تفاصيل الخبر

زيارة "ماكينزي" الأولى لبيروت دعم للجيش ولا مبالاة حيال الحكومــــة!

15/07/2020
زيارة "ماكينزي" الأولى لبيروت  دعم للجيش ولا مبالاة حيال الحكومــــة!

زيارة "ماكينزي" الأولى لبيروت دعم للجيش ولا مبالاة حيال الحكومــــة!

 

[caption id="attachment_79576" align="aligncenter" width="594"] الرئيس ميشال عون يستقبل الجنرال كينيث ماكينزي والسفيرة دوروثي شيا في الاسبوع الماضي.[/caption]

 رسالتان أميركيتان تبلغهما لبنان الاسبوع الماضي. الأولى أتت من خلال الإعلام وتولاها وزير الخارجية الاميركية "مايك بومبيو"، والثانية وصلت مباشرة من خلال زيارة قائد المنطقة الوسطى في الجيش الاميركي الجنرال "كينيث ماكينزي" الذي حط في بيروت للمرة الاولى منذ تعيينه في منصبه الحساس خلفاً للجنرال "جوزف فوتيل". وفي الرسالتين الاميركيتين المتزامنتين أدرك المسؤولون في لبنان ان واشنطن التي اكدت التزامها دعم الجيش اللبناني للمساعدة في تحقيق السيادة والاستقلال، ماضية في سياستها ضد حزب الله وفي تعزيز الحصار عليه وعلى ايران وتجفيف الموارد المالية كجزء اساسي من هذا الحصار.

 الرسالة السياسية، التي لا يريد البعض فصلها عن الرسالة الامنية التي نقلها الجنرال "ماكينزي"، كانت واضحة لجهة المطالبة بحكومة مستقلة، وأن واشنطن ستواصل الضغط على حزب الله ومساعدة الشعب اللبناني على اقامة "حكومة ناجحة"... اما الرسالة الامنية فلم تخرج عن حدود السياسة الاميركية المرسومة للبنان لجهة دعم المؤسسة العسكرية "الضامنة الاساسية للاستقرار"، مع الاشادة بما حققه الجيش من انجازات عسكرية اظهرت قدرات عالية على القتال والتميز في التدريبات التي قال "ماكينزي" إنها ستستمر وتتكثف وفق برنامج سيعد من اجل ذلك. وبدا واضحاً من كلام الجنرال "ماكينزي" ان برنامج المساعدات العسكرية للجيش قائم ولن يتأثر بما هو جار في السياسة وهو ما شدد عليه الضيف الاميركي اكثر من مرة، في اشارة الى ان ما يدور في الكونغرس الاميركي حول تعديل في برنامج الجيش او حتى المطالبة بوقفه، لا مكان له لدى القيادة العسكرية الاميركية التي ترى في الجيش اللبناني قدرات تحتاج الى تنمية وتطوير وهي اهل لذلك.

 لم يتحدث "ماكينزي" خلال وجوده في بيروت امام مضيفيه عن حزب الله ولا عن "قانون قيصر" وحصر حديثه في الشق العسكري وكأنه بذلك أراد ان يعطي لزيارته بعداً عسكرياً ومهنياً ويؤكد على دور الجيش الذي ارهق رجاله في "حروب" الداخل عوضاً ان يبقى على الحدود الشمالية والشرقية يحفظها ويمنع اي تسلل عبرها. والجنرال "ماكينزي" استعمل عبارة التزام واشنطن تقديم الدعم القوي للجيش "كمدافع وحام لسيادة لبنان" ويمكــــن الاعتمــاد عليه (على ماكينزي) لمواصلة الدفاع على استمرار العلاقة المميزة بين الجيشين اللبناني والاميركي. وقد قرأ المسؤولون اللبنانيون عبارة "مدافع وحام لسيادة لبنان" وكأن لها اكثر من معنى ظل في داخل "ماكينزي"، لكن الرسائل تقرأ عادة من عناوينها، وكان "ماكينزي" واضحاً في ايصال الرسالة من دون اي اجتهاد او تفسيرات اضافية.

إهتمام كبير بالجيش

 ولاحظ المراقبون ان السفيرة "دوروثي شيا" التي رافقت الجنرال "ماكينزي" في لقاءاته لم تتدخل مطلقاً في حوار الضابط الضيف مع الرسميين الذين التقاهم وقدم لهم مقارباته بهدوء مميز، وفي ذلك اشارة ايضا الى ان الشق العسكري في العلاقة مع الجيش اللبناني سيتولاه الجنرال "ماكينزي" مباشرة عبر الضباط الاميركيين الموجودين في لبنان لتأمين التواصل مع الضباط اللبنانيين الذين يتولون تنسيق المساعدات الاميركية للجيش وتنظيم الدورات التدريبية ومشاركة العسكريين اللبنانيين فيها... وعندما سمع الجنرال "ماكينزي" من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان الضغوط تزداد على الجيش نتيجة المهمات والمسؤوليات الملقاة على عاتقه، رد بأن العسكريين اللبنانيين لديهم مناقبية عالية وقدرة على التحمل كبيرة وأن الدعم الاميركي لهم سوف يستمر، في القيادة والتدريب، وكان الضيف الاميركي سعيداً وهو يسمع الرئيس عون يقول له كيف نجح الجيش في تنفيذ عمليات ومهمات استخباراتية واستباقية حققت نجاحات عدة في وجه الجماعات الارهابية والتكفيرية. ومنذ العام 2017 لم يتعرض لبنان لاي عملية ارهابية من هذه المجموعات، وأن الجيش خاض على الحدود مع سوريا معركة الجرود وساهم في تحرير ارضه وضرب الارهاب وقضى على اكثر من خلية نائمة وحقق انجازات كبيرة في الميدان، وأن تلك المعارك في الجرود حاصرت المجموعات التي كانت تعمل للدخول الى المناطق اللبنانية واستهدافها. وأراد رئيس الجمهورية ان يبلغه بطريقة غير مباشرة من خلال رسائل بأن الاميركيين يرحبون بمثل هذه الاهداف ويحبذونها وأن الجيش قام بمهماته هذه بحرفية عسكرية وامنية عاليتين.

 وفي خلاصة زيارة "ماكينزي" التي تخطت حدود التعارف مع المسؤولين اللبنانيين كان من الملاحظ ان الجنرال الاميركي يتعاطى مع الملفات التي تخص لبنان بتصميم وهدوء ووضوح. ولم يتم التطرق في زيارته الى بعبدا الى " قانون قيصر" ولا الى مسألة ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل، لكن عون شدد على ضرورة ان يبقى الخط الازرق هادئاً ومن دون خروق ولم يتم التطرق الى دور "حزب الله" في البلد ولم يتم ذكر اسمه في اللقاء مع رئيس الجمهورية. كذلك  لم يتناول" ماكينزي" حركة الاعتراض غير المرحبة به على طريق المطار بل عبر عن اعجابه بطقس لبنان الجميل وكان قد نزل موكبه المؤلف من طوافتين في النادي العسكري في المنارة وسط اجراءات امنية مشددة على طول الطريق التي سلكها في العاصمة. وتمنى له عون ان تكون زيارته الثانية في اوقات وظروف افضل وأن يكون لديه وقت أطول وسنتكلم عندها اكثر.

 لقد بدا واضحاً ان واشنطن تفصل بين العلاقة مع الجيش اللبناني، والعلاقة مع الحكومة اللبنانية وكل ما يقال عن ارتباط بين العلاقتين لا يرقى الى الحقيقة بصلة وعليه فهي تتعامل مع الجيش على انه "شريك قوي" ينبغي دعمه وتوفير الامكانات الضرورية له ليبقى قادراً على أدائه مهامه، فيما تعتبر الحكومة غير قادرة على أداء مهمتها السياسية بنجاح وهي – اي الحكومة- تتعثر في مسيرتها وتؤخر الاصلاحات وتترك باب الاجتهاد مفتوحا حول مستقبل لبنان وموعد "انهياره" اقتصادياً ومالياً. لا تقبل واشنطن، كما يقول العارفون، بأن يمس الجيش اللبناني بأي ضرر حتى ولو اضطرت الى تقديم المأكل الى جانب العتاد وقد اسف الجنرال "ماكينزي" عندما عرف ان اللحم لم يعد مؤمناً للجيش في طعامه بسبب الظروف المالية التي تمر بها المؤسسة العسكرية، وستكون هناك مبادرة اميركية في هذا الاتجاه خلال الايام القليلة المقبلة....

 في المحصلة، واشنطن مع الجيش "في السراء والضراء"، وليست مع السلطة السياسية حتى "تصحح" الاداء وتبادر الى الانجازات الموعودة!.