تفاصيل الخبر

يلزم جمع مئتي مطرب حتى نحصل على واحد مثل وديع الصافي!

10/10/2014
يلزم جمع مئتي مطرب حتى نحصل على واحد  مثل وديع الصافي!

يلزم جمع مئتي مطرب حتى نحصل على واحد مثل وديع الصافي!

1 يقولون في العامية: <فرخ البط عوام> وذلك عندما ينجح ابن الشخص المعروف أو المشهور في مهنته كما أحد والديه فتتردد على مسامعه هذه الكلمة باستمرار. لكن لطالما كان ابن <البط> مظلوماً أيضاً، اذ قد تجتمع لديه قدرات كبيرة ومهمة، تجعلها المقارنة المستمرة تحت المجهر، وتطالبه بمجهود مضاعف حتى لا تتحوّل بحسب مفردات أيامنا <كوبي كونفورم> أي نسخة طبق الأصل، مهما ارتفعت لا يمكنها ان ترتقي الى مستوى الاصل. وفي موضوع الخلافة الفنية نسترجع ما قالته المطربة الراحلة الكبيرة وردة الجزائرية عندما سئلت مرة: هل انت خليفة ام كلثوم؟ فاجابت: أفضل ان أكون وردة الاولى على ان أكون ام كلثوم الثانية، ومعها كل الحق.

في لبنان، وفي مجال الفن تحديداً أولاد عائلات ورثوا جينة الموهبة عن أحد والديهم أو الاثنين معاً إلا انهم ظلموا في مسيرتهم لانهم حاولوا ان يستمروا في الخط عينه المرسوم سابقاً ففشلوا في تحقيق اسمهم وذاتهم الفنية. خضر علاء الدين قال: <ان شوشو> (والده) ظلمه فهو حاول ان يبقى في ثوبه، إلا ان الجمهور لم يقبل بالنسخة الجديدة، أنس صباح فخري كذلك على الرغم من انه حاول في بداياته الخروج من عباءة والده الفنية التي عاد ورجع اليها مؤخراً. هويدا ابنة الشحرورة الاسطورة صباح والامثلة عديدة.. بالمقابل هناك طبعاً من نجح وأثبت اسمه بالجديد والمختلف، والمثال الابرز على ذلك الفنان الكبير زياد الرحباني ابن العملاقين فيروز وعاصي الذي شكل لنفسه حالة خاصة لا استنساخ فيها ولا تقليد، حالة فريدة في تركيبتها وشخصيتها وفنها وقراراتها بينها القرار الاخير بتركه الجمهورية اللبنانية الى روسيا.

وبين الاسماء التي حملت على كتفيها مجد الوالد وإرثه الكبير وتحمل في الوقت عينه ظلم المقارنة الدائمة به عازف الكمان والمطرب جورج وديع الصافي. رافق والده على مدى ثلاثين عاماً وكان ظلّه. الآن، ومع رحيل العملاق هل سيلمع اسمه في الضوء منفرداً؟ وفرقته الجديدة التي ترتوي من نبع الصافي، هل ستكون امتداداً ام انها ستقدم جديداً أو انها ستكتفي بالعمران الشاهق الذي بناه الاسم الكبير فتستفيد على حسابه؟

الاسئلة حملتها <الافكار> بصراحة الى أعضاء فرقة <النغم الصافي>. ثلاثة أصوات تغني وديع، جورج ابنه، علا الشرق، وجوليانو حبيب وكانت الفرقة شهدت اطلالتها الاولى على <شاشة المستقبل> في حفلة <الموركس دور> لهذا العام.

مئتا مطرب بواحد...

يقول جورج: ما كان ولن يكون هناك خليفة لوديع الصافي. هي ظاهرة لن تتكرر، ويلزم جمع مئتي مطرب بواحد حتى نحصل على وديع وصوته. اذا قلنا ان هناك خليفة له كأننا بذلك نتعدى على <الاستثناء> الذي خص الله به الوالد في صوته وشخصه وطبيعته. فوديع الصافي لم يكن صوتاً فقط بل حالة انسانية لا تتكرر.

وعن قول الصافي نفسه ان معين شريف قد يكون خليفته يقول جورج:

الوالد كان محباً للجميع، ومعين ابن بيت، بقي بيننا فترة طويلة وتعلم من الوالد الكثير وهو طبعاً كفوء إلا ان وديع كما سبق وقلت هو مجموعة عناصر. كان أيضاً شاعراً وملحناً، وله <حلق> (حنجرة) لا تشبه اي انسان لأن لها خصائص مميزة. صوته نادر. من نشبهه بوديع، فإنما نظلمه، لأن المقارنة بهذا الانسان غير جائزة. لا أنا ولا غيري يمكننا ان نقارن به.

ــ هل هذا ما جعلك تتوجه لبناء فرقة، فلا تحمل عبء المقارنة منفرداً؟ ما الهدف منها، وهل ستكون تجديداً لما الفته اسماعنا سابقاً من الراحل الكبير؟

- أسست الفرقة لحاجتنا الى فن نظيف وجميل، مع مطرب ومطربة لا يبحثان عن النجومية، إنما عن العمل الفني السليم ومن دون اي تسابق مع الغير. أنا مدير الفرقة ومنتجها، وتقوم استراتيجيتي حالياً على انتاج أغنية منفردة كل ثلاثة أشهر بعد ان سجلنا <ميدلي>، خلطة من اغاني الوالد المعروفة التي عشقتها الناس. كانت <الميدلي> أصلاً أطول من ذلك، اختزلناه من ثماني إلى أربع دقائق، وفيها أربع أغانٍ: الأولى <صوتك يا صافي> كلماتي وتلحيني، ولوالدي: <جايين يا أهل الجبل>، و<زرعنا تلالك>،  و<عندك بحريّة يا ريّس> (تلحين محمد عبد الوهاب). ولن يكون هذا الكوكتيل الأول والأخير، بل سيليه آخر، كما أفكر بتقديم أغنية من شعر طوني ابي كرم ومن تلحيني كان قد كتبها لوالدي واسمها: <لا تقلل من قدر الناس>. وعندما يكون لنا أغنية خاصة بالفرقة فإننا سنقدمها لشركة إنتاج تؤمن بخطنا فلا نكتفي بأغنيات التراث المعروفة للوالد أو للسيدة فيروز وغيرهما، كما ان لديّ خزاناً من الاعمال تنتظر شركة تؤمن بها أيضاً.

فيلم وديع الصافي

3

ــ وماذا عن فيلم <وديع الصافي> الذي كتبت نصه كلوديا مرشيليان على ان تنتجه شركة <شيرا>( خازن بو شهلا) وكان من المفروض ان يرى النور منذ مدة أي على حياة الصافي نفسه؟

- بعد ان ساءت حالة الوالد الصحية ومع وفاته، كان من المفروض ان تدخل على النص تغييرات كبيرة وجذرية، اذ ان تبدل المعطيات فرض تغيير بعض الامور في الحبكة، ووجب ان نعيد مراجعتها من أولها، علماً انها كانت مواكبة من قبلنا في مراحلها كافة التي كتبتها أختنا العزيزة كلوديا مرشيليان. إلا ان كلوديا كانت منهمكة ببرنامج <ستار اكاديمي> ( رئيسة الاكاديمية) وبكتابة سيناريوهات مسلسلات، فانتقلت الكتابة الى نصري براكس وهو محامٍ وكاتب أيضاً. هو يقوم بالكتابة من جديد ونعقد الاجتماعات لهذا الغرض لأن الفيلم سيكون عالمياً ولن يكون على مستوى محلي فقط بل على نطاق واسع يشمل المغتربين ويخرجه جورج شمشوم الذي عمل في اميركا وفرنسا وهو متقدم في السن ومختمر، ويعرف القيمة الحقيقية لوديع الصافي. التأخير جرى على صعد عدة منها التقني ومنها تبدل في الحقبة والاسماء. أما الاسماء الفنية التي طلب ألا يتم التطرق اليها في الفيلم فيقول جورج بضحكة عريضة: <بتم تعرفونها جميعكم!>. وعما اذا كان سيطل فيه زاد: <اذا وجدوني بنفع.. ربما العب دوري، وكيفية مرافقتي للوالد على مدى سنوات>.

ــ ماذا عمن سيلعب دور وديع؟

- ان اهل الخبرة أجمعوا على ان لا يكون معروفاً، اما جمال الصوت فليس شرطاً ذلك ان الاغاني مسجلة ويمكن اداؤها على طريقة الـ<بلاي باك> المعروفة.

- بين أبناء وديع الصافي، هناك انطوان أيضاً يغني وهو شق طريقه منفرداً، كذلك سهام زوجة فادي المنفصلة عنه اليوم والتي لا يتابع جورج أخبارها الفنية. اهتمامه يصبه على فرقة يعمل على نجاحها وقد تكون له في التلفزيون برامج جديدة، فهو سبق وقدم منذ فترة وجيزة <مقلب مرتب> على الـ<او تي في> على مدى عشرين حلقة كان يستدرج فيها الفنانين الى الاستوديو الخاص به لأداء أغنية حول السير وتوعية المواطنين ويتم المقلب بالفنان الضيف بتدبير من مايكل بو كسم. كان الضيوف المتقدمون في السن بحسب جورج لا يستسيغون المقلب كثيراً، فيما تقابلها بشكل رائع فئة الشباب كحلقات رودي رحمة، طوني ابي كرم وايلي ايوب ونزار فرنسيس الذي كتب في الحلقة شعراً عن السير <يرجف القلب> بحسب وصفه، إلا ان المونتاج في الـ<أو تي في> حذفه ما يجعله يعتذر من فرنسيس عبر <الافكار> وإن لم يكن الذنب ذنبه. اما الفكرتان الجديدتان فإنهما تصبان في اطار المواهب الغنائية إنما بإطار مختلف ومسل دونما ابتذال أو رخص.

علا.. تغني للملك حسين

لـ<النغم الصافي> اختار جورج علا الشرق وجوليانو حبيب لأنهما يشبهانه فناً ومضموناً. فال <تريو> على الموجة عينها و<نحن نليق ببعضنا البعض>.. أية موجة؟ ومن هما علا وجوليانو المعروفان لدى شريحة كبيرة والمجهولان لدى شريحة أكبر. تبدأ علا بالحديث عن اسمها الذي نسألها عنه:

- اسمي أصلاً نيكول الأشقر من برمانا، ولأسباب الانتشار في الدول العربية حينئذٍ تغير اسمي من نيكول الى علا. أما الشرق فلها قصة: غنيت بالصدفة في الاردن في <قصر نورا> أغنيتي <أمل حياتي> و<حبيبي يسعد اوقاتو> للسيدة ام كلثوم والاخيرة يصعب اداؤها جداً وهي شبيهة بالآذان نوعاً ما، وأبدعت في أدائها وكنت يافعة، وكانت الحفلة بحضور جلالة الملك الراحل حسين فهنأني ووصفتني الصحافة بلقب علا الشرق بحضوره. سلمت عليه واحتفظت بالصور لفترة وهي نشرت وأعلن عن نجاح الحفلة في جريدة  <القبس> ومجلة <نادين>، وكانت مديرتها حينئذٍ الصحافية نضال الاحمدية إلا انني للأسف فقدت هذا الارشيف كله حتى انني فقدت أغنيات جاهزة لي في نسختها الاولى ايام ستوديو بعلبك لصالح شركة <ريلاكس ان> التي وزعتها، فيما أنتجتها بنفسي إلا انني للأسف لم أستوفِ حقي المادي.. أما الأغنية التي عرفني الجمهور بها وهي <جنون الريح> من كلمات نبيل ابو عبدو وسمير صفير التي <كسرت الدنيا> يوم إطلاقها.

ـــ وكيف تعرفت بجورج الصافي؟

- لطالما حضر حفلاتي وأنا لم أتوقف يوماً عن الغناء وفي أفضل الاماكن ومع ألمع الاسماء بينها، مثلاً، منذ مدة مع الفنان الكبير كاظم الساهر اذ أدينا معاً أغنيته <بغداد>. لم أعرف الشهرة الواسعة لأنني لم أختر الباب الواسع لها. لم أرضَ بأي تنازلات. حاولت ان أدخل العالم الفني عبر الاستاذ سيمون أسمر وصورت على <ال بي سي> أغانٍ عبر أحد البرامج، إلا انني لم أستطع ان أكمل. وتعرفون ان الفن يلزمه: إما مال وفير جداً للانتاج، وإما طرق ملتوية. أنا رفضت الاخيرة وفضلت بيتي عن قناعة وعائلتي المؤلفة من ثلاث بنات. زوجي البير الجردي داعم كبير لي وهو في المضمار أيضاً. مع جورج الصافي أنا في عالم الفن النظيف والصحيح. لقد زارني مع زوجته في المنزل طارحاً علي الفكرة بعد ان كنا ولأكثر من حفلة نغني معاً فتهلل الناس لنا وتصفق في جو رائع مثل <قصيدة حب> و<سهرية> وغيرهما من اغاني فيروز ووديع والكبار الآخرين.

ونسأل علا بصراحة:

- هل برأيك كاد جورج لينجح لو غنى منفرداً بعد رحيل والده العملاق؟

والطيبة وحسن التعامل. جوليانو وأنا مرتاحان معه جداً والاولوية للفرقة حالياً، علماً انه لم يمنعنا من اي عمل أو حفلة خاصة فلا عقود احتكار ولا قيود علينا.- ولم لا.. لطالما قلنا هذا الشبل من ذاك الأسد.. إن لم يكن في الغناء وحده ففي الاخلاق

فن الهندسة..

جوليانو حبيب مهندس بناء، عالمه فني بامتياز وهو يدرج اختصاصه الهندسي من ضمنه ويقول:

 - أنا أيضاً رسام أغني وأكتب وألحن، أجيد أموراً كثيرة، إلا انني لا أجيد طرق الابواب، وهذا عادة ما يكون في شخصية الفنان. ربما أفضّل الغناء على الأمور الأخرى، إلا انني ومع فوزي بالميدالية الذهبية عن فئة وديع الصافي في العام 1989 في أغنية <يا صيف> مع شهادة تقدير وعلامة عشرين من عشرين، لم أحظَ بالفرص التي حظى بها غيري.

2  

 من دفعة جوليانو كان عاصي الحلاني، نوال الزغبي، نقولا الاسطا وغيرهم. لا أنظر الى الخلف، ولا تهمني مسألة النجومية والالقاب، فبالنتيجة  <كلنا كمشة تراب>. يذكر جوليانو انه توجه في العام 1992 برفقة الملحن احسان المنذر والشاعر مارون كرم رحمه الله، الى الكبير وديع الصافي لتشكيل <كوكتيل من أغانيه ضمت <عاللوما> التي طبل بها الصافي الآفاق في بداياته، <بترحلك مشوار> وغيرهما، لضمها الى الاسطوانة الخاصة به وأخبر المخرج سيمون الأسمر بها فأبدى اهتماماً إلا انه لم يدعني أغنيها على التلفزيون، والدعم كان للفنان طوني كيوان الذي شكل كوكتيلاً من أغاني الوديع هو أيضاً.

 يتمنى جوليانو التوفيق للجميع لأن لا عودة الى الوراء، والمثير لديه انه بعد كل هذه الاعوام عاد والتقى ببيت الصافي عبر جورج وهم الآن يخيطون <بنفس المسلة> بحسب تعبيره..

وعند سؤاله عن <استغلالهم> - اذا أمكن استخدام الكلمة - لتراث  <مطرب الارز> فتنتشر أسماؤهم لدى الجمهور من دون جهد جهيد لأن الذاكرة الجماعية اللبنانية تردد هذه الاغاني عن ظهر قلب ما يزيح عن كاهلهم عبء الاغاني الخاصة التي قد تعرف النجاح وقد لا تعرفه لغير سبب، أجاب جوليانو:

- نحن نغني وديع بإحساسنا نحن، بآدائنا الخاص. بالطبع لا يمكننا تخطيه بالسهل، فالله أنعم عليه بصوت لما قاموا بفحصه في فرنسا ذهلوا واكتشفوا ان فيه خصائص نادرة. وفرقة <النغم الصافي> تختار أغانيه مع غيرها من أغاني الفنانين الكبار للسيدة فيروز وللصبوحة ولأم كلثوم ولمحمد عبد الوهاب ولعبد الحليم حافظ، لكن حصة الأسد للعملاق وديع الصافي. نجمعها في باقة فيها الريحان والياسمين والبنفسج ينبعث منها رائحة جديدة ومميزة تعيد المستمع الى أيام الفن الجميل.