منازلهم ولا يقوموا بأي شيء فهذا غير صحيح لأنه غالبية المشاكل لدى ذوي الاحتياجات الخاصة تأتي من البدانة لأنهم لا يتحركون ويُصابون بالتكلس وبالأمراض لأنهم لا يتدربون ولا يزاولون الرياضة. لهذا أود أن أنصح كل شخص أن يتمرن أقله نصف ساعة كل يوم، وتخصيص هذا الوقت لن يؤثر على يومه على العكس سيمنحه القوة والنشاط. أنصح كل شاب أن يتمرن ويسعدني اذا تواصل معي أي شخص لكي أقوم بتدريبه بكل سرور.

 

مسابقة ملك جمال لبنان عززت ثقتي بنفسي أكثر

 

* ماذا منحتك تجربة المشاركة في مسابقة ملك جمال لبنان؟

- هذه التجربة منحتني الفرصة لايصال صوتي وصوت كل الناس، ومنحتني المزيد من الثقة بالنفس، وتفاعل الناس معي كان جميلاً وأيضاً من قبل لجنة الحكم مما يزيدني طموحاً لأحقق كل أحلامي في الحياة وألا أتوقف هنا، بل اعتبر هذه التجربة البداية لكي أقوم بالمزيد في المستقبل. هذه أول خطوة للمضي نحو الأمام لأحقق أحلامي.

 

فكرة انشاء مركز لتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة

 

* هل لديك فكرة أو مشروع تطمح لتحقيقه بعد هذه التجربة المميزة؟

- أفكر بتأسيس جمعية ، وفي الحقيقة بدأت أعمل ضمن هذه الفكرة، وهي انشاء نادي رياضي أو مركز صغير لتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة. انما طبعاً هذا مشروع كبير ويلزمه التمويل لأنني لا أريد أن أعمل لوحدي بل ستكون هناك حاجة لأشخاص متخصصين في العلاج الفيزيائي، وعلم النفس، ومدربين متخصصين، وأيضاً ربما لأطباء، وبالتالي هذه مسؤولية كبيرة ويجب أن تتم الأمور على أكمل وجه وستكون أول فكرة من هذا النوع تُنفذ في لبنان.

 

عدم الاستسلام والتفكير الايجابي

 

* هل من رسالة أخرى؟

- أقول للناس ألا يستسلموا مهما كانت الظروف قاسية وصعبة، فربنا يمنحما القوة لنواجه كل شيء، وعلى الناس أن يتوجهوا الى اللياقة البدنية لأنهم أولاً سيحركون أجسامهم أكثر وسيساعدهم  1لك للتخلص من الأمراض وتعزيز الثقة بالنفس وتقوية الشخصية. فهذه عوامل مهمة يحتاجها الانسان في وقتنا الصعب في لبنان. كما أن التفكير الايجابي يجذب الأمور الايجابية، فاذا فكرنا بالايجابيات سنستفيد نحن والأشخاص المحيطون بنا. وعلى الصعيد الشخصي تعرّضت للحادث بأسوأ ظروف يمر بها لبنان ولكنني تغلّبت على كل شيء لأن ارادة الحياة أقوى.