تفاصيل الخبر

تجربة رائدة في محمية "مار موسى" المذهلة : سياحة داخلية لمن يعانون من صعوبة تحرك وإعاقة بالنظر!

19/07/2023
تجربة رائدة في محمية "مار موسى" المذهلة : سياحة داخلية لمن يعانون من صعوبة تحرك وإعاقة بالنظر!

من المبادرة الرائدة

 

بقلم عبير انطون

 

نداء الطبيعة اللبنانية يلبيه الكثيرون هذا الصيف، حيث اضحت رياضة المشي او"الهايكنغ" من أبرز ما يقوم به اللبنانيون مستكشفين جمال بلدهم وجباله وساحله وما يقدمه لهم من متعة للعين والروح، فيفرجون عن انفسهم، ويقومون بالرياضة مغذين جسدهم بافضل طاقة، في سياحة داخلية لم تعد تقتصرعلى اهل البلد المقيمين انما تبلغ ايضا اولئك المنتشرين الذين يزورون مسقط الرأس مستكشفين الجذور او سائرين جنب سياح قادمين من الدول العربية والغربية.

لكن هناك فئة من محبي الطبيعة قد يصعب عليها القيام بالمهمة الممتعة لاعتبارات صحية ولوجستية، ابرزهم الذين يعانون من صعوبة تحرك واعاقة بالنظر. فهل يحرم هؤلاء من متعة الاستكشاف ام ان هناك من اهتم بالامر في مبادرة ترفع لها القبعة؟

"الافكار" تطلعكم على مبادرة رائدة للسير في الطبيعة لمن يعانون معوقات في المشي او النظرما بين جمعية "درب الحبل اللبناني" ومحمية مار موسى ومنصة "فانتور"...

لا يختلف اثنان حول الفوائد العديدة التي توفرها رياضة المشي في الطبيعة، ابرزها في الشق الرياضي الجسدي، وهو أكثر ما يهم السيدات، القدرة على حرق السعرات الحرارية أكثر من المشي العادي، وهذا يرجع إلى وجود التلال والأرض غير المنتظمة التي يجب على المشاركين المشي فوقها بجهد أكبر. كذلك تساهم رياضة المشي ببناء عضلات الساقين والفخذين، وتحسين قدرات الممارسين على الاتزان، وإبعاد خطر السمنة، كما إن للهايكنغ فوائد كثيرة فيما يتعلق بصحة القلب وضغط الدم والسكري وهشاشة العظام وغيرها.

وللرياضة هذه شق نفسي ايضا لا بد من التوقف عنده، إذ أنها تشكل في قسم منها رياضة تحدي لمواجهة الصعوبات التي قد تطالع الماشي في المسارات المختلفة، كما وانها تساهم في تعزيز الارادة وجعلها صلبة في تخطي اية عوائق، فضلا انها تحفزعلى التأمل بالطبيعة وبالذات وبالامكانات، وهذه جميعها تلتقي مع من يعاني صعوبة او اعاقة ما، في المشي او النظر اوغيرها. وتقول احدى الطبيبات التي تمارس هواية ال"هايكنغ" بشغف في أعالي جبال لبان ودروبه "لهذه الرياضة  فوائد بالجملة، منها تقوية القدرات الذهنية أكثر من الرياضات الأخرى، لكونها تسعى لاستكشاف الطرق والمسارات الطبيعية الجديدة التي لم يعتد الدماغ على التعامل معها من قبل، وهو ما يدفع الدماغ للتأقلم معها وإيجاد السبل الأنسب لاجتيازها".

نحن هنا!

هذا التأقلم والتحدي المجبول بالارادة  كان موجودا في المبادرة التي اتخذتها منصة   فانتور"لصاحبتها ريتا نعمة

"Vanture"

بهدف تشجع السياحة الداخلية لمن يعانون من صعوبة تحرك وإعاقة بالنظر، اذ واكبت

 كلّا من جمعية "درب الجبل اللبناني"

) Lebanese Mountain Trail Association (LMTA)

  و"محمية جبل موسى"، في  أول برنامج للمشي لمسافات طويلة في الشرق الأوسط مصمم خصيصاً لشبابٍ لبنانيين يعانون من صعوبة في المشي او النظر جالوا في قسم كبير من المحمية خلال يوم كامل، وذلك بهدف خلق بيئة شاملة لاستكشاف جمال الجبال اللبنانية والاستمتاع بفوائد الأنشطة الخارجية.

وقد اهتمت جمعية "درب الجبل اللبناني" بهذه المبادرة لإتاحة الفرصة لهم للتواصل مع الطبيعة، وتجربة متعة المشي من خلال تطوير معدات متخصصة، جُهزت مع خبراء ومنظمات عالميين، مع مراعاة عوامل مثل التنقل والاستقرار والراحة.

كذلك، فقد اتخذت "محمية جبل موسى" جميع الخطوات لضمان وسلامة المسارات والمرافق لاستيعاب صعوبة تحركهم.

وتقول ريتا نعمة صاحب منصة

حول المبادرة الرائدة:"Vanture "

"مهما كان الألم والصعوبات كبيران لا يجب أن نفقد الإيمان والأمل أبداً". وأضافت: "تذكروا، أينما تأخذكم رحلتكم، سواء كان ذلك على طول مسار جبال لبنان أو ما وراءه، اغتنموا الفرصة للتواصل مع الطبيعة، وتجربة مغامرات جديدة، وتمعنوا في الثقافة الغنية والضيافة التي تقدمها كل وجهة".

و"فانتور" منصة انشأتها نعمة للتركيز على شقين: السياحة والعمل الإنساني. وعن تأسيسها تشرح بالقول:"أرغب بإحداث تأثير إيجابي في حياة الناس والترويج لجمال لبنان. لقد استوحيت فكرة

"Vanture"

 من رغبتي لاستكشاف وجهات مختلفة وإيماني بقوة سرد القصص في منصة متكاملة. أردت إنشاء منصة تجمع بين السياحة وتسليط الضوء على القصص الإنسانية. ومن خلال التخطيط الدقيق والتنفيذ، طوّرت المفهوم من خلال البحث في اتجاهات السفر، والانخراط مع المجتمعات المحلية".

 و تعتبر نعمة ان منصتها تختلف عن مثيلاتها بأنها تتميز ببرنامج  يشكل مزيجا فريدا من    السياحة ورواية القصص الإنسانية. ففي حين تركز المنصة على عرض مناطق الجذب السياحي، نراها أيضاً تسلط الضوء على القصص الإنسانسة والاجتماعية وراء تلك الوجهات. إنها تتجاوز التجارب السطحية بهدف إنشاء روابط ذات معنى وزيادة الوعي بالقضايا الاجتماعية".

يذكر ان ريتا نعمة السيدة اللبنانية كانت هاجرت لـ 11 عاماً إلى كندا وعادت إلى وطنها الأم لبنان لتجول من خلال "فان" مخصص مختلف بقاع الوطن وتظهر صورته الحقيقية الجميلة مع عرضها لحالات إنسانية بهدف ترك بصمة إيجابية، وذلك عبر برنامجها  

"Vanture"

  اذ تبرز البعض من ذوي الاحتياجات الخاصة، فيما البعض الآخر يتحدى ذاته وظروفه الصعبة من أجل تحقيق أحلامه وطموحاته. اما حلمها التالي فهو" الاستمرار في توسيع

"Vanture"

 وجعل المنصة عالمية بهدف الترويج للسياحة المستدامة، وعرض القصص الإنسانية، وتعزيز التفاهم بين الثقافات. كما "أهدف إلى إلهام الأفراد وتمكينهم لتبني رحلاتهم الخاصة وإحداث تغيير إيجابي في العالم "تقول ريتا، وهي تشكر كل من جمعية "درب الجبل اللبناني" و"محمية جبل موسى" على هذه المغامرة الهادفة، وأنهت: "استمروا في المغامرة واحتضان جمال لبنان.

 لوحة بريشة الخالق!

يذكر ان" جمعية درب الجبل" تأسست في 31 تشرين الأول ( أكتوبر) 2007، ومن أهدافها، تطوير وصيانة وحماية مسار جبل لبنان، إنشاء ممرات جانبية على مسار جبل لبنان ، حماية التراث الطبيعي والثقافي والمعماري والمعالم القريبة من المسار وتعزيز الفرص الاقتصادية من خلال تشجيع السياحة المسؤولة.

     اما "محمية جبل موسى والمعروفة ب"محمية جبل موسى للمحيط الحيوي" فهي فسيفساء حقيقية من الطبيعة والثقافة والمناظر الطبيعيّة الخلّابة والتنوّع البيولوجيّ الغنيّ الفريد الذي لا يزال بمنأى عن التلوَّث، بما فيه "وادي أدونيس".  ويقال إن المحمية عُرفت بهذا الاسم نسبة لعائلة لبنانية كانت تملك أراضيها. في حين يتردد أن أحد الرهبان (موسى) سكنها وتنسك بين أحضانها وصارت تعرف باسمه "جبل موسى".

وتتضمّن المحميّة "بحيرة شوان" التي باتت مقصداً لمَن يريد الاستمتاع بصوت الطبيعة بين الشلالات والمياه الباردة الصافية، وحيث يمكن للراغبين خوض تجربة التخييم.

وفيما تحظى بحيرة شوان برواج كبيرٍ، لم يكن يعرف الكثيرون أنّها تقع ضمن نطاق محميّة جبل موسى، التي فازت للسنة الثالثة على التوالي بجائزة

"Travelers Choice Award"

 للعام 2022 الصادرة عن موقع

"Tripadvisor"

 العالمي. وصنّفت المحميّة من بين أفضل 10 في المئة من المواقع السياحيّة العالميّة؛ وذلك بناءً على تقييمات وتعليقات الزوار الإيجابيّة خلال العام 2021.

 هذا وقد عملت المحمية على تطوير قدراتها السياحيّة التنافسيّة، فاستحدثت أخيراً مسارات جديدة كالتحويلة الثقافيّة، والدّرج الرومانيّ، ومسار البنفسج، إضافة إلى ترميم وصيانة موقع البيوت والمسارات المؤدّية إليها. كذلك تمّت زيادة عدد بيوت الضيافة، وجرى العمل على تعزيز خدماتها وسلامة غذائها، بالإضافة إلى تدريب مجموعة جديدة من المُرشدين السياحيّين وإطلاق مجموعة من النشاطات السياحيّة المرتبطة برياضة المشي في المحميّة، بما يعكس التراث الريفيّ اللبنانيّ، وذلك لتقديم أفضل تجربة.

 ومسار بحيرة شوان واحدٌ من مسارات محميّة جبل موسى الـ15، منها 3 مسارات في شوان، تتفرّع إلى مسار ثقافيّ، ومسار البحيرة، ومسار الأطلب الطويل.

وعند احتساب مسارات المشي الـ15، التي تشكّل حلقة واحدة، تصبح المسافة الإجماليّة للحلقة حوالَي 19 كيلومتراً. يُمكن إكمالها في يوم واحد (للمتنزّهين ذوي الخبرة العالية فقط)، أو على فترة يومين، مع إمكانية الإقامة لليلة واحدة في أحد بيوت الضيافة المنتشرة في المنطقة.

ويمكن للزائرين التجوال في المحمية، وممارسة الـ

"Hiking"

  بسلام ، مع التعرّف الإرث الثقافيّ والبيئيّ فيها، حيث 6 أنواع من النباتات غير موجودة في العالم كلّه كما ويصل عدد النباتات فيها إلى نحو 727 نبتة. وبينها 114 نوعاً يستخدم في المجال الطبي. ومن بين هذه الزهور 26 نبتة تتوفر فقط في لبنان، و6 أزهار أخرى لا يمكن إيجادها إلا في جبل موسى.

ومن بين تلك الأزهار "كف الدب" و"أويسة بيرون"، وهذه الأخيرة اكتشفها عالم بيولوجي فرنسي فعُرفت باسمه منذ القرن الثامن عشر. أما زهرة "سيكلامان ليبانوتيكوم" والموجودة فقط في جبل موسى، فقد اكتشفها الزوجان جورج وهنرييت طعمة في عام 2011. وينضم "جبل موسى" إلى موقعين آخرين في لبنان على لائحة "اليونيسكو"، وهما أرز الشوف وجبل الريحان في منطقة الليطاني.  

وتعرض المحميّة "المونة" المحضَّرة على أيدي سيّدات المنطقة، والمنتجات اليدوية المعدّة للبيع كتذكارات.

 وتشكل المحمية اليوم وبحيرة شوان ضمناً نشاطاً اقتصادياً واستدامة للعديد من عائلات المجتمع المحلي، من بيوت الضيافة والمطاعم والمقاهي الصغيرة والدّكاكين التي فتحت حول المحميّة، وحول مداخل المحميّة أيضاً، والتي أقام فيها بعض من أبناء المنطقة، بعد أن رأوا استقطاب المحميّة الكبير للزوار.