تفاصيل الخبر

يوم حلّت الأحزاب مكان الدولة في مواجهة الوباء

02/04/2020
يوم حلّت الأحزاب مكان الدولة في مواجهة الوباء

يوم حلّت الأحزاب مكان الدولة في مواجهة الوباء

 

بقلم علي الحسيني

[caption id="attachment_76542" align="alignleft" width="344"] السيد هاشم صفي الدين وخطة تطويق "كورونا".[/caption]

  هو زمن مَرَضيّ قد يكون محلي واستثنائي، غابت فيه الدولة عن دورها وغيّبت نفسها عن حدث يكاد أن يفتك بها وبمؤسساتها وبشعبها وربما بحكّامها "لا سمح الله". زمن حلّت فيه الأحزاب أو بعضها  مكان السلطة لتنجد المواطن من مستنقع وباء "الكورونا" الذي يُبحر فيه منذ أكثر من شهر من دون ان يصل إلى ضفّة آمنة يُمكن ان يُرخي بأثقاله عليها هرباً من فيروس يُلاحقه في حياته اليومية وحتّى في الهواء الذي يتنشقّه. اليوم وفي ظل إهمال الدولة بمد شعبها بأدنى مقوّمات الصمود لمواجهة الوباء القاتل، أظهرت بعض الاحزاب أنها على قدر كبير من المسؤولية تجاه مناطقها ومذاهبها وأنها حاضرة لمد يد العون لهم عند الصعاب، وهذا ما ظهر بشكل جليّ عند كل من "حزب الله" والحزب " التقدمي الإشتراكي" برئاسة الوزير والنائب السابق وليد جنبلاط.

 

"حزب الله" يتجهّز للأسوأ ضمن بيئته

 مع بداية انتشار فيروس "كورونا" صبّت جميع الإتهامات باتجاه "حزب الله" لجهة تحميله مسؤولية تأخر الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة من إغلاق المجال الجوي وتحديداً مع ايران المُصدّر الأساس يومها للفيروس الى لبنان بالإضافة إلى تسكير الحدود والمعابر وذلك لأسباب قيل إنها سياسية. بعد ذلك بفترة أطل الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله مناشداً الجميع بالتعاون والتكاتف للخروج من الأزمة بأقل الأضرار الممكنة، وأوضح ان الوقت الحالي هو ليس لتصفية الحسابات ورمي التهم بين بعضنا البعض. فعلاً الوقت هو لمد يد المساعدة والعمل على تخفيف النتائج السلبية للوباء الذي انتشر في جميع الأحياء والمناطق من دون ان يفرق بين طائفة أو مذهب. لكن بطبيعة الحال كل هذا لا يُلغي مسؤولية "الحزب" في مكان أكثر من غيره، كونه المعني أكثر من غيره بالأشخاص الذين كانوا على متن الطائرة وربما الطائرات التي أتت من طهران والذين كانوا يحملون الفيروس.

 في محاولة لتصحيح الخلل وربما منعاً لتفاقم أزمة إنتشار فيروس "كورنا" في مناطق سيطرته وذلك من باب شعوره بالمسؤولية تجاه ناسه، أعلن رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" السيد هاشم صفي الدين عن خطة عمل للحزب تعمل وفقاً للاجراءات الحكومية ووزارة الصحة وتتكامل مع الاجهزة الحكومية ولا تتعارض معها على الاطلاق والهدف منها هو الحد من انتشار "كورونا"، لافتاً الى ان مسعفي المقاومة الاسلامية يشاركون في خطتنا لمواجهة فيروس "كورونا" وهناك جهد مشترك يقوم به حزب الله مع "حركة أمل" لمواجهة الفيروس. واشار الى انه يعمل على تنفيذ خطة حزب الله لمواجهة "كورونا"، كادر عدده 24500 شخص بين طبيب ومسعف وغيرهما من مقدمي الخدمات الطبية والصحية.

 والمعروف أن حزب الله قام باستئجار مستشفيات خاصة وتجهيزها للاحتياط واستخدامها وقت الحاجة، وخلال ايام ستصبح مستشفى "السان جورج" جاهزة ان شاء الله لاستقبال مصابي "الكورونا" إذا اقتضت الحاجة، كما قام بإنشاء مراكز تشخيص طبي لتقييم وفحص الحالات وتحديد الاجراءات المطلوبة وتجهيز 32 مركزاً طبياً احتياطياً لمواجهة "كورونا" في كل المناطق اللبنانية، وبتدريب 15 الف شخص على مكافحة الفيروس وورش تدريب لبعض المسعفين في المخيمات الفلسطينية وتجهيز 25 سيارة بأدوات وآلات تنفس اصطناعي وإنفاق 3.5 مليار ليرة لمواجهة الازمة.

 

وليد جنبلاط يهبّ لنجدة مناطقه

[caption id="attachment_76541" align="alignleft" width="400"] وليد جنبلاط ... مساعدات وتسهيلات.[/caption]

 في الوقت الذي كان يجتاح فيه فيروس "كورونا" أجساد اللبنانيين ومناطقهم من دون أن يفرق بين طائفة وأخرى، كانت المبادرات الفردية لعدد كبير من المسؤولين السياسيين في البلد تغيب عن واجهة الحدث تاركة المواطن يتخبَط بعجزه في البحث عن ملجأ يستند اليه في أزمة شديدة وضعته أمام الحياة أو الموت خصوصاً مع بدء انتشار الوباء الذي أدى الى تخبّط الدولة وأجهزتها ومؤسساتها وتحديداً الصحية منها. هذا الغياب أو التقاعس، يقودنا تلقائياً  إلى "المختارة" المعروفة براداراتها العابرة للأجواء في المنطقة في السلم والحرب وثناء البعيد قبل القريب على قراءات زعيم الجبل وليد جنبلاط للأحداث قبل وقوعها والتحذير من مخاطرها عند هبوب عواصفها. هذا مع العلم أنه كثيراً ما أتهم جنبلاط من خصومه بأنه يقرأ بشكل خاطئ المستجدات، منها على سبيل المثال توقعه نهاية النظام السوري يوم امتزجت توقعاته مع عواطفه تجاه الشعب السوري، لكن تلك الحقبة لا تُلغي أن للرجل قراءة خاصة في المتغيرات والمخاطر خصوصاً التي تهب بين الحين والآخر من الخارج، فما بالك إذا كانت هذه المخاطر تتعلق بمصير لبنان وشعبه.

 واقع الحال يقول، إنه قبل وصول "كورونا" ولبنان يعاني من أزمة إقتصاديةٍ وماليّة خانقة عصفت بالمجتمع اللبناني، فلم تترك منه غنياً أو فقيراً إلّا وأرخت بثقلها عليه، يومها استدركَ جنبلاط خطورة المرحلة الصعبة مسارعاً إلى التخفيف عن منطقته وربما أبناء مذهبهِ بمساعدات مادية وغذائية وغيرها من مقومات الصمود، وسط دعوات منه إلى البدء بزراعة القمح والحبوب كخطوة أولية للصمود واعتماد نمط اقتصادي إنتاجي تعاوني بدل "اقتصادِ الخدمات السابق الذي انتهى". ومع انتشار فيروس "كورونا"، سارع جنبلاط أولاً إلى القيام بواجباته كمسؤول سياسي تجاه منطقته وأبناء مذهبه، وثانياً كرئيس حزب وزعيم لطائفة لم تجد فيه إلّا جبلًا تتكِئ عليه خلال الأزمات، مُدخلاً الطمأنينة إلى قلوبهم بتأكيده أن التجهيزات لمواجهة الفيروس متوافرة لدى الحزب، والمنظمات الرديفة، وجميعنا تحوّلنا الى ورشة عمل تضمَنت حملات التوعية، وتعقيم السجون ودور العبادة، لافتاً إلى أن إمكاناته موجودة لخدمةِ أهل الجبل واللبنانيين لمواجهةِ "كورونا".

 

.. ويُلغي ذكرى استشهاد والده

 

[caption id="attachment_76543" align="alignleft" width="350"] النائب عاصم عراجي : الخطة تنص على تجهيز 12 مستشفى حكومياً في كل المناطق.[/caption]

 من جهة أخرى، ألغى جنبلاط إحياء ذكرى استشهاد والده في السادس عشر من الشهر الماضي حفاظاً على السلامة العامة، وتماشياً مع حظر الاجتماعات أو التجمعات الشعبية وراحَ يحث المسؤولين والقياديين وعناصر حزبه، على عدم توفير أي جهد شخصي أو حزبي للوقوف الى جانب أهل الجبل بكل أشكال وأنواع المساعدات والتجهيزات الطبية لعدد من مستشفيات ومستوصفات الجبل. بالإضافة الى تجهيز قسمٍ في مستشفى "عين وزين"، مع دعم مادي لمستشفى "الإيمان" ومستشفى "الجبل" في المتن الأعلى، وتأمين جهاز تنفسي لمستشفى "سبلين" الى جانب تأمين مادة المازوت في معظم قرى الجبل والساحل.  ولم ينس جنبلاط الإهتمام بالسجون اللبنانية والوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه السجناء، إذ أوعَز إلى الفريق المحيط به إرسال أجهزة للتعقيم وما يلزم للسجناء من احتياجاتٍ ضرورية.  ويُضاف الى الأمور هذه، تبرعه لمستشفى "رفيق الحريري" الحكومي والصليب الأحمر اللبناني. والمعروف أن كل هذه التقديمات والمساعدات جاءت في وقت صعب وحرج، في حين أن المسؤولين ينامون على حرير منسوج من حقوق اللبنانيين ومشغول بفضل تعبهم ومستقبل أولادهم وسرقة أحلامهم.

 وبغض النظر عن الإجماع في لبنان حول شخصية وليد جنبلاط لجهة تقلّباته السياسية أو ازدواجية تعاطيه مع بعضِ الملفات أو الأحداث، إلّا أنه يُسجَل له إنسانيَته ومسؤوليته عندما تتعلق الأمور بالناس وصحتهم، وربما تكون مبادراته اليوم قد جاءت في وقتها لكي تفضح إهمال العديد من المسؤولين لحقوق الناس وأوجاعهم في مرحلة لا تميز بين مسؤول رفيعٍ ومواطن فقير.

 

القوات اللبنانية: تعاملنا مع الأزمة ببعدها الوطني

[caption id="attachment_76545" align="alignleft" width="319"] شارل جبور... خلية في معراب واستنفار في كل المناطق.[/caption]

 بالنسبة إلى "القوات اللبنانية" ومقاربتها للأزمة الصحية الحاصلة فهي تنطلق من ثلاثة أبعاد. البعد الأول ينطلق من طبيعة وطنية وذلك انه لا يوجد أي فصيل أو  حزب يمكن ان يحل مكان الدولة، ولذلك ومنذ اللحظة الأولى رفع رئيس حزب "القوّات" سمير جعجع الصوت عالياً من أجل أن تأخذ الدولة اللبنانية الإجراءات اللازمة لحماية اللبنانيين. من هنا يؤكد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب "القوات اللبنانية" شارل جبور لـ"الافكار" أن جعجع عبّر وبكل صراحة بأن الإجراءات التي اتخذتها الدولة أخيراً لو انها اتخذت منذ اللحظة الأولى، لما حصل كل هذا الإنتشار لوباء "كورونا" على النحو الذي وصلنا اليه اليوم وبالتالي فإن الدولة هي المخوّلة والقادرة على الحد من إنتشار الوباء، من هنا كان الضغط من أجل أن تتخذ الدولة الإجراءات التي اتخذتها مؤخراً.

 أضاف جبور: تتابع القوات مع البلديات وإتحاد البلديات والمستشفيات وعلى مستوى المناطق حيث لها انتشارها عن طريق الحث والمساعدة وتقديم المبادرات من أجل متابعة الوضع الميداني الصحي. كما ان هناك بعداً حزبياً حيث إن القوات وعلى امتداد حضورها الجغرافي في كل لبنان وفي كل منسقياتها وضعت كل عناصرها ومواردها بتصرف البلديات وتقوم بعمليات التعقيم. وفي هذا السياق تحديداً وفي ظل الأزمة المعيشية الخانقة، تقوم القوات بمد العائلات المحتاجة بمواد معقمة وبحصص غذائية من أجل أن تتمكن من تجاوز هذه المرحلة وبالتالي القوات بحالة استنفار عام تواكبه خلية أزمة في معراب تجتمع ثلاث مرّات اسبوعياً برئاسة "الحكيم" من أجل مواكبة الأمور على المستويات الصحيّة والإستشفائية كافة وتفقّد حالات الأسر في كافة المحافظات من أجل تجنيب المخاطر.

 

"المستقبل": لم نحل مكان الدولة.. ولن نفعل

 مصادر تيّار "المستقبل" تُشير إلى أن "التيّار" سارع بعد الأخبار عن تفشي فيروس "كورونا" في لبنان الى تعليق العمل في جميع مكاتبه، منذ ١٠ أيام، حفاظاً على سلامة موظفيه، وتجنباً لأي احتكاك فيها ، بالتوازي مع إطلاق حملة توعية صحية وإرشادات للوقاية، عبر "مستقبل ويب" ومنصات التيار على التواصل الاجتماعي، تدعو الناس الى التزام الإرشادات الصحية وملازمة منازلهم والتحلي بالمسؤولية الاجتماعية.  وقد أعطى التيار توجيهاته لكل المنسقيات والفعاليات والجمعيات الصديقة في المناطق لتقديم المساعدة حيث أمكن، والوقوف الى جانب الناس، وتعميم ثقافة التضامن الاهلي والمجتمعي في مواجهة الوباء وتداعياته، في موازاة قيام النواب في المناطق بمتابعة الإجراءات المتعلقة بمكافحة "كورونا"، ناهيك عن قيام عدد منهم بالتبرع بمخصصاتهم النيابية دعماً لمستشفى رفيق الحريري والمستشفيات الحكومية في المناطق.

 وتضيف المصادر: كما باشر التيار، بتوجيه من الرئيس سعد الحريري، وبالتنسيق مع "جمعية بيروت للتنمية" والجمعيات الصديقة، بتنظيم حملات لتوزيع حصص غذائية ومواد تعقيمية للعائلات المحتاجة في بيروت والمناطق. واليوم، يواكب التيار لحظة بلحظة كل التطورات الصحية، عبر آلياته للتواصل عن بعد، للقيام بما يلزم للوقوف الى جانب الناس في هذه الظروف الصعبة.

 من جهته يوضح عضو كتلة "المستقبل" رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي أن الخطة الوطنية لمواجهة وباء "كورونا" تتضمن أربع مراحل وقد عبرنا المرحلتين الأولى والثانية، وبتنا في المرحلة الثالثة وعنوانها الجهوزية والإستجابة وهي مرحلة إحتواء الوباء وتقصي الحالات التي من الممكن أن تكون قد أصيبت ومخالطيها. وتتضمن هذه المرحلة منع السفر وغيره من الإجراءات الوقائية، أما الأبرز فهو تجهيز المستشفيات الحكومية حيث تنص الخطة على تجهيز 12 مستشفى حكومياً في المناطق اللبنانية، بما فيها مستشفى الحريري، وهذه المستشفيات هي المستشفيات الحكومية في طرابلس وزحلة والنبطية وبعلبك الهرمل وصيدا وبنت جبيل ومشغرة وبشري وحلبا وكسروان والبوار. وأمل عدم الوصول إلى المرحلة الرابعة لأنه سيتم حينها استخدام المستشفيات الحكومية كافة، بالتعاون مع عدد من المستشفيات الخاصة وهي عشرة: "الجامعة الأميركية"، "أوتيل ديو"، "الروم"، "رزق"، "المقاصد"، "قلب يسوع"، "بهمن"، "عين وزين"، "دار الأمل الجامعي"،"المعونات".