فخامة الرئيس الفرانكوفوني الجديد
العماد ميشال سليمان إذا لم تتم معركة التمديد!
باق من الزمن للوصول الى الاستحقاق الرئاسي أربعة وستون يوماً، والخوف، كل الخوف، أن نصل الى يوم 25 أيار (مايو)
المقبل، موعد الاستحقاق الرئاسي، ولا يكون الأطراف السياسيون قد اتفقوا على اسم المرشح الذي يرون فيه فارساً لعبور الأزمات في لبنان، وأولها أزمة النازحات والنازحين السوريين التي ترخي بثقلها على عدة مناطق لبنانية ولاسيما البقاع والشمال والفارس الرئاسي المطلوب هو ذاك الذي يملك الشجاعة ويطلب من قوات <اليونيفيل> أن تنضم الى الجيش اللبناني في حراسة الحدود مع سوريا، وقطع دابر تهريب السلاح، وتسلل الارهابيين،والسيارات المعدة للتفجير، وإن كان النائب <المستقبلي> الدكتور أحمد فتفت يستبعد في حوار صباحي مع إذاعة <مونت كارلو> أن يقبل حزب الله بانتشار <اليونيفيل> والجيش اللبناني على المعابر مع سوريا، بعدما أبلغ من يعنيهم الأمر أنه ضد مثل هذا
الانتشار. فماذا في وسع الآتي الجديد الى قصر بعبدا أن يفعل؟! وهل سيعدد أياماً ويقبض أزمات؟ وهل يملك شجاعة المواجهة في الداخل وعلى الحدود؟!
صعب جداً أن نجد مثل ذاك الرئيس. فالبلد قائم على توازنات، ومن يخرق هذه التوازنات لا بد أن يدفع الثمن، إلا إذا تغيرت طبيعة البلد، واستطاع الشباب الجديد أن يغير المعادلات، فيكون
للبنان ربيعه اللبناني، ويتألق بوجه جديد نضير. وتباركت... الأحلام. نحن الآن في بحر من الأزمات متلاطم الأمواج. فإن انتصارين للجيش العربي السوري في القصير، ثم مؤخراً في يبرود، مرشحان لأن يقلبا المقاييس السياسية رأساً على عقب، وما كان مستحيلاً على الرئيس بشار الأسد في قطف ولاية رئاسية جديدة بات اليوم قابلاً للتحقيق، خصوصاً بعدما هيأ له مجلس الشعب السوري فرص التفوق على أي مرشح رئاسي آخر، هذا إذا برز مرشح آخر، حيث سد مجلس الشعب السوري بالتشريع الدستوري الأبواب أمام أي مرشح من المعارضة في الخارج. ولأن لبنان موصول بحبل السرة مع سوريا التي تحده من الشمال والشرق والجنوب، فإنه يدفع الآن ثمن ارتدادات معركة يبرود، كما في النبي عثمان، كذلك في جرود بعلبك، وطرابلس، ومن يدري أين سيصب رذاذ هذا البارود في لبنان بعد ذلك؟! من الصعب التكهن بخلاص ممكن للبنان طالما أن الأزمة مشتعلة في سوريا، وستبقى على هذا الاشتعال حتى موعد انتخابات الرئاسة السورية في حزيران (يونيو) المقبل، حيث سيكون بشار الأسد المرشح الرئاسي الأول، بغض النظر عما سيخلفه هذا الأمر من تداعيات. وها هو الأخضر الابراهيمي يحذر من مغبة رئاسة جديدة للرئيس بشار الأسد إذ ستنسف كل فرص <جنيف 3>. وبهذه المخاوف توجه في مطلع هذا الأسبوع الى طهران للحصول على مساندتها في هذا الموضوع، أي اقناع حليفها الرئيس الأسد بالعدول عن ترشيح نفسه لولاية رئاسية جديدة، مع علم الابراهيمي الكامل انه يخوض معركة مستحيلة، لأن إيران لن تتخلى عن بشار الأسد بهذه السهولة، إلا إذا كان الثمن كبيراً، وتحديداً على طاولة التفاوض حول التخصيب النووي مع الدول
الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائد المانيا. سليمان الفرانكوفوني وهذا الواقع الدرامي لا بد أن يعكس ظلاله على لبنان، وتحديداً على معركته الرئاسية في 25 أيار (مايو) المقبل، فلا تكون لمرشحي الرئاسة المحسوبين على قوى 14 آذار حظوظهم الرئاسية مثلما كانت الحال إذا لم يمسك الأسد بناصية رئاسة جديدة، على أساس أن مرشحي الرئاسة عن قوى 14 آذار يجاهرون بعداء النظام السوري، وأقلهم حرارة في مثل هذا الموضوع هو الرئيس أمين الجميّل. وانسداد الأفق أمام المرشحين الرئاسيين لقوى 14 آذار لا يعني أن الأفق مفتوح أمام مرشحي رئاسة قوى 8 آذار وأبرزهم ميشال عون وسليمان فرنجية، أي ان انسداد الأفق مشترك لصالح مرشح من خارج الجبهتين. فلا قوى 14 آذار تستطيع الاتيان برئيس مناهض للنظام السوري ولا الرئيس الأسد، مهما كانت الأوراق السياسية الجديدة التي يملكها، وهي ورقة حليفه الرئيس الروسي <فلاديمير بوتين> في أوكرانيا، وتداعي فرص المعارضة في المواجهة المسلحة بعد معركة يبرود، يستطيع أن يوفر
الحظوظ لمرشح يرضى عنه، مثل ميشال عون أو سليمان فرنجية. والخروج من هذا المأزق يتطلب واحداً من حلين: إما رئيس توافقي تتدخل القوى الاقليمية والدولية لتمرير حظه الرئاسي في مجلس النواب، وإما شبح فراغ رئاسي يكون فيه المخرج الوحيد هو اجتماع مجلس النواب لتمديد ولاية الرئيس ميشال سليمان، إذا ارتضى هذا التمديد انقاذاً لمصير الوطن. والرئيس سليمان بعد الحضور الكبير الذي امتلكه في الأوساط الأوروبية، بدءاً من الرئيس الفرنسي <فرانسوا هولاند>، مرشح في حال عدم قبوله بالتمديد، لكرسي الأمانة العامة للفرانكوفونية خلفاً لـ<عبدو ضيوف>، الرئيس السنيغالي السابق. وبذلك يحتل لبنان سدة عالمية جديدة، بعدما كان الرئيس الراحل شارل حلو قطباً في هذه المجموعة الفرانكوفونية، وبذلك يكون الرئيس سليمان
قد خسر حلمه بالعودة الى مسقط رأسه عمشيت، والامساك بالمنكوش أو المعدور، وربح لبنان موقعاً جديداً في العالم الواسع. ويذهب الرئيس سليمان بعد أيام الى الكويت لتمثيل لبنان في القمة العربية برئاسة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، ومعه نائب رئيس الوزراء سمير مقبل، ووزير الخارجية جبران باسيل،
ووزير المال علي حسن خليل، ووجود الأخير في الوفد ليس لتمثيل الحضور الشيعي، بقدر ما هو مناسبة للسؤال عن الأموال العربية المقررة للبنان دعماً لموازنة الانفاق على الحاجات
يحصل إلا إذا عدلت دولة قطر سياستها. ومعنى ذلك ان تحرر قطر منابر مساجدها من الخطب التحريضية للشيخ يوسف القرضاوي. والمستلزمات المعيشية للنازحين السوريين. والاتصالات مع الوفود العربية داخل الكواليس هي الجانب الأهم من أعمال القمة العربية. لبنان الوسيط في أزمة الخليج ولأن لبنان موصوف بسياسة النأي بالنفس عن الصراعات، فسوف يكون الرئيس سليمان مهيئاً للعب دور مهم في رأب الصدع الحاصل في البيت الخليجي بعد سحب السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من العاصمة القطرية الدوحة. ولبنان معروف بالوفاء ورد الجميل، وبقدر ما يكن للمملكة السعودية مكرمتها المالية البالغة ثلاثة مليارات دولار لتجهيز الجيش اللبناني بأسلحة فرنسية حديثة،
بقدر ما يهمه ألا يقلب ظهر المجن لدولة قطر بعدما ساهم أميرها ورئيس مخابراته في تحرير راهبات معلولا الثلاث عشرة، ومطلوب من دولة قطر أن تسهل هذه المهمة من خلال عدة تدابير تقدم عليها ومنها ابعاد الاخوان المسلمين، وشفيعهم الشيخ يوسف قرضاوي عن قطر، بعدما أساءوا للعلاقات بين قطر ودولة الامارات ومصر، واعتبروا رأس حربة ضد البيت الخليجي. وكان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قد أعلن يوم الاثنين الماضي أن الانفراج في العلاقات مع قطر لن
وكما كان للاخوة العرب، والخليجيين بنوع خاص، دور ايجابي في حل المشاكل السياسية اللبنانية، ذهاباً من مؤتمر الطائف عام 1989، ومؤتمر الدوحة عام 2008، كذلك فإن دور لبنان أن يكون رسول المحبة والوئام بين دول الخليج، وإذا أتيح له الاضطلاع بهذا الدور فلن يقصر. ويذهب الرئيس سليمان الى الكويت وعينه على طرابلس. فقد تساقط فيها العديد من القتلى، إما بالمواجهة المسلحة بين جبل محسن وباب التبانة، وإما برصاص القنص الذي جعل طريق طرابلس الى تلكلخ وحمص محفوفة بخطر الموت، وكل حركة اقتصادية على هذه الطريق صارت خراباً يباباً. وقد عز على نواب طرابلس وقادة الرأي فيها وهم يجتمعون في دارة النائب محمد كبارة أن يتوصلوا الى حلول ناجعة، لوقف نزف الدم، ونقل الجرحى الى المستشفيات، وكما يسقط أبرياء في هذه المحنة التي تعانيها طرابلس، كذلك يسقط شهداء من الجيش اللبناني، ويتحتم على أهل طرابلس أن يلتحموا مع الجيش في بوتقة واحدة طلباً للأمن الذي لم يأت حتى الآن. مجلس وزراء في طرابلس.. لم لا؟ وكما يسقط قتلى وجرحى في طرابلس، بدءاً من الزاهرية وصولاً الى دوار نهر أبو علي، كذلك تسقط معاقل الاقتصاد الطرابلسي واحداً بعد الآخر. فحركة البيع والشراء تحت الصفر، وحركة السوق العقارية عرض بلا زبون، وهجمة النازحين السوريين الذين يعز على أهالي طرابلس عدم التفريط بهم وبأحوالهم المعيشية وحاجتهم الى الغذاء والدواء، لا يبدو أن خاتمتها السعيدة قد اقتربت، وكل الدلائل والمؤشرات تنبئ بأن المعركة طويلة وأن الانفراج لن يحصل قبل مشارف العام 2015. ويتمنى الطرابلسيون لو أن الرئيس تمام سلام، وهو الغيور على طرابلس، مثلما كان والده الراحل الرئيس صائب سلام، طيب الله ثراه، صاحب الفضل في إنشاء معرض طرابلس الدولي، أن يدعو الى جلسة مجلس وزراء داخل سراي طرابلس، لتكون الحكومة على خط تماس مباشر مع النزف الدموي، والكارثة الاقتصادية في طرابلس، ويتخذ على الحامي قرارات من شأنها أن تخفف من روع الطرابلسيين، وتفتح لهم أبواب الأمل في مستقبل جديد، بعدما خالجهم الشعور ولا يزالون بأن الدولة في غربة عنهم، وأن الكلام الانشائي وحده لا يكفي بل يتطلب كذلك زيارة الوزراء المعنيين، مثل نهاد المشنوق وزير الداخلية ووزير الاقتصاد آلان حكيم، ووزير المال علي حسن خليل، للأسواق الداخلية حيث سيكتشفون أن الناس تعيش على آخر رمق، وأن الأزمة السورية قد نهشت ضلوع تجارة البيع والشراء، وازدهرت بالمقابل المستشفيات والمستوصفات وسيارات الاسعاف! طرابلس تستجير بمجلس الوزراء، ولا بد أن... يجير!