تفاصيل الخبر

تركيبة حكومة دياب المتجانسة تسهل إقرار خطة عملية تحقق عودة النازحين السوريين!

28/02/2020
تركيبة حكومة دياب المتجانسة تسهل إقرار خطة عملية تحقق عودة النازحين السوريين!

تركيبة حكومة دياب المتجانسة تسهل إقرار خطة عملية تحقق عودة النازحين السوريين!

عندما تدخّل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في جلسة مجلس الوزراء التي أقرت صيغة البيان الوزاري مطالباً بتوسيع الفقرة الخاصة بموضوع النازحين السوريين وتضمينها ضرورة العودة الى الأماكن الآمنة في سوريا التي لم تعد تشهد قتالاً، لم يشأ التأكيد على ما هو مؤكد، بل ايصال رسالة الى من يهمه الأمر، بأن الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي تشغل البلاد لا تعني صرف النظر عن المطالبة بعودة النازحين السوريين الى بلادهم ووقف التداعيات الناتجة عن هذا النزوح على الأوضاع الداخلية والقطاعات التي تأثرت كلها بفعل وجود نحو مليون ونصف مليون نازح سوري على الأراضي اللبنانية... كذلك أراد الرئيس عون ابلاغ المجتمع الدولي الذي كان ينتظر مضمون البيان الوزاري لحكومة الرئيس حسان دياب، بأن استمرار هذا المجتمع في تجاهل المطالبة اللبنانية بعودة النازحين السوريين، من شأنه أن يعقد الأزمة أكثر فأكثر، فضلاً عن تداعياتها على الدول الأوروبية لاسيما تلك القريبة من الأراضي اللبنانية التي يخشى، في حال تفاقم الأزمة، أن تغادرها مجموعات من النازحين الى دول أوروبية مجاورة، مع ما سيؤثر على الأوضاع الديموغرافية في هذه الدول.

وتقول مصادر رسمية لـ<الأفكار> ان الرئيس عون يعول على الحكومة الجديدة في سبيل تحريك ملف عودة النازحين السوريين الى بلادهم بعد تعذر التوافق على خطة للتعامل مع هذه الأزمة في الحكومة السابقة نتيجة الخلاف بين أفرقائها حول كيفية مقاربة الحل... وتعتقد هذه المصادر ان التوصيف الذي يعطيه البعض للحكومة بأنها من لون سياسي واحد قد يكون مفيداً لها لحسم هذا الملف الذي يلقي بثقله على القطاعات اللبنانية كافة، وذلك بعيداً عن الخلافات التي كانت تعيق اقرار الخطة التي قد تكون حكومة الرئيس حسان دياب جاهزة أكثر من غيرها على تحقيق <انجاز العودة>. صحيح ان وزارة شؤون النازحين لم تعد موجودة في التركيبة الحكومية الراهنة، إلا ان مهامها ودورها أنيطا بوزارة الشؤون الاجتماعية التي يتولاها الوزير رمزي مشرفية القريب من رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان، والذي عين أيضاً وزيراً للسياحة. ووفق المعلومات المتوافرة لـ<الأفكار>، فإن فريق العمل الذي كان يساعد الوزير السابق لشؤون المهجرين صالح الغريب على اعداد خطة إعادة النازحين، بقي مع الوزير مشرفية كي يستكمل مهامه تحت كنف وزارة الشؤون الاجتماعية. وأبقيت مكاتب أعضاء هذا الفريق في المكان نفسه ليتمكن من متابعة العمل لاسيما تحديث خطة الوزير السابق الغريب في ضوء الملاحظات التي قد تتكون لدى الفريق الوزاري الجديد. ويعتقد كثيرون بأن امكانية تطبيق الخطة الخاصة بعودة النازحين، باتت أقرب الى الواقع نظراً لتركيبة الحكومة الجديدة التي تعطيها مجالاً أوسع للعمل بمنأى عن التجاذبات والخلافات السياسية.

 

كلفة النازحين 25 مليار دولار!

ولم يعد سراً الرابط بين الأزمة الاقتصادية والمالية الراهنة، وبين أزمة النازحين لاسيما وأن الأرقام الرسمية التي وفرها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تشير الى ان كلفة النزوح السوري منذ 2011 وحتى نهاية 2019، بلغت 25 مليار دولار أميركي، وهو ما يدفع رئيس الجمهورية الى المطالبة باستعادة جزء من هذا المبلغ من الدول التي يقول الرئيس انها أشعلت الحرب في سوريا. وفي هذا السياق أتى تأكيد وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي على حجم الخسائر التي مني بها لبنان بفعل رعاية النازحين صحياً واجتماعياً وتربوياً وبيئياً الخ... وكانت دعوة الوزير حتي الى اخراج هذا الموضوع من التجاذب السياسي والمزايدات، متحدثاً عن مسؤولية دولية لمساعدة الدول المضيفة، ومنها لبنان والنازحون السوريون بداخله. ويرى متابعون لمعاناة لبنان مع النازحين انه بات ملحاً اقرار سياسة عادلة لملف النازحين السوريين يتفق عليها الجميع فتخرج من إطار التسييس الذي أضرّ في السابق بمصالح لبنان كما بالنازحين السوريين. ويشير هؤلاء الى وجود عامل مشجع وهو التزام رئيس الحكومة حسان دياب بإقرار آلية عملية، داخلية وخارجية لتثبيت موقف لبنان من هذا الملف ينبع من مصلحة لبنان العليا لأنه في السابق لم يكن هناك قرار واضح، بل مجرد مواقف وتجاذبات متناقضة. ويعتبر كثيرون في لبنان ان حل هذا الملف يؤمن ديمومة الكيان اللبناني الذي يتخوف شعبه بشكل كبير من التوطين الذي يلوح في الأفق مع ما بات يُعرف بـ<صفقة القرن>، كما يؤمن حق الشعب السوري بالعودة الى أرضه بكرامة بعد انتفاء الأسباب الأمنية التي أجبرته على اللجوء والنزوح، إضافة الى إراحة لبنان اقتصادياً بعد الأعباء التي تكبدتها الخزينة اللبنانية في القطاعات كافة، لاسيما في الكهرباء والبنى التحتية والخدمات وارتفاع حجم البطالة. كما لا بد من الإضاءة على ضرورة تقاسم الأعباء مع المجتمع الدولي للقيام بمشاريع تنموية ما يعزز اقتصاد الدول المضيفة وأمنها الاجتماعي ومنها لبنان.

وفيما يعمل لبنان على إنهاء هذا الملف المفتوح منذ العام 2011، تبلغ المسؤولون اللبنانيون قبل أيام بأن المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين من لبنان الى ديارهم تواجه صعوبات عدة الى درجة أنها باتت بحكم المجمدة حتى إشعار آخر بسبب الشروط والمواصفات التي نشأت في أثناء اتصالات جرت في كواليس مجلس الأمن في نيويورك منذ أسابيع. وتفيد مصادر ديبلوماسية ان دمشق صارحت موسكو بعدم قدرتها على استعادة النازحين الذين دُمرت منازلهم ولا يملكون المال لإعادة بنائها، فيما اتضح ان الدول الأعضاء في مجلس الأمن (وربما غيرها أيضاً) غير مستعدة لتأمين الأموال اللازمة قبل اكتمال الحل السياسي الذي يحتاج الى مزيد من الاتصالات، في وقت تمددت الأعمال العسكرية في منطقة ادلب. إلا ان توقف المبادرة الروسية لم يلغ عمل الأمن العام اللبناني في تنظيم رحلات عودة لمجموعات محدودة كلما سنحت الظروف بتلك العودة بالتنسيق مع السلطات السورية. وقد بلغ مجموع العائدين من خلال الأمن العام اللبناني نحو 470 ألف شخص. وتقول مصادر الأمن العام ان عمليات العودة مستمرة و<حجرة بتسند خابية> في انتظار العودة الكبرى التي قد تتأخر.