تفاصيل الخبر

  زيارة ”لارشيه“ بدلاً من ”هولاند“ لبيروت تمهّد للقمة الفرنسية ــ الإيرانية الشهر المقبل    

16/10/2015
   زيارة ”لارشيه“ بدلاً من ”هولاند“ لبيروت  تمهّد للقمة الفرنسية ــ الإيرانية الشهر المقبل      

  زيارة ”لارشيه“ بدلاً من ”هولاند“ لبيروت تمهّد للقمة الفرنسية ــ الإيرانية الشهر المقبل    

بون-بري   قبل أن يغادر السفير الفرنسي في بيروت <ايمانويل بون> العاصمة اللبنانية الأسبوع الماضي الى باريس بناء على استدعاء من قصر <الإليزيه>، حرص على المشاركة في سلسلة نشاطات ولقاءات سياسية وثقافية إضافة الى مناسبات خاصة لبى فيها دعوات من سياسيين رسميين حرص خلالها على نقل تأكيدات بأن إلغاء زيارة الرئيس الفرنسي <فرانسوا هولاند> للبنان لا يمكن أن تعني <تراجعاً> في درجة الاهتمام الفرنسي بالأوضاع اللبنانية والتحديات التي تواجهها المؤسسات الدستورية وفي مقدمها تحدي انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وبدا السفير <بون> متأكداً من ان إلغاء الزيارة حتى إشعار آخر، لا تلغي الاتصالات التي تجريها باريس على غير مستوى من أجل مساعدة لبنان على تجاوز الصعوبات الراهنة في انتظار لقاء القمة الذي سيجمع الرئيس <هولاند> بنظيره الإيراني <حسن روحاني> والذي يُفترض أن يبحثا خلاله في الملف اللبناني وخصوصاً الاستحقاق الرئاسي.

   وأشار السفير <بون> خلال لقاءاته الى ان المتابعة الفرنسية للوضع اللبناني ستترجمها زيارة رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية <جيرار لارشيه> في 22 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري لبيروت حيث سيلتقي بنظيره اللبناني نبيه بري وبشخصيات رسمية وسياسية للبحث معهم في الأوضاع اللبنانية والتطورات الاقليمية التي تنعكس على الموقف في لبنان. وتأتي زيارة <لارشيه> استكمالاً للزيارة الاستطلاعية التي قام بها وفد النواب الفرنسيين قبل أسبوعين والتي التقى خلالها أعضاء الوفد بشخصيات رسمية وسياسية، وأعدّوا تقريراً عن الخلاصات التي تكونت لديهم من خلال هذه اللقاءات. وعلى رغم أن لزيارة <لارشيه> أبعاداً ثقافية لجهة مشاركته في افتتاح معرض الكتاب الفرنكوفوني، إلا ان المروحة الواسعة من اللقاءات الواردة على جدول أعماله، ستمكّنه من تكوين صورة واضحة لمواقف الأطراف اللبنانية والسبل الكفيلة بتحريك الملفات السياسية المجمدة وفي مقدمتها ملف الرئاسة الأولى، وذلك قبل اللقاء المنتظر بين <هولاند> ونظيره الإيراني في منتصف الشهر المقبل والذي على ضوئه إما يعيد الرئيس الفرنسي ادراج زيارته للبنان على جدول أعماله أو يؤخرها حتى تتوافر رؤية واضحة لما ستؤول إليه التطورات العسكرية في سوريا بعد دخول روسيا على الخط في مواجهة مباشرة مع التنظيمات الارهابية.

الرئاسة... من الشؤون اللبنانية الداخلية!

 

   وفيما يستطرد السفير <بون> في الحديث عن الاهتمام الفرنسي بلبنان، لا يفوته أن يذكّر سامعيه بأن بلاده تعتبر الموضوع الرئاسي من الشؤون اللبنانية الداخلية وان اللاعبين الحقيقيين فيه يفترض أن يكونوا من اللبنانيين الذين لهم القدرة على التفاهم على كل ما يتصل بوطنهم ومستقبلهم ودور المؤسسات الدستورية فيه، ومن غير المنطق <تجيير> هذا الدور لطهران والرياض أو حتى باريس وواشنطن لأن هذه الدول قادرة على المساعدة وليس على <فرض> الحلول والاتفاقات السياسية على اللبنانيين. صحيح ــ يضيف السفير <بون> ــ ان التواصل مع كل من طهران والرياض له مفاعيل ايجابية خصوصاً إذا كان الملف الرئاسي اللبناني من مواضيع البحث، لكن الصحيح أيضاً ان المطلوب من طهران والرياض <تسهيل> اتفاق اللبنانيين وليس زيادة الأمور تعقيداً، والأهم هو عدم ربط مصير التفاهم الإيراني ــ السعودي بعد تراجع العلاقات بين البلدين، بكل ما يتصل بالاستحقاق اللبناني الذي يجب <تحييده> عن الخلافات الاقليمية الكبرى، وهو ما تسعى إليه باريس من خلال تحركها في اتجاه الرياض وطهران على حد سواء، بالتنسيق مع واشنطن التي تركت للفرنسيين أن <يجربوا حظهم> بعدما لم تُسفر الوساطات الأميركية عن أي نتيجة لجهة إقناع الطاقم السياسي اللبناني بضرورة التفاهم على مخارج معينة لئلا يأتي الحل <مفروضاً> من الخارج.

   أما الشق الثاني من <الاهتمام> الفرنسي الذي يتحدث عنه السفير <بون> بإسهاب فهو يتعلق بأوضاع النازحين السوريين عموماً وأولئك الذين نزحوا الى الأراضي اللبنانية، خصوصاً ان الدول الأوروبية بدأت تتخوف من تنامي هجرة السوريين الى أراضيها وزيادة الاضطرابات معهم لاسيما على الحدود. ولأن لا قدرة حالياً على وقف القتال الدائر في سوريا والذي يسبب هذا الكم من النزوح في اتجاه لبنان والأردن وتركيا والعراق، فإن الجانب الفرنسي يريد أن يعوّض عن عجزه في حل المشكلة السورية من خلال تقديم مساعدات مالية للدول المضيفة للنازحين وبينهم لبنان الذي ستقدم باريس مبلغ 100 مليون أورو لدعم حاجات اللاجئين السوريين والجمعيات المضيفة لهم. أما برنامج <استضافة> فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية للنازحين، فإن الترحيب الأوروبي لا يقترن دائماً بخطوات عملية ولا يشتمل على تحديد عدد النازحين الممكن قبولهم في الدول الأوروبية لأن هذا الأمر لا يزال موضع تشاور عبر مؤسسات الاتحاد الأوروبي ليكون القرار واحداً على مختلف المستويات.

 

فرنسا تستقبل نازحين من لبنان

 

   إلا ان معلومات <الأفكار> في هذا الصدد تشير ان ثمة رغبة أوروبية عموماً وفرنسية خصوصاً باستقبال لاجئين سوريين قادمين من لبنان وذلك بهدف تخفيف العبء عن لبنان من جهة، و<فلترة> (Filtrage) نوعية النازحين الى البلدان الأوروبية تحسباً من نقل متطرفين اسلاميين وادخالهم الى قلب أوروبا مع ما يمكن أن يؤدي ذلك من <خردقة> أمنية وسياسية على المدى الطويل.

   وفي ما يتعلق بموضوع تسليح الجيش بالعتاد الفرنسي الممول سعودياً من هبة الـ3 مليارات دولار، فإن ردة فعل المصادر الديبلوماسية الفرنسية تكتفي بتأكيد استمرار العمل على توفير العتاد اللازم للجيش اللبناني وفق البرنامج المتفق عليه بين القيادتين اللبنانية والفرنسية. أما كيف ومتى فالعلم عند المسؤولين السعوديين الذين لم يفرجوا بعد عن مبالغ جديدة من هبة الـ3 مليارات دولار لأسباب تتعلق بالأوضاع الداخلية في المملكة في ضوء التغييرات التي تحصل على مستوى المسؤولية في عدد من <المواقع ــ المفاتيح> والتي يبدو أنها لم تستقر بعد على خيارات واضحة ونهائية. وينقل رسميون عن السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري قوله ان هذا الملف لا يزال موضع عناية القيادة السعودية التي تفي بالتزاماتها بالمطلق، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بلبنان وجيشه؟!