تفاصيل الخبر

زيارة عباس لبيروت تعطي الضوء الأخضر لخطة أمنية ”تنقّي“ المخيمات وتحمي سكانها؟!  

17/02/2017
زيارة عباس لبيروت تعطي الضوء الأخضر  لخطة أمنية ”تنقّي“ المخيمات وتحمي سكانها؟!   

زيارة عباس لبيروت تعطي الضوء الأخضر لخطة أمنية ”تنقّي“ المخيمات وتحمي سكانها؟!  

5079621_1457465506في الوقت الذي يستعد فيه لبنان لاستقبال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يوم 23 شباط/ فبراير الجاري في زيارة رسمية هي الاولى في عهد الرئيس العماد ميشال عون والتي سوف تستمر ثلاثة أيام، يسعى المجتمع الدولي الى إحداث تغيير في وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بالتزامن مع تطورات أمنية داخل أحد أبرز المخيمات الفلسطينية في الجنوب، وهو مخيم عين الحلوة الذي يعيش يومياً مواجهات داخلية بين التنظيمات الفلسطينية التي تدين بالولاء لمنظمة التحرير الفلسطينية وأبرزها حركة <فتح>، وبين المجموعات الإرهابية التي ينتشر أفرادها في أحياء المخيم وأزقته مسجلين بذلك سابقة لم تحصل في المخيمات منذ التمدد الفلسطيني المسلح في لبنان خلال السبعينات والثمانينات والذي انحسر بعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت على أثر الاجتياح الإسرائيلي للعاصمة اللبنانية بيروت عام 1982.

وفيما تحاول السلطة الفلسطينية <ضبط> انتشار أنصار التنظيمات الإرهابية داخل المخيمات، ولاسيما في مخيم عين الحلوة، والحد من تأثيرها بالتنسيق مع السلطات اللبنانية المختصة، وخصوصاً الجيش ومديرية المخابرات فيه والأمن العام اللبناني، ثمة من يحاول عرقلة هذا الجهد المستمر منذ أشهر من خلال افتعال الحوادث بحيث يكاد لا يمر يوم واحد إلا ويسجل في مخيم عين الحلوة حادث أو إشكال أو إلقاء قنبلة أو رشق ناري ناتج عن إشكال فردي سرعان ما يتطور الى صدام يتم العمل على تطويقه. من هنا يراهن قياديون فلسطينيون على زيارة الرئيس الفلسطيني للبنان على أمل أن تساهم مواقفه المعلنة بضرورة وضع حد للفلتان داخل المخيمات من خلال إسناد دور أكبر للقوى الأمنية اللبنانية، في الحد من المخاطر التي تبرز يوماً بعد يوم. ويذهب هؤلاء القياديون، ومعهم العديد من المسؤولين اللبنانيين الى حد الرهان على إحداث ثغرة في جدار التأزم الأمني المرتبط بمخيم عين الحلوة، خصوصاً في ظل محاولات بعض التنظيمات المسلحة التي ترفض وصاية منظمة التحرير التناغم مع المجموعات الإرهابية التي <تعشعش> داخل المخيم وتزرع الرعب أحياناً في نفوس السكان الفلسطينيين الآمنين.

 

مقترحات <تنقّي> المخيمات

 

وتعتقد مصادر رسمية لبنانية على صلة مباشرة بالملف الفلسطيني أن التجاوب الذي أظهرته المنظمات الفلسطينية الموالية لسلطة الرئيس عباس مع المحاولات الرسمية في إعادة الاستقرار الى مخيم عين الحلوة، من شأنه أن يرسم إطاراً جديداً أكثر أمناً واستقراراً في المخيمات ككل، خصوصاً أن المستجدات الأمنية في الجوار اللبناني وتحديداً في سوريا تؤشر الى واقع جديد على الصعيدين الميداني والسياسي يتبلور يوماً بعد يوم مع تقدم الجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية التي تدخل الشهر المقبل عامها السابع. وتضيف هذه المصادر أن المسؤولين اللبنانيين يستعدون للبحث مع الرئيس الفلسطيني خلال زيارته لبيروت في جملة مقترحات من شأنها - اذا اعتمدت - أن تحدث تبدلاً مهماً في الاوضاع داخل المخيمات، وخصوصاً في مخيم عين الحلوة في صيدا، من دون المساس بـ<الوضع الخاص> للمخيمات الذي ترعاه اتفاقات بين الجانبين اللبناني والفلسطيني.

وتورد المصادر نفسها أن من بين المقترحات تفعيل الدور الأمني للأجهزة اللبنانية حول المخيمات كما يحصل من حين الى آخر في عين الحلوة للمساعدة على <تنقية> هذا المخيم من الوجود المقلق للعناصر المرتبطة بتنظيمات إرهابية أو بحركات متطرفة لا تنسق مع القوى الفلسطينية التي اوكلت إليها منظمة التحرير مسؤولية المحافظة على أمن المخيمات وسلامة المقيمين فيها. ومن بين المقترحات ايضاً تعزيز التعاون المخابراتي بين الجيش والقوى الأمنية اللبنانية من جهة، والمنظمات الفلسطينية الموالية للسلطة الفلسطينية من جهة أخرى، لأن من شأن ذلك التعاون أن يضع حداً ولو على مراحل لظاهرة تمدد العناصر الخارجة عن الولاء لمنظمة التحرير وما يتفرع عنها من فصائل. ويراهن المسؤولون في لبنان على المواقف التي كان الرئيس الفلسطيني قد اعلنها مراراً عن استعداد المنظمات الفلسطينية لإيلاء الشأن الأمني الخاص المرتبط بحماية المخيمات للسلطات الأمنية اللبنانية استناداً الى الثقة التي بدأت تظهر في العلاقة بين المؤسسات الأمنية اللبنانية المعنية والجهات الفلسطينية المختصة والتي ساهمت الى حد بعيد في درء خطر المواجهات داخل المخيمات وفي محيطها.

 

الاهتمام الإنساني والاجتماعي

وتقول مصادر لبنانية متابعة ان الاهتمام بالأمن الذي يظهره الجانب اللبناني حيال التجمعات الفلسطينية في لبنان، لا بد أن يواكبه أيضاً اهتمام اجتماعي وإنساني يعزز وجود الدولة اللبنانية أكثر فأكثر ويضع حلولاً عملية لعدد من الصعوبات التي تواجه الفلسطينيين في لبنان، لاسيما في ما يتعلق بالحياة اليومية وموجباتها الاجتماعية والصحية والتربوية، خصوصاً أن بعض التنظيمات الخارجة عن إرادة قرار السلطة الفلسطينية يستغل الظروف الاجتماعية والإنسانية الصعبة للفلسطينيين بهدف <تجنيد> العديد من الشباب الفلسطيني لصالح التنظيمات الإرهابية التي تتحرك عبر خلاياها النائمة على الساحة اللبنانية. وقد أظهرت الاعترافات التي أدلى بها عدد من الموقوفين لدى الجيش والأمن العام، وجود ارتباطات مباشرة بين هؤلاء الموقوفين و<العقول المدبرة> داخل أماكن انتشار الفلسطينيين لاسيما في مخيم عين الحلوة. وقد أدلى هؤلاء بمعلومات ساعدت في كشف عدد من المجموعات المسلحة التي سهلت تنقل الإرهابيين وزودتهم بالمال والمتفجرات ووفرت لهم ملاذاً للاختباء بعد تنفيذ اعتداءاتهم. ومن بين هؤلاء من ثبت اتصاله الدائم مع قيادة تنظيم <داعش> في الرقة السورية التي أوكلت إليهم تنفيذ عمليات ارهابية من الداخل اللبناني، كان آخرهم الانتحاري الذي أحبطت قوى الجيش عملية تفجير نفسه في مطعم <كوستا> في شارع الحمراء. وستكون هذه المعطيات بكل تفاصيلها أمام الرئيس الفلسطيني لدى زيارته لبيروت الأسبوع المقبل، وقد سبقتها اتصالات بين القيادة الفلسطينية وقيادة الجيش اللبناني بهدف الاتفاق على إنجاز منظومة أمنية تكفل نجاح الخطة الأمنية الخاصة بمخيم عين الحلوة كبديل عن الجدار الفاصل بين المخيم وجواره الذي أوقف العمل به قبل اسابيع بناء على رغبة فلسطينية ملحة. والهدف من هذه المنظومة تحصين أمن المخيم والجوار اللبناني ومنع انطلاق أي اعتداء إرهابي منه الى العمق اللبناني. وفي المعلومات المتوافرة لـ<الأفكار> أن الجانب العسكري اللبناني درس باهتمام تفاصيل الخطة الأمنية خلال اجتماع عقد في ثكنة الجيش في صيدا ضم مسؤولين عسكريين لبنانيين وفلسطينيين، ويفترض أن تتكرس هذه الخطة عملياً خلال زيارة الرئيس الفلسطيني للعاصمة اللبنانية حيث يفترض بهذه الزيارة أن تشكل الانطلاقة العملية للخطة التي ستصبح، في حال إقرارها ونجاحها والالتزام بها، خطة نموذجية للمخيمات الفلسطينية كافة تخفف تدريجياً من التأثير السلبي لوجود عناصر مرتبطة بتنظيمات إرهابية تتحرك بحرية داخل المخيمات ولاسيما منها مخيـــــــــــــــــــــــــــم عين الحلوة.

ويقول مسؤول امني لبناني رفيع لـ<الأفكار> إن كل المؤشرات تؤكد على أن زيارة الرئيس الفلسطيني لبيروت سوف تطلق الخطة الأمنية الموضوعة بعد توفير الغطاء السياسي اللبناني اللازم للمؤسسات الأمنية اللبنانية، وتحقيق الغطاء الرسمي الفلسطيني الذي تعكسه مواقف الرئيس الفلسطيني في مناسبات عدة.