تفاصيل الخبر

ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل تبقيه واشنطن "لا معلق ولا مطلّق"

16/09/2020
ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل تبقيه واشنطن "لا معلق ولا مطلّق"

ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل تبقيه واشنطن "لا معلق ولا مطلّق"

[caption id="attachment_81164" align="alignleft" width="346"] الرئيس نبيه بري يستضيف السفير "ديفيد شنكر" المعني بترسيم الحدود[/caption]

قبل شهر تقريباً تحدث رئيس مجلس النواب نبيه بري عن مسألة ترسيم الحدود البحرية في الجنوب مشيراً الى ان الامور "وصلت الى خواتيمها".... وقبل ايام وبعد صدور العقوبات الاميركية بحق النائب علي حسن خليل، المعاون السياسي للرئيس بري، اصدرت حركة امل بياناً اشارت فيه ان هذه العقوبات اتت في وقت كانت فيه عملية ترسيم الحدود على قاب قوسين او ادنـــى، الامر الذي اعتبره رئيس مجلس النــــواب ورئيس حـــركة "امل" رسالـــة قال انها "وصلت"... في المقابل كان مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط السفير "ديفيد شنكر" الذي يمسك بملف الترسيم يتحدث هو الآخر عن تطورات "ايجابية" في الملف وانه عائد الى لبنان للبحث في هذه التطورات بالذات لتكريس الاتفاق عليها وتحريك المفاوضات للوصول الى حسم نهائي في الموضوع، لكن "شنكر" قال في وقت لاحق ما اوحى وكأن الملف معلق حتى إشعار آخر، ثم اتت العقوبات على النائب خليل والوزير السابق يوسف فنيانوس وكأنها اشارة اميركية للحصول على مزيد من التنازلات من الرئيس بري من خلال "ابتزازه" تحقيقاً للمصلحة الاميركية التي هي في النهاية مصلحة اسرائيل!. والسؤال المشروع في هذا الملف هو لماذا فتح البحث عن ترسيم الحدود البحرية في الجنوب، ثم اغلق، ليفتح من جديد ثم يعلق؟ المطلعون على مسار ملف الترسيم يعودون بالذاكرة الى سنة خلت عندما كانت المؤشرات تدل على ان ملف الترسيم معلق حتى إشعار آخر لاسيما وأن "شنكر" الذي آلت اليه مسؤولية العناية بملف الترسيم، لم يستكمل ما بدأه سلفه السفير"ديفيد ساترفيلد" الذي انهى مهمته وانتقل الى تركيا كسفير لبلاده فيها. الا ان التعليق لم يدم طويلاً مع ورود اشارات وصفت بـــ "جس النبض" مع مقربين من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، الذين سمعوا كـــلاماً اميركياً عن اعــــادة فتح المــلف من شأنها "تخفيف الضغط" على لبنان لاسيما وان معاودة التنقيب عن النفط في البلوك رقم 9، سوف يدخل مادة منعشة الى الاقتصاد اللبناني الذي يترنح وقد يسقط خلال اسابيع. والواقع ان الاشارات الاميركية ظلت متعددة الوجوه لكنها حملت انطباعات ايجابية جعلت الرئيس بري يقول ان المحادثات مع الاميركيين اصبحت في خواتيمها وان هذا ما سيترجم على ارض الواقع بين لبنان والجهات الاميركية المعنية وتتبلور هذه الحصيلة في اول لقاء للطرفين.

تقدم في الآلية أو في النتيجة لقد أثار كلام الرئيس بري، والاشارات الى المقربين من العهد سلسلة علامات استفهام ، اذ سرعان مع اتضح ان التقدم المشار اليه بالاجمال محصور في آلية التفاوض وليس في نتيجة التفاوض، ذلك ان لبنان يريد ان يتم الترسيم برعاية الامم المتحدة باعتبارها الجهة الدولية الضامنة للتفاوض بين الدول وتتخذ موقفاً حيادياً في اي مفاوضات، على ان "يرعى" الجانب الاميركي هذه العملية، اضافة الى تلازمها مع بت التباينات حول الترسيم البري ضمن فترة وجيزة لاسيما وان هنـــاك نحو 13 نقطة على الحدود الجنوبية لا تزال عالقة وبعضها داخل "الخط الازرق" والبعض الآخر خارجه. واتضح ان الاتفاق بين لبنان والولايات المتحدة الذي اشار اليه بطريقة غير مباشرة الرئيس بري، والمحت اليه مصادر قريبة من قصر بعبدا، لا يعني ان اسرائيل قبلت به، وبالتالي فإن المطلوب هو حصول على جواب اسرائيلي كي يتحرك "شنكر" من جديد حاملاً بنود الاتفاق في محاولة جديدة- قديمة للوصول الى وجهات نظر حيال هذا الاتفاق خصوصاً ان "شنكر" ابلغ الذين التقاهم في زيارته الاخيرة الى بيروت ان ملف الترسيم هو موضع "متابعة" من الادارة الاميركية... لكنه لا يعتبر ملفاً سهلاً، بل من الملفات التي تعد "مشربكة" وفيها عقد كثيرة تحتاج الى فكفكة.... تحرك الملف على خط بعبدا والواضح حتى الآن، ان ملف الترسيم تحرك ايضاً من جهة الرئيس عون على خط مختلف عن خط الرئيس بري، خصوصاً بعد العقوبات التي طاولت معاون الرئيس بري واكثر المقربين اليه سياسياً وشخصياً، وفسرها "ابو مصطفى" على انها تستهدفه شخصياً اما للضغط عليه للحصول على مزيد من "التنازلات"، واما لدفعه الى التخلي عن هذا الملف ليستقر بين ايدي رئيس الجمهورية، علماً ان مصادر بري تؤكد ان اتفاق السير بترسيم الحدود البحرية في الجنوب اللبناني اكتمل مع الولايات المتحدة الاميركية ووافقت عليه في 9/7/2020، لكنها - اي واشنطن - ترفض توقيت اعلانه من دون اي مبرر واقعي يمكن ان يجد قبولاً لدى الاطراف الاخرين لاسيما اولئك الذين يرون ان حصر النقاش في الملف مع الرئيس بري من دون غيره من المسؤولين يعني ان التدخل في هذا الملف من دون مراعاة "خاطر" الرئيس بري من شأنه ان يزيد الامور تعقيداً. من هنا بدت ردة فعل بري قاسية وعكسها بيان حركة "امل" تعليقاً على العقوبات على النائب خليل. وتقول مصادر رئيس مجلس النواب انه لا بد من مصارحة اللبنانيين عن وجود ضغوط او محاولة اميركية للالتفاف على الاتفاق الذي حصل بعدما اتضح ان الاتفاق تناول الآلية فقط وليس المضمون، لأن الولايات المتحدة الاميركية، لا تزال- حسب مصادر الرئيس بري- تبحث عن "صفقة" تنسبها لنفسها كانجاز، ولهذا لم يعلن الجانب الاميركي عن الاتفاق حتى الان بانتظار شيء ما، لأن فرض لبنان لشروطه هو امر لا تستسيغه "اسرائيل" التي تهدف من الترسيم ليس فقط الى الحصول على جزء من المنطقة المتنازع عليها وفق خط هوف، الذي يعطيها مقدار 360 كيلومتراً مربعاً من اصل 860 كيلومتراً يعتبرها لبنان بكاملها ضمن مياهه الاقليمية"، بل اكثر من ذلك، "هي تريد توقيع اتفاق مع لبنان على انشاء انبوب بحري مشترك لتصدير الغاز والتخفيف من كلفة تصدير الغاز، وهو ما لن يقبل به لبنان، لأنه تطبيع اقتصادي يمهد لعملية اكبر من ذلك" وبانتظار عودة "شينكر"، تقول المصادر انه "من غير المعروف اذا ما كان المسؤول الاميركي سيأتي ومعه الحل، او تسبقه عقوبات على شخصيات لبنانية جديدة تعرقل مسار الملف وتسعى الى مزيد من الضغط في اتجاه تنفيذ ما تريده اسرائيل". وخلال المقابلة التلفزيونية التي أجراها الرئيس عون عشية الذكرى المئوية الاولى لاعلان "دولة لبنان الكبير" قال رئيس الجمهورية ان التنقيب عن النفط في الحقل رقم 4 قد توقف نتيجة ضغوط مورست على الشركات التي تولت التنقيب، وذلك بسبب الاوضاع الاقليمية والخلافات الحاصلة.... اليوم ملف الترسيم "لا معلق ولا مطلق" وسط عقوبات "تتساقط" على شخصيات سياسية لبنانية، فهل يتحرك الملف ام سيبقى أسير الضغوطات؟ المتفائلون يتحدثون عن "حلحلة" قريبة، والمتشائمون يرون ان لا حركة قريبة، لأن تحريك الملف هو مكسب سياسي للبنان، وواشنطن لا تريد تقديم هدايا مجانية للبنان ، لأن سياسة "اعطني لاعطيك" هي السائدة لدى الكبار!.