تفاصيل الخبر

زياد سنكري اخترع جهاز الإنذار للسكتة القلبية بعدما فقد والده في نوبة قلب!

03/07/2015
زياد سنكري اخترع جهاز الإنذار  للسكتة القلبية بعدما فقد والده في نوبة قلب!

زياد سنكري اخترع جهاز الإنذار للسكتة القلبية بعدما فقد والده في نوبة قلب!

1431620157_president_obama_entrepreneurs من طرابلس انطلق، ومن رحيل والده المفاجئ بأزمة قلبية عقد العزم على اختراع جهاز يمكن من خلاله مراقبة القلب عن بعد للحدّ من خطر الإصابة بسكتة قلبية في رصد مبكر للفشل المحتمل، اذ يقوم الجهاز بالتحذير من الجلطة قبل حدوثها. زياد سنكري مهندس في الكهرباء وفي هندسة الطب الحيوي بعمر التاسعة والعشرين ربيعاً حاز تكريماً خاصاً في البيت الأبيض بحضور شخصي للرئيس الأميركي <باراك أوباما> اذ استقبل ابن الفيحاء مع أربعة عباقرة آخرين من حول العالم، وأثنى على إنجازه الرائد. لبنان أيضاً بلده الأم استقبل زياد بفتح الايادي وفرد الصفحات عبر الاعلام والتكريمات المختلفة والمهندس لا يزال بحسب قوله في اول سلم الإنجازات، فالكثير منها آتٍ فيما بعد.

كيف يعرّف زياد سنكري المبدع عن اختراعه life Sens؟ ما هي كلفة الجهاز، وما هي الاسواق التي دخلها؟ وصوب أي اختصاص ينصح شباب لبنان بالتوجه حيث المال الوفير والمستقبل الأكيد؟

في لقاء <الافكار> بالمهندس الشاب حصدنا الأجوبة وانطلقنا بالسؤال الاول:

ــ لماذا اخترت الهندسة اختصاصاً؟

- منذ صغري وأنا أحب المواد والأبحاث العلمية وأتميّز بشغف الخلق والابتكار. تخرجت من الجامعة اللبنانية - الأميركية، وأرضيت شغفي في التكنولوجيا ووسائل الاتصال والتقنيات الجديدة الى ان فزت بمنحة للسفر الى الولايات المتحدة لإكمال دراساتي العليا في جامعة <أوهايو>.

 - توفي والدي طارق بجلطة قلبية وأنا بعمر السابعة عشرة وكان ذلك في الصيف الذي كنت سأنتسب فيه الى الجامعة، فاتخذت قراري بالتركيز على المجال الذي يمكنني عبره تفادي هذا النوع من المفاجآت <القلبية> عبر التركيز على فهم عمل القلب ومراقبته عن بعد. ويقوم هذا الجهاز بالجمع بين القدرة على مراقبة حالة القلب عن طريق أجهزة استشعار ثلاثة موضوعة على الصدر وإمكانية الاتصال بشبكة الهاتف المتحرك لتتبع مرضى القلب خلال حياتهم اليومية. ويجري تحليل البيانات التي يتم جمعها من خلال برنامج متخصص ومن ثم يتم إرسال تنبيهات الى الفريق الطبي عندما يكون المريض معرضاً لخطر الإصابة بقصور قلبي. ويمكن للجميع الاستفادة من هذا الجهاز وبشكل خاص المعرضون للأزمات القلبية مثل المدخنين والذين يعانون من دهون كثيرة في الجسم أو الذين يفتقدون الى الحركة والرياضة.

 ــ بِمَ أفادك الاشتراك ببرنامج <نجوم العلوم> عبر قناة <ام بي سي> منذ سنوات وكنت اللبناني الوحيد الذي وصل بفضل هذا الجهاز الى نهائيات البرنامج؟

- لقد شكل البرنامج مساهمة كبيرة في مسيرتي العلمية، اذ سمح لي بتشكيل النموذج الاولي القابل للحياة قبل ان يصير حقيقة موجودة في الاسواق لها فاعليتها ووجودها وقد بلغت الجائزة حينئذٍ 150 ألف دولار ما شكل تمويلاً جزئياً للشركة التي أسسناها لاحقاً بتمويل أكبر.

ــ بعد النموذج الأولي، هل أبدى اي جانب لبناني رسمي اهتمامه بالاختراع الطبي الرائد؟

- لم أجد أية مبادرة رسمية حينها وقد تواصلت مع عدة شركات للتمويل، الا ان <بيريتيك> الشركة اللبنانية التي تساهم في تمويل المشاريع الناشئة أبدت اهتمامها ودعمها فكانت السند الأكبر.

 

 كلفة المراقبة..

 ــ لو بقيت في لبنان، هل كان لاختراعك ان يبصر النور وينتشر على هذا النطاق العالمي؟

- غالباً ما أطرح على نفسي هذا السؤال. أريد ان اكون ايجابياً. ربما عقلنا وأفكارنا في لبنان هي في مكان آخر بعيد عن الإنجازات والاختراعات. في الولايات المتحدة وجدت العقلية المشجعة لهذا النوع كما وجدت الموارد.

 ــ أين يباع جهازكم اليوم؟

- السوق الأكبر لنا هو في الولايات المتحدة وكندا وبعض الدول الأوروبية وقد بدأنا نتوسّع صوب البلدان العربية بدءاً بالسعودية وبعدها تركيا.

ــ هل كلفة الجهاز عالية لمن يريد الاستفادة منه؟

- هي كلفة المراقبة فقط، وتختلف باختلاف مدّتها، ذلك ان الجهاز الذي لا تتجاوز كلفته بضعة آلاف من الدولارات تشتريه المستشفيات او المراكز الطبية ويستأجره من يبغي الاستفادة منه لمراقبة عمل قلبه. بشكل عام، تستمر المراقبة على مدى ثلاثين يوماً عند الذين يشك الطبيب بحالتهم او يريد الاطمئنان عليهم.

ــ كم هو عدد الحالات التي استفادت من جهازكم وتفادت الجلطة او الوفاة المفاجئة؟

- الحالات المؤكدة والموثقة لدينا وصلت الى ثلاث حالات اكتشفت جميعها عبر إنذار مركز المراقبة، وكانت هذه الحالات تمر بأزمات خطيرة فتلقت المساعدة الفورية وطبعاً هناك حالات أخرى غير موثقة في مراكز أخرى.

 

 <أوباما>: شكراً زياد ....

photo-ziad-sankari

ــ المستشفيات في لبنان قد ترى في جهازكم <باباً أخذ من دربها> مادياً، ذلك ان المريض بدل ان يدخلها ويقضي فيها اياماً للمراقبة، فإنه يأخذ الجهاز ويبقى في بيته من دون كلفة مرتفعة..

- لا أعتقد، فنحن بهذا الجهاز نوفر على المستشفيات ايضاً وهي متعاونة كما ان علاقتنا بها وبالأطباء جيّدة ولا نواجه صعوبة في اقناعهم بأهميته، فهم في النهاية يريدون ان يساعدوا مرضاهم.

 ــ يشهد لوزير الصحة وائل ابو فاعور وقوفه الى جانب المواطن في اكثر من موضوع هل اتصلتم به لتجهيز المستشفيات الحكومية اقله بهذا الجهاز؟

- أعرف ان الوزير منفتح جداً على مثل هذه الامور وهو بجانب المواطن الا ان الفرصة لم تسنح بعد للقائه. سياستنا تقضي الآن بفتح السوق العالمية لجهازنا وقريباً سنركز على الاسواق الاقليمية وبينها لبنان.

ــ كان لافتاً جداً استقبال الرئيس الأميركي <باراك أوباما> لك ضمن مبدعين آخرين وذكر اسمك بالتحديد مع اختراعك اذ لفت الى ان <تداعيات الجهاز ستكون ايجابية في لبنان والعالم> شاكراً لك <إنقاذ حياة الكثيرين>. كيف تم اللقاء به؟

- الرئيس الأميركي <أوباما> مهتم بدعم الرواد، وعملنا جديد من نوعه.لقد دعينا لزيارة البيت الابيض والتقينا بالرئيس لحوالى نصف الساعة، وتفاجأت فعلاً بالمعلومات التي يعرفها عن مشروعنا. وكان معنا رواد من جنسيات أخرى اكتشفوا حلولاً مبتكرة لتحديات مثل الفقر وتغيير المناخ والتطرف العنصري وفرص التعلم والرعاية الصحية السليمة.

ــ هل أخبرك بأنه سيستخدم جهازكم شخصياً؟

- لست أدري إن كان سيستخدمه. هو بصحة جيدة الآن. هدفنا الاساسي هو التركيز على تقنيات تساعد المرضى في اي مجال كان، وبشكل خاص للأصحاء السليمين قبل إصابتهم بالمرض. نحن لا نزال في <العصور المظلمة> في طب القلب اذ ليست لدينا وقاية انما نحن في مرحلة التشخيص، اي بعد الإصابة بالمرض، وما نهدف اليه في شركتنا هو الوصول الى مرحلة لا نجد فيها مرضى قلب، بمعنى ان نلاحظ احتمال التعرض للمرض قبل وقوعه، فيتم تفاديه ومعالجته. ولا يمكن ان نتصور الحل الا عبر تطوير التقنيات التكنولوجية من جهة وتطوير عقلية المستخدمين من جهة اخرى أي جعلها وقائية.

ــ ماذا قال الرئيس الأميركي عن لبنان؟

- تحدث عن الشرق الأوسط بشكل عام، وركز على العنف فيه مؤكداً ان ريادة الاعمال والاختراعات تولد بريق أمل في هذه البقعة من العالم لأنه يؤمن بأن تأسيس مثل هذه الشركات تشكل فرص عمل وامل في مناطق النزاع.

ــ هل كان لذكر الرئيس لمشروعكم انعكاس على بيع وشراء الجهاز؟

- أستطيع القول ان الاهتمام ازداد بشكل واضح وتسلطت الأضواء بشكل أكبر على المشروع، ما جعل شركات ومؤسسات عدة تتجاوب معنا.

 ــ هل لقيتم محاربة ما او تقليصاً لأهمية مشروعكم من قبل اية جهة؟

- نعم، وكما في كل المجالات، وللأسف كانت غالبية الانتقادات السلبية من دولنا العربية.هذا هو الفرق بين الغرب والشرق. الاول، يدعم بكل جهده الطموح حتى ينجح في حين ان من هم على طريق النجاح في الشرق يسعون الى افشاله ... لست ادري متى نتخلص من هذه العقلية السلبية حيث يعتبر نجاح الشخص الآخر فشل لنا. الا ان الانتقادات لم تشكل سوى حافز أكبر تجاه الطاقة السلبية التي واجهناها وهذا ما توقعناه منذ بداية الطريق واعتبرناه طبيعياً.

شركة طرابلسية ...

ــ اين سجلتم براءة اختراعكم في أميركا ام في لبنان؟

- قدمناها في أميركا وسجلنا الشركة في لبنان، وأريد التنويه بأننا أخذنا الاستثمار في العام 2013 واصررنا على ان تكون شركتنا هي الشركة الوحيدة المسجلة في طرابلس فقط وهي تعنى بالرعاية الصحية عبر الاجهزة المحمولة diagnostics cardio . انها شركة ناشئة لها وجود كبير في الولايات المتحدة وتضم اكثر من اربعين موظفاً، وقد ولدت من فكرة تعنى بتطوير تقنيات طبية لمراقبة القلب مع فريق عمل لبناني. اما في لبنان، فتوظف الشركة حوالى عشرة اشخاص ونحن نزيد العدد ونوظف الآن في مجال الهندسة الطبية وندعو من فيهم الكفاءة الى الانضمام الينا في مجال المعلوماتية والتمريض وغيرها. لسنا شركة توزيع او بيع انما نسعى الى تنفيذ او تطوير أفكار جديدة كجزء من منظومة متكاملة وبالطبع لن يكون جهاز مراقبة القلب هو الجهاز الوحيد.

ــ ما هو المشروع الجديد الذي تعملون عليه؟

 - نعمل على تحليل <داتا> مراقبة القلب عبر تقنيات عديدة عالية الجودة، وهدفنا تطوير هذه التقنيات في لبنان وتصنيعها هنا ...

ziadالحل للبنان ...

ــ  في أي بلد ستكون إقامتك؟

- ما بين لبنان والولايات المتحدة.

ــ تحدثت عن حادثة والدك ورحيله المفاجئ في دفعك الى انجاح جهازك، وتتحدث عن امك سمر وهي من آل عوض بشكل دائم ايضاً، ما كان دورها في نجاح مستقبلك؟

 - مي هي الموجه والطاقة الإيجابية في <تراجيديا> الموت المفاجئ لوالدي في عمر مبكر. لطالما كانت تدفعنا الى الامام وهي تؤمن بأن الاحلام ومهما كانت كبيرة لا بد ان تتحقق. لقد تحدت عوائق اقتصادية واجتماعية كبيرة وربتنا، أخي وأنا بمفردها، وهو ايضاً مهندس لامع درس الهندسة الميكانيكية ويعمل اليوم في كبريات الشركات المطورة للمحركات.

ــ هل تجد في الهندسة الطبية المستقبل الزاهر للتخصصات الجديدة للشباب؟

- بكل تأكيد وهي كما تعرفون تتضمن مواد ايضاً في المجالات الطبية وعملاً في المستشفيات ومع الاطباء والمرضى. ووفقاً للإحصاءات والدراسات في الولايات المتحدة، فإن اكثر المجالات وعداً يكمن بشكل خاص في تطوير التقنيات الطبية ويتقاضى المهندسون العاملون في هذا المجال اعلى الرواتب. أنصح الشباب اللبناني بالتوجه لتخصصات الكومبيوتر والاتصالات والتركيز على المجال الطبي فيها.

ويضيف زياد:

- ان مبدأ ريادة الاعمال هو المبدأ الذي سينقذ لبنان من المشاكل التي يعاني منها لأنه يساعد على خلق فرص عمل وهو ينطلق من فكرة نؤمن بها ونتابعها لتحقيقها وتحويلها من مجرد فكرة الى شركة كبيرة وناشئة، ونحن عن ذلك خير مثال.