”حوار بطيء وحذر“ بين ”المستقبل“ وحزب الله ونجاح الخطة الأمنية شمالاً وبقاعاً مؤشر لتفعيله!
بخطى <بطيئة وحذرة جداً> يتواصل تيار <المستقبل> مع حزب الله منذ تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام بعد التسوية التي أجلست وزراء الحزب والتيار مع بعضهم البعض حول طاولة الحكومة، بعدما كان <التيار الأزرق> يرفض رفضاً باتاً محاورة حزب الله أو الاشتراك معه في حكومة واحدة ما لم يسحب مقاتليه من سوريا، و<يعترف> بأن السلاح الوحيد في لبنان يجب أن يكون سلاح الدولة.
والواقع أن المبادرات التي بدأت خجولة للحوار بين التيار والحزب غداة ولادة الحكومة السلامية، لا تزال تسير على ايقاع واحد على رغم توافر ارادة لدى الجانبين بإعادة إحياء قنوات التواصل بقوة وعدم ابقائها على وتيرتها الخفيفة. لكن يبدو أن عامل الثقة لا يزال منسوبه متدنياً بدليل أن اللقاء الذي قيل إنه سيجمع ممثلين عن القيادتين الحزبيتين، لا يزال من دون موعد محدد، وانه باستثناء اللقاء الذي جمع وزير العدل اللواء أشرف ريفي مع رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا بعد تأليف الحكومة، لم يُسجل أي لقاء رفيع المستوى، باستثناء بعض الاتصالات الهاتفية لحل عدد من المسائل الطارئة.
ريفي يتحدث بايجابية...
ووفقاً للمصادر نفسها، فإن اقرار الخطة الأمنية في طرابلس والشمال والبقاع، وتنفيذها بدقة وتشدد وعدالة، أحيا لدى حزب الله ارادة التلاقي مع تيار <المستقبل> مع علمه المسبق بأن التفاهم في الشأن الأمني لا يكتمل إلا بتفاهم في الشأن السياسي يبدو بعيداً في الوقت الحاضر، وهو يحتاج الى المزيد من الجهد والثقة المتبادلة ليصبح حقيقة قائمة. صحيح أن حزب الله لا يريد الحوار مع <المستقبل> لمجرد الحوار، إلا أن الصحيح أيضاً أن البحث عن القواسم المشتركة، خارج الموقف من الحرب السورية، سيظهر وجود تقاطعات سياسية وأمنية واجتماعية متعددة بين التيار والحزب تحتاج الى من يظهّرها طالما أن ارادة الحوار موجودة ومعها ارادة طي صفحات سوداء من السنوات الماضية. ويلاحظ زوار وزير العدل، انه بات يتحدث بايجابية عن العلاقة مع حزب الله من دون أن يتوسع الى مستقبلها، وإن كان الإصرار على المضي في العلاقة هو الخيار الذي يريد الوزير ريفي أن يتحقق، في وقت لم يحصل أي تقدم على خط التواصل بين وزير الداخلية نهاد المشنوق وقيادة حزب الله التي لمست من الوزير ريفي ما لم تلمسه بعد من الوزير المشنوق في ما خص الرغبة في الانفتاح انسجاماً مع القرار الاقليمي والدولي القاضي باعتماد التهدئة النسبية في لبنان. وتوقعت مصادر متابعة ان يطول الوقت للقاء المشنوق ــ حزب الله، علماً أن ثمة من يمهّد لهذا اللقاء حتى تخرج عنه معطيات ايجابية تفرضها دقة المرحلة، وضرورة التوافق على المسائل الأمنية لاسيما لجهة مواجهة المتطرفين والارهابيين.
... وحزب الله يريد حواراً مثمراً
قيادي في حزب الله، قال لـ<الأفكار> ان الحزب يتطلع الى حوار مثمر مع <المستقبل> يؤدي الى فتح صفحة جديدة من العلاقات والتعاون على غرار العلاقة التي جمعت الحزب قبلاً بالرئيس الشهيد رفيق الحريري. لكن الأحداث التي حصلت خلال السنوات الماضية والمواقف التي رافقتها تجعل عودة هذه العلاقات الى ما كانت عليه، بحاجة الى بعض المواقف التي تزيل الالتباسات التي قاربت الكثير من المواضيع المطروحة بين التيار والحزب حتى لا تكون المصالحة <على زغل> وتبقى هناك ثغرات يمكن أن تؤثر سلباً على الخيار المتجدد لضرورة الاتفاق. وأتت مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الأخيرة لتؤكد ما سبق أن أعلنه من أن يد الحزب مفتوحة على كل الأفرقاء ولاسيما تيار <المستقبل> انطلاقاً من رؤية وطنية واحدة، ومن استيعاب للآخرين ومساعدتهم على قراءة موحدة لمسار الأحداث والتطورات وصولاً الى أن تكون الشراكة في صناعة القرار متكاملة وغير منقوصة.
وفيما بدت لافتة دعوة السيد نصر الله تيار <المستقبل> الى حوار مفتوح وغير مشروط استكمالاً للأجواء الايجابية التي أعقبت تشكيل الحكومة، أتت ردود الفعل من <المستقبل> خصوصاً و<14 آذار> عموماً، دون ما كانت تتوقعه قيادة حزب الله، إذ حرصت مصادر <المستقبل> و<14 آذار> على التساؤل على مدى <جدية> الحوار الذي دعا إليه السيد نصر الله في الوقت الذي قاطع حزبه دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الى طاولة الحوار الوطني للبحث في موضوع الاستراتيجية الدفاعية. وفي رأي هذه المصادر ان أي حوار يجب أن يستند الى مرجعية والا يكون مشروطاً، والمرجعية المقبولة من <المستقبل> و<14 آذار> هي مرجعية الدولة ومؤسساتها التي لا تلقى من حزب الله ــ حسب المصادر نفسها ــ الدعم المطلوب. ومع ذلك، فإن أوساط <المستقبل> تنظر بارتياح الى التفاهم الذي جمع الحزب مع <التيار الأزرق> في انتخابات نقابة المهندسين في بيروت وتأمل أن يؤسس هذا التفاهم لما هو أوسع وأشمل ويحيي بشكل جيد التنسيق بين الطرفين بعدما فتح الوزير ريفي قناة الحوار غير المباشر التي كان جزءاً منها يوم كان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي قبل أن يعارض حزب الله وقوى <8 آذار> التمديد له في قيادة قوى الأمن الداخلي.
أمن وسياسة والنتيجة واحدة
وتقول المصادر نفسها ان قنوات الاتصال بين <المستقبل> وحزب الله، لا يمكن أن تحل محل التنسيق الأمني الموجود بين الأجهزة الأمنية والحزب، علماً أن التواصل على صعيد التيار والحزب هو تواصل سياسي، فيما التواصل الآخر هو أمني بامتياز ويفترض أن يتم من خلال وزير الداخلية الذي هو في النهاية المسؤول السياسي عن القوى الأمنية، وصودف أنه يمثل تيار <المستقبل> في هذا الملف الحساس. إلا أن ما هو قائم الآن بين <المستقبل> وحزب الله، يندرج في اطار ترتيب البيت الداخلي أمنياً وليس سياسياً، وأي تقدم يسجل أمنياً، لا بد أن يترك انعكاسات ايجابية سياسياً، وهو طموح مشروع، على حد تعبير المصادر نفسها التي تدعو الى متابعة التطورات الأمنية في الشمال والبقاع بعد الخطة الأمنية التي وضعت للمنطقتين فإذا ما <تعثرت> سياسياً، توترت أمنياً، شمالاً وبقاعاً، والعكس صحيح. لكن كل المعطيات تؤشر الى ان الحوار الذي بدأ بين <تيار المستقبل> وحزب الله، سيستمر وإن ببطء لوجود رغبة لدى الجانبين بإعادة التواصل، اضافة الى تكوين مبادرات تشجع على الحوار الذي هو الملاذ الأخير الذي يمكن أن يلجأ إليه أي وزير في الحكومة.
تجربة الطفيل
إلا أن هذا التواصل لا يريده الرئيس الحريري أن يتجاوز التنسيق المفتوح من دون ضوابط مع الجيش والأجهزة الأمنية، لأن الأولوية هي للتعاطي مع <الدولة> ومؤسساتها، فيما التواصل مع حزب الله يأتي في مرحلة ثانية.
وفسّرت مصادر <المستقبل> موقف الرئيس الحريري بأنه دعوة الى بقاء الحوار على مستوى أمني من خلال رئيس فرع المعلومات العميد عماد عثمان والحج وفيق صفا، على أن يبقى الحوار على مستوى <الأمن السياسي> الى مرحلة لاحقة قد تفرضها تداعيات الملف الرئاسي المفتوح من دون نتيجة حاسمة. وهذا الأمر ترجم عملياً الأسبوع الماضي في <الاجتماع الأمني> الذي رئسه الوزير المشنوق لقادة الأجهزة الأمنية في حضور الحاج وفيق صفا وخصص للبحث في وضع بلدة الطفيل اللبنانية التي لا يمكن الوصول إليها إلا من الأراضي السورية، والتي باتت تحت إشراف الجيش السوري وحزب الله. وتقرر خلال الاجتماع الأمني تأمين طريق تسهّل مغادرة أبناء الطفيل الراغبين بذلك، في مقدمة لاجراءات أخرى تؤمن التنقل الآمن من الطفيل الى الداخل اللبناني وبالعكس.
وعلى رغم ان ملاحظات عدة برزت على حضور صفا اجتماع مع قادة أمنيين لبنانيين، فإن الوزير المشنوق برر ذلك بالاشارة الى ان حزب الله بات طرفاً أساسياً في الحرب السورية وهو موجود على الأرض خصوصاً في محيط الطفيل وجوارها، ولا بد من التنسيق معه لتأمين مخارج ومداخل آمنة لأبناء البلدة.