تفاصيل الخبر

يولا خليفة، ثريا بغدادي ونادرة عساف يجتمعن في عرض ”صوتي“:  أرجوحة المرأة بين اللذات والمشقات!

11/10/2019
يولا خليفة، ثريا بغدادي ونادرة عساف يجتمعن في عرض ”صوتي“:  أرجوحة المرأة بين اللذات والمشقات!

يولا خليفة، ثريا بغدادي ونادرة عساف يجتمعن في عرض ”صوتي“:  أرجوحة المرأة بين اللذات والمشقات!

 

بقلم عبير انطون

من أغاني يولا خليفة وعالمها الشرقي المعاصر وكوريغرافيا كل من نادرة عساف وثريا بغدادي انطلق <صوتي> الذي يجمع السيدات الثلاث في عرض <يُغَنّيَ حضور المرأة وكيانها الّروحي، الجسدي والدُنْيَويّ، بكُلّ حالاته وتحوُّلاته>، في اقتباس وادارة فنية للمخرج شادي زين وعزف لرامي خليفة في مرافقة حيّة على المسرح الذي يفرد له فضاءه ايضا لبضع دقائق من العزف المنفرد المتميز.

وها هو بعد تقديمه لاربع أمسيات فقط في العام 2017 يعود عرض <صوتي> الى اربع اماس جديدة تبدأ في الحادي عشر من الجاري، على مسرح مونو. فما الذي حفّز على اعادة العرض؟ ولِم تطلّب كل ذلك الوقت علما ان العمل عرف وهجا كبيرا مع عرضه سابقا إِن للتجربة الملفتة التي قدمها في عمقها وغناها وتحدياتها الجسدية والفكرية، وإن لناحية الاسماء اللامعة التي فيه. فمن هن سيدات العرض؟ لماذا تأخر في الاطلالة بعد غياب، الى من يتوجه وهل هو لجمهور معين؟

 

التريو الجميل..!

 يولا خليفة، صاحبة التجربة الفنية والحياتية الغنية بافراحها وصعوباتها العديدة، والتي اثمرت فنا وفنانين وموسيقى وانغاما، كانت من مؤسسات فرقة <الميادين> مع زوجها مارسيل خليفة المستمرة منذ العام 1978. أصدرت البومات اربعة تحت عناوين <آه>، <آه وآه>، <هواك> ومؤخرا <في الطريق> وشاركت في العديد من المهرجانات الكبرى شرقا وغربا منها مهرجانات الموسيقى الصوفية. يولا التي عرف عنها اهتمامها بحركة الجسد المتلازمة مع الغناء عملت عليها عبر اعمال عدّة مع مؤسسة الرقص فرحي ومركز الرقص الشرقي في باريس، وكان أنتِج عنها وثائقي بث في كل من اذاعة فرنسا للثقافة واذاعة المانيا الثقافية.

 الركن الثاني للعمل هي ثريا بغدادي، المهندسة الداخلية، الممثلة والراقصة التي كانت انطلقت مع فرقة كركلا منذ العام 1975، والتي درّبت ودرّست فنون الحركة وأسست مركز الرقص الشرقي في باريس. يعرف عن ثريا أنها مطلقِة محترفات الحركة، وقد عادت مع العام 2014 الى حياتها المهنية في التمثيل.

 اما نادرة عساف الحاصلة على درجة الماجستير في الفنون الجميلة في الرقص من كلية سارة لورانس وشهادة الدكتوراه في التربية من جامعة ليستر، هي حاليًا نائبة رئيس قسم الفنون والاتصالات في الجامعة اللبنانية الأمريكية حيث تُعلِّم، وهي كانت منذ نيسان 2011، تُنظّم وتُدير أول مهرجان سنوي لليوم الدولي للرقص في لبنان، والذي لا يزال قائماً حتى يومنا هذا.

السؤال عن الغياب لحوالى السنتين قبل اعادة العرض من جديد احالته نادرة الى عدم توافر الوقت الجامع للصديقات الثلاث ومعهن الفنان رامي خليفة ابن مارسيل ويولا، بالقول: <كان من الصعب ايجاد هذا الوقت الى ان حظينا به أخيرا>.

اما انطلاقة الفكرة للعمل فتعود لشرارة اشتعلت لما كانت نادرة تستمع الى البوم يولا الصادر حينها في السيارة معها. <ما ان سمعت الأغاني حتى قلت ليولا: هذه موسيقى جميلة وحبذا لو نقدّمها في عرض راقص. اهتمّت للفكرة ووجدتها متحمسة على ان نكلم أيضا صديقتنا ثريا فتكون معنا. بهذه البساطة انطلقنا. واشتغلنا سوية بمفردنا طوال سنتين. كنت اقصد باريس لاجل هذا العمل كل ستة اشهر، تقول نادرة، او هما تأتيان الى بيروت، ولما بتنا على جهوزية من حيث الموضوع والنص، ارتأينا أنه لا بد من نظرة <خارجية>، عين ثالثة ترى ما قمنا به. وبما أنني اعرف المخرج شادي زين وتجمعني به صداقة وطيدة منذ أكثر من عشرين عاما وعلى علم بما يتمتع به من نظرة ثاقبة ولمسة واحاسيس حلوة، عرّفته بكل من يولا وثريا اللتين أثنتا أيضا على عمله، وقد اشتغلتا معه لاحقا على اعمال أخرى، لِما وجدتاه فيه من تميّز. طلب شادي حينها فترة اسبوع لابداء الرأي، وهذا ما تم فعلا، فأخذ عملنا ووزعه بطريقة لافتة، وادخل الكومبارس والشرائط الحمراء وكل ما يتعلق بالخشبة الى ان وصل العرض الى الجمهور بالشكل الذي سيراه فيه. اما التغييرات ما بين عرض الـ2017 والعرض الحالي، فليست جذرية ولا كبيرة، فهي الى بعض الأسماء المشاركة من الشباب والصبايا، احدى اغنيات يولا التي جرى استبدالها بأخرى من البومها الجديد.

للرجل أيضاً..!

 

 العمل الذي يختصر حياة المرأة والمحطات العديدة التي تمر بها من الطفولة والمراهقة الى قصص الحب والانجاب ومختلف الحالات والتحولات فضلا عن الاحلام والانكسارات والأصوات الخافتة والمخنوقة وغيرها مما تتعرض له منذ فجر السنين، هل يتوجه الى المرأة حصرا؟ وهل تقف حدوده عند نخبة من جمهور المسرح؟

العرض بحسب يولا موجه للانسان بشكل عام، ولا تفرقة هنا بين امرأة أو رجل. فالمرأة محاطة بالرجل، وهي لا تعيش لوحدها، انما الصوت الخارج منا في العمل هو صوت المرأة وصوت المرأة الملتزمة. العديد من المواضيع تمس الرجل ايضا، وتضحي هنا شأنا عاما: فلما نتناول الترحال والهجرة أو الوحدة والغربة أو مسألة الجذور الى غيرها من المشاكل التي نواجهها يوميا كمثل الطفل المحروم في بلادنا العربية فان ذلك لا يخص المرأة وحدها.

 وانطلاقاً من موضوع المرأة تشرح نادرة:

- في الشرق خاصة، ينظر الى المرأة كابنة أو اخت او زوجة او ام ربت اولادا، من دون ان تقدر ككيان قائم بذاته. يتغلّب دائما لقبها الآخر <ام فلان او ابنة علان او زوجة فلان> على هويتها الاولى كامرأة. من خلال <صوتي> أردنا ان نبرزها ككيان مستقل. وفيه نقول ايضا انه، وحتى بعد عمر معين، وبعد ان اتممنا واجباتنا او لنقل أدوارنا الاجتماعية والعائلية، لا يزال لدينا ما نقوله نحن الثلاث شأن الكثير من النساء الأخريات، لا بل بالعكس، ففي هذه السن، يتضاعف حتى ما يمكن ان نعبّر عنه ونبوح به، خاصة وان الوقت بات متاحا لنا بشكل اكبر. <صوتي> هو قصة المرأة التي تتلخص نوعا ما بقصصنا نحن النساء الثلاث. معا تقريبا بدأنا مشوارنا في الحياة وكبرنا سويا وتزوجنا وأنجبنا وربينا. يولا اعرفها منذ ربع قرن وثريا منذ 18 عاما، واولادنا كبروا وتزوجوا وبات لنا أحفاد.

وصولو أيضاً..!

في العرض تابلوهات جامعة وصولوهات وخواطر كتبتها كل من السيدات الثلاث. ماذا قلن فيها، وهل نقلت كل منهن تجربتها الخاصة ام ان خيطا جامعا هو من ادار الدفّة؟

نقلنا الى الخشبة ما هو مشترك بيننا، تجيب نادرة. في البداية كنا نكتب القصص لبعضنا البعض، وخرجنا بخلاصة ما هو مشترك. لم نختر ما هو خاص في كل تجربة. انا مثلا مطلقة، ثريا ارملة، ويولا تعيش مع زوجها، هذا لم نتناوله، لان سير الحياة كان مختلفا في هذا المجال، بيد أن بين ما نقلناه هو اننا جميعنا امهات، تزوجنا ورزقنا بالاولاد واصبحنا جدات، ولا يزال لدينا ما نعبّر عنه. حتى في الصولو لكل واحدة منا فاننا لم نبتعد عن الثيمة الاساسية للمرأة التي تتأرجح، وكما نقل الكتيب عن العمل ما <بين لَذّاتٍ، وِلاداتٍ ومَشَقّات، أفراحٍ وأتراح، تتأرجحُ منذ الصِّغَر وحتّى الكِبَر، بين أمواج بحر الحياة>..

محاطة بالرجال..!

 

وحول ردة فعل الرجال ممن حضروا العرض السابق تجيب عساف:

- أنا محاطة بالرجال، لدي اربعة اخوة شباب وعندي صبي، وقد نشأت في أجواء <الرجل>. اخوتي احبوا العرض جدا خاصة لناحية قوة المرأة التي تظهر فيه، شاكرين ايانا على <ما جعلناهم يعيشونه> بحسب قولهم. زملائي الشباب أيضا ومن اعمل معهم في الجامعة أثنوا ايضا على العمل، مؤكدين على ضرورة الاستمرار في عرض <صوتي> لاكثر من رسالة فيه بينها حضور المرأة ووجودها وعطاؤها مهما تقدمت بها السن، ونعرف جميعنا ان المرأة بعد سن الخمسين او في الاربعينات حتى، وبشكل خاص في مجال الفن، يستغنى عنها لصالح من هن أصغر عمراً، فيما نحن الثلاث هنا، يولا ثريا وانا تجاوزنا الخمسينات بسنوات وقمنا بالعرض الموسيقي الشاعري الراقص.

 وهنا نسأل نادرة:

ــ هل كان العرض الذي جمع الشرقي الجميل بالغربي المعاصر صعبا على من تجاوزن الخمسينات؟

فتجيب:

- أنا اتحرك بغير الطريقة التي كنت اتحرك فيها منذ عشرين عاما، وطريقة رقصي تطورت مع جسدي، الذي تربطني به علاقة حميمة جدا. لا أخفي بعض الصعوبات، الا اننا نحن الثلاث لم نضعها جانبا او نستسلم لصالح الاسهل علينا، بل اجتهدنا في التمرينات حتى نؤدي بطريقة حلوة، كما اننا استمتعنا بخلط الادوار فانا مثلا المعروفة بالرقص أغني، ويولا المعروفة بالغناء ترقص والامر سيان بالنسبة الى ثريا.

وعن رأي مارسيل خليفة المشارك في العمل عبر اكثر من اغنية ليولا وكذلك الامر بالنسبة الى رامي وبشار ابنها، تقول الام الفخورة: انا محاطة بـ<الخليفية> من كل اتجاه، فيما تضحك نادرة لما تجيب:

- كل ما اعرفه هو ما توجه به الينا الاستاذ مارسيل بعد انتهاء العرض في السابق بالقول: <روعة يا بنات خليكم بهالهمة>، همة قد تنتقل بالعرض من لبنان الى عواصم بلدان كبرى بعد العروض البيروتية.

يبقى القول ان العرض الذي استقبل بالتصفيق الحار في العام 2017، يأتي اليوم ايضا بالتعاون مع جمعية <لبيروت الثقافة والفنون الجميلة> التي أسسها شادي زين وتهدف الى نشر الفنون والثقافة من خلال الأعمال الفنية من جهة، والمحترفات التي يمكن أن تنظّمها للأطفال كما للكبار في مجال فنون العرض المختلفة من جهة اخرى، في <هدف واضح يسعى الى كل ما يروج لصورة حضارية وانسانية وفنية متطورة وواقعية انما ايجابية، لبيروت ولبنان>.