تفاصيل الخبر

ترميم الثدي ضروري لاسترجاع شكله الطبيعي وهو حق للمرأة!

16/11/2018
ترميم الثدي ضروري لاسترجاع شكله الطبيعي وهو حق للمرأة!

ترميم الثدي ضروري لاسترجاع شكله الطبيعي وهو حق للمرأة!

 

بقلم وردية بطرس

عملية ترميم الثدي بعد الاستئصال هي جراحة تجميلية تهدف الى اعادة بناء الثدي بعد استئصاله، سواء بشكل جزئي او كلي، جراء التعرض لبعض انواع سرطانات الثدي. وبناء على أحدث الدراسات التي أصدرتها <جمعية السرطان الأميركية> التي قادها باحثون من جامعة <ميتشيغن>، فان النساء اللواتي خضعن الى عمليات استئصال الثدي جراء الاصابة بسرطان الثدي قد استفدن من الناحية الجسدية والنفسية من عمليات الترميم واعادة بنائه... والترميم هو اجراء جراحي لاسترجاع الشكل الطبيعي للثدي ويُعد اجراء علاجياً مكملاً لحالات سرطان الثدي، الذي يؤثر وبشكل كبير على الحالة النفسية للمريضة. وتصنف هذه العمليات حسب طبيعة الترميم اللازم الى عمليات تكبير الثدي او تغيير الحلمة او تغيير موضع الحلمة وذلك حسب الوضع الصحي السابق للمصابة بسرطان الثدي، وتتميز هذه العمليات بارتفاع نسبة نجاحها. وتعتبر عملية ترميم الثدي الحل الأمثل للمرأة التي فقدت أحد ثدييها او كليهما بعد اصابتها بالسرطان او لأي ظرف آخر من الناحيتين الجسدية والعاطفية، فمن شأنها ان تزيد ثقة المرأة وان تحسّن من نظرتها لنفسها فضلاً عن تحسينها لطبيعة حياتها. وبالرغم من ان العملية قد تمنح المرأة ثديين طبيعيين نسبياً، الا انهما لن يكونا كما كان الثديان قبل استئصالهما. ويتم اجراء عملية ترميم الثدي باستخدام تقنيات جراحية عدة في سعي لاستعادة شكل وحجم ومظهر الثدي الأقرب الى الطبيعي بعد استئصاله كاملاً (ازالة نسيج الثدي كلياً) او ازالة جزء من نسيج الثدي. وفي حال استئصال ثدي واحد فيمكن ترميمه لوحده، لكن قد يوصى باجراء عملية شد او تصغير او تكبير للثدي الآخر لتحسين مستوى التماثل والتساوي بين الثديين.

وان عملية ترميم الثدي هي عملية تخليق ثدي بشكل تراكمي لكي يتوافق مع بقايا الثدي الطبيعي، واذا شملت خطة العلاج الخاصة بالمرأة عملية استئصال الثدي، فيجب ان تقرر ما يجب فعله حول الثدي المفقود، اذ ان بعض النساء يخترن ان يكون لهن ثدي مستوٍ في أحد الجوانب واستخدام بديل (ثدي صناعي) داخل حمالات الصدر، ولكن بعضهن الآخر قد يخترن القيام بعملية الترميم. اما إذا كان يجب القيام بعملية الترميم فان هذا الأمر يعتمد على حالة المصابة بالسرطان، إذ ان جراحة الترميم يمكن القيام بها في الوقت نفسه الذي يتم فيه استئصال الثدي (الترميم الفوري)، ولكن هذا الأمر لا يكون متاحاً بشكل دائم اذا كانت المرأة تخضع للعلاج الاشعاعي بعد استئصال الثدي، فعندئذ ينصحها الأطباء بالانتظار حتى الانتهاء منه. وان فوائد الترميم الفوري تشمل الخضوع للمخدر مرة واحدة، والاقامة في المستشفى لمرة واحدة وكذلك الخضوع لعملية النقاهة لمرة واحدة أيضاً، وعلى الرغم من ذلك فان فترة التخدير والنقاهة ستمتد فيما لو خضعت فقط لعملية استئصال الثدي، ويمكن القيام بعملية ترميم الثدي بعد فترة وجيزة من جراحة الاستئصال الأولية، وهذا الأمر يسمى بالترميم المتأخر.

 

الدكتور جابر العباس وأهمية اجراء عملية

الترميم للثدي بعد الاستئصال

فما أهمية عملية ترميم الثدي؟ وكيف تُجرى؟ وغيرها من الأسئلة أجاب عنها الاختصاصي في الجراحة العامة وجراحة الأورام الدكتور جابر العباس وهو مجاز من البورد الأميركي للجراحة وعضو الكلية الأميركية للجرّاحين، ونسأله عن أهمية ترميم الثدي بعد الاستئصال فيقول:

- ان علاج سرطان الثدي يكون بالجراحة، فالمرأة تشفى بواسطة العمل الجراحي، أما الأمور الأخرى مثل الأشعة والعلاج الكيميائي او العلاج بالأدوية فهي مكمّلة للعمل الجراحي، اذاً الأساس هو العمل الجراحي لاستئصال المرض من جذوره، وان استئصال المرض من جذوره يتم بطريقتين عند المرأة المصابة بسرطان الثدي: الطريقة الأولى باستئصال كامل للثدي، والطريقة الثانية باستئصال جزئي للثدي. في عملية الاستئصال الجزئي للثدي نقوم بازالة المرض من جذوره بدائرة الأمام حول الثدي 2 او 3 سنتمتر وذلك حسب كل حالة، وأهم ما في الأمر انه عندما نستأصل المرض نتأكد ما اذا كان مدار الثدي نظيفاً، لذا نرسل العينة الى المختبر لمعرفة ذلك، وفي الوقت نفسه نزيل العقد الليمفاوية تحت الابط، وسبب ازالة العقد الليمفاوية هو انه ما ان يظهر المرض في الثدي، فأول محطة يصل اليها هي العقد الليمفاوية تحت الابط وهذه العقد الليمفاوية هي مثل حاجز بين الثدي والدم ليكون حاجزاً منيعاً يمنع اية خلايا خبيثة ان تصل الى الدم، وبالتالي نرى ما اذا وصلت الخلايا الخبيثة الى العقد الليمفاوية ام لا. والسؤال المطروح: لماذا علينا ان نعرف ذلك؟ السبب ان المعالجة تختلف اذا كانت الخلايا الخبيثة قد وصلت الى العقد الليمفاوية ام لا حيث ان العلاج المكمّل للجراحة يختلف تماماً لأنه اذا وصلت الخلايا الخبيثة الى العقد الليمفاوية فممكن ان تحتاج المصابة بسرطان الثدي الى العلاج الكيميائي وممكن ان تحتاج لعلاج أشعة مكثف او علاج هرموني، أما اذا لم تكن قد وصلت الى العقد الليمفاوية فالعلاج يكون أبسط بكثير لأن المرض لم يخرج من اطار وجوده في الثدي، اذاً هذا هو العلاج الأول بالجراحة.

الاستئصال الكامل للثدي

 ــ وماذا عن الاستئصال الكامل للثدي؟

- ان العلاج الثاني بالجراحة هو استئصال كامل للثدي، وطبعاً نقوم باستئصال كامل للثدي اذا لم تكن السيدة تريد ان تخضع لعلاج الأشعة لأن علاج الأشعة يُعطى بعد الاستئصال الجزئي للثدي، والأشعة تحتّم على السيدة ان تأتي كل يوم الى مركز الأشعة لمدة أسبوعين او ثلاثة أسابيع، اذاً عليها ان تقصد المركز كل يوم اذا كانت قد خضعت للاستئصال الجزئي للثدي ما عدا يومي السبت والأحد، وربما تكون السيدة مقيمة في منطقة بعيدة ولا تقدر ان تأتي كل يوم الى مركز الأشعة، عندئذٍ نقول لها أنه اذا لم يكن مركز الأشعة موجوداً في المنطقة التي تقيم فيها فلا نقدر ان نقوم باستئصال جزئي للثدي بل يجب ان نقوم باستئصال كامل للثدي. اذاً الاستئصال الكلي مساوٍ للاستئصال الجزئي زائد الأشعة، اذا هذا هو السبب الأول الذي نقول فيه للسيدة انه يجب ان تخضع للاستئصال الكلي خصوصاً اذا لم تكن قادرة ان تخضع لعلاج الأشعة، كما أن هناك أمراضاً معينة في جسم الانسان لا تسمح له بان يخضع لعلاج الأشعة وهذا سبب ثانٍ يحتّم علينا ان نخضع السيدة لاستئصال كلي للثدي، والسبب الثالث الذي يدفعنا للقيام باستئصال كامل للثدي هو أنه عندما يكون المرض منتشراً بعدة أمكنة في الثدي ففي هذه الحالة يتوجب علينا اجراء استئصال كلي اذ لا نقدر ان نقوم باستئصال جزئي في عدة أمكنة في الثدي لأنه لا يبقى شيء من الثدي ولهذا السبب الاستئصال الكامل ضروري في هذه الحالة، وطبعاً نفحص العقد الليمفاوية تحت الابط لنرى ما اذا كان المرض قد وصل اليها سواء اذا قمنا باستئصال جزئي او كلي.

 

معالجة الفجوة في الثدي

بعد الاستئصال

ــ كيف تُعالج الفجوة في الثدي بعد اخضاع المرأة لعملية استئصال الثدي؟

- عملية الترميم مهمة جداً بالنسبة للمرأة بشكل عام لأنها ضمن اطار < Quality of Life> او نوعية الحياة، ومن الضروري ان يشفي الطبيب المريض وان يقدم له افضل نوعية حياة لأنها ضرورية عند كل انسان وأعتقد انها متساوية للشفاء، وعندما نقول نوعية الحياة يعني الا يحدث تشويه، اما لماذا يحدث التشويه؟ فعندما نستأصل جزءاً من الثدي وذلك بحالة الاستئصال الجزئي للثدي وأيضاً بحالة الاستئصال الكلي فممكن ان يحدث التشويه، مثلاً اذا كان حجم السرطان 2 او 3 سنتمتر، فعندما نقوم بازالة 2 او 3 سنتمتر من الثدي تحدث فجوة، ولهذا خلال العمل الجراحي نقوم بعملية الترميم بعدما نقوم بعملية الاستئصال الجزئي للثدي، اذاً يحدث تشويه ناتج عن استئصال المرض فتظهر مثل فجوة بالثدي فنقوم بعملية الترميم خلال العمل الجراحي وهو ما يسمونه <Onco plastic Surgery> اذاً انه اختصاص بحد ذاته وهذا ما اقوم به كجرّاح، ولكن عادة لا يعود شيء كما كان من قبل فاذا لم تكن عملية الترميم كاملة متكاملة اي أنها لم تعطِ أهدافها المثالية، فبعد العملية وبعد الأشعة وبعد انتهاء كل العلاجات اي بعد ستة أشهر ممكن ان تُجرى أمور عديدة، والآن تُجرى عمليات عدة يسمونها <Fat Injection> اي نأخذ أنسجة دهنية بقدر ما نريد من منطقة في الجسم، وبطبيعة الحال كونها من جسم الشخص نفسه فهي لا تضّره، ومن ثم تُوضع في الأماكن المناسبة في الثدي لكي تملأ المنطقة التي حدثت فيها الفجوة. أما في ما يتعلق بعملية الترميم بعد الاستئصال الكلي للثدي فاذا اختارت السيدة استئصالاً جزئياً او كلياً او حُكم عليها بالاستئصال الكلي فيجب ان يكون لديها بأكثر الأحيان الخيار بالترميم خلال العمل الجراحي.

الغلاف الجلدي للثدي

 

ــ وبعد العمل الجراحي وترميم الثدي ماذا يحدث للغلاف الجلدي؟

- بعد الاستئصال الكلي مع الترميم نترك ما يسمونه الغلاف الجلدي للثدي والذي لا مشكلة فيها، بل المشكلة هي في الأنسجة المسرطنة في الثدي والتي يحدث فيها مرض سرطاني ولكن الجلد يكون بعيداً عن الضرر، وبهذه الحالة نترك الجلد اي الغلاف الطبيعي اي نضع <حشوة> في مكان الثدي الذي أُزيل ولكن يبقى الغلاف الجلدي طبيعياً، وفي بعض الأحيان نترك الحلمة نفسها، وفي بعض الأحيان نزيل الحلمة، وذلك يعتمد على الحاجة الطبية، وطبعاً عندما تبقى الحلمة فيكون ذلك مهماً بالنسبة للمرأة لأن الحلمة عضو مهم جداً بالنسبة للثدي، واذا حافظنا عليه وعلى بقائه فنتيجة الترميم عندئذٍ تكون أفضل، ونحاول قدر الامكان وبأكثرية الأحوال الحفاظ على حلمة المرأة لكي تكون النتيجة جيدة، طبعاً اذا لم يكن ذلك يضّر بنسبة الشفاء التام.

وعن نقطة مهمة يقول الدكتور جابر العباس:

- الترميم هو حق لكل امرأة ويجب ان يكون لديها الخيار للترميم. الموضوع مهم جداً لأنه في الولايات المتحدة وأوروبا يكون ترميم الثدي مغطى من قبل الحكومة او الجهات الضامنة، ولكن في لبنان للأسف الترميم غير مغطى من الجهات الضامنة والضمان الاجتماعي خصوصاً او شركات التأمين الخاصة، علماً انه حق من حقوق المرأة وما نحاول قوله ان المرأة لا تبغي التجميل في هذه الحالة بل الترميم اذ ان جزءاً من جسمها قد خسرته، ولكن للأسف في لبنان ليس هناك اي جهة ضامنة تتكفل بعملية ترميم الثدي، ويجب ان يتغير ذلك لأنه حق مكتسب لكل سيدة مصابة بسرطان الثدي وتود ان تخضع لعملية الترميم، وبالتالي على السيدات وكل الجهات الطبية والمراجع الطبية المعنية ان تطلق الصرخة لكي تقوم الجهات الضامنة بتغطية تكاليف عملية الترميم، ويجب ان يحصل ذلك في لبنان اسوة بما يحدث في اوروبا وأميركا في هذا الخصوص.

 

التشخيص المبكر وفحص الجينات

ــ والى اي مدى يساعد الكشف المبكر بمعالجة سرطان الثدي بشكل أسرع وفعال؟

- أصبح الجميع يعلم أهمية الكشف المبكر، فاذا تم التشخيص المبكر فلن تحتاج السيدة لكل هذه الأمور التي ذكرتها في سياق الحديث، فالتشخيص المبكر وفقاً لوزارة الصحة والجمعيات متوافر للسيدات في لبنان، ومن ناحية ثانية عندما يكون هناك مرض سرطاني في العائلة فيجب ان تتنبه المرأة للأمر قبل ان يحدث المرض إذ نقدر ان نعرف حتى قبل التشخيص، اذ هناك فحص دم يساعدنا لمعرفة ما اذا كانت الجينات قابلة او لديها استعداد للاصابة بالسرطان لكي نأخذ الحيطة والحذر، فاذا خضعت المرأة لفحص الدم وتبين ان هناك جينات مصابة بالسرطان، فعندئذٍ هناك احتمال ان يصبح لديها سرطان في الثدي بنسبة حوالى 60 الى 70 بالمئة بعد سن الأربعين، وبالتالي يجب التنبه لهذا الأمر، وان يحدث استباق لئلا يحدث المرض، فالاستباق يحدث باجراء عملية جراحية لاستئصال أنسجة الثدي قبل ان يحدث المرض كما فعلت الفنانة العالمية <أنجلينا جولي> اي يُستأصل الثدي قبل ان يحدث المرض وتُجرى عملية التجميل. ومن خلال الدراسات تبين لنا انه في المجتمع اللبناني هناك حوالى 5 بالمئة من النساء في لبنان يحملن جينات مصابة بمرض السرطان، علماً أن 5 بالمئة هي نسبة كبيرة، اذاً فحص الجينات مهم في هذا الخصوص، ولكن تكمن المشكلة هنا ان الجهات الضامنة لا تتكفل بفحص الجينات ولكن الآن بدأ الضمان الاجتماعي يفكر بالأمر لأن فحص الجينات يكلف 2000 دولار وهذا المبلغ لا تقدر العديد من السيدات ان تتحمله، ولكن طبعاً هناك سيدات يخضعن لفحص الجينات لتدارك المشكلة قبل حدوثها، وهذه خطوة جريئة وأيضاً تساعد المرأة حتى قبل الاصابة بسرطان الثدي.