تفاصيل الخبر

زوجة الشهيد علاء أبو فخر السيدة لارا: لن أسامح القتلة ولن أغفر لهم ودم علاء لن يذهب هدراً!

13/12/2019
زوجة الشهيد علاء أبو فخر السيدة لارا: لن أسامح القتلة ولن أغفر لهم ودم علاء لن يذهب هدراً!

زوجة الشهيد علاء أبو فخر السيدة لارا: لن أسامح القتلة ولن أغفر لهم ودم علاء لن يذهب هدراً!

 

بقلم حسين حمية

شهر مضى على استشهاد وكيل داخلية الشويفات ــ خلدة في الحزب التقدمي الاشتراكي علاء أبو فخر أثناء مشاركته في اعتصام في محلة خلدة بعدما سبق وأن انطلقت الانتفاضة الشعبية في 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي مطالبة باستقالة الحكومة ورحيل الطبقة السياسية التي أوصلت البلد الى الفقر والعوز ودعت الى محاسبة الفاسدين واجراء التغيير الجذري العام في بنية النظام.

فماذا تقول زوجة الشهيد السيدة لارا بعد انقضاء شهر تقريباً على استشهاد زوجها، وكيف تقارب هذه المحنة التي عاشتها مع أولادها الثلاثة بعد فقدان زوجها؟

<الأفكار> التقت السيدة لارا داخل منزل العائلة في الشويفات وحاورتها في هذا المصاب الأليم وسألتها بداية:

ــ ماذا تقولين وأنت ترين غلاف <الأفكار> وهو يحمل صورة الشهيد علاء وهو معك وأولادكما من ضمنه؟

- كنت أتمنى أن نكمل الحياة معاً لكن ارادة الله فوق كل شيء وكتب عمره الى هنا ولا نستطيع أن نقف في وجه قدر الله. فرحم الله روحه لأنه شهيد الوطن لبنان وشهيد قلبي وشهيد أولاده، وما يخفف عليّ انه عندما أحببنا بعضنا قال لي إن هناك شيئاً داخله يخبره بأنه سيكون شهيداً فدى الوطن، وهذا الكلام حصل منذ 17 سنة، ويوم الأحد قبل استشهاده بثلاثة أيام كنا ننزل الى ساحة الثورة في خلدة طلب مني أن أضع يدي في يده بعز وكرامة وعنفوان، ففعلت ذلك فقال لي آنذاك: إذا مت لا تبكي عليّ بل عيشي بعز وكرامة مع أولادنا.

ــ هل قال لك شيئاً بعد إصابته وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة في مستشفى كمال جنبلاط في الشويفات؟

- قبل حدوث المشكلة قال لي إنه يشعر أن الأجواء متشنجة وأبدى خوفه عليّ وعلى ابننا عمر وطلب مني الذهاب الى البيت فلم أقبل وقلت له: يدي في يدك أينما كنت إن ذهبت أذهب وإن بقيت أبقى، فقال: إذن الله يحمينا. وبعد الحادث لم أسمع نفسه فقد توفي منذ إصابته بالرصاصة الأولى.

التحقيق ومساره!

ــ ماذا كشف التحقيق بخصوص الحادثة حسب علمك؟

- التحقيق مستمر والمحامون يعتبرون ان شهادته وسام على صدرهم كونه شهيد الوطن، وكذلك حال القضاة وقائد الجيش العماد جوزف عون يعتبره شهيد الجيش والوطن، وهذا ما يخفف عني كثيراً.

ــ هل التقيت بقائد الجيش شخصياً وقال لك هذا الكلام؟

- صحيح، فقد جلست معه وقال لي إن علاء شهيد الوطن وأكد لي بأنه سيعمل لمعرفة الحقيقة وان دماء علاء لن تذهب هدراً، وأنا قلت له إنني لا أريد أن أكون ظالمة ولا أكون مظلومة وبحكمتك الشريفة أطلب أن يستكمل التحقيق بتجرد للوصول الى كامل الحقيقة.

ــ هل من شكوك أو علامة استفهام تطرحينها حول مسار التحقيق بعدما صدر القرار الاتهامي الأول؟

- لا.. علامة الاستفهام طرحت عندما خرج العقيد نضال ضو، لكن عندما أعيد من خلال الاستئناف برد قلبي، ولكن إذا لم تأخذ العدالة حقي فالله سيأخذ حقي، وفي النهاية فكل نقطة دم نزلت من علاء هي فدى الوطن أفتخر بها خاصة وان علاء كان يقول لي دائماً بأنه فداء للوطن.

علاء الناشط منذ البدايات!

ــ هل لأنه تسيس باكراً ودخل الحزب التقدمي الاشتراكي؟

- صحيح، فهو منذ بداياته يسير على خطى كمال جنبلاط، وعلاء انسان صادق وصاحب حق ومحترم وكريم وبيته مفتوح وشريف وطاهر، ومهما تكلمت عنه لا أوفيه حقه ويكون الكلام قليلاً.

ــ لم تنقطعي لحظة عن المشاركة في الانتفاضة. فماذا يقول لك أهل الحراك؟

- منذ بداية مشاركتنا أنا وعلاء في الثورة لم أقبل أن ينزل لوحده بل قلت له ننزل يداً بيد، لنكون ثواراً ونحقق أحلام أولادنا وأحلام كل أولاد لبنان، وناضلنا خلال تلك الأيام ولم أعرف انني سأصل الى هنا وأخسر علاء، لكنني سأكمل مسيرة علاء حتى النهاية.

ــ ماذا تقولين لأهل الثورة؟

- علاء افتدى لبنان بدمه وأتمنى على كل متظاهر أن ينزل الى الشارع لتحقيق حلم علاء الذي استشهد اكراماً له، وأن يكملوا الطريق. وصحيح ان الحالة صعبة لكني لا أفقد الأمل من إحداث التغيير المطلوب ووعدت علاء وأنا أحضنه ودمه ينزف بين يدي أنني سأكمل مسيرته.

ــ منذ أيام زاركم النائب تيمور جنبلاط، فماذا قال لك؟

- صحيح، جاء لتقديم واجب العزاء من جهة وتفقد العائلة من جهة أخرى، ولم يقل غير ذلك وترحم على الشهيد علاء.

ــ وما قال لكم وليد بك؟

- أنا لم أره رغم انه جاء يوم كنا في المستشفى وأنا كنت آنذاك غائبة عن الوعي.

ــ وكيف يتعامل الحزب معكم بشكل عام؟

- الحزب تصرف بوعي لمنع الفتنة أن تمتد الى الجبل، لكن والحمد لله كنا أوعى من أن نقع في هذه الفتنة وأكبر من أي لعبة لإشعال المنطقة، ولا أنكر هنا دور وليد جنبلاط في وأد الفتنة وتهدئة الوضع عندما طلب من الشباب التروي والحكمة.

ــ سبق للجامعة الأميركية أن أعلنت عن كفالة الأولاد بتعليمهم. فماذا عن هذه الناحية؟

- صحيح، وأنا لم أجتمع مع مسؤولي الجامعة الأميركية وسيكون لي اجتماع معهم قريباً إن شاء الله. كما ان الجامعة العربية قدمت لأولادي الثلاثة منحة جامعية وأنا أشكرها جداً، فيما أعلنت مدرستهم <الشوف ناسيونال كولج> ان الأولاد سيتعلمون مجاناً لديها. ومع احترامي للجميع فإن كل ما يقدمونه لي لن يستطيع أحد أن يسد جزءاً مما قدمه علاء للوطن، لكن رغم ذلك أشكر الجميع الذين تعاطفوا معنا ولا بد أن تستمر الحياة وأنا مسؤولة الآن عن عائلتي وأعرف ان الله معي ولن يتركني وسيأخذ بيدي لأكمل طريقي وأربي عائلتي خاصة وان نفس علاء متوجة بالخير وإلا لما بكى عليه كل الناس في الداخل والخارج.

- هنا أشكر كل انسان تعاطف معنا وقدم لي كلمة تضامن حلوة وأفتخر بذلك وأرفع رأسي عالياً وهذا ما يكبر قلبي.

 

أولاد علاء والصدمة!

ــ ماذا يقول لك ابنك عمر؟

- عمر لا يزال صامتاً ولا يتكلم سوى انه يبدي خوفه عليّ لا أكثر، فهو مصدوم ولن ينسى المشهد الذي رآه في كل حياته وكيف ان والده قتل أمام عينيه. وأنا أحاول رعايته لا بل اكشف بأنني مع أولاده بدأنا بالذهاب الى طبيب نفسي للعلاج بغية الخروج من هذه الصدمة لأني لوحدي لا أستطيع أن أخرج الأولاد منها وكان لا بد من الاستعانة بطبيب مختص.

ــ وأديب ماذا يقول؟

- عمر أديب 7 سنوات ولا يزال حتى الآن لم يتكلم أي كلمة ولكنه يغني لوالده في الليل ويقول لصورته: أحبك يا دادي أحبك يا دادي. وأديب كتوم ولم يعبر عما بداخله، لكن غنى تعبر بطريقة فيها قوة وعنفوان وتقول لي إن الله كتب لأبي هذا العمر ولو كان جالساً على الأريكة وأراده الله أن يموت لمات، فهذا عمره لا أكثر ولا أقل، لكن لا بد من رعاية الأولاد بشكل عام وكامل وهذا ما أحاول عمله بمساعدة العائلة والأصدقاء وكل المحبين وبلدة الشويفات وأهلها من الصغير حتى الكبير. وهنا أشكر الجميع فرداً فرداً على وقوفهم معنا إزاء هذا المصاب والإجرام الشنيع الذي ألمّ بنا. فأنا أشكر الطفل الصغير الذي وقف معنا وأقبل رأسه.

ــ هل تعتبين على أحد؟

- لا أعتب على أحد لأنني لا أريد أن أظلم أحداً.

ــ وماذا تقولين للدولة؟

- أريد حق علاء، لا بل أريد ثمن كل نقطة دم سقطت من علاء حتى لو كنت في آخر يوم من عمري. وأنا مؤمنة بأن الله لن يضيع حق أولادي ودم زوجي الذي عمل الكثير لحزبه ولبلدته وللناس، وإضافة لكونه عضو بلدية، وسابقاً عضواً في منظمة الشباب التقدمي. فعلاء كان رئيس تجمع <الشويفات مدينتنا>، ورئيس ماراتون الشويفات، وأمين سر الحزب في الشويفات منذ أربع سنوات، ومن منظمي مهرجانات الفرح في الشويفات ورئيس مهرجان الفرح أيضاً ومن مؤسسة جمعية <غروب القبة> وهو اجتماعي بامتياز حتى انني كنت أطلب منه أن يتفرغ لعائلته ولبيته ولكي نعيش معاً لوحدنا لاسيما وانه حصل حادث معه منذ 5 سنوات في خلدة وتعرض للضرب والله وحده سلمه آنذاك، ولذلك خفت عليه وطلبت منه ذلك، لكنه كان يؤمن بعمل الخير ولا يريد التوقف عن العطاء، ولذلك كنت أرافقه دائماً خوفاً عليه، وإرادة الله أرادت أن يموت بين يدي وينزف دمه على حضني وحضن ابننا عمر.

ــ هل صحيح انه كان صاحب فكرة تقديم شكوى ضد السوق الحرة دفاعاً عن حقوق الشويفات المالية؟

- لا.. فهناك شائعات ودعايات تطرح لكن الأكيد ان علاء قتل لأنه متمسك بالحق وبالعدل وكان صادقاً.

ــ هل كان العقيد ضو والمعاون القاتل شربل العجيل يعرفان علاء؟

- كنت منذ 25 يوماً في اعتصام خلدة، وكانت سيارة المخابرات تمر على الدوام وتتوقف للسلام على المتظاهرين وهم يعرفون علاء، لكن عند حصول الحادث لم يكن علاء يعرف من في داخل السيارة وبدأ الحادث عندما طحشت السيارة نحو المتظاهرين وأرادت المرور فما كان من أحد الشباب المتظاهرين إلا أن سأل: من هذا الـ...؟ وآنذاك حصل تلاسن مع أحد الفتية فتدخل علاء لمعرفة ما يجري وحصل ما حصل في لحظات رغم ان من يوجد داخل السيارة يعرفون علاء جيداً ويعرفونني أنا.

ــ هل تصلين الى مرحلة تسامحين فيها وتغفرين للقتلة؟

- الآن لا أبداً.. فأنا وعلاء نوايانا صافية تجاه الناس ولم نظلم أحداً ولا نحب الظلم لكن بعد ما رأيت من اجرام بحق علاء لا يمكن أن أسامح وأغفر.. فقائد الجيش بنفسه قال إنه ممنوع اطلاق النار على المتظاهرين وقانوناً إذا تعرض اي عسكري لأي اعتداء لو افترضنا يطلق النار أولاً في الهواء وبعدها من الممكن أن يطلق النار على رجلي المعتدين، لكن أن يبدأ باطلاق النار على صدر المتظاهر فهذه جريمة لا تغتفر.

وختمت قائلة:

- أنا أضعف انسانة في الكون لكن عندما رأيت دم علاء على الأرض، الله أعطاني القوة والعزيمة لأن علاء لم يرد يوماً أن أكون ضعيفة أمام أحد مهما كانت الظروف. وأنا بإذن الله سأكمل رسالة علاء مهما كانت الصعوبات ولن أضعف.