[caption id="attachment_83810" align="alignleft" width="375"] الرئيس ميشال عون يستقبل الوزير البريطاني "جيمس كليفرلي".[/caption]
ثلاثة أهداف سعى وزير الدولة البريطانية لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا "جيمس كليفرلي" الى تحقيقها خلال زيارته الى لبنان الأسبوع الماضي، والتي اعتبرت زيارة مميزة لأن الزائر مسؤول في الحكومة البريطانية تسلم ملف الشرق الأوسط وشمال افريقيا الذي تجهد الادارة البريطانية كي يكون لها حضوراً فيه بصرف النظر من أي باب تدخله...
الهدف الأول تمثل في تأكيد الوزير الضيف على ان بلاده تقف الى جانب لبنان واللبنانيين في الظروف الصعبة التي يعيشونها وهي مستمرة بالدعم الذي تقدمه في المجالات كافة، وقد ترجم بمشاركته هو شخصياً في مؤتمر باريس لدعم بيروت والشعب اللبناني وقد تحدث الى المشاركين في المؤتمر من بيروت بالذات. وهو قال للمسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم ان بلاده راغبة في ان يكون دعمها للبنان دعماً نوعياً يراعي مصلحة اللبنانيين وحاجاتهم من دون أي تدخل في شؤونهم الداخلية، لكن من المهم، في راي "كليفرلي" اظهار اللبنانيين وحدتهم المعهودة امام التحديات الكبيرة... وهو ما ينظر اليه البريطانيون باهتمام وهم وقفوا الى جانب اللبنانيين بعد المحنة التي ضربت عاصمتهم بيروت من خلال انفجار المرفأ.
الهدف الثاني، كان التأكيد على استمرار الدعم البريطاني للجيش اللبناني واستمرار ارسال المساعدات مع التنويه بــ "الحرفية" التي يعمل بها والتعاون القائم مع القيادة العسكرية البريطانية. وفي هذا السياق، اكد الوزير البريطاني ان بلاده راغبة في تكثيف حجم الدعم العسكري، وان قرارات اتخذت على مستوى الحكومة البريطانية والقيادة العسكرية للمضي في مشروع انشاء أبراج المراقبة على طول الحدود اللبنانية - السورية المجهزة بأحدث أنواع الأجهزة المتطورة لرصد أي تحرك على الحدود ليلاً ونهاراً - إضافة الى زيادة دورات التدريب للعسكريين اللبنانيين - ومن الواضح ان البريطانيين يدركون طبيعة العلاقة بين الجيش اللبناني والجيش الأميركي لذلك لم يدخلوا في أي نوع من أنواع الخدمات التي تقدمها القيادة العسكرية الأميركية للجيش اللبناني ضمن برنامج التعاون بين القيادتين اللبنانية والأميركية.
اما الهدف الثالث للزيارة فقد حمل "قلق" الحكومة البريطانية للصعوبات التي تعترض عملية تأليف الحكومة الجديدة والتي تعرقل اتخاذ القرارات المتعلقة بالإصلاح. وفي هذا الاطار، قالت مصادر مطلعة ان الوزير البريطاني اشار الى ان الازمات التي تتراكم على لبنان بدءاً بالازمة الاقتصادية والاقتصادية والمالية مروراً بوباء "كورونا" وصولاً الى التفجير في المرفأ وتدمير نصف العاصمة، صبت كلها فجعلت الأمور صعبة ومعقدة، ويأتي التعثر في تشكيل الحكومة ليزيد الطين بلة، الامر الذي يفرض في رأي الإدارة البريطانية الإسراع في ولادة حكومة جديدة تحظى بدعم اللبنانيين وبثقتهم وتوفر حصانة كافية للبنان كي يستطيع مواجهة الازمات المرتقبة بموقف اكثر صلابة وكي يحصل على دعم المجتمع الدولي الذي لا يريد للبنان ان يبقى دولة ضعيفة مفككة يمكن النفاذ اليها من أماكن مختلفة لضرب وحدتها وسلامة أراضيها، وصحيح ان الوزير البريطاني لم يتدخل في تفاصيل تشكيل الحكومة الا انه كان واضحاً لجهة ضرورة اغلاق الأبواب في وجه أي "رياح" من الخارج من شأنها عرقلة عملية تشكيل الحكومة او التاثير على خيارات اللبنانيين.
وبلغت صراحة الوزير "كليفرلي" الى حد القول امام المسؤولين اللبنانيين ان المجتمع الدولي راغب في مساعدة لبنان لكنه يتطلع كي يساعد اللبنانيون انفسهم أيضاً من خلال إزالة الخلافات في ما بينهم وتوافقهم على حكومة جامعة فاعلة وقادرة بعيدة عن التمثيل الحزبي بل يكون السياسيون الى جانبها ويقدمون لها الدعم اللازم لتنجح في تحقيق الإنجازات المطلوبة، وفعل هكذا حكومة يمكنها المضي في اجراء الإصلاحات التي ينادي بها المجتمع الدولي الذي سيفرج بعد ذلك عن المساعدات الموعودة للنهوض بالاقتصاد اللبناني الذي يمر في ظروف دقيقة وخطيرة في آن. لقد بدا الوزير البريطاني صادقاً في ما تمناه للبنانيين وما يريده منهم من سعي جدي الى حل المشاكل الراهنة والخروج من المحنة الصعبة التي تواجههم.
اما في موضوع النازحين السوريين الذي قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للوزير البريطاني انه يرهق اللبنانيين، فكان رد الوزير الضيف ان بلاده حريصة على عودة النازحين السوريين الى بلادهم للتخفيف من معاناة اللبنانيين والضغط الذي يسببه وجود هؤلاء النازحين، لكن بريطانيا كما دول الغرب، تريد العودة الآمنة الى بلادهم كي يستطيعوا العيش فيها باستقرار، وهذا الامر غير متوافر بعد برأي المسؤول البريطاني الذي نادى بمسؤولية المجتمع الدولي لجهة تقديم مساعدات للبنان مقابل ما يقدمه "هذا البلد المضيف" للنازحين السوريين.
لقد بدا واضحاً من حديث الوزير "كليفرلي" ان بريطانيا تريد عودة الى منطقة الشرق الأوسط وان تكون لها الفعالية في مقاربة المواضيع التي تشغل هذه المنطقة، وقد اختارت لبنان مدخلاً راهناً بانتظار التمدد الى دول أخرى.