تفاصيل الخبر

بعد كابتن الطيران والميكانيكية و"شوفورة" التاكسي ايلي انج وهبة تحلم بافتتاح صالونات "حلاقة رجالية" في العالم كله!

12/07/2023
بعد كابتن الطيران والميكانيكية و"شوفورة" التاكسي ايلي انج وهبة تحلم بافتتاح صالونات "حلاقة رجالية" في العالم كله!

ايلي انج في صالونها

بقلم عبير أنطون

 

ليست الازمة الاقتصادية التي يرزج تحتها لبنان السبب الوحيد في اتجاه الجنس اللطيف صوب مهن كانت حكرا على الرجال، ولو انه برزت مؤخرا العديد من المجالات التي تجلت فيها قدرة السيدات على البراعة والتميّز، فأضحت البعض منهن حديث الساعة، ونموذجا يضرب به المثل للجرأة التي يتحلين بها والاقدام الذي لا تلويه في عزيمتهن عادات وتقاليد راسخة. في هذا السياق، برز مؤخرا اسم الصبية ايلي-انج وهبة كأصغر "حلاقة رجالية" في لبنان.

فمن هي ايلي –انج، وكيف دخلت مجالا لا يقتصر فيه الطموح على افتتاح محل واحد انما يتعداه لخارج الحدود ايضا؟ ما المتاعب التي تتعرض لها الصبية الحلوة، وكيف فرضت نفسها في عالم الرجال و"الشنبات" والذقون؟

"الافكار" تلقي الضوء على مسيرة هذه الصبية اليانعة وعلى اسماء عديدة اخرى  اقتحمت عالم الرجال بجدارة ترفع لها القبعة.

قبل ان يلمع اسم ايلي انج وهبة في عالم التزيين الرجالي مؤخرا، برز منذ فترة ، وفي مجال مختلف يشهد له، اسم الصبية جنى صادر، كأول ضابط أنثى طيّار قتال في الجيش اللبناني تقود طائرة حربية.وجنى، ابنة الـ24 ربيعًا ترعرت في بلدة عين إبل الجنوبية في لبنان، ونزِلت إلى العاصمة بيروت، عندما بلغت من العمر 18 عامًا، بهدف إتمام تحصيلها الجامعي، لكن قبل أن تُنهي الفصل الأخير من اختصاصها في مجال الكيمياء، انضمّت إلى الجيش اللبناني الذي كان قد اتّخذ قرارًا بتعزيز دور المرأة في صفوفه.

وبعد إنهاء دراستها في الكلية الحربية، تمّ اختيارها مع زميلين لها، للخضوع لدورة تدريبية في قاعدة لافلين الجوية بولاية تكساس الأميركية لسلاح الجو الأميركي" امتدّت لسنتين". وبعد تخرّجها عادت إلى لبنان كأول ضابط أنثى طيّار تقود الطائرات الحربية، في شباط( فبراير) 2023، وانضمّت إلى قاعدة حامات الجوية حيث بدأت دورة تدريبية على قيادة طائرة

" SUPER TUCANO"

 الحربية، بعدما تدرّبت في الولايات المتحدة على قيادة طائرتي

"TEXAN T-6 وTALOM T-38".

 التحدي!

وقبل صادر، برزت أيضا الكابتن رولا حطيط ابنة الدوير الجنوبية كأول قبطان طائرة مدنية في لبنان، وقد شغلت الاوساط ايضا، للجدارة التي اثبتتها في أكثر من ظرف صعب، هي التي انطوى دخولها هذا العالم على شيء من التحدي، إذ كانت تدرس الرياضيات في الجامعة الأميركية في بيروت. فجاءها أحد الزملاء بإعلان وقع عليه في صحيفة عن حاجة شركة "الميدل ايست"  اللبنانية إلى فتيات في عالم الطيران. ولمّا كان هذا الزميل يخبرها بذلك من منطلق جس النبض الذي لا يخلو من سخرية  في مكان ما، فقد آلت رولا على نفسها أن تخوض هذا العالم، فخضعت للاختبار الأول ونجحت في مواد الرياضيات والفيزياء واللغة الإنكليزية وتقويم الذكاء وأسلوب الاستخدام الآلي. ويومها، كانت في عمر الـ18 عاماً. واللافت انها كانت الوحيدة بين 8 شبان.

وتفوقت رولا وسافرت إلى إسكتلندا لدراسة الطيران، ثم إلى ألمانيا للتدرّب على قيادة الطائرة التي ستستخدمها خلال الرحلات. وتطلّب منها الأمر 10 سنوات للحصول على رتبة كابتن أو الشرائط الأربع.

  وقد عملت مع زوجها لمصلحة شركات طيران خاصة في أوقات معينة، وبرهنت أنها كابتن عالمية، وهذا ما جعلها تستلم بجدارة  مركز الرئاسة الإقليمية لمنظمة اتحاد نقابات الطيارين، من حيث استلامها مركز نائبة الرئيس في منطقة الشرق الأوسط بعد إجراء انتخابات عالمية.

كذلك فقد قادت رولا رحلة طائرة "الميدل إيست" خلال إحدى زيارات الرئيس اللبناني ميشال عون، كما انها قادت رحلة طاقمها مؤلف حصرا من النساء، للمرة الأولى في تاريخ شركة الطيران اللبنانية. وهي كانت صنّفت من قبل موسوعة عالمية كواحدة من الشخصيات الـ 100 المؤثرة عالمياً.

ايلي انج:هذا ما استفزّني!

 التحدي الذي قاد الكابتن رولا حطيط الى الفضاء الواسع، كان هو نفسه الذي قاد ايلي انج وهبة الى تحقيق حلمها،  خاصة بعد ان سمعت احد الرجال يقول لها:"إن مكان السيدات هو المطبخ وليس العمل". "هذا الرأي خلق لدي تحديا، تقول ايلي انج،  وجعلني أصر أكثر على إثبات نفسي وجدارتي وإثبات المساواة بين الجنسين، وأن قوة السيدات تناهز قوة وعزيمة الرجال"، داعية الفتيات اللواتي يتلقين التشجيع أوالانتقاد إلى "الإصرار على امتهان العمل الذي يرغبن به، وعدم الانجرار وراء أي آراء محبطة وغير مشجعة، وعدم الاكتراث للانتقادات".

هذا التشبث بتحقيق الحلم قاد ابنة العشرين ربيعا لتفتتح  لها صالون حلاقة رجالي في لبنان. الطريق لم يكن معبدا بالورود، وكان الاعتراض على هذا الخيار يأتيها من أقرب المقربين، من والدها الذي كانت تمسك يده لتذهب معه الى صالون الحلاقة حيث يقص هو شعره، وتشرع هي في حلمها. فقد كان تتمنى ان تخوض هذا الغمار بدورها، لتصبح اليوم أصغر حلاقة رجالية في لبنان وربما في العالم العربي، وافتتحت صالونها الخاص للتزيين الرجالي في بلدتها كفرشيما قرب بيروت، بعد أن انضم والدها إلى والدتها بالموافقة والدعم.

 والدها هذا كان زبونها الاول في الصالون الخاص بها، وهو عبارة عن شقة ملاصقة لشقته في المبنى نفسه والتي وضعت ايلي انج عينها عليها لافتتاح الصالون فيها، وهي في ذلك"استغلت" كونها غنوجة البيت ووحيدة أهلها. وتقول في هذا الصدد:هم "لا يرفضون لي طلبا، وتركوا لي حرية الاختيار، علمًا أنهم اعتقدوا أنني لن ألتزم بهذه المهنة على المدى الطويل وسأستبدلها عاجلا أم آجلا لكن هذا لم يحصل". وتروي عن قص شعر والدها في يومها الاول في الصالون : "أول متطوع كان والدي، كنت خائفة وارتكبت بعض الأخطاء في التعامل معه عند القص وتصفيف الشعر، لكن دعمني الحاضرون  ولم يخافوا من أن أقصّ لهم شعرهم في مقابل بعض الزبائن الذين يخافون من أن تقص شعرهم فتاة".

 لقد عملت ايلي انج على ادخار"كل دولار" كما تقول لانجاز المهمة، وتقول في هذا السياق:"لمدة تزيد عن السنة ونصف، وفرت كل دولار وحرمت نفسي من بعض الملابس الجديدة لتأمين الكراسي والأدوات والمعدات للصالون من دون الاستعانة بأحد.كنت أضع الأغراض في شقتي دون أن يكون لي أي مخطط لفتح صالوني الخاص".

وتابعت تتذكر: قبل ان افتتح صالوني الخاص، حصل خلاف بيني وبين صاحب العمل وغادرتُ العمل في احد الايام، لأبدأ مرحلة من الضغط النفسي والحزن لأني لا أعمل ولا أعرف كيف أتصرف.

 وفي حين ان الزبائن كانوا يتصلون بي ليحصلوا على موعد،  كنت أحيانا أذهب لمنزلهم، وبعدما كثرت المواعيد قررت أن أنشئ صالوني الخاص وهم يأتون إلي بدل الذهاب إليهم، مقدمة لزبائن المحل الذين تحولوا إلى عائلة، مكانا ليلعبوا طاولة الزهر خلال انتظار دورهم، وهم فرحوا جدا بهذا الأمر".

وتؤكد ايلي انج: نسبة الزبائن ترتفع بين يوم وآخر...صالوني يعمل كالنار... ويقصدني زبائن من الشمال والجنوب وكسروان وزحلة... تعبت سنة لأرتاح بقية السنوات. لن أكتفي بهذا الصالون بل أطمح إلى العالمية، وافتتاح فروع في الخارج". وتقدم وهبة اليوم في صالونها  خدمات مختلفة  من بينها "إزالة الشعر بالليزر وإزالة الوشم كما أنها "لا تذهب إلى أي عامل صيانة"، بل تصلح معدات الحلاقة وقص الشعر بنفسها.

 تطوير الذات...

 

قبل ان تفتتح ايلي انج صالونها الخاص، غذّت موهبتها بالدورات المناسبة وهي تشرح بالقول: "بعد نيلي الشهادة المتوسطة، دخلت معهدًا لتعلم الحلاقة للرجال، وبعدها بدأت بالعمل في صالونات عدة في منطقتي ومناطق مجاورة. في المعهد حيث تعلمت المهنة كنت الفتاة الوحيدة بين 15 شابا وكنت المدللة هناك، ولغاية اليوم لا ازال على تواصل معهم ومع الأساتذة".

 وتطور ايلي انج نفسها بشكل دائم عبر متابعة كل مستجدات موضة القصات والأشكال والألوان خارج لبنان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما انها تعطي دورات لتلامذة، وتعلّمهم أصول وخفايا هذه المهنة "ليكون هناك أكثر من إلي آنج في المجتمع".

لكن ماذا عن  ابرز الصعوبات التقنية التي واجهت ايلي انج؟ لقد كانت قصّ الشعر من الجهة العلوية،تجيب، لأن ذلك يتطلب أصابع طويلة بينما أصابيعي صغيرة، وأخذت بعض التقنيات سنوات لأمتهنها بشكل تامّ، حتى صرت اليوم واثقة من نفسي وأستطيع التعامل مع أي نوع شعر أمامي".

وبغير الصعوبات التقنية التي اضحت من الماضي اليوم، فإنها كانت تواجه صعوبات "تمييزية" لما كانت تتقدم لوظيفة:" لقد عملت لنحو 4 سنوات في صالونات أخرى، الأمر الذي لم يخلُ من المعاناة عند تقديم طلب الوظيفة، والتمييز الذي لاقيته خلال فترة التدريب مقارنة بزملائي من الشبّان كان كبيرا". وعانيت من فترة التمرين والامتحان التي كانت تطول أكثر مقارنة بشاب جديد في الوظيفة، حتى إنهم كانوا يمتحنون طريقة تعاملي مع الرجال وليس فقط طريقة عملي".

 قد تكون ايلي انج اصغر من افتتح صالونا للحلاقة الرجالية في لبنان لكن السيدة غادة كعكاني كانت سبقتها الى ذلك تاركة منصبها في مصرف لبنان بعد عشرين عاما، لتفتتح صالونها الخاص ايضا بالحلاقة الرجالية على أوتوستراد بشارة الخوري في بيروت وكان طموح غادة كان أبعد بكثير من أن تبقى موظفة تنتظر راتبها آخر كل شهر!