بقلم وردية بطرس
مسؤولة مركز الدعم في منظمة "كفى" الاختصاصية الاجتماعية سيلين الكك: نزود النساء بخطة السلامة لحماية أنفسهن من العنف الأسري الذي تزايد خلال الحجر المنزلي
[caption id="attachment_85949" align="alignleft" width="444"] طلب النجدة عبر 1745.[/caption]العنف الأسري يُمارس ضد المرأة سواء في المجتمع اللبناني او المجتمع الغربي ولكن الملاحظ أن نسبة حالات العنف الأسري ضد المرأة في لبنان قد تزايدت كثيراً مع بداية جائحة الـ"كورونا"، حتى إنه سُجلت حالات قتل. وبحسب مركز الدعم في منظمة "كفى" فإن عدد النساء اللواتي يتعرّضن للعنف الأسري لم يتضاعف فحسب بل تخطى الأمر وبات يشكل خطراً على حياتهن ولهذا يتوجه المركز للنساء بطلب المساعدة لحمايتهن من العنف الأسري.
سيلين الكك وتزايد حالات العنف الأسري ضد المرأة
فكيف يساعد مركز الدعم في منظمة "كفى" النساء المعنّفات خصوصاً في ظل جائحة الـ"كورونا" حيث توجد الضحية مع المعنّف لوقت طويل؟ وما هي الخدمات التي يقدمها المركز وغيرها من الأسئلة طرحتها "الأفكار" على مسؤولة مركز الدعم في منظمة "كفى" السيدة سيلين الكك وهي اختصاصية اجتماعية وسألناها بداية:
* يُلاحظ أن حالات العنف الأسري ضد المرأة في لبنان قد ازدادت مع بداية جائحة الـ"كورونا"، فما الأسباب التي أدت الى ذلك؟
- هذا صحيح منذ بداية جائحة "كورونا" كان هناك زيادة ملحوظة بالأرقام عن حالات العنف الأسري ضد المرأة. لا شك أن العنف الأسري موجود منذ وقت طويل، ولكن ما يحصل اليوم هو أن هناك توعية حول موضوع العنف ويتم التركيز على مشكلة العنف الأسري خصوصاً أن مواقع التواصل الاجتماعي ساعدت بنشر الوعي والتركيز على موضوع العنف الذي يُمارس على النساء والأطفال. كما ان الاعلام يساعد في مكان ما من حيث اعلان الأرقام وزيادة الطلب على المساعدة. ويستقبل مركز دعم في منظمة "كفى" نساء وأطفال ضحايا العنف، وطبعاً سنة 2020 كانت هناك زيادة على طلب المساعدة، وأيضاً في العام 2019 تواصل معنا الكثير من النساء اللواتي تعرّضن للعنف الأسري، فعدد الاتصالات التي تلقيناها ليس فقط تضاعفت بل يمكن القول إنها أصبح ثلاثة أضعاف. ففي شهر آذار (مارس) 2020 اي في اول حجر منزلي بسبب الجائحة تلقينا اتصالات كثيرة من قبل نساء تعرّضن للعنف اذ يتواصلن معنا لمساعدتهن.
وتتابع:
- خلال الحجر المنزلي اضطرت النساء ان يلازمن بيوتهن ولم يذهبن الى العمل او يزاولن نشاطاتهن اليومية وبهذه الحالة زادت نسبة احتكاك المعنّف بضحيته وبالتالي زادت نسبة العنف المنزلي أكثر مقارنة مع الوضع قبل جائحة الـ"كورونا". وعلينا ألا ننسى انه الى جانب الجائحة هناك الوضع الاقتصادي المتدهور الذي أدى الى خسارة الناس وظائفهم وأعمالهم ولكن طبعاً هذا ليس مبرراً للعنف الذي يمارسه الرجل كونه يوجد مع الضحية في البيت الزوجي 24 ساعة.
وعن تزويد النساء بخطة السلامة تشرح:
- لمنظمة "كفى" دور في هذا الخصوص اذ نزوّد النساء بخطة السلامة، ونزوّدهن أيضاً بأرقام قوى الأمن المخصص لقضايا العنف الأسري والرقم هو 1745 اذ بامكانهن التواصل مع قوى الأمن على هذا الرقم لتقديم المساعدة لهن.
مساعدة النساء للتواصل مع المركز بطريقة آمنة
[caption id="attachment_85948" align="alignleft" width="167"] سيلين الكك: إذا طردت المرأة من المنزل وتحتاج لمركز إيواء بامكانها أن تقصد مركز الدعم ونحن نساعدها لنقلها الى مكان آمن.[/caption]* هل تلقيتم اتصالات من نساء تعرّضن للعنف الأسري خصوصاً خلال الحجر المنزلي واغلاق البلد بسبب تفشي الوباء؟ وهل تمكنتم من تقديم المساعدة لهن في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها البلد؟
- استثنائياً في ظل وباء الـ"كورونا" والحجر المنزلي نتأكد أولاً بأن السيدة قادرة ان تتواصل معنا، كما نسألها عن الوسيلة الأنسب لتتواصل من خلالها مع مركز الدعم في منظمة "كفى" مع الاختصاصية الاجتماعية. لأن تواصل السيدة المعنّفة مع مركز الدعم في المنظمة هو موضوع حسّاس جداً، ومن الممكن أن يشكل خطراً على حياتها. ولهذا نتأكد بأن السيدة تتواصل معنا بطريقة آمنة سواء عبر الهاتف او الفايسبوك أو أن تتصل بالاختصاصية الاجتماعية بتوقيت معين ربما يناسبها لكي تساعدها. ومن خلال خطة السلامة نحن لا نعطي فقط رقم قوى الأمن، بل أن أرقام هواتفنا مفتوحة 24\24 ساعة لكي ندعم النساء اللواتي يتعرّضن للعنف او طُردن من البيت الزوجي الى ما هنالك، بالاضافة الى أن الكثير من السيدات يتلقين مساعدة قانونية من محامين يعملون مع "كفى" لتزويدهن بمعلومات قانونية ربما كانت مغلوطة لدى السيدة.
وتتابع:
- ومن خلال التدخل الاجتماعي الذي تقوم به الاختصاصية الاجتماعية بعدما تطلع على الحالة تسعى لمساعدتها وحل المشكلة التي تعاني منها، وتسألها عما اذا كانت هناك خطورة على حياتها؟ أو ربما لديها معلومات خاطئة وبالتالي نحن نعمل على كل هذه الجوانب من خلال الدعم الاجتماعي او الدعم النفسي او من خلال المرافقة القانونية، لأن هناك الكثير من السيدات لجأن الى قانون 293 وهو قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري.
قتل النساء دون اي رادع
* رأينا في الفترة الأخيرة نساءً دفعن الثمن غالياً، اذ لم يقتصر الوضع على تعنيفهن بل وصل الأمر الى قتلهن فهل برأيك أن ذلك يحدث لأن السيدة تتقبّل الوضع ولا تطلب المساعدة وما شابه؟
- بالفعل مع بداية السنة الجديدة قُتلت السيدة زينة كنجو على يد زوجها، وأيضاً لارا شعبان التي تعرضّت لطعنات بالسكين وهي في المستشفى. وبالسؤال عما اذا كانت هناك مؤشرات تبين بأن الرجل قد يقدم على قتل زوجته فالجواب هو أنه من خلال عملنا في مركز الدعم ومن خلال الاحتكاك اليومي مع النساء المعنفّات ندرك بأن الأمر قد يصل الى هذا الأمر. كما أن السيدة لديها القدرة بأن تستشعر أن المعنّف يشكل خطراً على حياتها، ولكن للأسف هل النظام القضائي او النظام الأمني سيتمكن من حمايتها قبل ان تقع الكارثة وتدفع الثمن حياتها؟ من جهتنا ننصح او نقوم بتوجيه المرأة اذا شعرت بأن المعنّف سيقدم على قتلها أن تبتعد عن المنزل أو أن تكون بمركز آمن او أن تستأجر منزلاً بعيداً عنه اي لا تكون على احتكاك يومي مع المعنّف، ولكن للأسف يعمد المعنّف الى السيطرة على الضحية أو تهديدها فتصبح حياتها بخطر كبير.
العنف الأسري يُمارس في مختلف الطبقات والفئات
[caption id="attachment_85950" align="alignleft" width="444"] منشور للتوعية في "كفى".[/caption]* للأسف العنف الأسري يُمارس في مختلف الطبقات والمستويات اذ كان هناك مفهوم خاطىء بأن العنف الأسري يُمارس ضمن العائلات الفقيرة وغير المتعلّمة بينما نرى اليوم بأنه يُمارس ضمن العائلات الغنية والمتعلّمة فما رأيك؟
- هذه من الأفكار المغلوطة بأن العنف الأسري يُمارس لدى طبقة معينة او طائفة معينة أو منطقة معينة ولكن هذا الأمرغير صحيح، ولقد وظهر ذلك جلياً من خلال النساء اللواتي نراهن في مركز الدعم وبالتالي هذه الظاهرة منتشرة في كل الطبقات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
وتتابع:
- عادة الأسباب التي تدفع أشخاص متعلمين وتلقوا تربية صحيحة لممارسة العنف الأسري ممكن أن تكون اما متعلقة بشخصية المعنّف أو تكون أسباباً متعلقة بالمحيط، وممكن أن يكون الأمر متعلقاً بالنظام اذ إننا نعيش في مجتمع ذكوري يمنح السلطة للرجل والأحقية بأن يقرر عن الزوجة ويتحكّم بحياتها، للأسف هناك تمييز بتربية الصبي والبنت اذ يقولون للبنت منذ الصغر لا يحق لك كذا وكذا... للأسف هناك أمثال نعرفها تظهر ذلك بوضوح، فمثلاً توصي الأم ابنتها وتقول لها "بيتك مقبرتك" أي لا تحظى بدعم أهلها. ولهذا ترين الكثير من النساء لا تقدر أن تقوم بأي خطوة لأنهن بالأساس لم يتمكن من اتخاذ القرارات او مواجهة الحياة بل قيل لهن أن يرضين بنصيبهن ويتحملّن الوضع مهما كان صعباً.
* كم تحتاج المرأة المعنّفة للوقت للتعافي نفسياً واجتماعياً اثر تعرّضها للعنف الأسري لكي تستعيد ثقتها بنفسها وتواجه الحياة؟
- معظم النساء اللواتي يتعرضن للعنف الأسري يعانين من الاكتئاب وأيضاً انعدام الثقة، حتى إن المرأة المعنّفة تعيش ضمن دائرة العنف ولكنها تعتبر أن زوجها سيتغير ويصبح شخصاً آخر لأنه في كل مرة تتعرّض للعنف يتصالحان وتظن أنه لن يفعل ذلك مرة أخرى، ولكن للأسف يعاود الضرب والتعنيف اي هذه الدائرة التي تمنح المرأة دائماً الأمل بأن زوجها سيتغير ولن يمارس العنف عليها لا يتحقق بل يعيد المرأة خطوات الى الوراء.
النظام القضائي لا يعطي الحق للمرأة بأن تدافع عن نفسها
* على الرغم من الحملات والندوات لماذا لم تتراجع حالات العنف الأسري في لبنان لا بل تُسجل حالات قتل أيضاً؟
- أرى أن تساهل القضاء او عدم اتخاذ القرارات الحاسمة لمحاكمة الأشخاص الذين يقدمون على قتل النساء، اذ إنهم لا يتخذون قرارات سريعة بهذا الموضوع وحتى إنه لم يكن لدينا قانون مخصص للنساء الا أن تم اقرار قانون 293 لحماية النساء من العنف الأسري في العام 2014 وذلك بعد نضال لمدة تسع سنوات، أي قمنا بالضغط عليهم لاقرار هذا القانون، ولكن حتى هذا القانون شمل النساء وأفراد الأسرة وهنا ترين النظام القانوني لم يعط الحق للمرأة بأن تدافع عن نفسها اذا تعرّضت للعنف وليس هناك اجراءات متخذة ضد المعنّف، ولهذا نرى الفكر الذكوري سائد في مجتمعنا.
الخدمات التي تقدمها (كفى) للنساء المعنّفات
* ما هي التحديات التي تواجه منظمة "كفى" للتحرك ومساعدة النساء المعنّفات لاسيما في ظل جائحة الـ"كورونا" من جهة وتدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي في البلد؟
- لدى منظمة "كفى" عمل على مستويات عدة، ففي آخر فترة كنا نطالب باقرار قانون موحّد للأحوال الشخصية، كما نعمل على اقرار القوانين وأيضاً على مستوى التعاطي مع قوى الأمن، وتخصيص رقم 1745 الذي ساعد الكثير من النساء أن يحمين أنفسهن بهذه الفترة، وطبعاً نعمل على صعيد الخدمات المباشرة التي نقدمها للنساء عدا عن الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني. وتقدر السيدات أن تقصد مركز الدعم اذا كانت علامات العنف ظاهرة على الجسم لكي يحوّلهن الى الطبيب الشرعي لأسباب حالة واقعة العنف. وهناك أمر آخر اذا طُردت المرأة من المنزل وتحتاج لمركز ايواء بامكانها ان تقصد مركز الدعم ونحن نساعدها لنقلها الى مكان آمن، وخلال فترة الـ"كورونا" كان هناك خوف من قبل الجمعيات او مراكز الايواء لكي تستقبل النساء لهذا خصصنا مركزاً او حجراً صحياً للنساء اللواتي يتعرّضن للعنف وهن بحاجة لمكان آمن فنخضعها لفحص "بي سي آر" للتأكد بأنها غير مصابات بالفيروس، واذا تبين أن المرأة مصابة تبقى في الحجر الصحي لمدة 14 يوماً من ثم تُنقل الى مكان آمن مع المراكز التي نعمل معها عادة.