تفاصيل الخبر

تشكيل اللجنة اللبنانية - الروسية لإعادة النازحين خطوة أولى في مسيرة يحتاج انطلاقها الى توافق دولي!

21/09/2018
تشكيل اللجنة اللبنانية - الروسية لإعادة النازحين  خطوة أولى في مسيرة يحتاج انطلاقها الى توافق دولي!

تشكيل اللجنة اللبنانية - الروسية لإعادة النازحين خطوة أولى في مسيرة يحتاج انطلاقها الى توافق دولي!

في الوقت الذي خطت فيه المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين الى ديارهم على مراحل، خطوة أولية على الصعيد اللبناني تمثلت بتعيين الجانب اللبناني في اللجنة المشتركة لتنظيم هذه العودة، يرتفع منسوب الحديث عن أن هذه العودة لن تتم على النحو الذي يأمله لبنان لأن المجتمع الدولي لم يعط بعد موافقته على حصولها لأسباب مختلفة، ابرزها المعلن استمرار التوتر في عدد من المناطق السورية، فيما السبب الأكثر وضوحاً هو رفض الدول الكبرى ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية تسهيل العودة قبل الاتفاق على الحل السياسي للأزمة السورية، والذي لا يزال غامضاً نتيجة تعدد الطروحات ورغبة الدول الكبرى في أن يكون لها موطئ قدم في سوريا من خلال اشتراكها في الحل المنشود.

من هنا، تتفاوت درجة تفاؤل المسؤولين اللبنانيين بإمكانية الشروع بتنفيذ المبادرة الروسية، بين مقتنع بأنها سوف تتم على مراحل ولا بد بالتالي من التنسيق اللبناني - الروسي، وبين من يشكك بقدرة موسكو على فرض هذه المبادرة مع استمرار <التحفظات> المعلنة حيالها اميركياً وأوروبياً. إلا أنه يبدو أن لبنان قرر تجاوز هذا التباين والمضي في السير بالمبادرة الروسية بالتزامن مع استمرار تنظيم عودة مجموعات من النازحين الى المناطق السورية الآمنة بإشراف مباشر من المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي يتولى مهمة التنسيق مع المسؤولين الأمنيين السوريين لتسهيل هذه العملية. لذلك فإن تركيبة الجانب اللبناني في اللجنة التي ضمت جورج شعبان ممثلاً للرئيس سعد الحريري، والنائب السابق أمل أبو زيد ممثلاً لوزارة الخارجية واللواء ابراهيم، عكست توافقاً لبنانياً رئاسياً مع تغطية طائفية من الطوائف الثلاث الرئيسية الموارنة والسنة والشيعة، وذلك لإضفاء الطابع <الوطني> الجامع في التعاطي مع المبادرة الروسية، علماً أن مهمة هذه اللجنة التي يرأسها من الجانب الروسي السفير <الكسندر زاسبكين>، هي التنسيق في موضوع محدد هو عودة النازحين السوريين ولا دور لها خارج هذا الإطار، على أن يكون التنسيق لوجستياً فحسب. وتؤكد مصادر مطلعة أن عمل اللجنة اللبنانية - الروسية مختلف عن اللجنة الأمنية اللبنانية - الروسية - السورية التي ستضم أمنيين فقط عن الطرف اللبناني كي لا تعطى لها أية أبعاد سياسية يمكن أن تفسر على أنها تحاور سياسياً النظام السوري، وفق ما شدد عليه الرئيس الحريري كشرط للموافقة على تشكيل هذه اللجنة التي لم تحدد اسماء أعضائها علماً أنها ستضم ضباطاً من الجيش اللبناني والأمن العام وقوى الأمن الداخلي تتم تسميتهم بقرار مشترك من وزيري الدفاع والداخلية يعقوب الصراف ونهاد المشنوق ولا حاجة الى قرار من مجلس الوزراء، لأن هذا الأمر يدخل في إطار تصريف الأعمال. وبات معلوماً أن اللواء ابراهيم سيكون رئيس اللجنة الأمنية من الجهة اللبنانية وهو يعمل على هذا الخط منذ ما قبل بروز المبادرة الروسية لإعادة النازحين. ووفق المصادر نفسها فإن اللجنة الامنية ستتولى الشق التنفيذي في عمليات العودة لاسيما تلك التي تتطلب تنسيقاً يسبق تنفيذ العودة لجهة تحديد الأسماء والمعابر والمواعيد ومناطق العودة إلخ...

 

إصرار عون على تشكيل اللجنة!

وإذا كان تشكيل اللجنة اللبنانية - الروسية يغلب عليه الطابع السياسي من خلال وجود مستشاري الرئيس الحريري والوزير جبران باسيل فيها، فإنه لن يكون لها أي احتكاك رسمي ومباشر مع الجانب السوري، وهو ما أصرّ عليه الرئيس الحريري الذي لا يمانع في أن يبقى التواصل عبر القنوات الديبلوماسية كما هو حاصل اليوم، مع وجود سفيرين لبناني وسوري في دمشق وبيروت، على ألا يتجاوز هذا التواصل السقف الذي يعتبره الرئيس الحريري خرقاً لسياسة <النأي بالنفس>، كما حصل بالنسبة الى الزيارات التي قام بها وزراء الصناعة والزراعة والأشغال العامة لسوريا قبل أسبوعين.

وتسجل مصادر متابعة للرئيس عون إصراره على تفعيل ملف عودة النازحين في وقت لم تبد جهات رسمية أخرى حماسة لذلك. إلا أن متابعة رئيس الجمهورية لهذا الملف أثمرت حتى الأسبوع الماضي عن عودة طوعية لـ 7 آلاف نازح من أصل مليون ونصف مليون نازح (و900 ألف حسب سجلات مفوضية اللاجئين الدولية). صحيح أن هذا الرقم يعد متواضعاً جداً قياساً على عدد النازحين، إلا أن المصادر نفسها تؤكد أن أهمية هذه العودة لا تكمن في العدد بقدر ما ترتبط ارتباطاً وثيقاً بسقوط معظم الذرائع التي سيقت سابقاً وخصوصاً تلك المتعلقة إما بأمن مناطق العودة داخل سوريا، وإما بعلاقة نازحين من المعارضة بالنظام لناحية وجود شبهات أو تحفطات امنية، وإما لجهة القانون الرقم 10 وخدمة العلم العسكرية. ويأتي الإصرار الرئاسي على تشكيل اللجنة اللبنانية - الروسية للنازحين بهدف إنجاز كل الخطوات المطلوبة لبنانياً، على رغم محاولات البعض إبقاء ملف النازحين ورقة ضاغطة على الداخل السوري وعلى دول النزوح بغية استخدامها خلال البحث عن حل سياسي سوري للأزمة الراهنة.

وتوقفت المصادر عند <السهم> الذي رماه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على اللجنة بعد قليل من تشكيلها، فرأت فيه ردة فعل غير مبررة من جانب الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي لم يعد يترك مناسبة إلا ويصوّب على رئاسة الجمهورية والفريق الرئاسي وعلى الوزير جبران باسيل وفريقه في التيار الوطني الحر. إلا أن ردة الفعل الرئاسية التي تجاوزت الموقف الجنبلاطي حالت دون قيام جدال بين بعبدا والمختارة، الأمر الذي فسرته مصادر القصر بأنه تأكيد على مضي الرئيس عون في إنجاز ملف عودة النازحين السوريين بصرف النظر عن ردود الفعل سواء كانت داخلية أم خارجية، علماً أن رئيس الجمهورية صارح الرئيس الحريري وغيره بأنه من غير الجائز تسييس عملية العودة وإدخالها في الحسابات الضيقة والاعتبارات الشخصية لأن هذه المسألة جوهرية وتتعلق بمستقبل الكيان اللبناني وبالأمن القومي خصوصاً أن التجربة التي عانى منها لبنان مع اللاجئين الفلسطينيين لا تزال ماثلة أمام الجميع.

 

آلية عمل اللجنة!

واستناداً الى مصادر مطلعة، فإن عمل اللجنة اللبنانية - الروسية يرتكز على آلية مرتبطة بمعلومات تتلقاها خصوصاً من الأمن العام، بالتعاون مع البلديات التي تعمل على إحصاء أعداد النازحين ووضع المعلومات المتعلقة بهم في استمارة وزعها عليها الأمن العام، مما مكّنه من ترتيب <داتا> كاملة وفقاً لقيود رسمية. كذلك تستند اللجنة الى ما يصلها من معلومات ومعطيات من أحزاب سبق أن أعلنت عن تشكيل لجان مختصة بتسهيل العودة مثل التيار الوطني الحر وحزب الله، ووفقاً للآلية فإن هذه المعلومات المجمعة سوف تودع السفارة الروسية في بيروت التي تتواصل مع مركز المصالحة الروسي الذي استُحدث في <حميميم> ليصار الى تنسيق عملية عودة الراغبين تدريجاً، وتضع السفارة الروسية بعد ذلك الجانب اللبناني عبر الأمن العام في نتائج التنسيق الروسي - السوري المتعلق بالعائدين. وعند إتمام كل التفاصيل ينتقل الراغبون بالعودة الى مراكز قريبة من المعابر الحدودية برعاية روسية، ومن ثم الى بيوت جاهزة ستشيدها السلطات الروسية في أماكن استقبال العائدين والتي تقع في مناطق آمنة لا عمليات عسكرية فيها.

ومع تشكيل اللجنة اللبنانية - الروسية يبقى السؤال: متى ستبدأ عودة النازحين السوريين وفقاً للأسس التي ستعمل اللجنة على وضعها لتنسيق العودة؟

مصادر أمنية لبنانية رفيعة أكدت لـ<الأفكار> أن لا مهلة زمنية محددة بعد للانطلاق بالعودة لأن المسألة مرتبطة بأكثر من طرف، إلا أن الحديث الأولي الذي دار بين أعضاء اللجنة اللبنانيين والروس أفضى الى ضرورة الإسراع في تنظيم العودة التدريجية قبل حلول فصل الشتاء، لاسيما وأن العائدين سيحلّون في منازل جاهزة التركيب، والشتاء القوي يعرقل لوجستياً تمركزهم فيها، ناهيك عن التجهيزات اللوجستية الأخرى، لكن حلول فصل الشتاء لا يعني توقف قوافل العائدين، بل ستتم البرمجة وفق الظروف، على أن تكون البداية - متى توافرت لها العناصر الكافية - مع مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وستكون الدفعة الأولى تجريبية لاختبار تناسق الإجراءات التي سوف تعتمد لهذه الغاية.