أضحى الحساب الرسمي للممثل السوري القدير أيمن زيدان ملاذاً له للعبير عن أحزانه على شكل كلمات تُعَد بمثابة صوته المتألّم على فراق أحبّته. فقد قدّم حواراً ذاتياً جاء ليصف هذه المشاعر المتعبة، متحدّثاً عن الموت، مشيئة الله التي لا مفرّ منها.
وكتب زيدان في حواره مع ذاته: "كم أنا متعب يا صديقي"، ليجيبه الصوت الآخر: "ارم ِأحمال حزنك فالحياة يجب أن تستمر"، فيردّ قائلاً: "أعرف أنْ لاشيء يوقف جريان الحياة ولكن ماذا عن حصى الأحزان التي تعرقل مجراها؟"، فيعود إليه ذلك الصوت ويقول له: "لن يتغير أي شيء… فأخيراً ستصب في البحر"."
يتابع زيدان حواره: "عندها سيصير زبد البحر شلالات حزن لا ينضب"، فيسأله الصوت الآخر: "وماذا أمامك أن تفعل؟"، فيجيب: "سأقف على منارة المراكب التائهة، وسأصرخ بملء فمي، ترجّل أيّها الموت قليلاً عن صهوة أحبّتنا".
يُذكر أنّ زيدان لم يلبث أن حاول تقبّل فكرة خسارة ابنه، حتى خسر شقيقه الممثل شادي زيدان الذي توفي في شباط (فبراير)الماضي إثر تعرّضه لوعكة صحية مفاجئة خلال وجوده في موقع التصوير. كما صُدِم الوسط الفني السوري والعربي برحيل الفنان محمد قنوع في ثاني أيام عيد الفطر عن 49 عاماً.
وكان زيدان حقق نجاحاً باهراً في موسم رمضان من خلال مسلسل "زقاق الجن" الذي شارك فيه عدد كبير من نجوم الدراما السورية أبرزهم: شكران مرتجي وعبد المنعم عمايري، وأمل عرفة،إضافة إلى المشاركة الأخيرة لشقيقه شادي زيدان، إذ قرر صنّاع العمل وضع صورة الفنان الراحل في التتر وإهداء المسلسل إلى روحه.
وتدورحكاية المسلسل بشكل أساسي حول "أبو نذير" (أيمن زيدان) الرجل المتسلّط الذي يدير امبراطوريَّة عائلية بالقسوة والبطش والترهيب زارعاً الرعب في قلوب أفرادها، ثم تتسع لتشمل حارة كاملة تواجه خطراً غامضاً يتمثّل في اختطاف الأطفال وقتلهم قبل أن يشمل الخطر الكبار مع قتل المختار أبو فهد (أيمن بهنسي). فتتوجَّه الأنظار إلى منطقة "بساتين الجن" القريبة من الحارة والتي يتوارى فيها عدد كبير من المطلوبين للعدالة، ويقطنها أيضاً ناجي (سعد مينة) مع المشعوذة (أمانة والي) التي تولت تربيته منذ أن عُثِرَ عليه لقيطاً، وتتراوح اتهامات الأهالي لناجي بين المسؤوليَّة المباشرة عن الجرائم وبين التسبّب بها عن طريق لعنة مرتبطة به.
لكن الإسقاطات والرسائل التي يحفل بها المسلسل لا تلبث أن تطل برأسها من دون أن تفسد شيئاً من متعة الحكاية، فإن كان الكاتب يقدّم عملاً اجتماعياً له بعد تربوي يحاول من خلاله إلقاء حجر في مياه راكدة منذ مئات السنين، ونقض معتقدات بالية وممارسة دوره في محاولة الارتقاء بالوعي عن طريق الفن، فإنَّه لا يفعل ذلك عن طريق الوعظ والخطابة والتلقين، بل يتقن صنعته ويفيها حقها ويمتلك أدواتها عارفاً أنها بغير ذلك لن تكون ممتعة ولا مؤثّرة.