كتاب للعميد الركن جان ناصيف صدر مؤخراً ،واصبح في الأسواق وفي المكتبات ، وسيتم توقعيه في 24 الجاري في كلية الأركان برعاية قائد الجيش العماد جوزف عون ، وهو بعنوان:" العميد جان ناصيف/سيرة عسكرية وعبر وطنية/الرئيس فؤاد شهاب /المكتب الثاني _ اللجنة الأمنية الرباعية" على ان يعود ريعه لأبناء شهداء الجيش ، وذلك وفاء وتقديراً لمن قدم حياته فداء عن الوطن وتخليدا لشعار "شرف تضحية وفاء".
والكتاب المشار اليه يتألف من 426 صفحة من الحجم المتوسط تتالف من مقدمة وثمانية اقسام وخاتمة ، وضم عشرات الصور ايضاً ، وهي عبارة عن سيرة ذاتية للعميد ناصيف من جهة ورصد من جهة ثانية للاحداث التي عاشها عن كثب كضابط في الشعبة الثانية(المكتب الثاني) بدءاً من عهد الرئيس الراحل فؤاد شهاب حتى عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي وتؤرخ لاحداث نلك المرحلة.
فالعميد الركن ناصيف ابن بلدة دير القمر والمولود في بشري عام 1934 بحكم خدمة والده فضلو ناصيف هناك كمنتسب للجندرمة اللبنانية ، يكشف عن جوانب من تاريخ عائلته واجداده ، وعن فصول من حياة تنقل العائلة بين المناطق المختلفة بشكل مستمر ، وهذا ما اكسبه ميزة التعرف الى ثقافات جتماعية متنوعة في محيطات دينية مختلفة تتفاعل فيها طوائف لبنان المتعددة بإنسجام وروح الاحترام المتبادل، كما يقول في كتابه ، ليصف فيما بعد مرحلة انضمامه الى الجيش اللبناني كتلميذ ضابط عام 1954 ،وينضم الى الشعبة الثانية ، التي عرف فيها بـ"الدكتيلو" ،وينهي مسيرته العسكرية عام 1993 كقائد للمدرسة الحربية بعدما ساهم في إعادة توحيد الجيش بقيادة العماد اميل لحود .
ويكشف العميد ناضيف هدفه من الكتابة وهو عرض الوقائع والحقائق لاجيال المستقبل وتبيان المؤامرات التي حيكت للبنان بدءا من العام 1970 ، والشهادة لما حاول الرئيس فؤاد شهاب بناءه من مؤسسات عامة تخدم المواطن وتحمي حقوقه وكرامته ومستقبله وما عانى منه من قبل السياسيين الذين رفضوا المشروع الشهابي للإبقاء على منافعهم الطائفية والشخصية ودوام ارتباطاتهم الخارجية، ولالقاء الضوء على عمله ضمن الحلقة الضيقة في جهاز الشعبة الثانية ، خاصة وانه عايش الرئيس شهاب عن كثب وكان من المقربين منه.
ويقول العميد ناصيف انه تعلم من الرئيس شهاب ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها الحزب السوري القومي الاجتماعي عام1961 ،هو ان تجنب إراقة الدماء بين اللبنانيين مسؤولية مقدسة لمن يسعى حقا لخير أبناء الوطن حاضرا ومستقبلا ، فلا يجوز الاقتتال بين اللبنانيين في أي ظرف كان ولاي سبب كان. فهذا الدرس رافقه طوال حياته.
اما العبرة الأهم من التجربة الشهابية ، فهي تمسك الرئيس شهاب بالنظام الديموقراطي وحرصه على تطوير الدولة ومؤسساتها وانظمتها ، معتبراً ان ما قدمته الأجهزة الأمنية لاسيما الشعبة الثانية في تلك الفترة ،كان لحماية لبنان من تخلات اجهزة المخابرات الخارجية ، ولحمايته من الصراعات الإقليمية ما يسمح بالاستقرار الأمني والسياسي والتوازن والأمان والازدهار.
ويختم العميد ناصيف الكتاب بوصية قال فيها: أتمنى من صميم قلبي ان يستفيد شباب اليوم من التجربة الماساوية التي نمر بها ، أي ان يدرك مسبباتها وان يعمل على عدم تكرارها . وأتمنى ان يكون قارىء هذه المذكرات قد ثبّت قناعاته بأن ما يفيد لبنان هي الحكمة والاتزان وروح التضحية وليس التهور والشعبوية وروح الاستفادة والاستغلال ، روح الوحدة بين كافة أبناء الوطن ، لا التفرقة الطائفية والمذهبية الجاهلة ، ورفض الاستزلام الى الخارج والعمل على إعادة بناء مؤسسات الدولة خدمة لاجيالنا القادمة.
وقيل الكثير عن العميد ناصيف عن كتابته لمذكراته ، فالرئيس السابق امين الجميل على سبيل المثال قال عنه: ضابط حكيم ونبيه ، نظبف الكف، يتمتع بعقل متزن وبعد نظر ، كنت قد كلّفته تمثيل الجيش اللبناني في " اللجنة الأمنية الرباعية " وقام بالمهمة الصعبة، التوفيفية بين مختلف الافرقاء ، بحرفية عالية وامانة كاملة ، كان يعالج المواضيع الحساسة بهدوء ونضج وذكاء وفاعلية.
اما رئيس مجلس النواب الراحل حسين الحسيني فقال عنه: يستحق العميد الركن جان ناصيف اكبر التقدير،فهو ركن في تاريخ المؤسسة العسكرية ، وكان مؤهلاً لتبوء أعلى المسؤوليات القيادية في جيشنا الوطني .مذكراته سوف تشكل مرجعاً قيماً لفهم أمور امنية وسياسية مفصلية من تاريخنا المعاصر.