تفاصيل الخبر

زيادة حالات الإصابة بفيروس "كورونا" تنذر بكارثة صحية إذا لم يلتزم الناس بالاجراءات الوقائية كما يجب

14/10/2020
زيادة حالات الإصابة بفيروس "كورونا" تنذر بكارثة صحية إذا لم يلتزم الناس بالاجراءات الوقائية كما يجب

زيادة حالات الإصابة بفيروس "كورونا" تنذر بكارثة صحية إذا لم يلتزم الناس بالاجراءات الوقائية كما يجب

بقلم وردية بطرس

الإختصاصي في الأمراض الجرثومية والمعدية الدكتور جاك مخباط: الطفرة الجينية الجديدة التي ظهرت للفيروس تقريباً من بداية الصيف هي طفرة جينية شديدة العدوى

[caption id="attachment_81943" align="alignleft" width="476"] المستشفيات تعاني مشكلة الازدحام في موسم الانفلونزا.[/caption]

 شهد لبنان زيادة كبيرة في عدد حالات الاصابة في الأسابيع الأخيرة، اذ جرى تسجيل أكثر من 40 ألف حالة منذ شباط (فبراير) في البلد الصغير الذي يبلغ عدد سكانه 5 ملايين نسمة، وسجلت البلاد أكثر من 400 حالة وفاة حتى الآن. وكانت منظمة الصحة العالمية أوردت ان معدل اشغال الأسرة في وحدات العناية الفائقة المخصصة لحالات فيروس "كورونا" في لبنان بلغ 84 في المئة، فيما بلغ معدل اشغال الأسرة العادية 63 في المئة.

ولقد فرضت وزارة الداخلية اغلاق 111 قرية. وبحسب المعنيين فقد تم اختيار البلدات على اعتبار أنها أصبحت مصنفة ضمن المناطق الخطرة

أو "Zone Rouge" أو المناطق الحمراء ضمن الخريطة التي ترصد "كورونا" في كل المناطق اللبنانية.

الدكتور مخباط وانتشار الوباء في لبنان

 فهل وصلنا الى مرحلة خطيرة اثر تفشي فيروس "كورونا" في لبنان؟ وهل سيكون الوضع أخطر بحلول موسم الانفلونزا فتجتمع حالات الانفلونزا و"الكورونا" معاً؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها الأفكار على الاختصاصي في الأمراض الجرثومية والمعدية الدكتور جاك مخباط وهو عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الكورونا وسألناه:

[caption id="attachment_81939" align="alignleft" width="375"] الدكتور جاك مخباط نحن مقبلون على كارثة صحية أكثر من الكارثة الاقتصادية التي وصلنا اليها.[/caption]

* مع تفشي فيروس "كورونا" المستجد في لبنان هل أصبحنا في مرحلة خطيرة؟

- طالما الناس لا يريدون ان يلتزموا بالاجراءات الوقائية سترتفع حالات الاصابة بالفيروس وسينتشر الوباء. ولم نصل في لبنان الى قمة الاصابات وقمة الوباء أي بعد لم نصل الى مرحلة خطيرة، بل نتحضر الآن لنصل الى قمة الوباء.

* وهل يلتقط الشخص الفيروس مرة أخرى بعدما يُشفى منه؟

- عادة الشخص الذي يُشفى من الفيروس لا تعاوده الأعراض، هذا ما يتبين لنا لغاية اليوم، ولكن هذا لا يعني أنه لن يُصاب به مرة أخرى، في الوقت الحاضر ليس لدينا المناعة ضد هذا الفيروس وكم يحمي الشخص منه، اذ نعرف بالتجربة مع فيروسات "الكورونا" التي تمنح الشخص حماية لمدة ستة أشهر كحد أقصى يعني الاصابة بهذا الفيروس تمنح الشخص 3 الى 6 أشهر حماية ليس أكثر، لذلك من الصعب ان نقول هناك مناعة بما يتعلق بالاصابة بفيروس الكورونا المستجد.

لم نصل الى مناعة القطيع

* رأينا ان مناعة القطيع لم تحقق نتيجة في بعض البلدان التي اعتمدت على سبيل المثال في بريطانيا؟

- هذا صحيح لم تنجح مناعة القطيع هناك، لأنه لا يزال الوقت مبكراً لنقول ان هناك مناعة القطيع، لكي نصل اليها يجب ان يكون 60 الى 70 في المئة من الناس قد أصيبوا به. أما في لبنان فاذا أخذنا نسبة الأشخاص الذين تم تشخيصهم للشعب اللبناني نجد أننا تقريباً 1 بالألف، انما اذا أخذنا نتائج الفحوصات التي تُجرى يومياً تقريباً هي 10 في المئة، لذلك كلما أجرينا الفحوصات نجد أن الأعداد تتزايد، وبالتالي الوضع عندنا في لبنان ليس جيداً. على الصعيد العالمي فهناك مرحلة طويلة لحين ان تصل نسبة الاصابة الى 60 او 70 في المئة لدى سكان الكرة الأرضية.

* نُشرت تقارير مؤخراً لخبراء وعلماء تقول ان نهاية الفيروس قد تكون في بداية العام 2021 والبعض الآخر مع بداية فصل الصيف عام 2021 فما رأيك وهل صحيح انه قد يزول خلال سنة؟

- ما يمكن القول هنا إننا لا نقدر ان نتوقع ان تنخفض الاصابات قبل سنتين من الآن، أي على الأقل سنعيش مع "الكورونا" هذه المدة من الوقت لكي نصل الى شبه مناعة القطيع والى شبه حماية للناس ككل.

[caption id="attachment_81941" align="alignleft" width="167"] الدكتور مخباط بلباسه المهني لا بد من وضع الكمامة وغسل اليدين والالتزام بالتباعد الاجتماعي.[/caption]

* قبل فترة قصيرة لم يكن الناس يشعرون بأن الفيروس قريب منهم بينما الآن أصبحوا يخشون الاصابة به لأنهم بدأوا يرون حالات اصابة عند أشخاص يعرفونهم سواء من الأقارب او الأصدقاء. فماذا تقول؟

- بالفعل الناس الآن بدأوا يشعرون أن هذا الفيروس يقتل، وبما أنه فيروس يقتل بدأوا يفكرون ملياً به ويخشونه. في المرحلة السابقة لم يهتموا لأنهم كانوا يرون أن هذا الفيروس لا يقتل ولهذا لم يخافوا، أما ما حصل مؤخراً فلقد بدأ الناس يرون حالات وفاة لأشخاص يعرفونهم أصيبوا بهذا الفيروس ولهذا تداركوا الأمر وبأن المسألة ليست مزحة او لعبة. ولكن نحن لا نريد ان نرى حالات وفاة أكثر اذ يكفينا ما نعيشه في لبنان وبالتالي على الناس ان ينتبهوا كثيراً لمواجهة الوباء.

حالات وفاة لدى الأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة

* هناك مرضى في سن العشرين او الثلاثين اصيبوا بالفيروس وأدى ذلك الى وفاتهم بينما هناك أشخاص كبار في السن ومصابون بالأمراض المزمنة انما استطاعوا ان يتخطوا مرحلة الخطر فالى اي مدى يختلف الجسم من شخص لآخر لمواجهة هذا الفيروس بغض النظر عن السن او الوضع الصحي؟

- لكي نقول ان الشخص أصيب وشُفى منه معنى ذلك أن التكوين الشخصي يحميه او يعرّضه أكثر الى تطور الاصابة. اجمالاً عندنا في لبنان تقريباً الأكثرية الساحقة أكثر من 95 الى 98 في المئة من الأشخاص الذين توفوا هم ما فوق سن ال 65 سنة، وبالنسبة للمصابين ما دون الستين الذين توفوا كانت لديهم مشاكل صحية بأغلبية الأوقات او كانوا مدخنين او لديهم مشكلة السمنة او السكري.

* أحياناً نجد انه لا يلتقط الشخص الفيروس من شخص مصاب سبق ان خالطه، فما رأيك؟

- أولاً اذا خضع الشخص لفحص  "بي سي آر" وكانت النتيجة سلبية فهذا لا يعني انه لم يصب بالفيروس، اي يكون الشخص مصاباً ولا يظهر ذلك في الفحص، لذلك شخصياً أطلب من كل شخص تخالط مع شخص مصاب بالفيروس أن يحجر نفسه، لأن الطفرة الجينية الجديدة التي ظهرت للفيروس تقريباً من بداية الصيف هي طفرة جينية شديدة العدوى، ولهذا كل شخص تخالط مع أشخاص مصابين بالفيروس فسيُصاب به ولذلك لا يجب اضاعة الوقت اذ عليه ان يحجر نفسه في الحال من أجل سلامته وسلامة الآخرين.

* أحياناً يكون الشخص مصاباً بالفيروس ولكن عند اجراء أفراد اسرته بالفحوصات تأتي النتيجة سلبية وقد لا يلتقطون الفيروس، فهل هذا وارد؟

- يمكن الا تظهر الاصابة خلال الفحص، وهذا لا يعني انه لم يُصب به، اذ قد يكون للشخص لحماية او مناعة شخصية ، مثلاً ماذا يحمي الشخص أحياناً اذا كانت لديه سوابق باصابات الكورونا الأخرى؟، وبالتالي الاصابات بـ"الكورونا" الأخرى قد تحمي الشخص، ولهذا لا نقدر ان نؤكد مئة بالمئة ماذا يمكن ان يحمي او لا. وهناك أناس أكثر عرضة للاصابة من غيرهم  بدون شك، ويعتمد ذلك على نوع المناعة الطبيعية او المناعة الجينية ولكن ما يظهر معنا وبشكل واضح ان هذا الفيروس يعدي وبشكل قوي جداً وبالتالي لا يمكن اللعب معه وهذه هي المشكلة التي نواجهها اذ لا يتدارك الناس خطورة الفيروس.

حالات الانفلونزا وحالات "الكورونا"

[caption id="attachment_81938" align="alignleft" width="375"] اجراء الفحص بات ضرورياً[/caption]

* مع اقتراب موسم الانفلونزا تزداد المخاوف من اختلاط أعراض الانفلونزا مع أعراض" الكورونا"، فما خطورة الأمر؟

- هذه المشكلة الحقيقية التي سنواجهها حالياً عما اذا كانت هناك اصابات بالانفلونزا او اصابات بالكورونا، ولكن لا نقدر ان نعرف اصابات كل منهما سوياً، معقول ان يحصل ذلك لأن فيروس الكريب لا يحمي من الكورونا والعكس بالعكس، بالتالي لا اقدر ان اعرف ماذا ستكون النتيجة. لذلك برأيي ما سنراه اصابات بالانفلونزا واصابات بـ"الكورونا" وسيحصل تضارب بين الاثنين على استعمال أسرة المستشفيات، وأسرة العناية الفائقة، وماكينات التنفس الى ما هنالك، وما سنصل اليه في موسم الشتاء هو كارثة صحية لا مثيل لها خصوصاً ان المؤسسات الاستشفائية وصلت الى قمة الاستعمال لديها وقدرة استيعابها خصوصاً أن أكثرية المستشفيات غير جاهزة ولم تحضر نفسها ولم تحضر ماكينات التنفس ولا شيء ولم تستعد لاستقبال اي من هذه الحالات، ولذلك ما سنراه قريباً ان المستشفيات التي كان لديها من قبل استعداد لاستقبال الحالات بدأت تواجه مشكلة بهذا الخصوص. وفي موسم الانفلونزا لن نقدر ان نستقبل المرضى، وحالياً ينام المرضى في الطوارىء، ويُرفضون في عدد من المستشفيات، وللأسف سيبدأ الفرز للمرضى... لذا نحن مقبلون على كارثة صحية أكثر من الكارثة الاقتصادية التي وصلنا اليها، فنحن في لبنان سنواجه كارثة صحية وكارثة اقتصادية وكارثة تربوية لأن المدارس حتى لو فتحت أبوابها الآن ستغلقها بسرعة لأنه ستظهر اصابات كثيرة وسيهرب الأولاد وستُقفل المدارس مجدداً.

وأضاف:

- اذاً الخطورة ان يجتمع الانفلونزا وفيروس "كورونا" في المجتمع نفسه وطبعاً ستزداد الاصابات بشكل كبير وأيضاً الوفيات. وكما ذكرت ان المستشفيات في لبنان ليس لديها القدرة لتستقبل حالات الانفلونزا و"الكورونا" سوياً.

* وما رأيك بقرار اقفال 111 بلدة للحد من تفشي فيروس "كورونا" في البلد؟

- يساعد ذلك على تخفيض الخطر، ويخفف من عدد الاصابات خصوصاً اذا التزم الناس بالاجراءات الوقائية، فالمشكلة اذا لم يعِ الناس خطورة الوضع ولا يريدون ان يلتزموا فكل المناطق ستصبح مناطق حمراء ولن نتخلص من هذا الوباء. لذا على الجميع ان يعي الأمر ويطبق مبادىء الوقاية وان يتلزم الناس بوضع الكمامة، وغسل اليدين، والالتزام بالتباعد الاجتماعي، وأن يتوقف الناس عن اقامة السهرات والحفلات والأعراس، والا سترتفع الاصابات بشكل كبير وينتشر الوباء في كل لبنان. في المختبر لدينا يومياً حوالي 10 الى 12 في المئة من الفحوصات تأتي نتائجها ايجابية وهذا العدد يظهر بكل المختبرات في لبنان، وطبعاً هذا يعطينا فكرة أكثر لأن هذه الفحوصات تُجري في المختبرات، ونسبة الاصابات في البلد في تزايد.

* اليوم نسمع من أشخاص أنهم كانوا يلتزمون بالاجراءات الوقائية ويضعون الكمامات وما شابه ولكنهم اصيبوا بالفيروس فاحتمال التقاط الفيروس وارد حتى لو وضع الشخص الكمامة؟

- احتمال التقاط الفيروس وارد، ولكن لكي يلتقط الفيروس يكون الشخصان يجلسان في غرفة مغلقة، وبدون كمامة ولا يفصل بينهما متر ونصف المتر وذلك لمدة عشر دقائق أو أكثر فيلتقط الفيروس.

الوقاية ثم الوقاية

* كطبيب وعضو اللجنة الوطنية لمكافحة "الكورونا" ماذا تقول للناس في هذه المرحلة التي يشهد فيها لبنان تفشي الفيروس بشكل كبير؟

- أولاً الجهل يولّد الخوف، وعمل الاعلام اليوم مهم من أجل تثقيف وتوعية الناس حول هذا الفيروس. ان دور الاعلام في هذه المرحلة أهم من دور الحكومة ومن الأطباء لتوعية الناس وايصال الحقائق لهم. الآن لا وقت للنقد والغوغائية، هناك متسع من الوقت لاحقاً ليقوم الصحافيون بنقد السياسيين الى ما هنالك وأنا معهم، لكن في الوقت الحاضر يجب ان نشبك أيدينا مع بعض، وان نساعد على توعية الشعب بتطبيق الوقاية. لا نقدر ان نتحمّل أكثر مما نمر به الآن في لبنان، بالوقت الحاضر أصبحنا في عمق الهاوية ولا نقدر ان نتحمّل بعد أكثر، وطالما لا نقدر ان نتحمل أكثر أتمنى من الجميع ان يعتمدوا الطرق القصوى بالوقاية. لا يجب ان نعتمد على اللقاح لأنه بالوقت الحاضر ليس هناك لقاح، صحيح تُقام تجارب ودراسات حول ذلك، وتوقعوا سابقاً أنه معقول ان يكون هناك لقاح في بداية سنة 2021، ولكي يتم ذلك ويصبح موجوداً بين أيدينا فهذا يحتاج الى ما لا يقل عن سنة من الآن، ولهذا أتمنى من الجميع ألا يتوقعوا بأن يأخذوا اللقاح قبل الصيف المقبل، هذا اذا كانت اللقاحات التي يعمل بها اليوم تبين ان لديها فعالية، لذلك اللقاح الوحيد الموجود بين أيدينا اليوم هو الكمامة، وضرورة غسل اليدين والالتزام بالتباعد الاجتماعي.