تفاصيل الخبر

زيارة ”ماكرون“ لبيروت باتت بحكم المؤجلة للمرة الثالثة حتى لو شُكّلت ”الحكومة المتوازنة“ بدعم المجتمع الدولي!

31/01/2019
زيارة ”ماكرون“ لبيروت باتت بحكم المؤجلة للمرة الثالثة  حتى لو شُكّلت ”الحكومة المتوازنة“ بدعم المجتمع الدولي!

زيارة ”ماكرون“ لبيروت باتت بحكم المؤجلة للمرة الثالثة حتى لو شُكّلت ”الحكومة المتوازنة“ بدعم المجتمع الدولي!

لن يكون من السهل على المسؤولين اللبنانيين إقناع المسؤولين الفرنسيين هذه المرة بعدم تأجيل زيارة الرئيس الفرنسي <ايمانويل ماكرون> لبيروت والتي كانت مقررة في 12 و13 شباط/ فبراير المقبل، ذلك أن دوائر <الإيليزيه> تتجه وفق مصادر ديبلوماسية مطلعة الى الإعلان عن التأجيل، وذلك للمرة الثالثة بعدما كانت الزيارة تحددت في نيسان/ أبريل الماضي ثم أرجئت كي لا تفسّر تدخلاً فرنسياً في الانتخابات النيابية التي كانت ستحصل في أوائل أيار/ مايو الماضي، ثم أعطت الدوائر الرئاسية الفرنسية تاريخاً آخر في شهر أيلول/ سبتمبر من العام الماضي بحيث تشمل الزيارة العراق ولبنان، إلا أن التطورات السياسية التي شهدها العراق في ذلك التاريخ ثم تعثر تشكيل الحكومة العتيدة في بيروت حتّما تأجيل الزيارة الى شهر شباط/ فبراير المقبل.

اتجاه باريس لتأجيل زيارة الرئيس <ماكرون> - اذا حصل - لن يكون مفاجئاً للمسؤولين اللبنانيين الذين تبلغوا مباشرة حيناً ومداورة أحياناً، أنه لن يكون في مقدور الرئيس الفرنسي الحضور الى بيروت إذا لم تكن الحكومة قد تشكلت، وانطلقت العملية الاصلاحية التي شجع عليها المشاركون في مؤتمر <سيدر> في العاصمة الفرنسية، لاسيما وأن <ماكرون> يريد من خلال هذه الزيارة تجديد التأكيد على أن باريس عازمة على وضع <كل ثقلها> الأوروبي والدولي من أجل مساعدة لبنان على النهوض باقتصاده الذي يزداد تعثراً يوماً بعد يوم، إضافة الى تشجيع الدول الصديقة لفرنسا على المساهمة في هذا الدعم من خلال إعطاء الضوء الأخضر الى المؤسسات المرتبطة بها للاستثمار في لبنان أو مواكبة عملية النهوض من جديد، إضافة الى رغبة رئاسية فرنسية في تفعيل الغطاء الدولي للاستقرار في لبنان الذي يساعد كثيراً في إعادة الثقة الدولية ببلاد الأرز ويحفّز رجال الأعمال الفرنسيين والأوروبيين على الاستثمار فيه، خصوصاً أن <ماكرون> أشار الى رغبته في أن ترافقه في الزيارة مجموعة من المستثمرين الفرنسيين.

 

<ماكرون>: <أنا متألم>!

وكشفت مصادر ديبلوماسية لـ<الأفكار> أن الرئيس <ماكرون> شدد أمام مجموعة من الفرنسيين من أصل لبناني عملوا معه خلال حملته الانتخابية ويعتبرون من المقربين إليه، أنه يشعر بـ<الألم> لعدم تجاوب القيادات اللبنانية مع الدعوات المتتالية التي أطلقها - مباشرة أو مداورة - للإسراع في تشكيل الحكومة وتفادي الفراغ في السلطة التنفيذية، لا بل بالعكس أمعنت هذه القيادات في <اختراع> الأسباب لعدم تأليف الحكومة، وهو أمر لا <يهضمه> الرئيس الفرنسي لاسيما وأن الأصداء التي تصل الى باريس عن أسباب تعثر تشكيل الحكومة تقول بأنها <غير جوهرية> ولا هي تمس كيان الدولة اللبنانية بل هي مجرد <صراع على الوزارات> ليس إلا، من دون أن تعي هذه القيادات خطورة بقاء البلاد من دون حكومة وسط متغيرات اقليمية متسارعة وتداعيات حروب في الجوار ليست سهلة مطلقاً. وتضيف المصادر الديبلوماسية أن <المبالغة> في التصرف في الملف الحكومي التي يعتمدها بعض السياسيين - ومن بينهم من هو قريب جداً الى مراكز القرار - تجعل الثقة الدولية بلبنان الى تراجع مع ما يعني ذلك من تدني القدرة على المعالجة.

وفي اعتقاد المصادر الديبلوماسية نفسها، أن الزيارة الرئاسية الفرنسية باتت بحكم المؤجلة لأنه حتى ولو شُكّلت الحكومة الأسبوع المقبل فإن نيلها الثقة قد يستغرق شهراً كاملاً يوزع على إعداد البيان الوزاري وإقراره في مجلس الوزراء ثم إحالته على لجنة المال والموازنة النيابية لتقول كلمتها فيه قبل مناقشته في جلسة عامة يدعو إليها الرئيس نبيه بري. وهذه الآلية الدستورية قد تستهلك شهراً كاملاً وفق ما هو محدد في الدستور، وبذلك يكون الشهر قد انقضى والحكومة لم تنل الثقة بعد وهو أمر يجعل الزيارة الرئاسية الفرنسية بحكم المؤجلة.

موسكو على الخط...

وتقرّ المصادر نفسها أن <الانزعاج> الفرنسي من عدم الإسراع في تشكيل الحكومة ليس <حكراً> على الفرنسيين وحدهم بدليل أن سفراء دول كبرى في بيروت يتابعون بـ<قلق> الجدل القائم حول التركيبة الحكومية على مستوى الحقائب والأشخاص، ويسدون النصيحة تلو النصيحة بضرورة إعادة الانتظام الى المؤسسات الدستورية وأولها السلطة التنفيذية، وأن على اللبنانيين أن يساعدوا أنفسهم لتأمين ظروف طبيعية لتأليف الحكومة على أن تكون <متوازنة>، للنهوض اقتصادياً واجتماعياً بلبنان بعد سنوات من التعثر. وأكدت المصادر أن روسيا ليست بعيدة عن الاتصالات الجارية داخل لبنان وخارجه بهدف تحقيق الإنجاز الحكومي، وهي - أي موسكو - وعدت بالتدخل مباشرة مع حلفائها لتخفيف الضغط على الرئيس الحريري وتشجيعه على المضي قدماً في تقديم اللائحة الحكومية الى الرئيس عون الذي طال هو الآخر انتظاره وبات يتكلم بـ<تذمّر> عن الحالة التي آل إليها الوضع الاقتصادي في البلاد.

ويقول مطلعون على التحرك الروسي، ان وزير الخارجية <سيرغي لافروف> فتح خطاً مباشراً مع عدد من الدول الفاعلة، في سبيل المساعدة على تذليل العقبات أمام الحكومة العتيدة حتى انه - أي <لافروف> - عندما اتصل بوزير الخارجية جبران باسيل قال له ان موسكو جاهزة لاستعمال علاقاتها الدولية وتأثيرها على بعض الدول إذا ارتأى لبنان أن تقدم إدارة الرئيس <بوتين> المساعدة المطلوبة. وهذا الأمر سبق أن أبلغه نائب وزير الخارجية الروسي <ميخائيل بوغدانوف> الى مسؤولين وسياسيين لبنانيين سبق أن زاروا موسكو لهذه الغاية، خصوصاً في الفترة التي تزامنت - آنذاك - مع حديث عن قرب ولادة الحكومة وما قيل يومذاك عن نجاح ديبلوماسي في تعجيل عملية التأليف، وكان التأييد الروسي المباشر الى الرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة قد تبلغه ممثله في روسيا جورج شعبان الذي سمع كلاماً روسياً مشجعاً بصرف النظر عن الدخول في التفاصيل و<دهاليز> السياسة اللبنانية المحلية الضيقة.

... وواشنطن

فوّضت باريس!

في أي حال، فإن كل المعلومات تشير الى أن باريس تراقب ما ستؤول اليه الاتصالات الجارية، ومن بينها لقاءات بين الرئيس الحريري والوزير باسيل تمت في العاصمة الفرنسية للإسراع في تشكيل الحكومة والاستفادة من المناخات الدولية الداعمة، لاسيما من الدول التي شاركت في مؤتمر <سيدر> وتنتظر اليوم نتائجه، وما وعد الرئيس الحريري المجتمع الدولي بتحقيقه من إصلاحات وشفافية وعدالة وتوازن، ويقول ديبلوماسي أوروبي لـ<الأفكار> ان واشنطن ليست بعيدة عن الاتصالات الجارية وهي <أوكلت> الى باريس مهمة متابعة الملف اللبناني.