تفاصيل الخبر

«طيور» أسمهان تعود بحنجرة سمـيـــة بعلبكي الى الـمـســرح

22/01/2016
«طيور» أسمهان تعود بحنجرة  سمـيـــة بعلبكي الى الـمـســرح

«طيور» أسمهان تعود بحنجرة سمـيـــة بعلبكي الى الـمـســرح

 

بقلم عبير انطون

5-(7) انها سمية بعلبكي التي ما ان يُذكر اسمها حتى تقترن به صورة واغنيات العمالقة من زمن الفن الجميل الذي تسعى ان تشكل امتدادا له. زرقاء العينين، الحلوة الطلة، تطل وتغيب في حفلات ناجحة وفي اغنيات واسطوانات خاصة تبقى مظلومة ربما لانها تتوجه الى <سميعة السميعة>، وقد تكون مظلومة ايضاً لأدائها اغنيات العمالقة، لانها، لشدة ما أدتها بشكل جميل، باتت تُطلب منها اكثر من اغنياتها الخاصة، المنتقاة بعناية شديدة، بدورها ايضا..

غداة حفلها الناجح في استعادة <ذكرى اسمهان> على مسرح <بيار ابو خاطر> في الجامعة اليسوعية ترافقها <الاوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق - عربية> بقيادة المايسترو عبد الله المصري الحامل لشهادة التأليف الموسيقي من <كونسرفاتوار تشايكوفسكي> الروسي، التقينا بالفنانة سمية البعلبكي ودار حديث <للأفكار>، فسألناها بداية:

ــ كيف كان رضاك على حفلة الامس، وما هي الاصداء؟

- الاصداء ممتازة وردة فعل الجمهور طيبة جدا، لكن الجميع شعر بالضغط الهائل على المسرح، وهذا يفرحني شخصيا من جهة، ويجعلني اشعر بالاسف  لبقاء أعداد هائلة خارجا من دون امكانية الدخول الى القاعة اذ فاق العدد الموجود طاقة المسرح على الاستيعاب، وقد فاقم وضع الطرقات ايضاً من زيادة الضغط اذ تزامنت الحفلة مع إخلاء سبيل الوزير السابق ميشال سماحة من السجن والاجراءات الامنية التي اتُخذت. للحقيقة شعرت بنوع من الرضى تمثل في ان الجمهور في لبنان على الصعيد العام، وبالرغم من مختلف الظروف الصعبة التي نعيشها، لا يزال يحب الموسيقى الاصيلة ويتابعها بشغف متمسكا بالحياة وبالفن الراقي.

ــ هذا الجمهور لم يغب عنه جيل الشباب بشكل كبير..

- فعلاً، وهذا ما بت الاحظه في اكثر من حفلة أحييتها مؤخراً، حتى انها كانت تشهد عدداً اكبر من الشباب مما كان موجودا ليلة امس، والمعروف ان جمهور الاوركسترا ليس يافعاً عادة.

ــ هل يدخل بين الاسباب برأيك استعادة برامج المواهب المتعددة لهذه الاغنيات الخالدة وتعريف الجيل الجديد بها؟

- بكل تأكيد، وهو واحد من الاسباب المهمة. ونحن نساعد ايضا من خلال نشر هذه الاغنيات بصيغة موسيقية اوركسترالية جديدة وعصرية تحاكي الجيل الجديد.. هذا ما كنا نقوله على الدوام: <قدموا للجمهور الروائع والتحف الموسيقية وهو سيتلقفها حالاً>.

 

 بيروت... الدوحة

 

ــ لماذا تغيبين عن الساحة اللبنانية غيبات طويلة؟

- بابتسامة تجيب: هذا متعمد.. اريد ان اشوق الناس اليّ. اقول ذلك على سبيل المزاح، الا ان لهذه الغيبة كما الاحظ ايجابياتها، والدليل حفلة البارحة واجتياح الجمهور لها وحفلات الاوركسترا السابقة ايضا. وفي <مسرح المدينة> الامر عينه، علماً ان حفلات <مسرح المدينة> مدفوعة الثمن والبطاقات أسعارها مرتفعة وهي ليست دعوة عامة كما حال حفلات الاوركسترا وكانت جميعها <كومبليه> على مدى ثلاثة ايام. ان سبب غيابي الفعلي عن الساحة مردّه الى اقامتي المتنقلة ما بين بيروت والدوحة بحكم العائلة. فالتحضير لعمل موسيقي جديد يستلزم وقتاً وظروفاً معينة وانا ساحاول الآن تقليص مدة الغيبة هذه.

ــ لماذا انت بعيدة عن المسرح وهو يليق بك كثيراً؟

 - ليت الامر يعود لي، من ناحيتي لا تجدون اية عقبة. حتى انكم تلاحظون انني، وحتى خلال ادائي للاغنيات الكلاسيكية فانني لا اتخذ وقفة جامدة، وهذا جزء من شخصيتي ومن حضوري المسرحي، فأنا لا اؤمن بان فنان الطرب عليه ان يقف مثل الصنم. الشكل التعبيري بالنسبة إليّ يتخذ عدة مناح بالصوت والموسيقى والوقفة والحضور. عُرضت علي مشاريع مسرحية عديدة في فترة سابقة ولم تسمح الظروف بان تبصر النور.

ــ مع من كانت، الرحابنة، <كركلا>.. غيرهما؟

- لا، لم يُعرض علي اي مشروع مع الرحابنة علماً ان صداقة ومحبة تجمعاني بهم..

 ــ بالعودة الى <استعادة اسمهان>، اي اغنياتها تبقى الاصعب على الاداء؟

- اغنيات اسمهان ليست من الاغنيات المسرحية بالمعنى المتعارف عليه، وهي تستلزم طاقة وجهدا وابرزها على سبيل المثال <يا طيور>، ولا تقل صعوبة عنها ايضاً <ليالي الانس>.

ــ هل صحيح ان اداءها اصعب من اداء اغنيات كوكب الشرق <ام كلثوم>؟

-  تتطلب اغنيات ام كلثوم امكانات كبيرة بكل تأكيد، لكن ربما من حيث تقنيات الغناء يمكن لبعض اغنيات اسمهان ان تكون اكثر صعوبة خاصة وان الاغنيات التي اؤديها لها موزعة وليست مغناة بالشكل التقليدي حتى اتصرف بها على راحتي، اذ انها مسؤولية توزيع اوركسترالي يشتمل على تنوع موسيقي كبير، ويتطلب تحضيراً دقيقا، ورهبة المسرح ليست بقليلة.

ــ هل من مرة خانك فيها صوتك على المسرح؟

- نحن بشر، والمستمعون لا يعلمون بحال الفنان او مرضه او تعبه، تحدث مثل هذه الامور دائما، الا اننا نحاول السيطرة عليها. ليس هناك من حفلة كاملة تؤدّى كما لو انها مسجلة في استوديو حيث الاعادات والتركيز الخ.. واحيانا كثيرة نقدم خلال التمارين ما هو اجمل بكثير مما نؤديه على المسرح، والظروف تلعب دورها احيانا، اذ ان <غباراً> في الجو قد يؤثر على الفنان، لكن بالاجمال يكون ذلك نادراً.

وعبد الحليم..

 

ــ اديت البارحة اغنيات للعندليب الاسمر أيضاً، هل اغنيات عبد الحليم هي الاسهل أداء بين أغنيات العمالقة؟

- ربما هي الاسهل للاداء الا انها تندرج في خانة <السهل- الممتنع>. اغنيات العندليب ليست سهلة بالمعنى البسيط للكلمة، ففي اغنيات عبد الحليم، على بساطتها، صعوبة تكمن في الاحساس العالي الذي أُدّيت به، وعلى من يؤديها ان يكون على بيّنة عميقة في كيفية اداء عبد الحليم لها لارتباطها بالوجدان الشعبي وذاكرة الناس.

ــ هل تُسجل حفلاتك مع الاوركسترا؟ وهل يمكن ان يتم بيعها عبر اسطوانات لاحقاً؟

- هذه الحفلات تُصور ويمكن ان تُعرض عبر التلفزيون.

ــ هل تعتبرين انك ظُلمت فنياً؟

- النوع الموسيقي الذي اخترته وآمنت به جعل انتاجاتي واصداراتي قليلة، الا ان حفلاتي لم تخذلني يوما، وفي كل مرة احيي فيها حفلة وانتهي منها اقول انها الاروع في مسيرتي وما يلبث ان يعقبها ما هو أجمل منها، وانا لا اعتبر نفسي مظلومة.

لكل مغن تلفزيون..

 

ــ تعتبرين ان موجة التسعينات ولّت مع تفريخ شركات الانتاج وما قدمته، وها نحن نعود نوعاً ما الى الاصالة الغنائية، على ماذا تستندين في قول ذلك؟

-ربما تراجع الانتاج للاغنيات السيئة التي عُرفت في موجة التسعينات مع تفريخ شركات الانتاج، وها هي بدأت تنحسر لصالح الأغنيات الجيدة، الا ان الصورة ليست كلها مشرقة.. المهم انني، وجميع من هم معي في الخانة نفسها، حافظنا على مكاننا ومكانتنا.. ولم نتراجع.

ــ اي حفلة احييتها ولها ذكرى خاصة في قلبك؟

- لكل حفلة ذكرى خاصة، وفيها ما هو جميل يميزها او حتى احيانا ما هو سيئ، الا ان حفلة احييتها في <معهد العالم العربي في باريس> تشكل لدي ذكرى خاصة جدا، من حيث تجاوب الناس وتفاعلهم مع الاغنيات في بلد يتعاطى مع الموسيقى بشكل مختلف، اذ راحوا يقفون على الكراسي ويصفقون ويرقصون، حتى أن احد اعضاء الفرقة الموسيقية التي ترافقني ترك آلته ونسي العزف، ومن شدة انسجامه برح مكانه ليرقص. كان التفاعل فريدا. كذلك لي ذكرى مميزة في احدى حفلات <مسرح المدينة> حيث وضعنا بعض كراسي الجمهور على المسرح، فشكلوا جزءا من الفرقة وكانت الفكرة رائعة والتجاوب عظيما.

5-(16) 

الى السعودية..

 

ــ تتعاونين الآن مع مجموعة من الشعراء والملحنين السعوديين، هل انت بصدد اصدار <ألبوم> خليجي؟

- بحكم وجودي في منطقة الخليج، تجدونني على تواصل مع الفنانين والشعراء الذين باتت تربطني بهم اواصر الصداقة، ما انتج اغنيات وحفلات.. وقد اصبحت لدي مجموعة من الاغنيات والالحان ستشكل بعد الانتهاء منها اسطوانة كاملة.

ــ هل ترفضين الغناء في الفنادق والمطاعم؟

- ليست مسألة رفض، وانا احيي العديد من الحفلات الخاصة لكن بشروطي الخاصة.. لا يهمني المكان أكان مسرحاً او فندقاً او صالة بقدر اهتمامي بالشكل الذي اظهر فيه، والذي أريده شكلاً يرضيني ويحترم صوتي اولاً.

ــ شهدنا غناء شارات المسلسلات لعدد كبير من نجوم الصف الاول، اين انت من هذه المسألة؟

- ممكن.. لم لا؟ واجد الفكرة جيدة اذا ما عُرضت علي بالشكل المناسب. فاغنية المسلسلات تنطبع في الاذهان سواء في الدراما او السينما.

ــ اين انت من التمثيل مع اتجاه عدد من المغنيات صوبه؟ وهل تشترطين ان يدخل الغناء على الدور؟

- التمثيل ليس مرفوضا الا انه لا يدخل في خانة اولوياتي. ليس مشروعاً احلم به او اسعى خلفه ولكن ان تم في الصيغة والدور المناسبين فإنني لا ارفضه، كل شيء يعود للعرض المقدم، وان دخل الغناء عليه يكون افضل طبعاً.

ــ تقولين اننا في عصر الاغنية ولسنا في عصر الصوت. اي اغنية لفتتك مؤخراً؟

- لم اتابع الاصدارات الجديدة واعتقد انها ليست كثيرة.. ربما الاعمال التي جذبتني هي اقدم من ان تكون جديدة على الساحة الآن..

ــ الى اي مدى برأيك سهلت وسائل التواصل الحديثة وصول الاغنيات وانتشارها لدى الجمهور، وبالتالي أليست هذه الوسائل سيفاً ذا حدين بالنسبة للفنان، بمعنى ان الجمهور لا يشتري الاسطوانات ويحرم الفنان من اعادة انتاج الجديد ويدفعه للاتكال على الحفلات والبرامج؟

 - لقد سهلت وسائل التواصل انتشار الاغنيات بعيداً عن حصرية شركات الانتاج ومتطلبات الاذاعات وغيرها، واصبح لكل فنان اذاعته وتلفزيونه وقناته الخاصة التي يطل عبرها الى جمهوره، الا ان ذلك لا يلغي ضرورة وجود شركة انتاج او جهة ممولة وداعمة ليستمر في انتاج اعمال جديدة. الفضاء بات مفتوحاً في العالم كله، ونجد فنانين حصدوا ملايين المشاهدات عبر وسائل التواصل، وهي تبقى وسيلة مساعدة للفنان الذي لا يحظى بامكانية الانتاج الذي لا بد منه..

ــ ماذا عن الحفلة المقبلة واين ستكون هذه المرة؟

- قريباً ستكون لي حفلة وبدأنا فعليا بالتحضير لها، وهي ستكون في بيروت من دون ان نحدد المكان بعد وستتضمن اطلاق اغنيات جديدة لي واخرى مستعادة لكن ضمن فكرة جديدة لن افصح عنها الآن.

ــ بعد عمر طويل، هل تتوقعين بأن يأتي من بعدك من تعنون حفلتها <سمية في الذاكرة>؟

- هذا ما يسعى اليه مطلق فنان على مثال كل الذين سبقونا ومهّدوا الطريق، فنترك ارثاً غنياً واثراً طيباً. نحن الآن نستمتع بما تركه الكبار في عالم الفن، وطموحنا ان نمتع من يأتون من بعدنا، فيكملون المسيرة ليتسموا بالحضارة والرقي، خاصة في عالمنا العربي.