تفاصيل الخبر

تـرشـيــح جـعـجــع لعــون لـيـس كافيــاً لـتـأمـيــن فــوزه، واستمــرار فرنجيــة مرشحاً يُبقــي الـنـصـــاب مـفـقــوداً!

22/01/2016
تـرشـيــح جـعـجــع لعــون لـيـس كافيــاً لـتـأمـيــن فــوزه،  واستمــرار فرنجيــة مرشحاً يُبقــي الـنـصـــاب مـفـقــوداً!

تـرشـيــح جـعـجــع لعــون لـيـس كافيــاً لـتـأمـيــن فــوزه، واستمــرار فرنجيــة مرشحاً يُبقــي الـنـصـــاب مـفـقــوداً!

 

سمير-جعجع-ميشال-عون إعلان رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع دعمه ترشيح زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية يوم الاثنين الماضي، كان منتظراً في الأوساط السياسية والديبلوماسية المتابعة لمسار الاتصالات بين <التيار> والقوات بعد التوافق على <إعلان النيات> قبل أشهر. لكن ما لم يكن متوقعاً أو محسوباً، هو توقيت الإعلان <القواتي> إذ كان الاتجاه أن يأتي تزامناً مع عيد شفيع الطائفة المارونية القديس مارون يوم 9 شباط/ فبراير المقبل ليكون بذلك <عيدية> للموارنة خصوصاً والمسيحيين عموماً الذين <اكتووا> بنار التفرقة والتباعد والتجاذب في ما بينهم. إلا أن ثمة معطيات طرأت وأدت الى استعجال <الحكيم> الإعلان عن موقفه بعد <استنفاد> كل الوساطات التي بُذلت معه لاسيما من أركان تيار <المستقبل> والسفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري للعودة عن رغبته هذه والإفساح في المجال أمام المزيد من الاتصالات. ووفقاً للمعلومات المتوافرة لدى <الأفكار>، فإن المعطى الأبرز الذي عجّل صدور القرار بدعم ترشيح عون، ما ورد الى معراب والرابية في آن، عن تحرّك يعتزم النائب سليمان فرنجية القيام به في اتجاه الفاتيكان في محاولة لتوفير دعم <روحي> و<معنوي> للترشيح يصعب تجاهله في القاعدة المسيحية من جهة، وفي الاوساط الوازنة خارج لبنان وداخله. ويقضي هذا التحرّك - وفقاً لمصادر <الأفكار> - بزيارة وفد من زغرتا الكرسي الرسولي خلال وجود أعضائه في روما للاحتفال بمناسبة دينية في المكان الذي يضم <هامة> القديس مارون، على أن يلي ذلك تحضير اجتماع مع البابا <فرنسيس> وكبار معاونيه نظراً لأهمية مثل هذه اللقاءات في مسار الاستحقاق الرئاسي اللبناني. وقد ساهم في التحضير لهذه الزيارة <عرّاب> اللقاء الذي جمع الرئيس سعد الحريري بالنائب سليمان فرنجية يوم 17 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي رجل الأعمال جيلبير شاغوري الذي تربطه بعدد من المسؤولين في الكرسي الرسولي علاقات متينة من خلال موقعه كسفير لاحدى الدول الصغيرة في الفاتيكان. وتردّد أن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي كان على علم بزيارة الوفد الزغرتاوي، خصوصاً أن البطريرك يشارك في الاحتفالات الدينية التي ستُقام في الكنيسة التي تحتضن <هامة> مار مارون.

 

عشر نقاط أبرزها <اتفاق الطائف>

واستناداً الى المصادر المطلعة، فإن الزيارة الزغرتاوية الى روما كانت محور اهتمام من جهات سياسية ومرجعيات دعمت ترشيح النائب فرنجية، إضافة الى حماسة أظهرها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لتأمين الموعد مع الكرسي الرسولي الذي كان سيشارك فيه البطريرك بحكم وجوده في روما للاحتفال بالمناسبة حيث <هامة> القديس مارون.

وهكذا وُلد الترشيح سريعاً بعد إنجاز الترتيبات <الاستعراضية> الضرورية في مقر القوات اللبنانية في معراب، وما رافقها من <حشد> سياسي نوعي شهد اتفاق الزعيمين المارونيين اللدودين، وتعزيز تحالفهما بعد سنوات من التباعد تخلّلتها الحرب التي باتت معروفة بـ<حرب الإلغاء> بالنسبة الى جعجع، وحرب <استعادة الدولة> بالنسبة الى العماد عون. وقد ارتكز ترشيح جعجع للعماد عون على اساس النقاط العشر التي تم الاتفاق عليها بعد جولات من المشاورات واللقاءات بين الرابية ومعراب وبالتنسيق بين أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب ابراهيم كنعان والمسؤول الإعلامي في <القوات> ملحم رياشي، والتي تشمل كل المواضيع التي تمس الشأن السياسي اللبناني والتي تتباين آراء اللبنانيين حيالها، واللافت فيها ما يتصل بـ<اتفاق الطائف> وموقع لبنان من الحروب التي تشهدها دول الجوار، إضافة الى الانتخابات النيابية وغيرها من النقاط التي سبق أن وردت في <إعلان النيات> وفي البيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام.

الوحدة المسيحية واستبعاد <المرشح التوافقي>

 

وبين وصف ما حصل تلك الليلة في معراب حيث حل العماد عون ضيفاً على الدكتور جعجع، بـ<الانتفاضة> التي قادها <الحكيم> ضد قوى 14 آذار، و<توحيد الموقف المسيحي لتعزيز الشراكة الوطنية> كما يقول القريبون من عون، بدا أن خلط الأوراق الذي حصل من خلال انسحاب جعجع من السباق الرئاسي وتسمية <الجنرال> مرشحاً لـ<القوات> و<التيار> على حدٍ سواء، من شأنه أن يجعل المشهد السياسي اللبناني أمام معطيات مستجدة عدة أبرزها الآتي:

أولاً: وحدة موقف الحزبين المسيحيين الأكثر تمثيلاً للمسيحيين بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي، ما يجعل من الصعب تجاوزهما سواء تقرّر المضي في الانتخابات أم تمّ تأخيرها بانتظار المناخات الإقليمية والدولية المؤاتية، واستطراداً إسقاط <حجة> الأفرقاء السياسيين المسلمين الذين دعوا مراراً الى موقف مسيحي موحد حيال الملف الرئاسي <لتسير خلفه> الأحزاب والتكتلات الإسلامية. وهذا يعني في مفهوم الأوساط السياسية أن العماد عون بات مرشح 80 بالمئة على الأقل من المسيحيين، وهو يحظى بدعم المكوّن الشيعي بكامله وجزء قليل من السنّة والدروز. في حين لم ينل النائب فرنجية دعم المسيحيين بغالبيتهم العظمى ولا بدعم المكوّن الشيعي، فيما حاز على دعم غالبية السنّة والدروز. وفي رأي الأوساط نفسها أن أية تسوية للخروج من النفق الرئاسي المقفل لا يمكن أن تتجاهل الدعم المسيحي شبه الجامع الذي بات العماد عون يحظى به.

ثانياً: تعذر التفاهم مع العماد عون أو مع فرنجية على حدٍ سواء على الانسحاب من المعركة الانتخابية للاتفاق معهما على المرشح الرئاسي الموصوف بـ<الوفاقي>، ما يعني أن لا إمكانية لمثل هذا المرشح في هذه المرحلة الراهنة على الأقل، وبالتالي فإن الكتل النيابية أمام واجب اختيار أحدهما لرئاسة الجمهورية ولا مجال لمرشح ثالث.

 

دور المسلمين والقوى الإقليمية

 

ثالثاً: وضع إعلان جعجع ترشيح عون الكرة في ملعب الفريق المسلم الذي كان قال في ما مضى بضرورة اتفاق المسيحيين على مرشح ليتم انتخابه رئيساً للجمهورية، وبذلك انقلبت الآية، ذلك أن ترشيح الرئيس الحريري للنائب فرنجية (غير المعلن رسمياً من قبل زعيم <المستقبل> حتى الآن) وضع سابقاً الكرة في ملعب المسيحيين لاتخاذ موقف منه، واليوم جاء دور المسلمين ليقولوا كلمتهم، علماً أن <حجة> المسيحيين هذه المرة أقوى لأنهم يرون ضرورة احترام خيارهم، كما يحترم المسيحيون خيار السُنّة في زعامة الرئيس الحريري، وخيار الشيعة في زعامة <الثنائية الشيعية>،  وخيار الدروز في أحادية الزعامة الجنبلاطية. وبدا حرص عون وجعجع على القول بأن اتفاقهما <مفتوح> أمام جميع المسيحيين، وهو ليس موجهاً ضد الشريك المسلم، بل انهما منفتحان للتفاهم معه على التفاصيل.

رابعاً: وضع ترشيح جعجع لعون القوى الإقليمية المعنية بالاستحقاق الرئاسي، لاسيما السعودية وإيران، والقوى الدولية مثل الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا خصوصاً، أمام مشهد جديد لا يمكن أن تتجاهله، لاسيما وأنها مدعوة الى قول كلمتها لجعل تنفيذ الانتخابات الرئاسية ممكناً. ومن المفترض أن تشهد الأيام المقبلة حركة محورها مستقبل الاستحقاق الرئاسي، خصوصاً أن للسعودية الدور الأبرز اقليمياً من خلال تأثيرها المباشر على تيار <المستقبل> قيادة وأعضاء، وهي التي كانت رفضت سابقاً التقارب الذي حصل بين العماد عون والرئيس الحريري وحال اعتراضها دون استمرار التواصل بين الرجلين، على رغم أن خطوات عدة قُطعت في هذا المجال سواء من خلال لقاءات مباشرة في باريس وروما و<بيت الوسط>، أو عبر مندوبي الطرفين. أما الدور الإيراني فيبقى محدوداً لأن القيادة في طهران تركت الحرية لحزب الله في أن يتخذ ما يراه مناسباً حيال الملف الرئاسي، وهي تكرر دائماً أمام الموفدين الدوليين أن <القرار الرئاسي> اللبناني موجود عند حزب الله في لبنان وليس في طهران.

أما بالنسبة الى الدور الدولي، فيبقى الأبرز فيه ما يمكن أن تلعبه الولايات المتحدة الأميركية من <تأثير> على إنجاز الاستحقاق في أسرع وقت ممكن، فيما الدور الفرنسي يبقى في إطار الوسيط... عند الضرورة.

 

فرنجية-الراعي<سيناريو> قد يطيل الشغور!

 

في ضوء ما تقدم، ترى المصادر السياسية المتابعة أن إعلان جعجع ترشيح العماد عون، واستمرار النائب فرنجية في موقفه كمرشح يلقى الدعم غير المعلن رسمياً بعد من الرئيس الحريري، يؤشران الى أن لا حسم بعد في الاستحقاق الرئاسي، وأن فصلاً جديداً من <السيناريو> الرئاسي قد يستمر بحلقاته أشهراً عدة، لاسيما إذا استمرت المواقف المعلنة على ما هي عليه من دعم معلن من الرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط لترشيح النائب فرنجية، وغير معلن رسمياً من الرئيس نبيه بري الذي كان قد قال انه يمكن أن يترك الحرية لنوابه في الاقتراع كما يرغبون، يقابله الدعم المعلن من الدكتور جعجع وحزب الله وحزب الطاشناق الأرمني للعماد عون، ما يجعل من غير الممكن توفير نصاب الثلثين لانعقاد جلسة انتخابية حاسمة لمجلس النواب والتي يرجح كثيرون أن تتأجل من مرة الى أخرى، الى أن يتم الاتفاق على الرئيس العتيد ويلتئم المجلس في نصاب كامل.

في المقابل، ثمة مراجع سياسية ترى أن <السيناريو> الرئاسي سيشهد خلال الآتي من الأيام سعياً قد يقوده حزب الله - الذي كان مطلعاً على مبادرة جعجع وتفاصيلها -  لإقناع النائب فرنجية بالانسحاب من المعركة من دون أن يعلن تأييد العماد عون نظراً للشرخ الذي أصاب العلاقة بين الرجلين، وإذذاك يصبح العماد عون المرشح الجدي الوحيد الذي يمكن <تسويقه> في الداخل والخارج، على أساس أن فريق 14 آذار قبل بدعم ترشيح رئيس من 8 آذار، وذلك بعد التفاهم معه على سلسلة نقاط كشرط أساسي للتعاون مستقبلاً. وترى المراجع نفسها ان استعانة حزب الله بـ<صديق> لهذه المهمة تصبح واردة إذا ما أظهر فرنجية معارضة صلبة وعدم التجاوب. وتورد مراجع أخرى <سيناريو> آخر له أبعاد إقليمية يقوم على فتح خطوط اتصال مع الرياض لدعوتها الى <تسهيل> انتخاب العماد عون، بعد تقديم سلسلة ضمانات لا بد منها كي يطمئن الفريق المؤيد للسعودية بأن <الرئيس> عون لن يطيح بـ<اتفاق الطائف>، ولن يعمل على ضرب المصالح السياسية والاقتصادية السعودية في لبنان، وغيرها من الضمانات التي ستكون في مقدمتها حتماً عودة الرئيس سعد الحريري الى السرايا الكبير. ويرى المتحدثون عن هذا <السيناريو> أن تطبيقه لن يكون ممكناً إذا لم يحظَ أيضاً بـ<بركة> الولايات المتحدة الأميركية التي لها أيضاً مجموعة من <المخاوف> التي ترغب في الحصول على ضمانات في شأنها، خصوصاً في ما يتعلق بدور حزب الله وسلاحه في المرحلة المقبلة.

إلا أن مصادر محايدة تشير الى أن <التفاؤل> المبالغ فيه في تحريك الملف الرئاسي بعد <مهرجان معراب> ليس في محله، لأن التحرّك الذي حصل بهدف <تمرير> انتخاب النائب فرنجية لم يحقق نتائج عملية، والتحرّك المستجد لملء الشغور الرئاسي بانتخاب العماد عون لن يكون سهلاً أيضاً، على رغم التسليم بأن حظوظ العماد عون تبدو نسبياً أكبر من الحظوظ التي رافقت ترشيح فرنجية. وعليه، فإن نسبة الأمل بالخروج من دوامة الفراغ الرئاسي توازي نسبة عدم الخروج، وكما ملأت <مبادرة> الرئيس الحريري الساحة السياسية أكثر من شهرين من التعليق والتسريب والتحليل، كذلك ستأخذ مبادرة جعجع - عون حيزاً كبيراً أيضاً من النقاش والجدال والأخذ والردّ قبل أن يحين الموعد الحاسم سلباً أو إيجاباً.