تفاصيل الخبر

زيــاد عيـتـانـــــي بـــريء أم عـمـيـــل اسـرائـيـلـــي بامـتـيـــاز والمقدم الحاج ”مفبركة ملفات“ أم ضحية صراع الأجهزة؟!

09/03/2018
زيــاد عيـتـانـــــي بـــريء أم عـمـيـــل اسـرائـيـلـــي بامـتـيـــاز  والمقدم الحاج ”مفبركة ملفات“ أم ضحية صراع الأجهزة؟!

زيــاد عيـتـانـــــي بـــريء أم عـمـيـــل اسـرائـيـلـــي بامـتـيـــاز والمقدم الحاج ”مفبركة ملفات“ أم ضحية صراع الأجهزة؟!

 

زياد-عيتانيقد يكون الدخول في تفاصيل الاتهامات المتبادلة بين أمن الدولة وقوى الأمن الداخلي يحتاج الى أدلة ومعطيات يملكها كل من الجهازين الأمنيين يستعملها لتأكيد وجهة نظره واتهاماته، لكن الأكيد ان أسوأ ما وصلت إليه قضية عيتاني هو التشظي الذي أصاب جسم الدولة على المستويات كافة لاسيما بعد تسييس الملف وادخاله عنوة أو طوعاً في <بازار> الانتخابات النيابية المفتوح على احتمالات عدة ساهم في ابرازها موقف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي أعلن <براءة> عيتاني، ليقابله رد من وزير العدل سليم جريصاتي بضرورة عدم استباق ختام التحقيقات، ثم دخول أكثر من طرف سياسي معلقاً أو شاجباً أو مديناً أو متهماً... لتصبح المواجهة بين قوى الأمن الداخلي وأمن الدولة حديث البلد ولها الأولوية، فيما كان الأمر يقتضي أن يكون التركيز على معرفة الحقيقة وابلاغها للرأي العام الذي انشغل بروايات متناقضة أغرقته في الاجتهادات والتحليلات والشائعات.

 

عون والحريري: الملف الى القضاء

نهاد-المشنوق-1

وحيال تفاقم الجدال حول الحقيقة الضائعة خلف جدار الغموض السميك، وبعدما أخذت القضية أبعاداً خطيرة، سارع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى التشاور مع رئيس الحكومة سعد الحريري الذي كان موجوداً بزيارة رسمية في السعودية، وتوافقا على ضرورة سحب الملف من النقاش وتكليف القضاء أن يقول كلمته في تثبيت إحدى الروايتين بعدما امتزجت الحقائق الموضوعية بالحسابات الخاصة و<ضاعت الطاسة> واختلط الحابل بالنابل في مشهد أشبه بمسرحية أبطالها المخرج زياد عيتاني، والمقدم الحاج، والشاب ايلي غ. الذي أوقع بعيتاني أولاً ثم بالمقدم الحاج ثانياً، وفرع المعلومات، وأمن الدولة، والمدعي العام العسكري القاضي بيتر جرمانوس وقاضي التحقيق العسكري الأول القاضي رياض أبو غيدا، وصولاً الى الاستحقاق الانتخابي في الدائرة الثانية لبيروت.

والى أن تنجلي الحقيقة، فإن الوقائع تتحدث عن توقيف أمن الدولة قبل أشهر للمخرج عيتاني بتهمة التعامل مع اسرائيل من خلال علاقة قيل انها موثقة بالصوت والصورة مع <ضابطة اسرائيلية> ربطتها بالمخرج عيتاني علاقات حميمة تطورت الى اسنادها مهمات إليه بمراقبة شخصيات رسمية وسياسية بينهم وزير الداخلية نفسه. واستند أمن الدولة في توقيف عيتاني على معطيات وفّرها المخبر لدى هذا الجهاز ايلي غ. جوبه بها عيتاني الذي يقول مسؤولون في أمن الدولة انه أدلى باعترافات كاملة مسجلة صوتاً وصورة ومدعّمة بالوثائق والأفلام التي تجمعه مع <الضابطة الاسرائيلية> في تركيا بينها أفلام عن رحلة حميمة على متن زورق في عرض المياه التركية. وبين أن تكون اعترافات عيتاني طوعية أو بالإكراه، بدا ان التحقيق قاد الى جملة معلومات لم ينكرها عيتاني وكررها أمام قاضي التحقيق العسكري الذي أمر بتوقيفه تمهيداً لاصدار القرار الظني وإحالته على المحاكمة بتهمة العمالة مع اسرائيل والارتباط بأجهزة المخابرات العدوة. صحيح ان مداخلات عدة للإفراج عن عيتاني و<تبرئة> ساحته، إلا انها ظلت من دون فعالية بسبب كمية <الاعترافات> التي أدلى بها عيتاني والتي تم توثيقها لدى أمن الدولة.

انطوان-صليبا 

وفجأة، ومن دون سابق تصور وتصميم فتح ملف عيتاني من جديد بعد وصوله الى القاضي أبو غيدا الذي <استعان> بفرع المعلومات <لجلاء بعض التفاصيل والمعطيات> مستغنياً بذلك ــ من دون علم المدعي العام العسكري جرمانوس ــ عن <خدمات> أمن الدولة واحلال فرع المعلومات مكانه وهو ما كان يطالب به الوزير المشنوق منذ بداية القضية ومن كان يقول بـ<براءة> عيتاني. ومع إحالة الملف الى فرع المعلومات ظهرت المفاجأة غير المتوقعة إذ تبين ــ حسب مصادر فرع المعلومات ــ خلال التدقيق في بعض الوقائع الملتبسة ــ أو غير المقنعة على حد تعبير بعض المراجع ــ ان المخبر ايلي غ. هو يعمل أيضاً لصالح فرع المعلومات وقد أسرّ الى القيمين على الفرع بمعلومات خلاصتها انه تولى، وهو الخبير المميز في عالم التقنيات والتواصل الاجتماعي ــ <قرصنة> حسابات الكترونية عدة كانت حصيلتها <فبركة> الملف الذي أدين به عيتاني إذ تولى <القرصان> ايلي غ. اعداد أدلة علاقة مزعومة لعيتاني مع المخابرات الاسرائيلية عززها بالصور والأفلام، وذلك بناء على طلب من المقدم الحاج التي أرادت تصفية حساب قديم مع عيتاني الذي تتهمه بأنه تسبب في نقلها من مركزها في قسم مكافحة جرائم المعلوماتية في قوى الأمن ووضعها بالتصرف بعد اتهامها بالتهكم على النساء السعوديات... هذا الاتهام الذي ساقه <القرصان> ايلي غ. بحق المقدم الحاج أرفقه بسلسلة طلبات قال انه تلقاها من المقدم الحاج لـ<قرصنة> حسابات لرسميين وسياسيين وعسكريين للتدليل ان قسم مكافحة جرائم المعلوماتية قد <انهار> بعد نقل المقدم الحاج منه لأنها كانت <ممسكة> به وحريصة على تفعيله.

وعلى وقع <معلومات> ايلي غ. تحرك فرع المعلومات وطوق منزل المقدم الحاج واقتادتها دورية منه الى التحقيق بالتزامن مع حملة تسريبات لوسائل اعلامية وأخرى في التواصل الاجتماعي عن <براءة> عيتاني و<تواطؤ> المقدم الحاج لزجه في السجن بعد اتهامه بالعمالة لاسرائيل للأسباب المذكورة آنفاً. وتطوع أكثر من وزير وسياسي الى تناول الموضوع كل من زاوية مصلحته الانتخابية، فيما كانت عائلة عيتاني تحتفل بـ<براءة> ابنها وعودته الى الحرية لاحقاً لينضم الى رصيد العائلة المؤلفة من أكثر من 8200 شخص لهم كلمتهم في الاستحقاق الانتخابي المقبل في دائرة بيروت الثانية. وخلال الاستماع الى المقدم الحاج في الأيام الأولى لتوقيفها رفضت كل الاتهامات التي وجهت ضدها نافية خصوصاً أن تكون <فبركت> أي ملف لعيتاني ومؤكدة ان تواصلها مع <القرصان> ايلي غ. <أمر طبيعي> انطلاقاً من كونه مخبراً أمنياً سبق له أن تعاون مع مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وان رسائل <الواتساب> التي تبادلتها معه كانت طبيعية لاسيما وانها لا تحتوي على أي أمر يتصل بملف عيتاني لا من قريب أو من بعيد. وتؤكد مصادر فرع المعلومات ان ما أدلى به <القرصان> ايلي غ. يتجاوز تبادل الرسائل <العادية> بينه وبين المقدم الحاج، ويوفر معطيات <خطيرة> وضعت كلها أمام المسؤولين وفي مقدمهم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الداخلية.

اعترافات.. من نصدق؟

رياض-ابو-غيدا 

وتقول مصادر متابعة ان اجتماعاً عقد بين المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والمدير العام لأمن الدولة اللواء أن طوان صليبا تم خلاله تبادل المعلومات التي تناقضت في أكثر من مكان، مع اصرار اللواء صليبا على ان عيتاني أدلى أمام أمن الدولة <باعترافات كاملة> عن تواصله مع المخابرات الاسرائيلية، وان هذه <الاعترافات> موثقة بالصوت والصورة وفيها محاضر مقابلات ووثائق سفر وأسماء كاملة وتواريخ محددة، مستغرباً كيف ان مخبراً يتعاون منذ وقت طويل مع أمن الدولة والأمن العام وهو متمرس في عمله الأمني، يمكن أن يبادر بهذه البساطة الى اختلاق ملف بهذه الخطورة لإرضاء المقدم الحاج.

بالتزامن تراجع عيتاني عن أقواله أمام أمن الدولة وقال لقاضي التحقيق عندما سئل لاحقاً عن سبب ادلائه باعترافات تدينه بالعمالة ما دامت غير صحيحة، انه بحكم كونه ممثلاً ويجيد تأدية الأدوار التمثيلية، فهو خاف بعد وضعــــــه في غرفــــة مظلمــــة وأدى تحت الضغط النفسي دوراً تمثيليـــاً، وبالتـــالي فإن كل <الاعترفات> التي أدلى بها لا أســـــاس لهــــا مــن الصحة، وان من ظهرت صوره معها هي صديقة لا علاقة لها بالمخابرات الاسرائيلية وان رحلاته معها الموثقة بالصور والأفلام، لم تكن سوى رحــــلات حميميـــة يقـــــوم بهـــا كثــــيرون مع صديقـــــات وعشيقات!

وحيال تمسك أمن الدولة بأن اعترافات عيتاني صحيحة وهي تدينه، واصرار فرع المعلومات على ان الملف مفبرك بطلب من المقدم الحاج، بدا ان <بيضة القبان> في هذه الفضيحة غير المسبوقة، هي <القرصان> ايلي غ. الذي أوقع بعيتاني أولاً ثم بالمقدم الحاج ثانياً خصوصاً ان المعلومات التي وفّرها لأمن الدولة قادت عيتاني الى السجن، ثم المعلومات التي أعطاها لفرع المعلومات قادت بالمقدم الحاج الى التوقيف ريثما يقول القضاء كلمته ويتوسع في التحقيق لجلاء الغموض الذي يكتنف قضية عيتاني ــ الحاج، لاسيما لجهة تحديد حقيقة دور <القرصان> ولمصلحة من لعبه ولأي غايات أرادها أو استُخدم من أجل تحقيقها...

فهل تصل هذه القضية الى خواتيمها، أم ان مصيرها سيكون مثل مصير سابقاتها، أي <اللفلفة> من خلال احالته الى طرف ثالث للتدقيق في كل المعطيات عنه، قد يكون إما مديرية المخابرات أو الأمن العام بعدما بدا ان كلاً من أمن الدولة وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، أصبحا طرفاً مباشراً في المواجهة حول حقيقة تعامل عيتاني مع اسرائيل أو عدمه، وحول دور المقدم الحاج في <فبركة> ملف عيتاني...

من الصعب الجزم بما ستؤول إليه هذه القضية التي قد تبقى مفتوحة لمزيد من جلاء الغموض وربما ليدخل عامل النسيان طرفاً أساسياً فيها وتنضم الى غيرها من القضايا الأمنية والمخابراتية التي لا تزال طي الكتمان!